

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب
تحت عنوان (أهلاً وسهلاً بكم في فندق حماس).. انفردت (ديلي ميل)، واحدة من أكثر الصحف البريطانية شهرة بتحقيق صحفى تحريضي ليس ضد المُبعدين الفلسطينيين الذين جرى الإفراج عنهم قبل أيام في إطار إتفاق شرم الشيخ لوقف الحرب في قطاع غزة..ولكن ضد مصر وغيرها من دول المنطقة.بدعوى إستضافة عناصر (إرهابية) مارست (الإرهاب) و (العُنف) ضد الإسرائيليين.
صحيفة (ديلي ميل) البريطانية..المعروفة بعلاقاتها الممتدة والوثيقة التي تربطها بدوائر الأمن والسياسية والإستخبارات الإسرائيلية.. وفي مهمة ربما جاءت بتكليف من تلك الدوائر للوصول إلي الفندق الذي يستضيف بعض المبعدين الفلسطينيين من الفصائل المُختلفة، وفقاً لما تم الإتفاق عليه أصلا بين الأطراف الموقعة على إتفاق شرم الشيخ.. ليس ذلك فحسب بل راحت تكيل الإتهامات وتروج لأكاذيب إسرائيلية.
والهدف واضح وصريح وهو إطلاق الشائعات والإتهامات في كل إتجاه ومن ثم تخريب الإتفاق وإستئناف الإرهاب الممنهج من جديد ضد الفلسطينيين.


الولاء لإسرائيل
تحقيق صحيفة (ديلي ميل) الذى أعده كل من رئيس المراسلين الأجانب (أندرو جيرينج) ومراسلة الصحيفة في تل أبيب (ناتالي ليسبونا)، وهما من أشد الصحفيين البريطانيين ولاء لإسرائيل، أشارت فيه إلى إقامة أكثر من مائة وخمسين فلسطينياً مُبعداً إلى القاهرة في فندق فاخر في الأخيرة، ينزل فيه سياح أجانب.
كما ذكرت الصحيفة أن 154 فلسطينياً من أصل 250 من الذين أطلق سراحهم بموجب الصفقة، والذين يُعدّون بحسبها (الأسرى الأخطر على الإطلاق)، يُستضافون في فندق (ماريوت رينساس ميراج سيتي) في القاهرة.
ومن ثم سلّطت (ديلي ميل) الضوء على كونه فندقاً خمسة نجوم، يضم مرافق ترفيهية مثل برك السباحة، المطاعم الفاخرة، صالونات تصفيف شعر، والنوادي رياضية. وحذّرت مما وصفته (تهديداً جديداً متطرفاً) على العائلات الأجنبية التي لا يزال بإمكانها حجز غرفٍ في الفندق من دون أن تكون مدركة (مستوى الخطر)، بحسب تعبيرها، وهو ما يٌعد بمثابة تحريض سافر يستهدف النيل من السياحة في مصر والإضرار قدر الإمكان بها.
على ضوء ذلك، أرسلت الصحيفة مراسليها، بشكل سرّي إلى الفندق، بعدما حجزا غرفاً منتحلين هوية سياح وجالوا بين المبعدين، الذين بينهم (عضو في تنظيم داعش)، – لاحظ التحريض – و(قائد رفيع في القوات الخاصة لحماس) وفق زعم الصحيفة.
وذكرت أنه من المحتمل أن بعض المحررين سينتقلون قريباً للإقامة في دول قريبة مثل قطر وتركيا وتونس، وهي دول “تحظى بشعبية بين البريطانيين والأوروبيين عموماً” باعتبارها وجهات سياحية.
وفي غضون ذلك، ادعت (ديلي ميل) أن المبعدين قد يقدّمون طلبات للحصول على تأشيرات محلية، وتصاريح إقامة حتّى يتمكنوا من الاندماج مجدداً في المجتمع، رغم أنهم سيكونون مراقبين تحت أعين السلطات وأجهزة الأمن المحلية.

تحريض على السياحة المصرية
لم يتوقف التحريض عند هذا الحد، إذ قال البروفيسور (أنتوني غليس)، وهو أستاذ فخري بجامعة باكنغهام، للصحيفة، إن (هؤلاء الناس هم أعداؤنا اللدودون.. سيقطعون رؤوس الجنود البريطانيين ويقتلون شمالاً ويميناً من دون تمييز).
وتابع مختزلاً الأسرى في صورة وحوش: (لا يجوز لنا السماح لهم بالتجمع معاً، ولا يمكن أن يكون هناك مكان آمن لهؤلاء الناس، وإلا فسنكون أمام جيش إرهابي في المنفى، سيكون لدينا حزب الله النسخة الثانية)، على حد توصيفه.
وذهبت (ديلي ميل) لأبعد من ذلك، معطيةً منصّة لضابط استخبارات إسرائيلي سابق، نقلت عنه قوله إنه (ليست هناك قيود على تحركاتهم في هذه الدول، ويمكنهم التنقل بحرية، والسفر إلى أوروبا وحتّى إلى بريطانيا للحصول على تبرعات من مؤيدين ساذجين، ودعم من متظاهرين يتعاطفون معهم بالفعل).
وزعم الضابط الذي يتمتع بسجلاً حافلاً في الإساءة للفلسطينيين وتعذيبهم بطريقة أو بأخرى أن (أوّل ما سيفعله المخربون عندما يصلون إلى تركيا أو قطر هو الاتصال بشركائهم في غزة والضفة الغربية، لإرسال الأموال وإعادة بناء شبكاتهم، وسيتنظمون بسرعة ويؤسسون خلايا إرهابية جديدة)، على حدّ تعبيره.
كما زعمت (ديلي ميل) أن تركيا وقطر هما من تسددان فواتير الإقامة في الفندق الذي تبلغ قيمة ليلة الإقامة الواحدة فيه 200 جنيه إسترليني، وذكرت أن المفرج عنهم أُبعدوا إلى مصر لشدّة خطورتهم، ولأنه لا يمكن السماح ببقائهم في غزة والضفة.
كما ركزت الصحيفة على مؤسس الوحدة الخاصة بكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، المُبعد (محمود عيسى) (57 عاماً) الذي كان اعتقاله يؤرق، بحسبها، زعيم الحركة الذي اغتالته إسرائيل يحيى السنوار، لأنه لم يُفرج عن عيسى معه في صفقة الأحرار عام 2011.
وإلى جانب (عيسى)، ذكرت الصحيفة أن بين ضيوف الفندق (عز الدين الحمرة)، و(سمير أبو نعمه)، و(محمود زواهرة)، إلى جانب (إسماعيل حمدان)، و(يوسف داوود)، والكاتب الحائز على جائزة البوكر للرواية العربية (باسم خندقجي)، وقد وصفتهم جميعاً بـ”أنهم عناصر في خلية إرهابية.


ترحيب من المصريين
في السياق نفسه، تابعت (ديلي ميل) أن (موفدها السري) شاهد المفرج عنهم يسحبون رزماً من النقود من أجهزة الصراف الآلي داخل الفندق، مشيرةً إلى أنهم باتوا أثرياء بفضل سياسة السلطة الفلسطينية (التي تدفع رواتب للمخربين)، مشيرة إلى أنهم يقضون وقتهم في التقاط الصور مع المتضامنين المحليين.
وذكرت أنهم يمضون أوقاتهم معاً ويتحدثون عبر الهواتف، ويجرون مقابلات صحفية، ويستجمون تحت الشمس، ويأكلون ويقضون وقتهم مع أفراد عائلاتهم الذين سافروا للقائهم.
كذلك سلّطت الصحيفة الضوء على وجود عناصر من الشرطة المصرية الذين يقومون بدوريات في الخارج، وقالت (إن هؤلاء قد يكونون مسؤولين عن تصاريح خروج المبعدين من الفندق، الذي قالت إن طاقمه (لا يعلم بماضي النزلاء).
إلى ذلك، منحت الصحيفة مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) منصة هو الآخر ليدلي بدلوه، حيث قال إن (هؤلاء الرجال هم إرهابيون أُدينوا بتفجير حافلات وقتل طلاب وخطف شبان.. إسرائيل لم تفرج عنهم مكافأةً على الشر، وإنما لأننا أنقذنا الأسرى الإسرائيليين ووضعنا حياة الإنسان فوق كل اعتبار).
واختتمت (ديلي ميل) تقريرها بالتعبير عن قلقها الصريح قائلةً إنه من غير الواضح ما الذي سيمنع المخربين المفرج عنهم من إعادة التواصل والعودة إلى النشاط الإرهابي.. فعندما تتناثر هذه العيون المليئة بالكراهية قريباً في أنحاء العالم، لا يسع المرء إلا أن يتساءل: هل سيندم العالم يوماً على الثمن الذي اضطرت إسرائيل لدفعه من أجل هذا السلام؟.
وإجمالاً يمكن التأكيد على أنّ كاتبي التقرير منحازان إلى الرواية الإسرائيلية منذ بدء حرب الإبادة، بحسب ما تُظهر تغطيتهما، وكانا أول من أجريا لقاء مع (نتنياهو) بعد السابع من أكتوبر 2023، لمنحه فرصة للترويج للأكاذيب الإسرائيلية.. ويمكن الإطلاع على تقرير مصور وتقرير الصحيفة من خلال الروابط المرفقه، وللحديث بقية.