

بقلم الكاتب الصحفي: مجدي صادق
هل شاهد الرئيس دونالد ترامب فيلم توم كروز (مهمة مستحيلة) فى جزءه الثامن؟، هل تابع الرئيسة الامريكية انجيلا باسيت في دور إيريكا سلون رئيسة الولايات المتحدة حاليًا (وليست كاميلا هاريس).
وكانت من قبل مديرة وكالة المخابرات المركزية السابقة؟، وهولت مكالاني في دور سيرلينج بيرنشتاين وزير الدفاع الأمريكي، وليس بيت هيغسيت مقدم برامج فى شبكة (فوكس نيوز) وكان ضابطا فى الحرس الوطنى الأمريكى؟، وجانيت ماكتير بدور والترز وزيرة الخارجية الأمريكية وليس صديقه ماركو روبيوابن مهاجريين كوبيين؟
ثم نيك أوفرمان في دور الجنرال سيدني، وهو جنرال في الجيش الأمريكي رئيسا لهيئة الأركان المشتركة ؟، وهى دعوة للرئيس الامريكى لمشاهدة هذا الفيلم بحثا عن المهمة التى تعهد بها امام ناخبيه وشعبه وهل ستكون مستحيلة؟!
فهذه ربما تكون رسالة من (توم كروز) الرجل الذى تجاوز الستين من عمره إلى البيت الأبيض خاصة وأن فيلم (مهمة مستحيلة) قدم إبان عهد معركة ترامب – كاميلا؟، حيث أراد تشكيل آخر لقيادة الولايات المتحدة بعيدا عن الحزبين التقليدين الجمهورى والديمقراطى؟.. أعتقد ان هذه دعابة منى ذات بعد سياسى من طائفة الكوميديا السوداء!
وكان قد استعان كتاب القصة بالذكاء الاصطناعى وماسمى بالفيلم الكيان ليعرّض اقتصادات العالم للخطر ويطلق العنان لوباء المعلومات المضللة والكاذبة، وتوليد طائفة قوية ممن تغذوا بهذا تسعى إلى التعجيل بنهاية البشرية؟!
فبعد أن سيطر الكيان، الذي قدّمه ماك كويري في (المهمة المستحيلة – الحساب الأخير الجزء الأول – 2023) على الفضاء الإلكتروني، وأصبح بالتالي أكثر فتكًا ودمارا وأكثر مللًا من أي وقت مضى؟، فهل يعنى كتاب الفيلم ومخرجه أن الكيان صورة مجازية للترامبية؟ على الأقل، أحد اقوال إيثان – (يريدنا أن ننقسم) – يُفترض أنه يُريد أن يُثير التساؤلات ونحن نرى اليوم؟!


أفلام (مهمة مستحيلة)
ومع ذلك فإن أفلام (مهمة مستحيلة) على الرغم من كل استحضاراتها لفن إدارة الحكم وتصاعد موجة الإرهاب والكارثة النووية الوشيكة قد رقصت بشكل عام برشاقة حول الجغرافيا السياسية في العالم الحقيقي.. هكذا قال أحد النقاد فجميع أفلام (مهمة مستحيلة) بالترتيب – تؤكد ذلك وعليك ان تشاهد رحلة توم كروز التي استمرت 30 عامًا بدور إيثان هانت!
بكل تأكيد سيتعين عليك العودة إلى فيلم (مهمة مستحيلة) – (الجزء الثالث – 2006) لـ جيه جيه أبرامز ونقده الضمني لأساليب التعذيب في عهد جورج دبليو بوش للعثور على آخر صاروخ كروز لامس هدفًا حقيقيًا في العالم الحقيقي حيث يظهر ( اوين دافين ) تاجر السلاح الخطير الذى يقوم بخطف حبيبة كروز ( ايثان ) بعد ان علم بمطاردة ايثان وفريقه الذى قام بتدريبهم.
وقد تحول الصرع الى محاولة انقاذ حبيبته والانتقام لها وكذلك فيلم (مهمة مستحيلة): (بروتوكول الشبح – 2011)، الذي اندفع فيه ببطولة عبر الغضب الشديد لعاصفة رملية في دبي ومن يستطيع أن ينسى مشهد مطاردة لندن المبهج من فيلم (مهمة مستحيلة): تداعيات – 2018)!
ومع ذلك، فإن (الحساب الأخير) عن قصد أو عن غير قصد يتصدى لبعض قرارات ترامب التى أثارت فزع العالم بما فيهم الداخل الأمريكى ذاته!.. الفيلم به تفاصيل معقدة وأحداث كثيرة تفرض على مشاهدة هذا الجزء الثامن أن يعود إلى مشاهدة السلسلة كاملة، والتى بدأت عام 1996
لاحظ (!) رئيسة الولايات المتحدة فى فيلم (كروز) هى امرأة سوداء، إريكا سلون (أنجيلا باسيت) وقيادتها المتزنة والمتعاطفة تُلامس وترًا طوباويًا حتى في ظل ظروف ديستوبية اى مجتمع خيالي فاسد أو بائس وهى عكس اليوتوبيا!
مثل معظم الأفلام السابقة، صُوّر فيلم (الحساب الأخير) خارج الولايات المتحدة – تشمل مواقع التصوير المملكة المتحدة ومالطا والنرويج وجنوب إفريقيا – وبالتالي يُمثّل بالضبط نوع الإنتاج الضخم المُصوّر دوليًا والمُصنّف في هوليوود، والذي سيعاني إذا نفّذ ترامب وعده الأخير بفرض رسوم جمركية على الأفلام المُصوّرة في الخارج!

فيلم تجسس وأكشن أمريكي
الحساب النهائي هو فيلم تجسس وأكشن أمريكي صدر عام 2025 من إخراج كريستوفر ماكويري من سيناريو شارك في كتابته مع إريك جيندريسن وهو ذات ايقاع سريع مع تكثيف درامى وتنوع الأحداث من التوترات والاثارة والمتعة بموسيقى مصاحبة لماكس أروج وألفي جودفري ربما كان ليتفوق على عظمة فيلم جيمس بوند.
الفيلم من بطولة توم كروز في آخر تصوير له لشخصية إيثان هانت في دور عميل في صندوق النقد الدولي وزعيم فريق من العملاء وشغفه بالمشاهد المثيرة الكلاسيكية التي تُثير الشكوك وتُثير الدهشة، بدا المسلسل دائمًا مُصرًا على رفع مستوى التحدي مع كل جزء لاحق.
إلى جانب طاقم من الممثلين بما في ذلك هايلي أتويل وفينج رامز وسيمون بيج وإيساي موراليس وبوم كليمينتيف وهنري تشيرني وأنجيلا باسيت وقد وصفت مجلة فوربس توم كروز كأقوى شخصية مشهورة في العالم عام 2006اختير كأكثر رجل على قيد الحياة جاذبية من مجلة بيبول عام 1990 وحصل على أعلى وسام (أجمل الناس) عام 1997

الذكاء الاصطناعى وتدمير البشرية
في الفيلم، يواصل هانت وفريقه في صندوق النقد الدولي مهمتهم لمنع الكيان، وهو ذكاء اصطناعي مارق من تدمير البشرية جمعاء!
إذ يواصل إيثان هانت وفريقه مطاردة جابرييل مارتينيلي (إيساي موراليس) العميل السابق الذي عمل لصالح الذكاء الاصطناعي المعروف باسم “الكيان ” فهل هى رسالة للعالم الذى اصبح الذكاء الاصطناعى جزءا منه اليوم؟!
وبينما يبدو العالم على شفا حرب بسبب التلاعب الإلكتروني بالكيان نفسه، يبدو أن كل الأمل معقود على إيثان رغم عدم ثقة الحكومة الأمريكية به وما إذا كانت أفعاله جزءًا من مخططات الكيان نفسه

ثلاث ساعات من المتعة!
مدة عرض تقارب الثلاث ساعات من المتعة الذهنية واثارة التساؤلات لدى المشاهد ونظرية التقمص الوجدانى حيث يعيش مابين الواقع والعالم الافتراضى اذ تميل الساعة الأولى إلى نبرة جادة قد تُفضي إلى قصة تشعر فيها الشخصيات بقرب نهاية العالم يستغرق الفيلم وقتًا طويلًا قبل أن يستعيد حس المرح الذي ميّز السلسلة
عُرض فيلم (الحساب الأخير) لأول مرة عالميًا في طوكيو في 5 مايو 2025، وعُرض خارج المسابقة في مهرجان كان السينمائي الثامن والسبعين في 14 مايو وعُرض ايضا في دور العرض بالولايات المتحدة في 23 مايو من قِبل شركة بارامونت بيكتشرز الفيلم بأسلوبٍ ملحمي يضنعه كفيلم مغامرة أسطوري. جميع درجات الألوان في الفيلم هي الأرض والرياح والنار
بكل تأكيد (توم كروز)، هو العدسة التي يجب أن ننظر من خلالها إلى هذه الأفلام التي صدرت منذ زمن طويل لدرجة أنها أقدم بثلاث سنوات وبشكلٍ مُخيف من فيلم مايكي ماديسون الحائزعلى جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة والذي لعبت دوره أنورا
صحيحٌ أنها لطالما كانت أفلامًا مثيرةً وعروضًا باهرةً عالية التقنية، لكنها أيضًا كانت بمثابة تصريحاتٍ عن الرجل نفسه ووسيلةً لإيصال الصورة التي يطمح كروز إلى تقديمها للجمهور في أي وقت.

فيلم (لا وقت للموت) لجيمس بوند
فيلم توم كروز يختلف تماما عن فيلم (لا وقت للموت) ضمن سلسلة أفلام جيمس بوند 2021 إخراج كاري جوجي فوكوناجا وهوالجزء الخامس والعشرين، وهوفيلم إثارة تجسسي (!) إذ ينتهى فيلم كروز بنهاية غير مؤكدة دون التصاعد الدرامى التدريجى للاحداث لفيلم (لا وقت للموت).
الذى يؤدى فيه دانيال كريج دور العميل البريطاني الخيالي جيمس بوند، عميل جهاز الاستخبارات الخارجية (إم 16) الذى تجنده وكالة الاستخبارات الأمريكية بعد انتهاء خدمته للعثور على عالم مُختطف، مما يؤدي إلى مواجهة مع عدو قوي ومنتقم مُسلح بتقنية قادرة على قتل الملايين من البشر!
ملاحظتان مهمتان
هناك ملاحظتان مهمتان يتم رصدهما فى السينما العالمية الفترة الأخيرة، وهى ظاهرة السلاسل الطويلة، ربما ظهرت لدينا فى الدراما التلفزيونية استثمارا للنجاح الذى تحقق، أما الظاهرة الثانية فهى تصاعد الكتابة السينمائية لأفلام التجسس والاستخبارات والإثارة.
وهو عالم شديد الغموض يسعى صناع السينما اقتحامه فى ظل التقنيات الحديثة التى دخلت هذا العالم الغامض والصراع الأزلى بين الخير والشر عبر الإشارة وربط الاحداث بما يحدث فى عالمنا اليوم !