(زكرياء الغافولي) يفتح صفحة جديدة مع روائع كوكب الشرق (أم كلثوم)

كتبت سما أحمد
بإطلاق عمل جديد يستعيد إحدى روائع كوكب الشرق أم كلثوم، مقدما الأغنية برؤية فنية معاصرة تبرز حسه الطربي وقدرته على إعادة قراءة الذاكرة الغنائية العربية بمنهج حديث ومتميز، يواصل الفنان المغربي (زكرياء الغافولي) سلسلة نجاحات مشروعه الموسيقي (جلسات مع زكرياء الغافولي).
ويأتي هذا العمل ليكرس حضور (زكرياء الغافولي) كأحد الفنانين المغاربة الذين استطاعوا بناء مشروع غنائي واضح الملامح، قائم على إعادة تقديم الروائع العربية في قالب جلسات طربية تجمع بين الشفافية والعمق والتركيز على جمالية الصوت.
ومن خلال هذا المشروع، يسعى (زكرياء الغافولي) إلى إعادة وصل الجمهور المعاصر، خصوصا الشباب، بعالم الطرب العربي الكبير.. فهو لا يكتفي بإعادة أداء الأغاني الكلاسيكية، بل يمنحها صياغة جديدة تحافظ على روحها الأصلية وتُبرز في الوقت ذاته بصمته الخاصة.
هذا الاختيار يكشف عن وعي فني متقدم، يُدرك أن الحفاظ على الذاكرة الطربية لا يتم عبر تكرارها حرفيا، بل عبر إعادة تأويلها بلغة هذا الزمن، مع احترام المقامات ومناخ الجملة الموسيقية، والالتزام بفلسفة الجلسات التي تحتفي بالهدوء والسمع العميق والتعبير الرقيق.
ويؤكد هذا العمل الجديد قدرة (زكرياء الغافولي)على إجادة اللون الطربي بعيدا عن الاستسهال أو الاستعراض، فهو يشتغل على أدق تفاصيل الأداء، من مخارج الحروف ودفء النبرة وحضور الإحساس في أدق لحظات الجملة.
هذا المستوى من الاحترافية يعكس تراكما فنيا وتجربة تمزج بين هويته المغربية ووعيه بالمدارس الموسيقية العربية الكبرى، خاصة المدرسة المصرية والخليجية التي تشكل مرجعا أساسيا لهذا النوع من الجلسات.

رسم علاقة الجمهور بالتراث
أما على مستوى التفاعل، فقد وجد العمل صدى واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث لفت انتباه المتابعين الذين رأوا في أداء الغفولي محاولة معاصرة لإحياء أغنية خالدة دون المساس بهيبتها أو عمقها الفني.
وقد اعتبر كثيرون أن المشروع يفتح نافذة ضرورية أمام الجيل الجديد للتعرف إلى كنوز الذاكرة الغنائية العربية المصرية، مما يجعله أكثر من مجرد إعادة توزيع أو أداء، بل مبادرة فنية تعيد رسم علاقة الجمهور بالتراث بروح جديدة ورؤية تتجاوز الزمن.
ومع هذا الاهتمام المتزايد، تتأكد ملامح الخط الفني الذي يسلكه (زكرياء الغافولي)، خط ينحاز للطرب والجلسات الراقية باعتبارها مساحة تسمح للصوت بأن يتنفس وللمشاعر أن تتدفق بعيدا عن إيقاعات السرعة السائدة في الموسيقى المعاصرة.
ومن خلال سلسلة (جلسات مع زكرياء الغافولي) يرسخ الفنان المغربي نموذجا فنيا يزاوج بين الأصالة والانفتاح، ويؤسس لأسلوب مغربي عربي يعيد الاعتبار للقيمة الجمالية في الغناء.
ويبدو أن هذا المشروع يشكل بالنسبة للغافولي أكثر من مجرد تجربة عابرة، بل خطوة مدروسة نحو تكوين أرشيف فني يعكس تطور مساره وقدرته على التحرك بين الألوان الموسيقية دون أن يفقد هويته.
فهو يُعيد من خلاله التأكيد على أن الطرب ما زال قادرا على استعادة جمهوره حين يُقدم بإحساس صادق، وأن الجلسات بصيغتها الهادئة ما تزال قادرة على منافسة المشهد السمعي البصري حين تعتمد على الجمال لا على الصخب.
إن ما يقدمه (زكرياء الغافولي) اليوم هو مشروع فني له ملامحه الواضحة ولغته الخاصة، مشروع يستعيد روح الأغنية القديمة ليضعها في قالب معاصر، ويجمع بين الأداء المتمكن والرؤية الفنية المتوازنة. ومع كل خطوة جديدة، يبرهن الفنان المغربي أنه صوت قابل لتجديد علاقته بالتراث العربي، وقادر على تقديمه بإبداع يليق بعمقه ورحلته الطويلة في وجدان الجمهور العربي.
ومن ناحية أخرى قدّم الفنان المغربي زكرياء الغفولي إصدارًا جديدًا يعيد من خلاله تقديم الأغنية التراثية الشهيرة (شويخ من أرض مكناس)، في تجربة طربية راقية صوّرها وقدمها بأسلوب الجلسة الخليجية، مع الحفاظ على الروح الأصيلة للنص واللحن، في مزيج يجمع بين الحسّ المغربي والهوية الموسيقية الخليجية.

قراءة فنية مختلفة للأغنية
ونجح (زكرياء الغافولي) من خلال هذا العمل في تقديم قراءة فنية مختلفة للأغنية، مرتكزة على نقاء الأداء العربي وقوة الحضور الصوتي المغربي، إلى جانب التزام دقيق بضوابط المقام التي تميز هذا النوع من الجلسات.. ولم تكن إعادة التقديم مجرد معالجة جديدة لعمل كلاسيكي، بل خطوة واعية تستند إلى احترام عميق للتراث وتقدير للبعد الروحي للأغنية العربية.
وأكد (زكرياء الغافولي) أن اختياره لهذا العمل يحمل رسالة واضحة، قائلاً: (الطرب الأصيل ما يزال قادرًا على العبور بين الثقافات العربية حين يُقدَّم بإحساس صادق واحترام لروح المقام).
وأضاف أن إعادة تقديم (شويخ من أرض مكناس) تأتي كتحية مغربية صادقة للجمهور الخليجي، الذي شكّل عبر عقود أحد أهم روافد صون الذاكرة الطربية العربية وإبقاء جمالياتها حيّة في وجدان المستمعين.
وقد اعتبر كثير من المتابعين أن هذا الأداء يشكل برهانًا جديدًا على النضج الفني لزكرياء الغفولي، وعلى قدرته في الانتقال بين الألوان الموسيقية دون أن يفقد بصمته المغربية الخاصة. كما رأى آخرون أن دخوله فضاء الجلسات الخليجية يعكس شجاعة فنية ورغبة في توسيع دائرة تواصله مع جمهور عربي متعدد الثقافات.
وبهذا العمل، يواصل (زكرياء الغافولي) مساره في تقديم تجارب موسيقية تعيد قراءة التراث بروح معاصرة، وتحمل رؤية قادرة على الربط بين الذائقة المغربية والخليجية ضمن إطار طربي يحترم الأصل ويحتفي بالتجديد.
وقد جاء هذا العمل (شويخ من أرض مكناس) ضمن ألبوم غنائي جديد لزكرياء الغفولي، يضم أعمالًا سيتم طرحها بشكل متتالٍ بهدف تسليط الضوء على كل عمل على حدة، وللوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور في المغرب والدول العربية.