إعداد: أحمد السماحي
خلال الأيام القادمة نحيي ذكرى ميلاد المخرج السينمائي (فطين عبد الوهاب) رائد الفيلم الكوميدي في مصر، الذي قدم مجموعة كبيرة من الأفلام الخالدة منها سلسلة الأفلام التى حملت اسم نجم الكوميديا إسماعيل ياسين، وأفلامه الإجتماعية الكوميدية لـ (شادية وصلاح ذوالفقار) مثل (مراتي مدير عام، وكرامة زوجتي، وعفريت مراتي).
وأفلامه لأسطورة الأبيض والأسود (رشدي أباظة) والتى غير فيها جلد (الدنجوان) تماما، وجعله ممثلا كوميديا من خلال أفلام (الزوجة 13) و(نص ساعة زواج) و(آه من حواء)، و(عروس النيل).
ورغم أن (فطين عبد الوهاب) رسم البسمة على شفايف عشاق السينما المصرية، لكن البسمة لم تعرف طريقها كثيرا إلى شفايفه، حيث عاش حياة شخصية مضطربة مليئة بالقلق والتوتر.
وخلال مشواره الإنساني، وفي رحلة الحياة أقترن (فطين عبد الوهاب) بأربع زيجات ثلاثة منهم من الوسط الفني، وهن الراقصة (هاجر حمدي)، والراقصة (تحية كاريوكا)، وسندريلا السينما الغنائية (ليلى مراد) التى استمر زواجه منها 15 عاما.
بعدها وفي نهاية حياته تزوج من السيدة (منيرة أو ريري فتحي) شقيقة النجمة (نجلاء فتحي) التى تزوجها لأسابيع قليلة، حدث الطلاق بعدها.
ولقصة الطلاق حكاية طريفة، جاءت في مجلة (دنيا الفن) اللبنانية، فمن المعروف عن (فطين عبد الوهاب) حبه للسخرية، حيث كان قادرا على السخرية من كل شيئ بداية من نفسه، وحتى الموت، كما يذكر الباحث والناقد أشرف غريب.
قصة طلاق (فطين عبدالوهاب)
تعالوا بنا نعود إلى عام 1971 لنعرف من خلال مجلة (دنيا الفن) حكاية طلاق (فطين عبد الوهاب) من السيدة (منيرة فتحي) المليئة بالسخرية، وما هي علاقة النجم (أحمد رمزي) بالطلاق؟ ولماذا رمى عليه (رائد الفيلم الكوميدي) يمين الطلاق؟!
تقول المجلة: (وقف أحمد رمزي أمام فطين عبدالوهاب، ومعهما النجمة شمس البارودي، والمحامي لبيب معوض، وقال فطين في جد وصرامة: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق!، وأجهش أحمد رمزي بالبكاء وقال: أنا مظلوم، أنا ماخنتكش!
هذه الصورة الدرامية حدثت في شقة المخرج (فطين عبد الوهاب) في عمارة (البستاني) ببيروت، حيث يقيم (فطين) من فترة بعد أن جاء إلى لبنان مع كثير من النجوم الذين حضروا بعد نكسة يونيو عام 1967.
وفي شقة مجاورة لفطين عبد الوهاب يعيش الفنان أحمد رمزي، وكذلك النجمة شمس البارودي، والثلاثة يشتركون حاليا في فيلم (فندق السعادة) الذي يصور في بيروت لحساب المنتج سيد طنطاوي.
والصورة الدرامية التى ذكرناها الآن عن طلاق (فطين عبد الوهاب)، وراءها قصة أو مأساة فعلا، وإليك التفاصيل، قبل أن يسافر (فطين) إلى بيروت وأثناء فترة نقاهته من المرض الذي ألم به وألزمه الفراش بضعة أسابيع نتيجة شراهته في التدخين.
سهر (فطين) في مصر مع مجموعة من الأصدقاء ضمت الفنانة نجلاء فتحي، وشقيقتها المطلقة (ريري) وقبل نهاية السهرة، كان المخرج السينمائي متزوجا من (ريري) كيف؟ هو نفسه لا يذكر؟!.
المهم أن (فطين عبدالوهاب) سافر إلى بيروت، وأرسل إلى زوجته لتلحق به، ولكنها تمنعت، ثم ماطالت، ثم رفضت!، فغضب (فطين) وقرر الطلاق، وكان المحامي (لبيب معوض) موجودا في بيروت فكلفه أن يرجع (ريري) في أمر الطلاق.
فطين يرمي يمين الطلاق
بعد أيام عاد (لبيب معوض) ليخبر فطين أن (ريري) توافق على الطلاق، وأنها أعطت (لبيب) وكالة عنها ليتم الطلاق، ولما كان (لبيب) ليس مسلما، فلا يجوز أن يتم بواسطته الطلاق بالتوكيل.
فأعطيت الوكالة إلى الفنان أحمد رمزي المسلم، وهكذا وقف أحمد أمام فطين ممثلا لزوجته (ريري) وتمت إجراءات الطلاق الغيابي أمام الشاهدين (شمس البارودي) ومساعد مخرج يعاون (فطين) في إخراج فيلم (فندق السعادة).
وعندما نطق (فطين عبد الوهاب) بكلمة الطلاق، رد عليه أحمد رمزي، وهو يفتعل التمثيل والبكاء قائلا : (والله العظيم مظلومة، أنا ما استهلش الطلاق، أنا ماخنتكش، أنت اللي خاين!).
وضحك الجميع وأسدل الستار على مسرحية كوميدية من النوع الذي يجمع بين المأساة والملهاة).
مات بسبب وفاة كامل التلمساني
ملحوظة يقول (أشرف غريب) في كتابه عن (فطين عبدالوهاب .. رائد الفيلم الكوميدي) : بعد عودة فطين عبدالوهاب إلى مصر، تلقى في شهر فبراير عام 1972، دعوة من صديق عمره المخرج كامل التلمساني المقيم في لبنان منذ عام 1960 لزيارته في بيروت وقضاء فترة استجمام معه هناك، لكن (فطين) لم يتمكن من تلبية الدعوة بسبب انشغاله في تصوير فيلم (أضواء المدينة) بطولة شادية وأحمد مظهر.
وفي شهر مارس عام 1972 سمع (فطين عبد الوهاب) نبأ وفاة صديقه المخرج (كامل التلمساني)، وبلغ الحزن مداه في قلب مخرجنا الكبير، وقرر زيارة قبر (التلمساني) في بيروت في نهاية الأسبوع الأول من مايو، تاركا لمساعده متابعة مونتاج الفيلم.
وزار فطين عبدالوهاب قبر (كامل التلمساني)، واستعاد في ذاكرته سنوات الزمالة ورحلة الشقاء والنجاح التى قطعها مع صديق عمره، وأكد كل من شاهده بعد هذه الزيارة أنه لم يكن (فطين عبدالوهاب) الساخر الذي يعرفونه من شدة تأثره بفراق صديقه
وقبل أن يحزم أمتعته ويستقل الطائرة عائدا إلى مصر انتابته نوبة قلبية، ومات يوم 11 مايو عام 1972، وعاد إلى القاهرة جثة هامدة، ليستقبله أصدقائه وعشاق فنه في مطار القاهرة جسدا بلا روح.