رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (ورد وشوكولاتة).. دراما تفضح بشاعة الواقع

محمود حسونة يكتب: (ورد وشوكولاتة).. دراما تفضح بشاعة الواقع

محمود حسونة يكتب: (ورد وشوكولاتة).. دراما تفضح بشاعة الواقع
فعل شيطاني ارتكبه قاض أثبت للمجتمع أنه كما المجرم المخضرم الخبير في ارتكاب الجرائم

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

(ورد وشوكولاتة)، مسلسل جذب الناس وجدد الجدل بشأن العلاقة بين الدراما والواقع، فالحياة دراما، والدراما استلهام من الواقع ونقل من الحياة وتعبير عن مختارات مما يحدث، أما الكثير من أحداثها فلم تتطرق إليه الدراما.

قد يكون أكثر بشاعة مما نشاهده على الشاشات والتعبير عنه سيكشف أن بيننا بشر وصلت نفوسهم إلى مستوى من الدناءة يمكن أن تشوه نفوس الأسوياء لو تعرفوا عليها، ولعل ما كانت تنشره صفحات الجريمة بالأمس في الصحف، وما تعج به صفحات السوشيال ميديا يؤكد أن ما تنقله الدراما عن الواقع قليل جداً من كثير جداً.

ومهما تجرأت الدراما في نقلها لبعض فضائح الحياة  فإنها تظل ساترة، تنقل على استحياء، ومن الحكايات التي تم رفع غطاء الستر عنها حكاية المذيعة شيماء جمال والقاضي (أيمن حجاج).

اثنان يفترض أنهما من صفوة المجتمع، ولكن حكايتهما تؤكد أنهما من قاع قاع المجتمع خلقاً. التقيا ثم تزوجا عرفياً بناء على طلب القاضي والذي كان للأسف نائباً لرئيس مجلس قضايا الدولة خوفاً من زوجته الأولى وخداعاً لها ولبناته.

(شيماء) امرأة قوية من صاحبات الصوت العالي، صانعة مشاكل إذا لم يتحقق لها ما تريد، ولديها استعداد لأن تذهب مع أي مشكلة تصنعها إلى نهاية النهاية، أرادت إعلان زواجهما، رفض أيمن، هددته بمخالفات ارتكبها ورشاوي تقاضاها، رضخ لها ولكنه رضوخ الذبيح الناوي على الانتقام.

استدرجها هو وصديقه أو سائقه حسين الغرابلي إلى مزرعة في منطقة نائية ليقتلها ضرباً ثم خنقاً ويدفناها في حفرة بالمزرعة بعد تشويه ملامحها.

فعل شيطاني ارتكبه قاض أثبت للمجتمع أنه كما المجرم المخضرم الخبير في ارتكاب الجرائم، وكأنه تعلم من المجرمين الذين وقفوا أمامه كيف يكون أكثر إجراماً منهم.

حادثة تثير شهية أي سينارست على تناولها درامياً مع اجراء بعض التغييرات فيها، وهو ما فعله محمد رجاء ليتحمس للنص محمد العدل مخرجاً والعدل جروب منتجاً، لنراها على الشاشات في مسلسل حمل اسم (ورد وشوكولاتة) بعد أسابيع قليلة من تنفيذ حكم الإعدام في أيمن وشريكه حسين والذي كان في 19 أغسطس الماضي.

محمود حسونة يكتب: (ورد وشوكولاتة).. دراما تفضح بشاعة الواقع
سرعة انجاز مسلسل (ورد وشيكولاتة) تعكس مدى حماس صناعه لتقديمه للجمهور عقب الاعدام

المسلسل يعكس مدى حماس صناعه

(صلاح) في المسلسل هو (أيمن)، و(مروة) هى (شيماء)، و(وليد) هو (حسين)، وأم (مروة) هى أم (شيما)ء، أربع شخصيات تصدروا المشهد درامياً وواقعياً، راح منهم ثلاثة وبقيت الأم لتتصدر المشهد وحدها مستغلة ما حدث لابنتها لتنال نصيباً من الشهرة مثلما نالت في حياتها نصيباً من المكاسب.

تلك التي كانت أحرص عليها من حرصها على توجيه ابنتها للطريق الصحيح وإبعادها عن الطرق الملتوية التي يمكن أن يجني من وراءها المرء مالاً وضجيجاً ولكنه أبداً لن يجني سلاماً.

الغريب أن الإعلام أفسح لوالدة (شيماء) مساحة تعبر عن خوائه، لدرجة أصبحت فيها وكأنها نجمة مجتمع يتم مكافأتها على ما فعلته في حياة ابنتها وعلى ما زرعته فيها ليدفع (شيماء) إلى الزواج السري وفعل ما شاهدناه في المسلسل وما تابعناه خلال فصول المحاكمة، وقد كشفت هذه السيدة أن ابنتها ورثت عنها عشق الشهرة والأضواء وأشياء أخرى.

سرعة انجاز مسلسل (ورد وشيكولاتة) تعكس مدى حماس صناعه لتقديمه للجمهور عقب الاعدام، وتعكس أنه تمت كتابته بل والشروع في تصويره قبل الإعدام. نعم هي جريمة مغرية ثرية بالدراما.

صاغها المؤلف برؤية تكشف للمشاهد ما لا يستطيع قراءته وهو يتابع فصول القضية على مدى ثلاث سنوات من الإعلان عنها حتى إعدام القاتلين (يونيو 2022 – أغسطس 2025)، تكشف أن كل من (صلاح ومروة) وجهان لعملة واحدة، المجني عليها لا تختلف عن الجاني الأول.

بل قد تكون هي التي أجبرته على ارتكاب الجريمة، فعندما تصور زوجة نفسها مع زوجها في سرير الزوجية حتى تستخدمها وثيقة ضده، فهي بذلك قد سبقته في ارتكاب الجريمة.

محمود حسونة يكتب: (ورد وشوكولاتة).. دراما تفضح بشاعة الواقع
أضافت (مريم الخشت) بصمتها في دور زوجة (صلاح) الأولى

الحفاظ على شغف المشاهدة

ورغم أن المشاهد كان يعلم تفاصيل القضية ويعلم تطورات العلاقة بين (صلاح ومروة) ونهايتها المأساوية إلا أن المخرج محمد العدل نجح في الحفاظ على شغف المشاهدة حتى المشهد الأخير.

مباراة ممتعة في التمثيل تابعناها خلال (ورد وشوكولاتة)، وتفوق فيها على نفسه (محمد فراج) الذي عبر باقتدار عن أزمات القاضي النفسية ورعبه من زوجتيه، خوفه من أن تعرف الأولى أم أولاده بزواجه السري، وخوفه من أن تفضح الثانية علاقته بها ومخالفاته المهنية.

وقد أراد المؤلف أن يغير مهنة البطل من قاضي إلى محامي حتى لا يمس سمعة القضاء، وخصوصاً أن (أيمن حجاج) هو أول قاضي يتم الحكم عليه بالإعدام في تاريخ مصر.

الأكثر تألقاً بعد فراج هى (صفاء الطوخي) في شخصية (أم مروة)، بأطماعها وحبها للهدايا من زوج ابنتها الأول واتفاقاتها معه من وراء طهو ابنتها وقوة شخصيتها ورغبتها في السيطرة على ابنتها ورسم خطوات حياتها لها.. (زينة) لم تقدم جديداً ودارت في نفس الدائرة المعتادة، وأضافت (مريم الخشت) بصمتها في دور زوجة (صلاح) الأولى وأم بناته .

ورغم النجاح الذي حققه المسلسل فإن كل ذلك جاء على حساب سمعة زوجة (أيمن) الأولى وبناته الذين آثروا الابتعاد تماماً منذ القبض عليه قبل ثلاثة أعوام ونصف العام، وعرض المسلسل عقب الإعدام تجديد للجرح الذي أصاب هذه الزوجة وبناتها ولا يريد الناس أن يتركوه يندمل خصوصاً أن الشفاء التام لن يتحقق ولو بعد سنوات، فقد كانوا يتباهون بهذا الزوج والأب على مدار حياتهم وأصبح مصدر عارهم الأبدي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.