كتب: أحمد السماحي
قصص الحب والزواج في حياة سندريلا السينما المصرية (سعاد حسني) ينطبق عليها ما غنته قائلة (دوَّروا وشكو عني شوية، كفاياني وشوش، دا اكم من وش غدر بيا، ولا ينكسفوش) رائعة صلاح جاهين وكمال الطويل التى غنتها في فيلمها المليئ بالشجن (شفيقة ومتولي).
ففي البداية وقعت (سعاد حسني) في حب وغرام العندليب الأسمر (عبد الحليم حافظ) الذي كان أول من دعمها وساندها في الوسط الفني، بعد أن قدمها الكاتب والشاعر والممثل متعدد المواهب (عبد الرحمن الخميسي).
وبعد أن وثقت (سعاد حسني) في (العندليب) وأعطته مشاعرها على بياض، بعد سنوات قليلة من الحب المستتر، فضل نجومته وجماهيريته على حبها.
وكان فراقه أول صفعه قوية تهوى عليها، لهذا لفت حول نفسها كثيرا قبل أن تتهاوى على الأرض، وقبل أن تتهاوى وأثناء عملها في فيلم (المغامرون الثلاثة) في مدينة الأسكندرية لاحظت أن أحد مساعدي مدير التصوير لا يرفع عينه عنها، أن دخل العدسة أو خارجها.
سعاد وصلاح كريم
كانت (سعاد حسني) تشعر أن نظراته تكاد تتسمر على وجهها، وبداخل المرأة رادار أنثوي صغير يلتقط هذه الموجات الصغيرة بسرعة ودقة.
وسألت النجمة الشهيرة ذات صباح مدير التصوير (كمال كريم) : مين يا كميلو الشاب اللي هناك ده؟! عينا كمال تابعتا سعاد إلى حيث أشارت، ثم أجاب وهو يبتسم ده أخويا الصغير (صلاح).
والمرأة عندما تسأل بنوع من الفضول عن غريب، فإنما هي تمد رأس جسر قد يعبره من هو قادر على العبور، وقد يتوقف عنده العاجز، و(صلاح كريم) عبر الجسر بسرعة، وأسرع من السرعة، نظرا لظروف (سعاد) العاطفية التى تعاني من خلل، وحالة عدم ثقة!.
وبدأ (صلاح) يتفاني في خدمتها، سواء في بلاتوهات التصوير أو خارجها، أشعرها بأنها ملكة متوجة، وأنه مجرد فرد في الرعية، كان يتفاني في خدمتها نهارا، وبالليل يسهرا معا وحدهما، أو مع فريق عمل الفيلم.
وأثارت العلاقة بين النجمة اللامعة ومساعد التصوير الناشئ أكثر من علامة إستفهام، ولكن متى كان الحب يكترث لعلامات الأستفهام، أن ما يعنيه أكثر هو علامات التعجب!
وتزوجا سرا، وربما لإحساس (سعاد حسني) بأن الزواج يفتقد إلى عنصر التكافؤ، وأنه مثل المقعد الذي فقد أحد قوائمه مريح لفترة، لكنه يهدد بالسقوط مع أية هزة.
وزواج (سعاد حسني) من (صلاح كريم) يبقى منطقة ظل كبرى في حياة النجمة الشهيرة، وكانت له مثل الدواء الذي يتناوله الإنسان بلا روشته من الطبيب، له أثاره الجانبية.
تغيير في عادات السندريلا
بعد الزواج انتقلت سندريلا السينما من شقتها بالزمالك لتعيش إلى جواره في شقة متواضعة بالعجوزة، وبدأت حياتها تتغير تماما، فقبله كانت تنام باكرا، فعلمها السهر، وبدأ أيضا يعلمها لعب الورق!.
ثم كشف (صلاح كريم) عن أنيابه أوعن هدفه الأكبر، وهو الإخراج، فطلب منها في ساعة هنا ورضا وحب، بينهما، أن تنتج لحسابها، وأن يقوم هو بالإخراج، سقط القفاز، فظهرت في اليد مخالب، حيث (تمسكن حتى يتمكن).
وقالت له سعاد: (أنا مالي، ومال الإنتاج يا صلاح أنا فاشلة جدا في لعبة الأرقام ولا أجيد لغتها، ثم أن عدد السيناريوهات التى أرفضها أكثر بكثير من التى أوافق عليها).
فغضب وترك شقة الزوجية، ورغم أنه لا يجيد التمثيل أمام الكاميرا، لكنه كان يجيده تماما في الحياة، ووقع أول خلاف بينهما، وبدأت الخلافات تكبر بينهما يوما بعد يوم، بسبب عدم تلبية (سعاد حسني) لرغبته في الإنتاج، وتقديمه للوسط كمخرج.
وبدأت خلافات (سعاد، وصلاح) تخرج من بين الجدران الأربعة إلى الوسط الفني، الذي علم بخبر الزواج بعد أن نشرته الصحافة، بعد أسابيع من حدوثه.
الزواج على الطريقة الحديثة
كان لابد من انقاذ الموقف للوصول إلى حل معقول، وتدخل المنتج والمخرج الكبير (حلمي رفله) صديق الوسط الفني، الذي طالما قام بدور حمامه السلام، في خلافات عدة وبنجاح تام.
تدخل لإنهاء الأمر بحل وسط وهو إنتاج فيلم بطولة (سعاد حسني) وإخراج (صلاح كريم) لحسابه، وسعد (صلاح كريم) بما قاله (حلمي رفله) ووجدها فرصة.
وبدأ مجددا يتودد إلى (سعاد حسني) ويبث في أذنيها كلامات الحب والغرام، وعادت علاقتهما إلى طبيعتها الأولى التى يغلب عليها السعادة، لكنها هذه المرة سعادة ناقصة، سعادة ليست بملأ الشفايف، ولكنها سعادة صامته لا صوت فيها للضحكات العالية.
حيث شعرت (سعاد) أن وجه (صلاح كريم) الحقيقي، (ظهر وبان) في فترة خلافهما، حيث كان يعاملها ببرود وقسوة في المشاعر.
وبدأ (صلاح كريم) يستعد لأول إخراجه، وكتب قصة بسيطة وقام بكتابة السيناريو والحوار لها، وحاولت (سعاد حسني) أن تقنعه بأن يلجأ إلى كاتب محترف، لكنه أصر أن يكون هو مؤلف ومخرج فيلم (الزواج على الطريقة الحديثة).
وتم تصوير الفيلم فعلا، لكنه بعد عرضه جماهيريا لم يحقق النجاح المرجو منه، وبعد فشل الفيلم، أعاد (صلاح كريم) طلبه مجددا، بأن تنتج (سعاد حسني) فيلمه الثاني!، لكنها رفضت، لأنها لا تفهم في المسألة الإنتاجية، فقال لها مافيش إنتاج.. يعني مافيش زواج، وكان الطلاق.
ظهور الفارس على بدرخان
خلال سنوات مجدها السينمائية الأولى، ما أكثر ما مثلت (سعاد حسني) أدوار (سندريلا) التى تشقى، وهى تنتظر أميرها الموعود، وست الحسن التى تترقب وصول الشاطر حسن على ظهر جواده الأبيض، ويخطفها ليتزوجها، ويعيشا في سعادة.
والمركب الصغير وجد المرفأ الكبير بعد تجوال في أكثر من بحر، أخيرا قابلت سعاد حسني، الفارس الذي سيخطفها على حصانه الأبيض، وقابلته أيضا في بلاتوهات التصوير، أثناء تصوير فيلمها الشهير (نادية) إخراج أحمد بدرخان.
حيث كان الشاب الخجول (علي بدرخان) تخرج من معهد السينما، ويعمل كمساعد لأبيه في فيلم (نادية)، ومن بين مهام مساعد المخرج (تحفيظ) الأبطال عبارات الحوار، وهذه كانت مهمته الأولى بالنسبة إلى (سعاد).
ولاحظ الجميع وفي مقدمتهم (أحمد بدرخان) أن هناك خيوطا غير منظورة، خيوطا دقيقة كخيوط العنكبوت، متينة كخيوط الحرير قد بدأت تربط (علي) بـ (سعاد)، وشد (سعاد) إلى (علي).
تفاصيل أكثر في الحلقة القادمة..
