بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
(ورد وشكولاتة).. هذا مسلسل يستحق أن يحقق أعلى نسب مشاهدة، ويؤكد أن الجمهور واع لكل عمل جيد ويستحق، فحين تتكامل العناصر الفنية لعمل درامي فيقدم موضوع غاية في الأهمية وأصبح مرض يستشري بيننا وظهرت تجليات عواقبه على صفحات الحوادث والبرامج وشبكات التباعد الاجتماعي.
إنه الطموح المادي ومحاولات الانتقال من طبقه لأخرى بكل الطرق مهما كانت عواقب ذلك ونتائجه التي قد تتحول في لحظة إلى جريمة
(مروة) إعلامية تنجح جماهيرياً في تقديم برنامج كاشف لجرائم لفساد البعض وتكتسب شهرة تجعلها تواصل كشف المستور من فساد تقدمة للمشاهد الباحث عن القضايا الجريئة وتلتقي بصلاح المحامي الناجح وتنشأ علاقة عاطفية تغير حياتهما، فصلاح متزوج ولديه أسرة.. هى سبب نقله لعالم الأثرياء ورجال المال.
مؤلف (ورد وشكولاتة) بذكاء يؤكد بسرد عبقري تأثير المحيط والنشأة وطريقة التربية، هنا قيمة مضافة للتوعيه للمشاهد فالبطل لدينا في العمل صلاح المحامي لدية آثار من عنف الأب معة وشكه في نسبه فترك على جسدة آثار ضربة بالمكواة الساخنة.
هذا الندب لم يتلف الجسد فقط، ولكن جعل (صلاح) يتذكر طرد أبوه له وعنفه، فحاول أن يجمع المال وبكل الطرق، وارتبط بزوجة ثريه (شيرين) واستغل عمله مع أسرتها ليحقق نجاح وينتقل من عالم البسطاء الي عالم الأغنياء ورجال الاعمال الذي اصبح مع زوجته شرين يعيشه ولا يريد التضحية به.
رغم حبه لمروة المذيعه ويريد ان يحافظ علي أسرته ويحافظ علي بقاء (مروة) ويكذب ويتحايل وحين تخبره مروه انها حامل يعتدي عليها بعنف، ويخبرها أنه لا يستطيع التنازل عن الحياة والمحيط الذي يعيشه مع مجتمع زوجته، وتهدده أنها لن تسمح أن تكون زوجه في السر، وهنا يقرر التخلص منها في لحظة شيطانيه وبمساعدة صديق يدفعة لتنفيذ الجريمة.
موضوع غاية في الأهمية
قدم مؤلف (ورد وشكولاتة) أبطال العمل القاتل والمقتول ضحايا المحيط والأسرة، وأكد ذلك بحياة (صلاح ومروة) فهى الأخرى تعاني من أم غايتها الأموال، فيقدمها أم لها ثمن، فحين يريد زوج ابنتها السابق رؤية ابنته فيتم ذلك بمساعدة الأم بمجرد تقديم المقابل من الهدايا الذهبية.
فالأسرة هنا تنتج أسرة شكلاً فنجد (مروة) لا تحب شقيقها الذي يستغلها وأم يسيطر عليها الجشع، وتحاول الخروج هى الأخرى من هذا المحيط لتعيش مع ابنتها ومن تحب، إنه المحيط والنشأة وظروف المنزل وتأثير ذلك على المجتمع.. موضوع غاية في الأهمية وأهميته تأتي من واقع نشاهد نتائجه في أخبار الحوادث
نجحت كتيبة الإبداع في مسلسل (ورد وشكولاتة) الماتع في تقديم عمل متكامل العناصر من كتابة واعية إلى تمثيل وتسكين أدوار واع، ثم موسيقي معبرة من نسيج الأحداث، وتصوير مدرك لدلالات الصوره ومصدر الضوء ودعمه بحركه الكاميرا الواعية، فنجد حجم اللقطه واختيار الزاويه لتصوير كيف تسير الأقدام فوق الورد.
ومتى يكون الكلوز للشكولاته لتأكيد دور الهدايا ومتى تِأثيرها على المستقبل، كل ذلك بقيادة مخرج أتابعه منذ عمله الأول، وتوقعت أن يسجل اسمه في مصاف الكبار.. نعم فهو من محيط فني أكيد له تِأثير أصبح جلياً في إبداعاته في كل أعماله.. إنه المبدع المخرج محمد العدل.
من أهم جماليات مسلسل (ورد وشكولاتة)، الريتم وتدفق الأحداث بمهارة تجعل المشاهد ينتظر الحلقات القادمة بشغف وشوق، ثم تقطيع لنصف وجه لصلاح ومروة لحظة كتابة العقد العرفي، ثم مشهد (صلاح) يحاول الاغتسال بعد مشهد القتل وتقديم كيف يأكل مراد بنهم للكباب بعد القتل.
استخدام ثم السلالم في تكريس معنى السقوط، وتأكيده في مشهد أم مروة، بعد تأكيد موت الابنة وتخلصها من الذهب والهديا رمياً في الطريق.
تكوين العقل الجمعي للمجتمع
نجح (ورد وشكولاتة) في تأكيد أن الأسرة وهى نواة المجتمع هى من تنتج واقع هو بالحتمية مؤثراً كبير في تكوين العقل الجمعي للمجتمع، وجاء العمل من بطن المجتمع المصري معبراً عن شخوص هى حولنا مركبه قدمها العمل بعبقريه وصدق، وهذا ما يستحق عنه الكاتب محمد رجاء كل التقدير والاحتفاء.
اما المبدع (محمد فراج) في هذا العمل، وتلك الشخصية (صلاح) المليئة بالتحولات والصراع الداخلية ومكنون داخلي يحاول التغلب على مآسي المعاناه منذ طفولته وعلاقة معقدة مركبة بوالده، إنه دور يتمنى كل ممثل أن يتقمصه حبذا لو يمتلك قدرات الرائع (محمد فراج).
فهو ممثل يمتلك عيون معبره يستخدمها بوعي، وملامح المصري الذي لا نشعر بغربة ونحن نشاهده قادراً على تقمص كل الأدوار نجح بعبقرية في إيصال كل ملامح الشخصية المركبة لصلاح المأزوم بصراع داخله ورغبات مكبوته.
كذلك كانت فرصة جيدة للنجمه (زينة) لتؤكد أنها أيضاً تستطيع تقديم شخصية مركبة تحتاج مواصفات ممثلة قديرة، أما عظمة النضج فكانت مع المبدعة (صفاء الطوخي) التي لعبت دور (كوثر) أم مروة، دور مركب وصعب وقبضت صفاء على تفاصيله وتناقضاتها.
فمن الأم التي تبحث عن المال والهدايا بأي ثمن إلى مشاعر الأم التي تفقد ابنتها مصدر قوتها وسعادتها.. قدمت (صفاء) دوراً سجلت بها اسمها بين نجوم التمثيل الحقيقي للكبار.
كذلك كانت مريم الخشت(شرين) زوجة صلاح الذي تعرف أنه مرتبط بالإعلامية مروة.. قدمت أداءآً مهنيآً رائعاً نجح في توصيل الصراع الداخلي لديها، كذلك مراد مكرم ومها نصار ومحمد سليمان وعمر مهدي وأحمد السلكاوي، في أداء ناضج متمكن في دور وكيل النيابه
شكراً لكل من شارك في تلك السيمفونية.. شكراً العدل جروب والمبدع الجواهرجي جمال العدل.
عمل استحقّ عند جدارة ومهنية تحقيق أعلى نسب للمشاهدة منذ ظهوره.. ونجح المنتج والمخرج، أن تكون العشر حلقات بريتم تشويقي سريع الأحداث ساعد في تحقيق نجاح إبداعي وجماهيري استمتعت به وكل محب للفنون والدراما الحقيقيه.. دوام التألق ومزيد من إبداع.. مصر تنطلق وتستحق.