رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (الصحافة).. من  مهنة الحقيقة والمجد إلى (ملطشة) زمن الزيف! 

محمود حسونة يكتب: (الصحافة).. من  مهنة الحقيقة والمجد إلى (ملطشة) زمن الزيف! 
صحفيون قادتهم الظروف لتقديم برامج واحتلوا مساحات من الشهرة ينظرون باستعلاء إلى زملائهم

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

أصبحت مهنة (الصحافة).. (ملطشة) لكل من هب ودب، أبناؤها الذين يسعون للحفاظ على القليل جداً من جوهرها، ويسعون وراء الحقيقة ولا يهادنون فاسداً ولا مفسداً أصبحوا هدفاً لكل من يزعجهم كشف تجاوزاتهم وجرائمهم.

الفنانون الذين انطفأ نور نجوميتهم من زحف آثار الزمن عليهم يفرغون شحنات غضبهم على أبناء مهنة (الصحافة)؛ صحفيون قادتهم الصدفة للعمل متحدثين باسم وزراء ووزارات ومسؤولين ومشاهير يفجرون عُقد نقصهم على زملاء لهم؛ وصحفيون تولوا مسؤولية مهرجانات فنية وشاركوا في تنظيم فعاليات شعبية اتخذوا مواقف غير مفهومة ولا منطقية تجاه زملاء آخرين يقومون بتغطية هذه الفعاليات.

صحفيون قادتهم الظروف لتقديم برامج واحتلوا مساحات من الشهرة ينظرون باستعلاء إلى زملائهم الذين لم ينالوا نفس الفرص ولا الشهرة؛ رؤساء تحرير ينكلون بزملاء لهم لا يسبّحون بحمدهم بكرةً وعشياً.

(الصحافة) أصبحت ملطشة أبنائها العاقين الخارجين عن كل مواثيق الشرف المهنية، ومسؤولين ساهموا في وأدها، ومشاهير تيقنوا فقدانها لفاعليتها، والهدف الأول للتكنولوجيا التي أفرزت وسائل تواصل تقصي الصحافة الكلاسيكية وتفقدها قيمتها.

السوشيال ميديا اليوم خطفت من (الصحافة) جمهورها وعشاق المعرفة ومتتبعي الأخبار والمهووسين بأخبار المشاهير، هي الأسرع في النشر والمتاحة كل الوقت والمتجددة كل لحظة، تعمل بلا رقيب، تسبق في نشر كل ما هو جديد، موجودة داخل البيوت بل وغرف النوم، مطلعة على كل ما يحدث داخل المؤسسات، باختصار لا تخفى عليها خافية وتعرف كما يقول المثل المصري (القرد مخبي ابنه فين).

لا يمكنك اليوم التمييز بين صحيفة وأخرى، نادراً ما تحمل إحداها خبراً غير موجود في الأخريات، ولو حدث فليس لأنه انفراد ولكن لأن الأخريات وجدنه لا يستحق النشر.. برامج التوك شو لا تحمل هي الأخرى جديداً، بل تردد المنشور في الصحف والمواقع الاليكترونية وكثيراً ما تتخذ من السوشيال ميديا أخباراً لها.

محمود حسونة يكتب: (الصحافة).. من  مهنة الحقيقة والمجد إلى (ملطشة) زمن الزيف! 
أمينة خليل

الفنانة (أمينة خليل)

قد تكون صحيحة أو شائعات، وحال استضافتها لشخص مشهور تحاوره في كل ما هو تافه، وآخرهم مذيعة (زارا) التي اندهشت واستنكرت على الفنانة (أمينة خليل) أن تشتري حلقاً من هذه الماركة التي يتباهى بها معظم أبناء النخبة، وكأن هذه المذيعة أصبحت تنتمي إلى طبقة نخبة النخب، وزوجها الذي باع نفسه وتحول إلى أداة فتنة في مصر.

صحفيو المواقع الإلكترونية ومصوروها يسعون وراء أخبار الفضائح والجنازات وأعياد الميلاد، خصوصيات المشاهير مادتها المفضلة من دون تحقق عن ما إذا كانت صحيحة أو كاذبة.

حالة من الفوضى فرّغت المهنة من جوهرها وجعلت الناس ينصرفون عنها إلى ما يسمونهم (المؤثرين)، ولا ندري أي تأثير يحدثونه هؤلاء في المجتمع سوى تفكيكه وإفراغه من قيمه وتسطيح الأجيال الجديدة وتحويلها إلى كائنات تهتم بما لا يفيد.

الصورة قاتمة، ولكن لا يزال هناك من يصرون على أن تبقى لـ (الصحافة) رسالة وهم قلة القلة، بينما هؤلاء لا يتركونهم يؤدون رسالتهم في سلام، يتربصون بهم ويستخدمون كل الحيل لتحويلهم إلى كائنات صحفية ممسوخة مثل غيرهم.

ومنهم الزميل (محمد طاهر) من دار (أخبار اليوم) الذي تم إعداد كمين له واستدعاءه للتحقيق بناءً على بلاغ من موظف بوزارة الآثار والسياحة بصرف النظر عن منصب ومكانة هذا الموظف، وزير أو معاون وزير، وأخذ هاتفه منه للتفتيش فيه.

وهو الصحفي الذي كان يستحق التكريم بدلاً من التحريض عليه، بعد كشفه سرقة الأسورة الذهبية الأثرية، وهو إنجاز نادر جداً في زمن صحافة المنشورات والأخبار البائتة والفضائح والجنازات.

الفنان (طه دسوقي) رأى أن الكل يلطش في (الصحافة)، وأن بين من يهينونها أبناء لها ومشاهير ساهمت في زمن الصحافة الحقيقية في تلميعهم، فقرر هو الآخر تلطيشها في فقرة ساخرة قدمها في افتتاح مهرجان الجونة.

محمود حسونة يكتب: (الصحافة).. من  مهنة الحقيقة والمجد إلى (ملطشة) زمن الزيف! 
طه دسوقي

طه دسوقي أغضب الصحفيين

مشكلة طه أنه أراد تكريم السينما بتلطيش (الصحافة) رغم أنه وغيره يدركون أن (صاحبة الجلالة) هى الوسيلة التي ساندت السينما عبر تاريخها!.. تلطيش طه أغضب الصحفيين رغم علمهم أنه على حق في الكثير مما ورد على لسانه، وكل ما يعيبه هو التعميم.

غضب الصحفيين هو غضب من يعتزون بمهنتهم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم والإجابة عنه جديرة بمعالجة المرض المزمن وهو: ما الذي تبقى من (الصحافة) لكي نعتز به؟

الحمد لله أننا لحقنا بعضاً من مجد مهنة (الصحافة) في الزمن الأجمل، كنا نؤمن أننا أصحاب رسالة، هدفنا البحث عن الحقيقة، مهما كانت المتاعب التي في سبيل ذلك، كنا نتباهى بكوننا أصحاب رسالة، وصدقنا أن لنا دور تنويري وتأثير على الرأي العام، ننبهه ونضيء له الطريق، من دون أن نضلله أو نزيف له الحقائق أو نبيع شرف المهنة لمن يريد ويستطيع الدفع.

مجد ضاع واندثر على شاشات الهواتف وفي ساحات المحاكم وقاعات الاجتماعات وخشبات المسارح وكواليس المهرجانات.. جميعنا مشاركون في اغتيال مهنة (الصحافة) واغتيال الحقيقة لنعيش زمن الفوضى المعلوماتية والإعلامية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.