
بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
علي الرغم من ديناميكية مشهد (الإعلام)، ومرونته، وتلاحق متغيراته، ورغم حالة عدم الرضا عنه من كافة المستويات، ورغم تحدياته، ورغم محاولات هيكلته، أو تنظيمه، أو إصلاحه، وأخيرا تطويره.
ورغم تعدد مجالسه، وهيئاته، ونقاباته، ولجانه، والقائمين علي أمره، ورغم تحدياته التنافسيه في المنطقة، ورغم فقدانه للريادة، ورغم تشابه نوافذه، وتسطيح محتواه، وعدم تنوع إنتاجه، ورغم غياب التنوع والحريه الإعلامية، ورغم الصيحات القيادية بإصلاحه وتطويره.
ورغم إنصراف البعض عنه، ورغم تفوق منتجات دول عديدة من حولنا، تقنيا وبرامجيا ودراميا، رغم كل ذلك مازلنا ولسنوات طوال نعاني من ثبات الوجوه التي ما قدمت نجاحا يذكر، ولا محتوي تنافسي ولا فكرا رائدا.
مما يعني إما الإصرار علي هذه الوجوه المتراكمه في ملفات المسئولين أو الإصرار على مجاملة زملاء المنطقة والدراسة والنادي والعمل، أو الإصرار على أن مصر ليست ولادة، مما جعل الوجوه ثابتة ومكررة ومرفوضة.
ولذا فإن التطوير إن كان يتطلب فكرا وتشريعا وتمويلا، فإنه يتطلب أيضا تغيير الوجوه لإعطاء فرصة لفكر آخر من خبرات أبناء مصر لدفع عجلة التطوير إلي الأمام وهذا وقته.
ولذا فإننا نلفت الانتباه إلى ثبات هذه الوجوه ومالديها من أفكار وخبرات لم تصلح حال (الإعلام) وعليه فقد لزم التغيير في وجوه المشهد التي ظلت وشاخت وتكررت ولم تحقق ما نصبو إليه في إعلامنا المستقبلي المنشود، وهذا ليس رأيي فقط، بل رأي كثير من خبراء (الإعلام) والمهتمين بشئونه وجمهوره ودارسيه وكثير من نواب الشعب ومسئوليه.
فالوجوه نفسها، والفكر هو ذاته، والنوافذ ملك لهم، والمتلقي انصرف عنهم، والمحتوى متكرر، والتأثير مفقود، وثرواتهم تضخمت، واهتماماتهم تشعبت، والمهنة لم تعد الحب الأول، بل أصبحت سبوبة لإستكمال العلاقات والمشروعات وتنفيذ كافة الطموحات التي تولدت وتصاعدت داخلهم نتيجة ثبات المشهد وتواجدهم في أي مجال له علاقه بالمشهد الإعلاميٍ.

الثبات والتكرار في مشهدنا الإعلامي
ولعلنا نزيد في تفصيلات هذا الثبات وهذا التكرار في مشهدنا الإعلامي كما يلي:
* الوجوه ثابته كمسئولي إعلام رسميين سواء في المجالس ولجانها وأعضائها، وهكذا الهيئات ومجالسها وأعضائها، وهكذا النقابات ومجالسها وأعضائها، وكذا المتداخلين في إدارة المشهد وتحريكه.
ولن نخوض هنا في الكفاءة والخبرة والعطاء والفكر والملائمة، ولنفترض تواجد كل ذلك، ولكن طالت الفترات وطال التواجد وطال الثبات والمشهد يحتاج تطويرا وكفى ثباتا وتواجدا وتكرارا!!
* الوجوه ثابتة في إدارة الوسائل شبكات أو قنوات وان تم تغيير فهو تبادل للأدوار رغم ترهل البيئة الإدارية، والمحتوي،وغياب التنافسيه والرضا الجماهيري والعوائد!
* ثبات الوجوه في مجال التسويق والتوزيع والتنفيذ، وإن كان الثبات خلق مراكز قوي ومصالح شخصيه وقلة المردود المعنوي والمادي!
* ثبات الوجوه في مجال كوادر التنفيذ سواء مديري برامج أو رؤساء تحرير أو معدين أو مخرجين او كوادر فنيه مما ورثنا نمطية وتكرار ومزيد من الدخول لهم خاصة!
* ثبات وجوه مقدمي الخدمة، ونمطية أسلوبهم، وتعاظم نفوذهم، وتضخم استثماراتهم!
* ثبات الوجوه في مجال الإنتاج التنفيذي لعدد من الشركات ومنسوبي الولاء للإداره وأصحاب القرار مما ضخم مكاسبهم وكرر إنتاجهم!؟
* ثبات الوجوه في مجالات فنيه وتقنيه أخري كالمعدات والمؤثرات والجرافيك وغيرها من منسوبي أصحاب القرار والمصالح المشتركه!؟
* ثبات الوجوه من المتحدثين مما أفقد (الإعلام) التنوع والتعددية والعدالة الإعلامية!
* ثبات الوجوه أدى لثبات ونمطيه الموضوعات والمعالجات والضيوف والمحتوي وانصراف الناس عنه!
* ثبات الرعاه والمعلنين نظرا لثبات وجوه التسويق وخلق مناطق مصالح بين الطرفين!
* ثبات الوجوه في كل هذه المجالات أدى لجمود كل شئ وخروج من الريادة أو حتي المنافسة وأدي لدعوات إصلاح المسار وتطوير المشهد برمته!
* وإذا كانت لجان التطوير قد تشكلت وتعددت وبدأت أحاديثها بخصوص التطوير فلم نري لجنة لتجديد الكوادر ولا لجنة للتشريع، ولا لجنة للتمويل، ولا لجنة لـ (الإعلام) الخارجي، ولا لجنة لتنوع الإنتاج ولا لجنة للتنوع الإعلامي، ولا لجنة للتعددية والحرية الإعلامية، ولا لجنة لمواصفات الإنتاج الجديد.

لا لجنة لملامح (الإعلام)
ولا لجنة للتخطيط الإعلامي الإستراتيجي، ولا لجنة لملامح (الإعلام) في الغد القريب أو البعيد في الجمهورية الجديدة، ولا لجنة للتدريس والتدريب والابتعاث وتبادل الخبرات!
* ومهما كانت أسماء لجنة التطوير، ومهما كانت تشكيلة اللجان ومهما كانت طبيعة المناقشات، ومهما كانت النتائج، فإن تغيير الوجوه وتبادل الخبرات وإفساح المجال لرؤي مصرية وطنية أخرى، مع الأخذ في الاعتبار غياب مسميات وموضوعات عديده هامه إضافة إلي تشريع وتمويل وتخطيط يلازم عمليات التطوير المنشودة.
وحتي لا يفسر أحد حديثا هذا على أنه طعن في جهة أو شخص ما، فإنني أقر أن كل هذه الخبرات قدمت كل مالديها، وظلت كثيرا في مواقع اتخاذ القرار الإعلامي، وعليها ان تفسح المجال لخبرات وطنيه أخري تم تهميشها او إقصائها أو تصنيفها خطأ بقصد أو بدون قصد،والتطوير يتطلب تغييرا، والكل وطنيون مستعدون لخدمة وطنهم وإعلامهم الذي يغيرون عليه كثيرا.
وإن كان الرباط بين وجوه المشهد المكررين قويا لا ينفك، وإن كان المشهد يتم توارثه لعدد من الوجوه وأحبائهم، وإن كان فكر متخذي القرار قد توقف عند أسماء هذا الملف المحفوظ في أدراجهم.
وإن كان البحث والوصول لخبرات مصر الإعلامية قد تجمد، وإن كانت خبرات مصر الإعلامية قد تاهت وضاعت ملامحها وتاه صوتها وأصابها اليأس من مشاركتها في خدمة الوطن.
إن كان كل ذلك حقيقه؟، فلنشكل لجنة خبراء (الإعلام) لهؤلاء الطائفة حفاظا علي تواجدهم وتكرار ترشيحهم ودورية لجانهم، ولنقدم للمشهد وجوها جديدة متوفره في كافة مجالات الإعلام التقليدي والرقمي، القومي والإقليمي والدولي، العام منه والمتخصص، تقنية وإنتاجا وتوزيعا وتأثيرا.
إن التطوير إن لم ينتج عنه خططا قومية، وخططا متعددة المراحل،وخططا للإنتاج والتنفيذ والبث والتسويق وقياس الأثر وإستعادة الريادة والتنافسية وجماهير المشاهدين، فإن أي تطوير بدون إرساء ذلك هو مقابلات وآراء وتصريحات لا ترقي لتطوير (الإعلام) في دولة بحجم وريادة مصر في منطقتها في المجال الإعلامي!؟

فليكن لدينا حوارا وطنيا
ولا أبالغ إن قلت أن لجان التطوير إن لم تتوصل إلى تغيير شامل في المشهد من وجوه ومحتوي وتخطيط وتشريع وتمويل وتنافسية وجاذبية وريادة، فليكن لدينا حوارا وطنيا ومؤتمرا قوميا وصندوق قومي لأفكار التطوير ولجنة قوميه مستقله ذات خبره لتنتقي أفضل الأفكار وأفضل الكوادر في مجالات الإدارة والتنفيذ وصناعة المحتوي وخبرات الترويج والتسويق وخبراء المحتوي الرقمي.
واستعادة ما غاب من إنتاج تاريخي وديني ووطني وبرامجي ووثائقي، وتفعيل التدريب وتبادل الخبرات وتطوير مناهج تدريس الإعلام والزج بمحتوي ووجوه جديدة للمشهد الإعلامي، فإن ذلك لا صعبا ولا مستحيلا عندما نرى خبراتنا برؤية أوسع وبفهم أعمق من عمليات الإحتكار والتهميش والإقصاء والتصنيف والثبات والتكرار الذي أضر كثيرا بالمشهد ومحتواه وجماهيره وحاجة الوطن وصورته.
وإلا لما أطلقت القيادة السياسية دعوتي إصلاح الدراما وتطوير (الإعلام) لما كانت الحاجه إليه ملحه وضرورة وطنية!
(الإعلام) ليس بكثرة نوافذه، ولا بثبات وجوهه، ولا بتصريحات للتواجد، إنما بشفافية مع النفس، وصراحة في العرض، ودراسة للمشاهد الإعلامية من حولنا، والاطلاع على التجارب الدولية، وتقديم أفكار تطوير محددة وليست فضفاضة، وآليات تنفيذ ومتابعة وتقييم، واستفادة بالفرص المتاحة وبحلول لتحديات ومعوقات محددة.
وخطط تضع لكل فريق عمل دورا ورسالة وجزءا من خطة الوطن القومية الإعلامية التي تعيد لمصر ريادتها، ولمحتواها تنافسيته، وللجمهور رضاه، وللإعلام مردوده، وللوطن صورة ملائمة، وللغد إعلام أفضل في جمهورية جديدة نحو مستقبل أفضل لأم الدنيا شعبا وصورة وريادة وتأثيرا، وتحيا دوما مصر، والله الموفق..آمين.