رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
ثورة أهل (ستيفان روستي) اضطرته لأن يهجر زوجته ويعود إلى بلاده

كتب: أحمد السماحي

مازالنا مع الرائد الفني (ستيفان روستي) الذي كان أول مخرج لفيلم مصري، وعمل في فرق (نجيب الريحاني)، و(يوسف وهبي) و(إسماعيل ياسين)، وأثرى الحياة السينمائية والمسرحية بالعديد من الروائع التى لا تنسى.

 في الحلقة الماضية ذكرنا أن (ستيفان روستي) ينحدر من أصل أجنبي، فقد كان والده سفيرا للنمسا في القاهرة، في أواخر القرن الثامن عشر، وخلال إقامته الدبلوماسية في القاهرة التقى بسيدة إيطاليه كانت تتمتع بجمال خارق فوقع في حبها وتزوجها سرا وانجب منها (ستيفان روستي).

لكن ثورة أهل (ستيفان روستي) اضطرته لأن يهجر زوجته ويعود إلى بلاده، وظل يبعث إليها بنفقات ابنهما الوحيد فترة، ثم عرض عليها أن تحضر إلى المجر، وتقيم هناك في منزل خاص بشرط ألا يعرفها أحد.

ولكن الزوجة رفضت هذا العرض، فقطع الزوج إعاناته التى كان يبعث بها إليها، وانقطعت الصلة بينهما، وبعد سنوات تزوجت (الأم) من رجل إيطالي كان من النجارين المقيمين في الأسكندرية.

وعندما أصبح (ستيفان روستي) شابا، طلبت منه أن يبحث عن عمل يدر عليه إيرادا يكفيه ضرورات الحياة بعد أن رفض زوجها أن يقيم (استيفان) معه !

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
المخرج المسرحي الكبير عزيز عيد

عزيز عيد يهلل فرحا

خرج (ستيفان روستي) يطوف على الشركات ومكاتب الحكومة بحثا عن عمل، وفجأة وهو يسير في أحد الشوارع، استلفت نظره أعلان كتب فيه أن (جوقة الفنان عزيز عيد) ستقيم حفلات تمثيلية، ودخل (استيفان) إلى المسرح يسأل عن المخرج (عزيز عيد) لعله يجد لديه عملا في هذه الفرقة.

واستطاع أن يقابل (عزيز عيد) الذي سأله هل أنت من هواة التمثيل؟ وهنا كانت المفاجأة! حيث لم يخطر ببال (ستيفان روستي) يوما أن يصبح ممثلا، لكن نظرا لحاجته الشديدة للعمل، أجاب بالإيجاب، وهو لا يدري أي مصير ينتظره بعد هذه الإجابة.

وطلب منه (عزيز عيد) أن يحضر (البروفة) ودخل (ستيفان روستي) ليجلس بين مجموعة من الممثلين، وينفذ ما يطلبه منه (عزيز عيد) الذي كان يهلل إعجابا وتقديرا لهذا الممثل الموهوب.

وقرر له مرتبا شهريا قدره ستة جنيهات، وأعطاه خمسين قرشا عربونا، ومنذ تلك اللحظة أصبح (ستيفان روستي) ممثلا وعضوا في الحياة الفنية، وبعد ست سنوات كان من ابرز نجوم المسرح.

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
يتعرف على راقصة ما كادت تعرف قصته حتى أخبرته أنها تعرف والده

راقصة البالية التى عرفته بوالده

نظرا لحب (ستيفان روستي) للفن الذي ولد في داخله فجأة، قرر أن يسافر إلى (باريس) بلد الفن والجمال ليشاهد على الطبيعة ما كان يسمعه من أفواه العائدين من زيارتها.

وليبحث أيضا عن والده الذي لم يكن يعرف عنه شيئا، حتى باحت له أمه بسر والده، وبحث عن المال الذي يكفيه في رحلته فلم يجد المال الكافي.

وحدث أن زارت القاهرة في هذه الفترة فرقة (باليه فيينا)، وسعى (استيفان روستي) ليتعرف على أفراد الفرقة لعل أحدا يهديه إلى مقر والده.

وتشاء الصدفة كما تحدث دائما في الأفلام العربية، أن يتعرف على راقصة ما كادت تعرف قصته حتى أخبرته أنها تعرف والده، الذي أخبرها يوما أن له زوجة وابن في القاهرة.

 وحكى لها عنهما كثيرا، وجاءت الحكايات مطابقة لما سمعه (استيفان روستي) من والدته، وأبدت راقصة البالية استعدادها لمساعدته، وفي الحقيقة أنها كانت قد وقعت في حبه.

واستطاعت بنفوذها أن تلحقه بعمل في الفرقة، وبحكم عمله مع الفرقة سافر معها في رحلتها إلى (باريس)، ثم (النمسا).

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
راح (يتسكع) مع عشيقته الراقصة التى استقالت من فرقة البالية

ثورة الأب على الأبن بسبب الراقصة

في (النمسا) ذهب (استيفان روستي) فورا إلى والده وقابله، ورحب به مع عشيقته راقصة البالية ترحيبا كبيرا، ولكن هذا الترحيب تحول إلى غضب عندما عرف الأب سر العلاقة التى تربط ابنه براقصة البالية!

 وثار الأب لأن ابنه اختطف منه عشيقته في أول لقاء بينهما، وطرده الأب شر طرده، وطلب منه إلا يعود لزيارته مرة ثانية!.

ولقى (استيفان روستي) في هذه الرحلة ألوانا من العذاب والجوع، فقد راح (يتسكع) مع عشيقته الراقصة التى استقالت من فرقة البالية، وبدأ (يتسكعان) سويا في أنحاء أوروبا، خاصة بعد أن أشتدت الأزمة الأقتصادية أثر الحرب العالمية الأولى.

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
عمل في عدة أعمال منها (صبي جزار)، و(صبي حانوتي) و(بائع متجول)

العمل كصبي جزار وبائع متجول

مع الأيام أصيبت عشيقته الراقصة بخلل في قواها العقلية، فدخلت مستشفى الأمراض العقلية، وتابع (استيفان روستي) كفاحه من أجل (لقمة العيش) والأنفاق على حبيبته.

فعمل في عدة أعمال منها (صبي جزار)، و(صبي حانوتي) و(بائع متجول)، وغيرها من المهن البسيطة، وكان سر بقائه في أوروبا أن يكون قريبا من والده لعله يموت فيرثه!.

ولكن لما امتد الأجل بالأب اضطر (استيفان روستي) أن يعود إلى القاهرة ليجد أمه تعاني الجوع والمرض بعد أن مات زوجها الثاني وتركها هى وابنا له منها لا يجدان قوت يومهما، ورق قلب (استيفان) لأمه وأخيه منها، فقرر أن يعولهما.

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
ما كاد الفنان (نجيب الريحاني) يعلم بوجوده في القاهرة حتى بعث إليه يعرض عليه أن ينضم إلى فرقته

العمل مع الريحاني وحبيبته المليونيرة

 بدأ (ستيفان روستي) يبحث عن عمل في الحياة الفنية، وما كاد الفنان (نجيب الريحاني) يعلم بوجوده في القاهرة حتى بعث إليه يعرض عليه أن ينضم إلى فرقته التى تعمل فوق مسرح (الأيبي دي روز) بشارع الألفي.

وفي هذه الفرقة بزغ نجم (ستيفان روستي) كفنان، واشتهر بمغامراته الغرامية مع سيدات من المجتمع الأرستقراطي، ووقعت في غرامه سيدة من بنات الذوات، هددها أهلها بالقتل أن لم تقطع علاقتها به.

فكان أن سافرت إلى أوروبا، ولحقها (استيفان) بعد ذلك ليعيشا في فرنسا عامين كاملين في غرام عنيف، وخلال هذه الفترة درس (استيفان) السينما وألم بفنونها، وعاد إلى مصر ليعمل مع الفنان (يوسف وهبي) ويعطي السينما جانبا من اهتمامه.

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
(ستيفان روستي) هو أول مخرج مصري لأول فيلم مصري

ستيفان ينقذ فيلم ليلى

عندما أقدمت رائدة السينما وأمها (عزيزة أمير) على إنتاج فيلم (ليلى) عام 1927، وتعرضت للمتاعب التى سببها جهل المخرج التركي (وداد عرفي) بفنوان السينما، قام (استيفان) بإنقاذ ما يمكن انقاذه

وأعاد إخراج الفيلم من جديد، وأصبح (ستيفان روستي) هو أول مخرج مصري لأول فيلم مصري، وتابع (استيفان) كفاحه في ميدان الفن، وظل يعمل مع فرقة (رمسيس) فترة طويلة.

ثم انضم إلى فرقة (الريحاني) التى ظل يعمل بها حتى وفاة (نجيب الريحاني) عام 1949، ثم انضم بعد ذلك إلى فرقة (إسماعيل ياسين)، وظل بها حتى وفاته.

أما في السينما فقد كان قاسما مشتركا في أغلب الأفلام المصرية التى ظهرت منذ عام 1928، حتى عام 1960، كما أخرج فيلم (الورشة) من أنتاج (عزيزة أمير)، وكذلك فيلم (صاحب السعادة كشكش بك) للفنان نجيب الريحاني.

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)

(ستيفان روستي).. أول مخرج في السينما الذي أحب عشيقة والده، وعمل في مهن بسيطة (2/2)
ترك فراغا كبيرا في حياتنا السينمائية والمسرحية

فراغ كبير

بوفاة (ستيفان روستي) ترك فراغا كبيرا في حياتنا السينمائية والمسرحية ذلك أنه تخصص في أدوار الرجل الشيك الأنيق المغامر والمقامر.

وهو لون من الأدوار لم يظهر ممثل آخر استطاع تمثيله وأن يملأ الفراغ الذي تركه (ستيفان روستي) رحمه الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.