رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

لجنة الـ 67 لاتملك العلاج الأمثل لحل مشاكل (الإعلام)

لجنة الـ 67 لاتملك العلاج الأمثل لحل مشاكل (الإعلام)
ماذا تمخض عن اجتماع لجنة الـ 67 الأول من مقترحات للتطوير؟

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

لست متفائل كثيرا بلجنة الـ 67 التي شكلها رئيس الوزراء قبل أيام لتطوير (الإعلام)، ربما لأن الرقم مرتبط في الذاكرة الشعبية بنكسة يونيو 1967، فالإعلام المصرى بكل ألوانه (فضائيات – صحافة – مواقع إلكترونية) يعيش أسوأ مراحله، فهو غائب تماما عن كل ما يجرى على الساحة المحلية، فالمواطن يئن من المشكلات التي تحاصره، بينما (الإعلام) بكل ألونه وأطياف بعيد عن الواقع المعاش.

ولا أدرى سببا لغياب (الإعلام)، بحيث أصبح من الصعب على المواطن المصرى أن يتابع ما يجرى، خاصة أننا نعيش الآن محن قاسية تهدد كيان هذه الأمة في كل شىء، سواء على مستوى ضياع الهوية أو تلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها الموطن في وضعنا الحالي.

في زمان مضى كنا نتابع الأحداث من خلال تحقيقات أو حملات صحفية أو تلفزيونية تلاحق الجشع والاستغلال، وكان الإعلام المصرى سباقا في كل شىء، لكنه الآن ينتظر خبرا من هنا أو صورة من هناك، ومرت علينا أحداث ضخمة لا أحد يعلم عنها شيئا في الشأن الداخلي والخارجي على حد سواء.

كان الإعلام المصرى من أهم مصادر المعرفة والمعلومات لسلطة القرار، بل إنه انفرد كثيرا بمواقف خدمت الكثير من القضايا المهمة على مستوى الأمة وليس الوطن، والآن أصبحت شواهد الغياب كثيرة ومؤثرة، لذا من وجهة نظري الشخصية أرى أن لجنة الـ 67 لا تدعو للتفاؤل، نظرا لأنها لا تمثل كافة ألوان الطيف المهني، بل جاء غالبيتها بمن تسببوا في فشل التجربة، فكيف لهم أن يطوروا منظومة هم السبب في فشلها.

والدليل على فشلهم أننا أصبحنا نتابع الآن كل الأحداث الكبرى من فضائيات غير مصرية، حيث يتوافر مستوى من المهنية والسرعة لا نجده في أي فضائية مصرية، إن بعض هذه الفضائيات يحمل وجهات نظر مختلفة – ويتلاعب بالقضايا ويختلق الأكاذيب حول تدني الخدمات وتراجع الحكومة في وعودها للمواطن في ضبط الأسواق وملاحقة الجشعين – ولكنه يقدم الجديد والكاشف للفساد والمحسوبية.

أنا لا أتحدث عن قنوات مشبوهة تخرج من تركيا أو قطر أو لندن، ولكن أتحدث عن فضائيات جادة ومؤثرة، مثل قناة (العربية) والقناة (الفرنسية) و(الروسية)، لم يعد لدينا هذا المستوى الجيد في الأداء والسرعة، وقد حلمنا يوما بقناة إخبارية مصرية تعبر عن الإعلام المصري، ولكن التجارب لم تصل إلى ما كنا نتمنى، حتى أن تجربة (القاهرة الإخبارية) التي كان يعول عليها أصبحت الآن في خبر كان!

لجنة الـ 67 لاتملك العلاج الأمثل لحل مشاكل (الإعلام)
لم يكن غريبا أن يأتى الإعلام المصري بآخر القائمة في مستوى الأداء والمهنية والتغطية الجادة

مستوى الأداء والمهنية

ومن هنا لم يكن غريبا أن يأتى الإعلام المصري بآخر القائمة في مستوى الأداء والمهنية والتغطية الجادة، حتى فيما يخص ما يجرى على الساحة المصرية نفسها، لقد غلب الأداء الإعلانى على ما يقدمه الإعلام المصرى من الموضوعات والأخبار والتحليلات، وهذا النوع من الأداء يفتقد في أحيان كثيرة التأثير والمصداقية، لأنه يفتقد الرأى الآخر ويكون أقرب إلى التقارير الموجهة بعيدا عن العمل الإعلامى السليم.

فضلا عن أنه يفتقد أبسط قواعد المهنية والمسئولية الاجتماعية التي تصنع الحماية للمواطن، علما بأن القائمين على (الإعلام) المصري (خاص، وقومي) يتقاضون رواتبهم من دافعي الضرائب الذين يعانون بشق الأنفس في الحصول على رغيف الخبز الحاف!

إن إصرار (الإعلام) المصرى على الاهتمام بالشأن الداخلى شيىء مطلوب ومشروع، ولكن نحن نعيش في عالم تغيرت فيه كل الحسابات وأصبح قرية صغيرة، ولا يعقل أن يكون لدينا هذا العدد الهائل من الوسائل الإعلامية دون أن يكون لها تأثير في الأحداث المحلية، من غلاء أسعار وفساد ومحسوبية ومافيا التحكم في السلع الغذائية والدواء وغيرها من متطلبات أساسية للمواطن البسيط.

وحتى ما يحيط بنا من تغيرات حادة شملت كل شيىء على المستوى السياسى والاقتصادى والثقافى غائبة تماما عن مشهد (الإعلام) الغارق في التفاهات والمنوعات، وحتى منوعاته أصبحت ساذجة وترسخ لقيم الاستهلاك والتدني السلوكي، كما يبدو ذلك في السينما والدراما التلفزيونية والبرامج التي تجري وراء الترند المعلون.

وهنا أتساءل: هل يمكن للجنة الـ 67 أن تعيد لنا (الإعلام) المصرى الذي كان في يوم من الأيام مصدرا من أهم مصادر الحقيقة في كل ما يجرى حولنا من أحداث وكوارث، ولم تكن عقول الناس ضحية إعلام فاسد مشبوه يحاصرنا من كل مكان، ورغم الملايين التي تنفقها الدولة على (الإعلام) المصرى إلا أنه غائب تماما بين المسلسلات وكرة القدم والبرامج التافهة والفن الهابط.

هل تستطيع لجنة الـ 67 استعادة  الدور التاريخى للإعلام المصرى، بعد أن غاب تماما وراح في سبات عميق حتى أنه يغض الطرف عن إنجازات الرئيس، ولا أدرى هل يمكن أن نستعيد شيئا من تأثير هذا الدور؟.. هل يمكن أن نشاهد على شاشاتنا وصحفنا ومواقعنا الإلكترونية صورة ما يجرى حولنا على المستوى الداخلي، وما يجرى في الشارع من أزمات تتعلق بالأسعار وملاحقة الفاسدين ومحتكري السلع.

لجنة الـ 67 لاتملك العلاج الأمثل لحل مشاكل (الإعلام)
لم يعد خافيا أن الدولة المصرية تعاني أزمة كبيرة في (الإعلام) المقروء والمسموع والمرئي

أزمة كبيرة في الإعلام

لم يعد خافيا أن الدولة المصرية تعاني أزمة كبيرة في (الإعلام) المقروء والمسموع والمرئي، أزمة بدأت في سنوات ما قبل الخامس والعشرين من يناير 2011، وكرستها بشدة أحداث 25 يناير ومتلاحقاتها التي فرضت فوضى إعلامية لا تخطئها عين، وقادت إلى إشكاليات وخيمة في المنتج الإعلامي باتت تهدد بقوة المنظومة الإعلامية.

ولم يتمكن دستور 2014 الذي كان أحد ثمار خريطة المستقبل لثورة 30 يونيو 2013 وما تضمنه من مواد وبنود لتنظيم الإعلام والصحافة من معالجة هذه الإشكاليات، التي باتت تعصف بمستقبل الإعلام لأسباب مختلفة، ولعل أبرزها تصدر الشطار والعيارين المشهد بفجاجة غير معهودة من الضجيح والصراخ الذي لايجدي.

رأي الشخصي أن القائمين على الإعلام المصري (القنوات الفضائية ومحطات الراديو وحتى الصحف القومية الكبرى وبعض الصحف الخاصة والمواقع الإلكترونية)، مصابون بحالة من عمى البصر والبصيرة في التصدي للجشع وغلاء الأسعار، حتى يشعر المواطن بصدقية إعلامه الوطني بدلا من الإهمال الذي تعرض له هذا الشعب خلال السنوات الثلاثة الماضية وصولا للأيام الحالية.

وبتشخيص دقيق لمعاناة الناس الذين نالت منهم المعاناة وتجاهل الدولة وعدم اهتمامها بالإنسان، وتبدل اتجاه الدولة فأصبح الإنسان المصرى فعلا وقولا هو المستأثر بإهمال الدولة بعد أن كان محور اهتماماتها خلال السنوات الثمانية الماضية، حتى شهد الإعلام المصري خلال السنوات القليلة الماضية أكبر (انتكاسة مهنية) في تاريخه الحديث.

ومن هنا: هل من المنطقي أن نطالب لجنة الـ (67) – التي أراها بطة عرجاء – أن تحاول إثبات حسن النية بالعمل الجاد للارتقاء بمستوى الإعلام، وضرورة تحويل دفته لصالح الوطن والمواطن لرفع المعانة عن كاهله بفعل سعار الأسعار والفساد والاحتكار الذين أصبح كالسوس الذي ينخر العظام.. هل يسمعني أحدا؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.