رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: أزمة فستان (ريهام عبد الغفور) وطقوس العرى المقدس!

محمد شمروخ يكتب: أزمة فستان (ريهام عبد الغفور) وطقوس العرى المقدس!
كل اهتمامى كان منصباً على الفستان الذي ارتدته الأستاذة (ريهام عبد الغفور)، كمثال لأى فستان مشابه

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

لم تأخذنى أزمة صورة الفنانة (ريهام عبد الغفور) إلى أى من الجوانب المباشرة المترتبة على الصورة، من حيث ما تردد عن المجادلات النارية حول انتهاك الخصوصية، وسمعة الفن المصري، ومطاردة الصحافة، والعرى، وغض البصر، فلم ألتفت إلى أى من ردود الفعل تلك ولم أهتم بها، سواءً كانت الغاضبة منها أو الغاضبة لها.

فقد أخذتنى أفكاري بعدما حدث، باتجاه شطحات بعيدة، لا تمت بصلة مباشرة إلى صورة (ريهام عبد الغفور)، ولا من الذي صورها، ولا في أى مناسبة، ولا كل ما أحدثته من ردود أفعال تسونامية فى الجنائز الحارة الدائمة للسويشيال ميديا!.

لكن كل اهتمامى كان منصباً على الفستان الذي ارتدته الأستاذة (ريهام عبد الغفور)، كمثال لأى فستان مشابه، من حيث تاريخه الخاص المتمثل في قطعة القماش المكون منها، منذ أن كانت قطعة القماش مادة خام لم تتشكل بعد!

لكن لابد أن هذا القماش لم يكن له أى قيمة تلفت الانتباه قبل أن يصير فستاناً، إلا القيمة المباشرة لسعر متر القماش من هذا النوع بالمقارنة مع قيمته الحقيقية التي لا تذكر بجانب ما صار عليه بعد أن تشكلت قطعة القماش في فستان أنيق، حسب التصميم الذي وضعه مصمم الأزياء.

إذن فالمادة الخام لا قيمة حقيقية لها، إلا بعد أن تتشكل حسب فكرة برقت في رأس خبير حولها إلى أضعاف مضاعفة!

هذا ليس كل شي..!

 فتلك الفكرة الاقتصادية المتعلقة بفستان (ريهام عبد الغفور) لن تكون لها قيمة إلا إذا خضعت للثقافة الاجتماعية العامة التي تتيح إنشاء السوق المناسب للبيع، حيث يعرض الفستان ويجد من يشتريه على الرغم من المبالغة في سعره والذي لابد وأن يزيد عشرات المرات، وربما آلاف المرات.

محمد شمروخ يكتب: أزمة فستان (ريهام عبد الغفور) وطقوس العرى المقدس!
الفستان يكشف مناطق محسوبة ومعينة من جسد من سوف ترتديه وتدفع فيه ثمناً باهظاً

الفستان يكشف مناطق محسوبة

فلا محيص إذن من تهيئة المناخ المناسب للثقافة السائدة التى تحيط بالسوق، لتجعل هذا الفستان (لقطة) يجعل التى ترتديه تشعر بالتميز والزهو.

وبما أن الفستان يكشف مناطق محسوبة ومعينة من جسد من سوف ترتديه وتدفع فيه ثمناً باهظاً، فلابد من تبرير هذا الكشف الذي سوف يعرف عن البعض.. بـ (العري).

والعري هنا ليس كلمة قبيحة ولا سبة، بل صار فرصة تسويقية فريدة، لأنه لا يمكن إنكار أن تصميم الفستان لابد يكشف أو يبرز  أو يشير، إلى مناطق من جسد المرأة، من المسلم به أنها مناطق جاذبة ومثيرة للإعجاب!

(هنا نتجاوز الحديث عن مجرد واقعة فردية خاصة بشخصية محددة، فالمقصود هنا هو كيفية استغلال العلاقة ما بين المرأة عموماً وما ترتديه من فساتين، نتج عنها تجارة عملاقة بمبالغ طائلة، لا تقتصر على شخصيات أو مجتمعات معينة في أزمنة معينة، بل الحديث هنا عن العلاقة بين الاستغلال والتسويق من جانب وبين الثقافة الاجتماعية التى تبرر ذلك وتدافع عنه إلى أن تجعله من مكوناتها).

فالقضية هنا قضية اجتماعية بالدرجة الأولى، متفاعلة مع نشاط اقتصادي بحت، خاصةً عندما تكتشف حقيقة أن عرى جسد المرأة ليس مقصوداً لذاته، ولا حتى الإثارة الجنسية بكشف أجزاء من جسد المرأة العلوى أو السفلي.

لكن التصميمات التى تنتج في النهاية، الفساتين التى توصف بالأناقة وتشكل حقل تنافس لعمليات تجارىة ودعائية رهيبة،  لابد أن تكون لها نتيجة واحدة هى (الإبهار)، لذلك لابد من لفت الانتباه لتحقيق هذا الغرض الأساسي!.

هنا يبدو العرى ليس إثارة رخيصة، لكنه صار منتجاً اجتماعياً يصلح مجالاً للاستثمار، بتفاعله مع البيئة المحيطة والانسجام معها،  خاصةً عند عرضه أمام ثقافات اجتماعية أخرى، فقد لا يلقى القبول، وقد يصبح؛ مع تفاعل عوامل عديدة؛  نموذجاً جديداً للحياة يطلق عليه (موضة) ترفض أو تقبل، حسب البيئة التربوية للمستهلك المباشر أو للدائرة المحيطة به!

محمد شمروخ يكتب: أزمة فستان (ريهام عبد الغفور) وطقوس العرى المقدس!
هنا يبدو العرى موظفاً يؤدي مهمة استكمال دائرة الإبهار!

استكمال دائرة الإبهار

هنا يبدو العرى موظفاً يؤدي مهمة استكمال دائرة الإبهار!

فالعرى في حد ذاته قبح شديد ومرفوض في كل البيئات التربوية مهماً بلغ من تحررها وحرصها على التجديد!.. وهنا تتنافس قدرات مصممي الملابس، كيف يأخذون من القبح ما يخدم الغرض الأساسي وهو (الإبهار)!

وهذا لا يتحقق في أى عرى، فالملابس البالية أو الممزقة فوق جسد المرأة، لا يمكن أن تبهر مهما كشفت من مفاتن المرأة ومناطق الإثارة!.. لذلك لابد من أن يكون الكشف بحساب يؤدي الغرض الأساسي ومن خلاله فرض (الموضات) لتهيئة الأجواء لترويج البضاعة المباعة!

تمام كده؟!

هل فهمت شيئاً؟!

أقسم لك إننى أتحدث بمنتهى الجدية ليس في الأمر أي تلميح بالسخرية أو الاستهزاء!

المهم.. بعد كل هذا لابد من ترسيخ ثقافة استساغة العرى بهذا الشكل السابق [واسمح لى يا صديقي ان أوصفه بوصف (العرى الموظف) وهو ضد (العرى المطلق)].

و ترسيخ هذه الثقافة المبتغاه، لابد أن تبرر (العرى الموظف) بعد صك مطلقات ذات قدرة إقناع قسري، كالمقدسات تماماً.

كان يتم ذلك تحت أسماء (الحرية، أو التحضر، أو الرقي، أو الأناقة).. أو أى من أشباه تلكم المصطلحات أو المعانى أو الأفكار، التى صارت (تابوهات عصرية) لا غير قابلة للمجادلة ولا التمرد شأنها شأن العقائد الدينية والقيم الاجتماعية والأوامر العسكرية!.

فالرافض لهذه التابوهات الجديدة والمتمرد عليها، يعامل المعاملة نفسها الذي يعامل بها الفاسق والكافر والخائن!

والعقوبات تتعدد حسب القدرة على القوى المناهضة وتبدأ بالتكفير المضاد المتمثل يالاتهام بالتخلف الهمجية والانغلاق، وتزداد قوة العقوبات حسب درحة قوة الجبهة المحاربة مقابل “دركة” ضعف الجبهة المضادة!.

وأخيراً.. كنوع من التلخيص، سنلجأ إلى الحضارات القديمة، فقد كانت طقوس (العري المقدس) تمارس كالصلوات المفروضة في ساحات معابد تلك الحضارات تحت إشراف الكهنة، وغير بعيد عن قدس أقداس المعبد والذي يحرم دخوله إلا على كبار الكهنة!.

وعذراً مرة أخرى.. لو فهمت العبارة التالية سيسهل عليك الفهم: (لكل زمن معبد، ولكل معبد قدس أقداس، ولكل قدس أقداس كاهن).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.