


بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
في صوتها ذاب الجمال عذوبة، لله در هذا الصوت ما أحلاه، لولا مخافة أن يقال بأنني بالغت في وصف الذي أهواه، لحلفت قد خلق الكلام لأجله، والصمت حكم واجب لسواه، هذا أقل ما أصف به صوت أسطورة فرنسا الغنائية المطربة (ميراي ماتيو) فعذوبة صوتها كعذوبة الماء، ينعش أحاسيسنا كنسمة هواء، طرب و شجن وبهاء.
أخال الشاعر يصف صوتها قائلا:
يا عذبة الصوت كيف القلب ينساك
وفيه دون حسان الأرض سكناك
مهما ابتعدتي فأنت النور يسكنني
يهز روحي ويحي في ذكراك
الكون يظلم إن غيبت عن نظري
وتشرق الأرض جزلى عند رؤياك
والشعر ما الشعر لولا أنت ملهمتي
فالحسن حسنك و الإلهام عيناك
مياسة القد كم تشتاق أوردتي
إلى لماك ألا رفقا بمضناك
جمال وعذوبة صوت (ميراي ماتيو) يعنيان أنه صوت رقيق وموسيقي ومريح للأذن، ويتسم بالحلاوة والجمال في نبرته، وغالبا ما يوصف هذا النوع من الأصوات بالشجي، وهو ما يعني أنه حسن النغم وله وقع جميل، وهو صفة مرغوبة في الأداء الصوت الجميل الفاتنفي بهاء زرقة.
كم منا الذين يجدون متعة في الإصغاء إلى زقزقة العصافير في الصباح الباكر وهى تتقافز مرحة من غصن لآخر؟، وكم هم الذين يتذوقون هديل حمامة أو مناجاة رضيع أو يجذبهم صوت خرير الماء منساباً من فوق نافورة أو عبر شلال؟، هذا ما أشعر عند سماع صوت (ميراي ماتيو) على الرغم من عدم فهمي لكلماتها بالفرنسية أو 11 لغة أخرى تتغنى بها.

إحساس (ميراي ماتيو)
يشعرني إحساس (ميراي ماتيو) أن الجمال في الأصوات لا يقدره أحد كمن فقد نعمة البصر، فمن كان اعتماده في تذوق الأشياء من حوله على حاسة السمع دون البصر يتلمس الجمال في الأصوات، ويدرك دقائق الفوارق في وقعها ونغماتها ونبراتها أكثر من المبصرين الذين قد يصرفهم النظر بعيداً عن إصاخة السمع لتذوق الأصوات من حولهم.
عندما يتسلل صوت (ميراي ماتيو) إلى أسماعنا تكون في الغالب مختلطة بصورة المصدر الذي تنساب منه، فتسلب حاسة البصر من السمع قدرا كبيرا من تفرده بتذوق الصوت، ويمكن ملاحظة ذلك حين يتسنى لنا الإصغاء الأعمى، أي حين نستمع إلى الصوت دون أن نرى مصدره، إننا في مثل تلك الحالة نتذوق الأصوات بطريقة أخرى لم تكن تتاح لنا ونحن نرنو إلى مصادرها بأبصارنا.
الإنصات إلى غناء (ميراي ماتيو) يذكرني كثيرا ما يستشهدون ببيت الشاعر الأعمى (بشار بن برد)، الذي يقر فيه بتذوق أذنه الجمال: (يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة.. والأذن تعشق قبل العين أحيانا، ولعل غيره من الشعراء المبصرين الذين عاشوا في زمن الهاتف والجوال والراديو يشاركونه هذا القول، كما فعل نزار حين تغنى بطلاوة الصوت المنساب إلى أذنه عبر الهاتف:
همستك الحلوة في الهاتف
أحلى من المعزف والعازف
حنجرة رائقة، زقزقت
في مسمعي، كالوتر الراجف
في حضرة (ميراي ماتيو) لربما يجعلك تتساءل: جمال الصوت وعذوبته هل يرتبط بالحنجرة والأوتار الصوتية، أم يرتبط بالنبرة ومخارج الحروف، أم يرتبط باختيار الألفاظ وحسن التعبير؟، وهل مشاهير المطربين والمطربات الذين يأسرون السامعين بعذوبة أصواتهم ورخامتها يمكن أن يكون لهم التأثير نفسه متى تحدثوا؟
أو هل يمكن أن يحدث العكس كأن يكون الذين يمتعوننا بجمال أصواتهم متحدثين قادرين على أن يمتعونا أيضاً فيما لو غنوا؟.. ثمة أصوات لا تُفهم، نتمنّى لمسها، تبقى معلّقة في مكانٍ ما بين الصلاة والأغنية.
صوت (ميراي ماتيو) ينتمي إلى تلك الفئة النادرة من الأصوات التي تحركنا، وتعبر الزمن بالشغف الذي كانت عليه منذ اليوم الأول.. حين تُغنّي، تنهض معها فرنسا بأكملها؛ فرنسا الإيمان، والبساطة، والإخلاص لجمال الكلمات.

الغرّة المستقيمة والتسريحة الثابتة
كثيرا ما اختزلت في صورة واحدة: الغرّة المستقيمة والتسريحة الثابتة، الفستان المحتشم، والابتسامة المنضبطة.. لكن خلف الهيئة الهادئة الصارمة، عنادا بلا ضجيج وإيمانا شبه صوفي بالغناء بوصفه رسالة مقدّسة.
في قاموس (ميراي ماتيو)، الغناء دعوة وفعل روحي.. تغني كما يصلي الآخرون، بالانضباط ذاته، وبالتواضع ذاته.
(ميراي ماتيو) مغنية فرنسية مشهورة شدا صوتها في العالم كله، وقدمت الكثير من الأغاني المرهفة والرومانسية التي رددها الكبار والصغار في القرن الماضي.
ولدت (ميراي ماتيو) في 22 يوليو 1946 في فرنسا، ونشأت في أسرة فقيرة.. تركت المدرسة لتعمل وتعين أسرتها، واكتشف موهبتها لاحقا مدير أعمال فني، وأخذت بإصدار الأغاني واحدة تلو الأخرى، وحققت ألبوماتها نسبة مبيعات كبيرة، وهي إلى الآن حية ترزق، وتعيش في باريس وتعرف بمغنية الحب والسلام.
بدأت الغناء في سنٍّ صغيرة للغاية، لكن عندما أصبحت في الرابعة عشر صارت تغني في الكنيسة.. بدأت بترديد أغنية (la vie en rose) للعالمية (إديث بياف) أثناء دروس الخياطة في المدرسة، تركت المدرسة في سن الثالثة عشر وعملت في مصنع للورق مع شقيقتها (ماتيت) لتعين أسرتها الفقيرة، كما كانت تدخر بعضًا من نقودها لتدفعها كرسومٍ مقابل دروس الغناء.
ترعرت في أسرة فقيرة في (أفينيون) جنوب فرنسا، وكانت الأخت الكبرى لثلاثة عشر طفلا، كان والدها يعمل في قطع الحجارة في المقبرة وإعداد شواهد القبور، كان صوته جميلًا وحلم طوال عمره أن يصبح مغنيًّا.
عاشت ميراي مع أسرتها في كوخٍ خشبي، وكانت تتسرب إليه مياه الأمطار، ويتخلله الهواء والرياح الشديدة في أيام البرد.. وبعد أن أصبحت مغنية مشهورة، فُطر قلبها بوفاة والدها عام 1985 وأيضا مديرها جوني ستارك عام 1989.
بدأت (ميراي ماتيو) مسيرتها المهنية بالمشاركة في مسابقة (نحن نغني في حينا) السنوية للغناء في آفينيون، التي كان يشارك فيها أيضًا هواةٌ من مناطق بعيدة، في عام 1962، شاركت في المسابقة بأغنية (Les cloches de Lisbonne) وخسرت المسابقة، كما خسرتها أيضًا عام 1963 بأغنية إيديث بياف (نشيد الحبّ/ L’Hymne à l’amour) في عام 1964، ربحت المسابقة بأغنية بياف الثالثة (La Vie en rose /الحياة الوردية)
كانت الجائزة عبارة عن رحلة إلى باريس، وإجراء اختبار أولي مؤهل للمشاركة في برنامج اكتشاف المواهب (لعبة الحظ)، حيث يتنافس المغنون الهواة على أصوات الجمهور، عبر الاتصالات الهاتفية.. تولى نائب رئيس بلدية (آفينيون) ترتيب مشاركة ماتيو في المسابقة، وتأمين بطاقات السفر بالقطار. برفقة عازف بيانو في الاستديو.

سخر الباريسيون من لكنتها الريفية
خرجت (ميراي ماتيو) بملابس سوداء، مثل بياف، وأدّت أمام لجنة التحكيم أغنيتين لإديث بياف، سخر الباريسيون من لكنتها الريفية، فأصيبت الفتاة بإحباطٍ شديد.. أثناء حفلٍ صيفي في عام 1965، التقت مدير أعمالها المستقبلي، جوني ستارك، الذي كان يعمل بنشاطٍ مع مطربين كبار، مثل إيف مونتان Yves Montand، الذي سيجعل من (ميراي) ماتيو نجمةً وخليفةً لإديث بياف.
تلقت (ميراي ماتيو) دعوة من باريس the impresario Regis Durcourt للمشاركة في برنامجٍ تلفزيوني (استعراض الأغنية) في 19 من شهر نوفمبر عام 1965.. وعد ستارك ماتيو بكتابة كلمات أغنية لها، ولكنها تخلت عن الفكرة بعد شهورٍ من الانتظار، ليتولى (دور كور) المهمة.
لا يعرف أحد كيف تقدمت (ميراي ماتيو) للمشاركة في البرنامج التلفزيوني الفرنسي الشهير (Télé-Dimanche) من خلال عروض لاكتشاف المواهب (Jeu de laChance) الذي يقدّم عدة فرص للغناء، ولكن فقط في حال الفوز، وقد قررت ماتيو الفوز.
جاءت نتيجة تصويت الجمهور، وعبر الهاتف، لصالح (ميراي ماتيو) بفارق كبير عن مغنيةٍ سبق لها الفوز بالمسابقة خمس مرات.. في تلك الليلة بالتحديد، أصبح (جوني ستارك) مدير أعمالها رسميًّا.. وجد ستارك أن (ميراي) في حاجة لتتعلم كل شيء من جديد: (كيف تمشي، كيف تتنفّس، كيف تنطق.. ولكنه وجد أن صوتها رائع لدرجة أنه لا يحتاج تدخلا من أي نوع).
في منتصف مشاركتها في سبع عروضٍ تالية لبرنامج (Télé-Dimanche) قدمت (ميراي ماتيو) حفلةً في Paris Olympia التي دفعت بها إلى عالم النجومية، في العشرين من شهر ديسمبر، غنت إلى جانب (برونو كوغاتريكس – مالك أوليمبيا)، ثلاث أغنيات لإديث بياف كانت تحفظها.
وبعد يومين أطلقت عليها وسائل الإعلام الفرنسية والأجنبية لقب (بياف أفينيون)، في إشارةٍ إلى الأسطورة (إيديث بياف).. كان كلّ شيءٍ يسير على ما يرام.. قالت (ماتيو): (تمكنت من تقليد معبودتي بياف لدرجة خلت معها أنني غير قادرة على القيام بأي أمرٍ آخر.. كانت لحظة خيبة أملٍ كبيرة في حياتي).
هنا تخلى (ستارك) عن مسار (بياف) الذي أخذ (ماتيو) إليه، كما أقنع أداؤها في أوليمبيا (بول ماوريات) بالعمل معها، وانضم إليه كاتب الأغاني أندريه باسكال، وعملا على تطوير نجاحها. كتبا معًا مادةً عصرية في أغاني:Mon crédo, Viens dans ma rue, La première étoile، وغيرها من الأغاني.

تحررت (ميراي) من ديونها
في عام 1966، صدر ألبومها En Direct de L’Olympia الذي جعلها نجاحه نجمةً خارج حدود فرنسا أيضا.
بعد جولاتٍ كثيرة في عامي 1966 و1967، تحررت ميراي ماتيو أخيرًا من جميع ديونها، بعد أن كسبت أكثر من مليوني فرنك فرنسي.. كانت أول أحلام (ميراي ماتيو) انتشال أسرتها من الفقر، فكان أول ما اشترته سيارة لوالدها كي يقوم بعمله، بالإضافة إلى منزلٍ كبير لأسرتها، وهاتفٍ ليتمكن أهلها من الاتصال بها إلى باريس من دون الحاجة للذهاب إلى الصيدلية واستخدام الهاتف الموجود هناك.
وصلت (ميراي ماتيو) باريس وفي حوزتها ثوبان فقط، مما دفع بجوني ستارك إلى الطلب من أختيه الاهتمام بلباسها ومظهرها.. من ثم استأجر لها منزلا ومدبرة منزل، ليطمئنّ إلى أنّها ستنشغل بالغناء وحده، ولا شيء سواه.. بالطبع، كان يسجل جميع النفقات والمصاريف، وكان يحرص على تحصيل ديونه قبل أن يدخل فرنك واحد في حساب (ماتيو)!
قالت (ميراي ماتيو) ذات مرة: (أغانيّ تتحدث دائما عن الحب، وأنا أحبها على هذا النحو)، على الرغم من هيمنة موسيقى rock and roll، وعدم الاهتمام عالميا بالموسيقى غير الإنكليزية أثناء ذروة عطائها الإبداعي، فقد حافظت (ماتيو) على شهرتها الواسعة في فرنسا، وعموم أوروبا، وكان آلاف المعجبين ينتظرون طويلًا قبل انطلاق كلّ حفلة للحصول على توقيعها.
في عام 1974، أسست ماتيو شركة نشرٍ خاصّة بها (Abilene Music)، تعمل اليوم في نشر وطباعة المواد الموسيقية، وفي عام 1983، أسست شركة نشر أُخرى (Abilene Disc) تقوم بنشر التسجيلات، وتشرف عليهما شقيقتاها مونيك وكريستيان.
في عام 1985، اشتركت ماتيو مع (بياسيدو دومينغو) في أداء عرضٍ للأطفال سمي The Tales of Cri-Cri.
في عام 1986، قدّمت ماتيو حفلةً في العاصمة الصينية بكين، وفي عام 1989، تلقت دعوة من الرئيس الفرنسي (فرانسوا ميتران) للغناء تحيةً للجنرال شارل ديغول.. مات جوني ستارك في العام نفسه، مما أطلق موجةً من التوقعات المتشائمة بشأن مستقبل ماتيو، فالرجل خسارة لا تعوض.. تقدمت أُختها مونيك لتصبح مديرة أعمالها، لتتمكّن المرأتان من الصمود معًا في عالم صناعة الموسيقى.
في عام 1990، قدمت سلسلة من الحفلات في قصر المؤتمرات في باريس، وقال كثير من المغنين والموسيقيين إن الجمهور كان بمستوى جمهور موسيقى الروك.

ألبومين عام 1993
في عام 1993، أطلقت ألبومين من أغانيها مكرسةً لمثلها الأعلى (إيديث بياف)، أحدهما بالفرنسية، والثاني بالألمانية.
وفي عام 1996، أطلقت ألبوم Vous lui direz (أنت قل له)، أما عام 1999، فأطلقت مع فرانسيس لي ألبومًا بالألمانية Alles nur ein Spiel / (كلّ شيءٍ هو مرآة فقط).
في عام 2002، صدر ألبومها الفرنسي السابع والثلاثين (صنع يديك – De tes main) تلاه سلسلة حفلات في قصر الأولمبيا، وفي عام 2005، أطلقت ماتيو ألبومها الثامن والثلاثين، بمناسبة مرور 40 عامًا على مسيرتها الفنية.
وأثناء الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2007، أعلنت (ميراي ماتيو) دعمها للمرشح نيكولاس ساركوزي، ولكنها لم تدعم علنا أي مرشحٍ في انتخابات عام 2012.. بعد عودتها من جولةٍ فتية إلى بولندا، كرّمتها باريس بمنحها لقب ضابط جوقة الشرف Officer of legion d honneur.
في مارس من عام 2015، غنّت (ميراي ماتيو) في باريس ضمن فعاليات منظمة اليونسكو Culture Without Borders وفي 30 من شهر تموز/ يوليو عام 2016، عادت للمشاركة في مهرجان بعلبك الدولي/ لبنان بعد انقطاعٍ لمدة 41 عامًا.
غنّت (ميراي ماتيو) مرتين في المملكة المتحدة في London Palladium أمام الأسرة الملكية، الأولى عام 1966، والثانية عام 1969، كما قامت (ماتيو) بجولة في كندا، وفي الولايات المتحدة الأميركية، حيث التقت في هوليوود بإلفيس برسلي، وغنت في لاس فيغاس إلى جانب (دين مارتن، وفرانك سيناترا).
في شهر نوفمبر عام 2008 زارت (ميراي ماتيو) روسيا، حيث التقت كلا من معمر القذافي، وفلاديمير بوتين (رئيس الوزراء الروسي حينها)، في خيمة الرئيس الليبي التي نصبت على أرض قصر الكرملين. وكانت قد حلّت بداية الشهر نفسه ضيفةً على رئيس الوزراء الروسي بوتين، وأحيت حفلةً على شرفه.
في عام 2010، التقت بالرئيس الروسي آنذاك ميدفيديف، الذي قلدها وسام الصداقة خلال مأدبة عشاء أقيمت تكريمًا لها.
على الرغم من مسيرتها المهنية الطويلة، والشهرة التي حظيت بها، فإن ميراي ماتيو لم تتزوّج أبدا، وعلى غير عادة المشاهير، لم تحبّ الشهرة الإعلامية على الإطلاق، ولم يكن لديها أيّ شعور بضرورة نشر حياتها الشخصية للعلن.

صداقة وطيدة مع فيروز
بقي أن نقول أن صداقة وطيدة جمعت بين السيدة فيروز والمطربة الفرنسية (ميراي ماتيو)، فقد تمت دعوة من فرنسا للسيدة فيروز في أول ظهور تلفزيوني أوروبي لها على التلفزيون الفرنسي في 24 مايو 1975 في برنامج بعنوان (numero un)، والذي كان مخصص للمُطربة الفرنسية (ميراي ماتيو ).
غنت فيروز واحدة من أهم أغانيها (حبيتك بالصيف) و الأغنية من مسرحية (يعيش يعيش – سنة 1970)، وتم شكرها واحتضانها بعد أدائها من قبل (ميراي ماتيو)، وقد قالت (ميراي) عن فيروز: (أجمل شئ حدث لي في حياتي أني التقيت بهذه السيدة العظيمة.. فهي كما لديها صوت عظيم فلديها إنسانيه أعظم وتفوق الوصف).
وقد كررت هذا الكلام عندما أتت آخر مرة الي لبنان عام 2015، كما تمنت لقائها وقتها ولا شك أنهم كأصدقاء بعثوا لبعضهم التهنئات، كما يحكي أيضا أن فيروز دعتها الي منزلها في لبنان في سبعينيات القرن الماضي وأخذتهم الحكايات عن ايام الطفوله والموسيقي والفن ومن ثم المزاح والحس الفكاهي العالي كما كانت تحب (ميراي ماتيو) التحدث والضحك مع بنات فيروز ليال وريما.
جدير بالذكر أن (ميراي ماتيوو) البالغة 79 عاما بدأت أول أمس جولة بثلاث حفلات في قاعة الأولمبيا الشهيرة في باريس بين 24 أكتوبر و26 منه، قبل الانتقال إلى سويسرا وبلجيكا ثم ألمانيا وبلدان أوروبا الشرقية وصولا إلى كندا سنة 2027 عبر 1200 أغنية رومانسية حالمة.
وتترافق الجولة مع طرح مجموعة موسيقية تتضمن بعضا من أبرز الأعمال في مسيرة الفنانة التي انطلقت حين لم تكن ماتيو تتخطى الثامنة عشرة مع فوزها في 28 يونيو 1964 بمسابقة غنائية نظمتها مدينتها أفينيون في جنوب شرق فرنسا.
عن شعورها حيال احتفالها بمرور ستة عقود على بدء مسيرتها، توضح (ميراي ماتيو) أن (هذا مفصل هام، لكني لا أفكر في الموضوع حقا)، وتقول: (أواصل الغناء كما كنت أفعل في اليوم الأول وطالما بقي في استطاعتي فعل ذلك).
وتضيف (أتمرّن كل يوم للحفاظ على صوتي.. أنا شخص شديد الانضباط، ولدي امتنان كبير للحظ الذي لا أزال أتمتع به لعيش شغفي).
وتشير (ميراي ماتيو) إلى أنها لم تكن تتوقع في بداياتها أن تكون مسيرتها حافلة بالنجاحات لهذه الدرجة، مستذكرة مرورها الأول على التلفزيون الفرنسي سنة 1965.. وتقول “كنت خجولة جدا أمام الكاميرا. لم أكن أعي ما أفعل.. مكافأتي الأجمل تبقى حب الجمهور الذي يواكبني منذ 60 عاما.. إنها قصة حب عظيمة”.
وفي النهاية لا تخفي (ميراي ماتيو) حماستها للجولة الاحتفالية بالذكرى الستين لانطلاق مسيرتها، قائلة: (أعتقد أني لم أشعر بمثل هذه الرهبة في حياتي قبلا).. تحية حب وتقدير لأسورة فرنسا العنائية صاحبة المسيرة الرومانسية العذبة.