رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رسمي فتح الله يكتب: (بوب مارلي).. الساحر الذي جعل العالم يغني للحب والحرية

رسمي فتح الله يكتب: (بوب مارلي).. الساحر الذي جعل العالم يغني للحب والحرية

رسمي فتح الله يكتب: (بوب مارلي).. الساحر الذي جعل العالم يغني للحب والحرية
بوب مارلي، الساحر الذي غنّى للحب والحرية حتى آخر نَفَسٍ في حياته

بقلم الكانب الصحفي: رسمى فتح الله

قد يندهش القارئ حين أكتب عن مغنٍ ليس عربيًّا، لكنّي أؤمن أن الجمال لا وطن له، وأن الموسيقى الصادقة لا تحتاج جواز سفر.. أنا أكتب عمّا أحب، عمّا يلمس قلبي ويوقظ فيّ الإنسان.. واليوم أكتب عن (بوبي مارلي).. رجل خرج من جزيرة صغيرة تُدعى جامايكا، ليمتد صوته إلى كل بيتٍ في العالم.

 رجل جعل من اللحن سلاحًا، ومن الكلمة جناحًا، ومن الإيقاع صلاة. نحن أمام بوب مارلي، الساحر الذي غنّى للحب والحرية حتى آخر نَفَسٍ في حياته.

وُلد (روبرت نيستا مارلي) في السادس من فبراير عام 1945 في قرية (ناين مايلز) الفقيرة شمال جامايكا، لأمٍ سوداء بسيطة تُدعى سيديلا، وأبٍ أبيض إنجليزيٍ يُدعى (نورفال مارلي)، غادر حياته وهو طفل.

عاش (بوب مارلي) في فقرٍ مدقع، لكنه كان غنيًّا بالحلم.. حمل الغيتار كمن يحمل سلاحه الأول، وغنّى من قلب الأحياء المتهالكة في كينغستون العاصمة الجامايكية عن الناس الذين لا يملكون شيئًا سوى الأمل.

في شبابه، كوّن مع أصدقائه فرقة أطلقوا عليها اسم (الويلرز)، لم تكن مجرد فرقة غنائية، بل كانت صرخةً ضد الظلم والفقر، وصوتًا للفقراء والمهمشين. ومن هناك وُلدت موسيقى جديدة للعالم، تُسمى (الريغي)، إيقاعها بسيط، لكنه يحمل روح الأرض والإنسان، حتى أصبحت رمزًا للسلام والحرية.

رسمي فتح الله يكتب: (بوب مارلي).. الساحر الذي جعل العالم يغني للحب والحرية
غنّى بوب مارلي للحب، كما غنّى للثورة. كانت كلماته تجمع بين البساطة والعمق

أغاني صنعت الأسطورة

غنّى بوب مارلي للحب، كما غنّى للثورة. كانت كلماته تجمع بين البساطة والعمق، بين الدفء الإنساني وصرخة الوعي. ومن بين أعماله الخالدة:

لا تبكي يا امرأة: أغنيته الأشهر، رسالة صبرٍ وأملٍ وسط قسوة الحياة.

كانت كأنه يقول للعالم: لا تبكِ، فالغد أجمل مهما كان الليل طويلاً.

انهض وانهض: نشيدٌ للكرامة والحرية، دعا فيه الناس إلى الدفاع عن حقوقهم بلا خوف.. صارت هذه الأغنية رايةً تُرفع في المظاهرات والمنابر.

حب واحد: دعوة لوحدة البشر، أغنية تجمع العالم على كلمة حب واحدة، كما لو كانت صلاة جماعية من أجل السلام.

(جامين): كتبها بعد نجاته من محاولة اغتيال، فيها احتفال بالحياة بعد الخطر، كأنه يرقص في وجه الموت ويقول: ما زلت حيًّا.

الخروج: أغنية رمزية عن الرحيل من الظلم إلى النور، وعن العودة إلى الجذور الإفريقية التي كان يعتز بها.

هل يمكن أن تُحب: أغنية مرحة عن المحبة والصدق، جعلت العالم يرقص على أنغامها.

أهذا هو الحب: أغنية دافئة، رقيقة، فيها صدق العاشق البسيط الذي يرى في الحب خلاصًا من ضجيج الدنيا.

انتظر هناك: أغنية عن الصبر في الحب، عن الانتظار الذي لا يموت مهما طال.

نشيد التحرر: آخر ما غنّى، وأقرب ما يكون إلى وصيته للعالم. عزفها وحده على غيتاره وقال فيها:

حرّروا أنفسكم من عبودية العقول، فلا أحد قادر على تحريرنا سوانا.

كانت صوته الأخير، وهمسه الأخير، قبل أن يُطفئ المرض نوره.

رسمي فتح الله يكتب: (بوب مارلي).. الساحر الذي جعل العالم يغني للحب والحرية
مات الجسد، لكن الصوت ظلّ حيًّا، يُردد في كل مكان من العالم

الرحيل الموجع

في عام 1977، اكتشف الأطباء إصابة (بوب مارلي) بسرطانٍ خبيث في الجلد.. رفض أن يبتر قدمه احترامًا لعقيدته التي ترى الجسد هبةً من الخالق لا يجوز المساس بها.

 ظلّ يغني رغم الألم، يبتسم رغم الوهن، يسافر ويؤدي حفلاته حتى آخر لحظة.

وفي الحادي عشر من مايو عام 1981، رحل بوب مارلي في ميامي وهو في السادسة والثلاثين من عمره.

 مات الجسد، لكن الصوت ظلّ حيًّا، يُردد في كل مكان من العالم كلماتٍ كتبها قلبٌ مؤمن بالإنسان.

رسمي فتح الله يكتب: (بوب مارلي).. الساحر الذي جعل العالم يغني للحب والحرية
خرج من الفقر ليلهم الملايين، ومن جزيرة صغيرة ليغدو أيقونة عالمية للسلام

إرث لا يموت

(بوب مارلي) لم يكن مجرد مغنٍ، بل كان حالة إنسانية نادرة.

جمع بين الإيمان والفن، بين الثورة والحب، بين الروحانية والتمرد.

خرج من الفقر ليلهم الملايين، ومن جزيرة صغيرة ليغدو أيقونة عالمية للسلام.

كلما صدح صوته، شعر الناس أنهم أقرب إلى أنفسهم، وكأن روحه ما زالت تقول:

(أحبوا أكثر، اصفحوا أكثر، فالعالم لا يتغير إلا حين نغني للحب لا للكراهية).

(بوب مارلي).. لم يُغنِّ فقط، بل علّمنا أن الحرية يمكن أن تبدأ من أغنية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.