(عايشة الوعد) الأديبة التى أكتشفها بليغ حمدي، ولحن لها الموجي (مابنسكتش أبدا)

كتب: أحمد السماحي

(عايشة الوعد) مطربة مغربية تتمتع بذائقة فنية وأدبية متميزة للغاية، فطبيعة دولة المغرب الساحرة عكست سحرها وخصوصيتها الساحرة السخية على صوتها، فحباها الله موهبة رائعة تتمثل في صوت قوي يعكس خصوبة العطاء.

وقدرة التعبير، وملكة الحضور التى تتمكن منها ومن إحساسها وتجعلها تبدع في غنائها وإلى حد تقديم ألون مختلفة من الغناء وتنطلق من آفاق الأستطاعة الوفيرة التى تجعل غنائها صورة للقدرة على التحليق في أعالي النغم.

 لتنقل (عايشة الوعد) من يسمعها إلى آفاق رحبة بعيدة عن ظواهر التلوث الصوتي التى تطارده من حين لآخر، إلى حالات الفرح ابتهاجا بالعثور على هذا الصوت القادروالقوي المسكون بالشجن والعاطفة.

بليغ حمدي أول من اكتشفها

تأثرت (عايشة الوعد) كثيرا بمدرسة كوكب الشرق (أم كلثوم) في الأداء والغناء المتقن، وتأثرت كذلك بأسمهان ذاك الصوت الأوبرالي الكريستالي، والتى تتمتع بأسلوب خاص في الغناء.

 وكذلك سعاد محمد، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، فهؤلاء كلهم بالنسبة لها المدرسة الكبيرة، والمدرسة الحقيقية التي تعلمت منها، فلولاهم ما كنت غنت كما صرحت في أحاديثها الأعلامية.

اكتشف (عايشة الوعد) الموسيقار (بليغ حمدى) وذلك عندما كان في زيارة للمغرب، واستمع لصوتها من خلال البرنامج المغربى (مواهب)، وأقنع والدها عازف الناى، بإحترافها للغناء، ودعاها الى القاهرة فى الثمانينيات، حيث تكفل بإقامتها.

وعرفها بالوسط الثقافى فى مصر (احسان عبدالقدوس، أنيس منصور، موسى صبرى، فوميل لبيب) وعهد بها لبعض الأساتذة لتعليمها أصول الغناء وتمت إجازتها بالإذاعة والتليفزيون بتقدير إمتياز.

ولحن لها بعض الأغنيات العاطفية والوطنية لعل أبرزها أغنية (احنا بقى نسينا) كلمات سيد مرسي، واجتذبتها السينما المصرية فغنت أغنية (ما بنساكش أبدا) كلمات الشاعر عبدالوهاب محمد، فى فيلم (وتضحك الاقدار) عام 1985.

واقتصر وجود (عايشة الوعد) على غناء الأغنية في أحد الملاهي الليلية التى تسهر فيها (ليلى، أو ليلى علوي) و(محمود أو محمد العربي) بطلي الفيلم.

بعدها تكررت تجاربتها في السينما مع ابن بلدها المخرج المعربي مؤمن السميحي من خلال فيلم (سيدة القاهرة) بطولة (يسرا، وجميل راتب، ومحمود حميده، وعبدالعزيز مخيون) حيث غنت أغنية بعنوان (ياريتك شهريار وياريتني شهرزاد) كلمات الشاعر المبدع عصام عبدالله، وألحان جورج كازازيان.

تعاونت مع الموجي وبكر والشرنوبي

وما بين الفيلم الأول والثاني قدمت (عايشة الوعد) مجموعة كبيرة من الأغنيات لحنها لها مجموعة كبيرة من الملحنيين المصريين، مثل (محمد الموجي، حلمي بكر، فاروق سلامه، حلمي أمين، وفاروق الشرنوبي) وغيرهم.

كما أعادت ديو (الشمس بانت) لفريد الأطرش وأسمهان، وقدمته مع شقيقها المهدي عبده في ألبومها الذي حمل (ما بعتبوش)، وأغنية (ما بعتبوش) كان من المقرر أن تغنيها (لطيفة) من ألحان حلمي بكر لتكون باكورة تعاونهما لكن للأسف لم تخرج للنور بصوت لطيفة، وخرجت بصوت عايشة الوعد، والتى سبقت لطيفة في غناء أغنية (مابنسكتش أبدا).

في طريق الفن تعثرت (عايشة الوعد) بسبب ظروفها الشخصية، حيث تزوجت شخصيات في مناصب حساسة، فالزيجة الأولى كانت من وزير إسباني لمدة سنتين، وبسببها ابتعدت عن الفن لكى تكون متواجده مع زوجها في كل مناسباته وسفرياته.

لكن لم يحدث بينهما وفاق، وتم الطلاق، وبعد الطلاق بعام تعرفت على زوجها الثاني، وهو رجل أعمال إيطالي، وسافرت معه إلى السعودية وعاشت بها أكثر من 15 عامًا.

 وعندما فكرت في العودة للغناء بشكل جدي قامت ثورات الربيع العربي، التى أهلكت الغناء والحفلات، وعطلت مشاريع المطربيين،  ثم جاء فيروس كورونا ليلزم الجميع بالجلوس في المنازل!.

وكل هذا أثر على عودة (عايشة الوعد)، لكنها لم تستسلم فكانت تلبي أحيانا دعوات الغناء في المهرجانات، فغنت في مهرجانات مثل (موازين) ثلاث مرات، و(جرش) بالأردن، وغيرها، ونفذت بعض الأعمال الغنائية البسيطة خلال هذه المدة.

وعلى الجانب الآخر قدمت (عايشة الوعد) قصة روائية بإسم (فطومة)، كما ألفت العديد من القصائد الشعرية ضمنتها فى كتاب مع بعض من خواطرها أسمته (لحظة سكون)، وكتاب آخر بعنوان (الصوت والضمير).

أشهر أغنيات عايشة الوعد

من أشهر أغنياتها (لحظة سكوت) التى أخذت عنها الجائزة الأول عام 1995 من من (أم بي سي) في لندن، و(شايلاك في عينيه، ولغة الحب، ومتهيألك، ولا يصعبش عليكم، يا عمري، وقلبي إرتحالك، وبسهولة، حسّيت بالفرق، لما أفكر فيك، مطر فى الشوارع).

وفي السنوات الأخيرة قدمت مجموعة من الأغنيات المتميزة جدا مثل (الضمير) كلمات الشاعر اللبناني نبيل أفيوني، وألحان المهدى عبده، وتوزيع محمد يسري، ولنفس الملحن والموزع أغنية أخرى بعنوان (لو فاكر) كلمات أحمد عادل.

و(عايشة الوعد) تجيد خمس لغات هى (العربية، والإنجليزية والإيطالية، والفرنسية، والإسبانية)، وقد تم اختيارها سفيرة للنوايا الحسنة للفنون والمحبة والسلام من جانب معهد الثقافة والسلام بمنظمة اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.

غلاف ألبوم (إحنا بقى نسينا)

هذا الأسبوع نتوقف مع واحد من ألبوماتها الأولى غير موجود على الإنترنت وهو (إحنا بقى نسينا) الذي انتجه لها شركة (صوت القاهرة) في بداية الثمانينات، وتضمن ثلاث أغنيات هي (أحنا بى نسينا) كلمات سيد مرسي، ألحان بليغ حمدي.

و(كنا حبايب) كلمات سمير الطائر، ألحان حلمي بكر، و(ما بنسكش أبدا) كلمات عبدالوهاب محمد، والأخيرة أعادت غنائها المطربة لطيفة في ألبوم حمل إسم (عشان بحبك).

ولحنها المبدع (سامي الحفناوي)، والحقيقة أن التلميذ تفوق على أستاذه محمد الموجي، وقدم لحنا غاية في الروعة، وبعيد تماما عن ما لحنه مهندس الألحان (محمد الموجي) الذي أغرق لحنه في التطريب!، يقول مطلع الأغنية:

ما بنسكش ابدا ما تعرفش ليه

ده شئ صعب جدا ما خدتش عليه

حاولت حاولت غلبت وما زلت

بحاول وبرضو ما بنسكش ابدا

ما بنسكش ابدا لكن بنسى حالي

واسرح في عهدك لوحدك يا غالي

صحيح انت ماضي و راح من ايديا

لكنك مصعب حياتي عليا

حياتي اللي فاتت وحتى اللي جاية

لاني بشوفني مابنسكش ابدا

………………………………………….

أما أغنية (كنا حبايب) يقول مطلعها:

كنا حبايب وتمنينا نفضل طول العمر حبايب

كنا حبايب بس لقينا ناس بتفرق أي حبايب

ناس قبلتنا ولما شفتنا على فرحتنا أوام حسدتنا

واتفرقنا وقولنا يا دنيا أما صحيح في الحب عجايب

ده احنا امبارح كنا حبايب.

………………………………………….

أما مطلع الأغنية الثالثة في الألبوم وهي رائعة بليغ حمدي ( ميل يا قلبي أو أحنا بقى نسينا) يقول مطلعها :

ميل يا قلبي على الهوا وقوله

مين اللي عندك لسه مستنينا

بعد اللي ضاع من العمر ده كله

ايه اللي ناوي تعمله فينا

طولت ليالينا، وشمتهم فينا

ولسه بتقولي بيفكروا فينا

إحنا بقى نسينا

ميل يا قلبي على الهوا وقوله

أنا قريت الكتاب كله

ما خلاص بقى اتعلمنا من اللي قبلينا.