رضا العربي يكتب: في عيد ميلاد (السيسي).. الرجل الذي انتحر عشقا ف الوطن



بقلم الفلكي: رضا العربي
يأتي عيد ميلاد الرئيس عبد الفتاح (السيسي) كنافذة صغيرة على رحلة رجلٍ لم يكن يومًا يبحث عن وهج الاحتفالات، بقدر ما كان يبحث عن قدرته على حمل مسؤولية وطنٍ يتقلّب بين الضوء والظلال.. يومٌ يُطلّ فيروزياً، يذكّرنا بأن الأقدار تصنع رجالها في اللحظة التي يكون فيها الصمت أثقل من الكلام، والخوف أوسع من الأمل.
ولد (السيسي) من قلب بيت مصري يعرف معنى الشقاء، بيتٍ يُربّي أبناءه على أن قيمة الإنسان ليست فيما يحمله من ألقاب، بل فيما يتركه من أثر.. وربما لهذا حين وجد نفسه أمام مفترق تاريخي، لم يتكلم كثيرًا، بل فعل.. لم يَعِد بالمعجزات، لكنه وعد بالثبات.. والثبات وحده كان معجزة في زمن تتبدّد فيه البلدان كالغبار.
في عيد ميلاده، تتجلى في وجوه الناس أسئلة كثيرة: ماذا يريد الرجل؟، ولماذا يختار دائمًا الطرق الأكثر صعوبة؟، ولِم لا يعرف الراحة إلا كزائر عابر؟، قد تختلف الإجابات، لكن هناك حقيقة يعرفها الجميع: أن (السيسي) لم يتعامل مع مصر كدولة، بل كبيتٍ يخشى عليه من الانهيار، كأمٍ تخاف عليه من الوجع، كأرض إذا انهزمت مرة.. تصير العودة أصعب من كل أحلام الإصلاح.
هناك رجال يولدون لذواتهم، وهناك رجال يولدون لأقدار أكبر من أحلامهم.. و(السيسي) كان من الفئة الثانية؛ رجلٌ وضعته الحياة في مواجهة اختبارٍ لا ينجو منه إلا من يعرف قيمة الناس حين يُطفئون الأنوار، ويغلقون أبوابهم ويلجأون لله سرًا كي يحفظ الوطن.


بطل أسطوري
ومهما اختلفت الآراء حول (السيسي)، يبقى أحد أكثر الشخصيات التي حملت على أكتافها ثقلًا لا يُرى.. فمن يراه مبتسمًا قد لا يلمح الجهد الذي يسرق من عينيه النوم، ومن يسمع صوته قد لا يرى الصمت الطويل الذي سبقه، حين كانت البلاد تتأرجح على حافة فجوة لا قرار لها.
وفي يوم ميلاده، لا نحتفل برجلٍ فقط، بل بفكرة: (أن الوطن حين يختار من يحميه، لا يسأل عن الثمن، ولا يفاوض على الحب).
فالبلاد لا تحتاج دائمًا إلى بطل أسطوري، بل تحتاج أحيانًا إلى أبٍ شديد، أو أخٍ يعرف حدود النار، أو قائدٍ يملك من الصبر ما يجعل خطواته أثقل من الكلام.
عيد ميلاد (السيسي) هو ذكرى لرجلٍ اختار أن يكون في قلب العاصفة بدلًا من أطرافها، وأن يواجه التاريخ بدلًا من أن يراقبه.
فليكن يومه هادئًا، ولتكن خطاه القادمة أكثر نورًا، ولتكن مصر – التي أحبها حتى الوجع – أكثر قدرة على احتضان نفسها.