رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(باسم يوسف).. لماذا كل هذا الخوف من عودته؟!

(باسم يوسف).. لماذا كل هذا الخوف من عودته؟!
هذا الظهور يختلف عن برنامجه السابق الذي كان يعتمد على السخرية السياسية المباشرة من الواقع المحلي
(باسم يوسف).. لماذا كل هذا الخوف من عودته؟!
محمد حبوشة

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

دار الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول عودة الإعلامي الساخر (باسم يوسف) إلى الظهور على الشاشات المصرية بعد غياب دام لأكثر من عقد من الزمن، وتحديدا منذ إيقاف برنامجه (البرنامج) في عام 2014، أغلب الظن أن عروشا إعلامية متهالكة قد تهتز جراء الصدمة الرعب التي تصيبها جراء احترافيته العالية في مزج السخرية من الفعل السياسي الرجيم، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

تمحورت نقاط الجدل الرئيسية حول عدة جوانب: طبيعة العودة والمنصة: عاد (باسم يوسف) بفقرات مسجلة من الخارج (لوس أنجلوس) ضمن برنامج (كلمة أخيرة) على قناة ON (وهي تابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تعتبر مقربة من الحكومة المصرية).. هذا الظهور يختلف عن برنامجه السابق الذي كان يعتمد على السخرية السياسية المباشرة من الواقع المحلي.

محتوى البرنامج الجديد: تشير التقارير إلى أن السلسلة تركز في بدايتها على القضية الفلسطينية وتجربته الشخصية والمهنية في الغرب، وكواليس لقاءاته الشهيرة الأخيرة (مثل مقابلته الفيروسية مع بيرس مورغان) التي دافع فيها بشدة عن الرواية الفلسطينية.

المؤيدون لقرار عودة (باسم يوسف) يرون أن العودة خطوة إيجابية لإحياء صوت إعلامي مؤثر وبارز، وأن التركيز على القضية الفلسطينية مهم لتعزيز الوعي الدولي بها.

أما المعارضون أو المتشككون فيتساءلون عما إذا كانت العودة محاولة لتسويق صورة سياسية معينة أو (إعادة تدوير) لشخصية إعلامية، خاصة وأن طبيعة المحتوى تبدو مختلفة عن النقد اللاذع للواقع الداخلي الذي اشتهر به سابقاً. كما يتساءل البعض عن هامش الحرية المتاح له في ظل المناخ الإعلامي الحالي.

(باسم يوسف).. لماذا كل هذا الخوف من عودته؟!
عودة (باسم يوسف) أثارت نقاشا ساخنا بين من يراها خطوة إيجابية لعودة صوت مهم إلى الساحة

الهدف الحقيقي من هذه العودة

وفي خضم هذا الجدل الذي لاأرى مبررا لكل ذلك، غير أنه انتشرت شائعات حول عقده الضخم (وقد سخر هو نفسه من مبلغ الـ 22 مليون جنيه شهرياً المنتشر، مدعياً أنه 22 مليون دولار بطريقة ساخرة)، مما زاد من حدة النقاش حول الهدف الحقيقي من هذه العودة في هذا التوقيت.

يرى البعض أن (باسم يوسف) نفسه والمشهد الإعلامي والسياسي في مصر قد تغيرا جذريا عما كان عليه في 2011 -2014 ، وبالتالي فإن عودته لا يمكن أن تكون بنفس الشكل والتأثير السابق.. ولكني أتساءل: من أين أتى البعض بهذا التصور الخاطئ، فباسم يوسف صاحب تجارب احترافية تؤكد تطوره وتفوقه في مجال النقد السياسي بأسلوب الصدمة القائمة على السخرية.

باختصار، عودة (باسم يوسف) أثارت نقاشا ساخنا بين من يراها خطوة إيجابية لعودة صوت مهم إلى الساحة، وبين من يرى فيها محاولة لتغيير طبيعة رسالته الساخرة المعروفة أو قيدا على محتواه السابق.

يقول أحد المعترضين على عودة (باسم يوسف): حدث ما كان متوقعا، مرت حلقة باسم يوسف مرور الكرام، بدون اي رد فعل سواء إيجابي أو سلبي، (باسم يوسف) الذي كان نجما من عشر سنوات، ثم عاد بناء على طلب مسئول لا يعرف شيء عن ذوق الجمهور ولا عن ما حدث خلال سنوات طويلة لباسم نفسه و للمشاهد.

يتساءل هذا الأحمق: هل كان الهدف من الحلقة نسب المشاهدة التي كان يحظى بها (باسم يوسف) قبل رحيلة؟ كيف بعد أن تم شيطنته واتهامه بتهم كلنا نعلم أنها غير صحيحة، منطقة قوة باسم هي الكوميديا والنقد اللاذع وهو ما أصبح مستحيلا الان، ظهر في حلقة بلا معنى ولا خطة ولا اعداد مع مذيع سطحي بلا قبول أو كاريزما أو حتى ثقافة.

ويضيف سؤال آخر: هل ظهر بصفته أحد النماذج الناجحه في الخارج.. ألم يكن عميلا منذ سنوات!.. هل ظهر بصفته سياسيا هاجم الصهاينة في عقر دارهم، الجمهور ليس بحاجه لمن يحدثهم عن فلسطين  وإجرام الصهاينة، وهنا أتساءل من أين أتيت بهذا المبرر الواهي؟.. هل استطلعت رأي الجمهور حول ما إذا كان يريد من يحدثهم عن فلسطي أم لا؟

أغلب الظن أنك لم تفهم فحوى عودة (باسم يوسف) في هذا الوقت المفصلي في تاريخ القضية الفلسطينية، ثم أنك لم تشاهد حتى الآن ما سيقدمه (باسم يوسف) حول هذه القضية.. ألسنا بحاجة إلى من يفضح المماراسات الإسرائيلية البشعة تجاه شعب يحاول استرداد أرضه وسط خذلان عربي عصف بالقضية العربية المركزية.

وكما وصفته بالأحمق فقد أضاف: ما حدث أمر طبيعي للعشوائية في إدارة الإعلام ومنح المناصب لأهل الثقة عديمي الكفاءه، لو هناك عاقل لاكتفى بهذه الحلقة وهذا القدر من الفشل، يالا بلاهتك يا صاحب وجهة النظر القاصرة، كيف يمكن الاكتفاء بحلقة تحدث فيها (باسم يوسف) عن تجربة 11 عاما في الغربة بعيدا عن وطنه، وبالمناسبة أعجبني جدا سخريته التي تنم عن موهبة آسرة في صناعة الضحك من فرط المأساة العربية.

(باسم يوسف).. لماذا كل هذا الخوف من عودته؟!
أوضح أن ظهوره سيكون عبر الأقمار الصناعية أو الإنترنت من (أوضة الغسيل في لوس أنجلوس)

الظهور من أوضة الغسيل

بالتأكيد نجح (طارق نور) كمسؤول  في ضبط المعادلة الانتاجية بعودة (باسم يوسف)، وهو الذي كان متابعا جيدا لما يقدمه (باسم) من برامج أو استضافته في برامج أجنبية في قناة (القاهرة والناس) خلال فترة تواجده في أمريكا أو تجواله في أوربا مقدما نفسه كإعلامي عربي فرض رأيه في المنصات العالية بحرفية عالية.

تابعت التعليقات النقدية والمتشككة، حيث عبر العديد من الإعلاميين والمحللين عن الدهشة والتساؤل حول طبيعة هذه العودة، خاصة وأنها تأتي بعد سنوات من النقد اللاذع من باسم يوسف للسلطة في مصر.

ركز النقد على تغير شكل المحتوى، حيث أن الظهور الجديد يأتي في سلسلة حوارات مسجلة من لوس أنجلوس، وتناول قضايا دولية (مثل القضية الفلسطينية) وتجاربه الشخصية، بدلا من النقد السياسي الساخر للواقع المصري الداخلي الذي اشتهر به في برنامجه السابق (البرنامج).

ظني أن المشهد الإعلامي المصري قد تغير ولو قليلا، مع قدوم (طارق نور) للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فهو رجل يفهم ذلك المحتوى الذي يمكن أن يؤثر في الجمهور المتعطش للحقيقة مهما كانت مرارتها، ومن هذا المنطلق يدرك جيدا أن برنامج (البرنامج) كان مؤثرا لأنه كان من داخل مصر، بعكس تأثير المحتوى المقدم من الخارج.

تحدث الإعلامي عمرو أديب عن الجدل الذي صاحب العودة، واصفا إياه بـ (هجوم الصقور) ضد (باسم يوسف)، مشيرا إلى أن الجدل نفسه يعد شيئاً إيجابيا يعزز الحضور.

رد (باسم يوسف) نفسه: حيث تعامل مع الجدل بأسلوبه الساخر المعتاد، فبعد انتشار شائعات عن تقاضيه مبلغا ضخما (22 مليون جنيه)، رد بسخرية مؤكدا أن المبلغ هو (22 مليون دولار)، نافياً بذلك الرقم الأول ومؤكدا عودته.

أوضح أن ظهوره سيكون عبر الأقمار الصناعية أو الإنترنت من (أوضة الغسيل في لوس أنجلوس)، (في إشارة ساخرة لبيئته الأولى على يوتيوب)، وأكد أن الحلقات ستتحدث عن رحلته وكواليس لقاءاته الأخيرة.

من جهة أخرى، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي استقبالا مختلطا وغالبا ما كان مشحونا بالعاطفة والترقب: الفئة المؤيدة والمرحبة: أعرب جمهور (باسم يوسف) عن حماس كبير وشوق لعودة صوته المؤثر، خاصة بعد نجاحه الكبير في التأثير على الرأي العام الغربي بقضيته عن فلسطين، معتبرين أن عودته حدث إعلامي مهم.

(باسم يوسف).. لماذا كل هذا الخوف من عودته؟!
لاينبغي الحكم على (باسم يوسف) قبل ظهوره في عدة حلقات تكشف عن نواياه

عودة (باسم يوسف) بمثابة صدمة

الفئة المتشككة: عبر جزء من الجمهور عن خيبة أملهم من طبيعة العودة، متسائلين: لماذا لم يعد (باسم يوسف) لتقديم برنامج ساخر نقدي من داخل مصر؟، هل سيكون المحتوى الجديد مجرد (تبييض) لصورته أو لنظام إعلامي معين؟

والسؤال: هل سيتمكن (باسم يوسف) من استعادة بريقه القديم في ظل القيود المتوقعة؟

أعتقد أنه كانت عودة (باسم يوسف) بمثابة صدمة إعلامية أثارت نقاشا واسعا حول حرية التعبير، وتغير دور الإعلامي المؤثر، والتحديات التي يواجهها النقد السياسي في المنطقة في ظل وجود إعلاميين سفهاء فشلوا في إقناع الناس بتجاربهم الهزيلة.

لذا يلوح في الأفق تخوف من أن يستخدم (باسم يوسف) الظهور الجديد كمنصة لاستئناف انتقاداته للواقع السياسي والاجتماعي في مصر، لكن من الذي يؤكد هذا التصور؟، هل انتظرنا حتى يقدم ولو حلقة واحدة نرى فيها كيف يتناول الواقع السياسي المصري الحالي؟،

ومن ثم: لماذا التشكيك في دوافع (الاحتواء)؟

يرى البعض أن ظهور باسم يوسف في قناة تابعة لـ (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية)، كـ (كيان إعلامي كبير في مصر)، هو محاولة من السلطة لـ (احتواء) صوت معارض بعد أن اكتسب شهرة عالمية بدفاعه عن القضية الفلسطينية؟

(فقدان التأثير): يعتقد البعض، كما أشار (باسم يوسف) نفسه، أن الكوميديا السياسية تفقد تأثيرها عندما تُقدم من الخارج، يقول باسم: (البرنامج كان مؤثراً لأنه كان من جوة البلد)، ولعل البعض يشاركونه هذا الرأي ويعتبرون عودته من الخارج لن تحمل نفس الوهج.

الانتقادات الأخلاقية والاجتماعية: يرى البعض أن الكوميديا الساخرة التي يقدمها (باسم يوسف) تتضمن ألفاظا وإيحاءات (غير مناسبة) للذوق العام، أو (خادشة للحياء)، وهو ما انتقده في إحدى الحلقات الساخرة، حيث رد عليهم بأن (الكوميديا أوبن بوفيه.. خد اللي يعجبك وسيب اللي مش على مزاجك).

خلاصة القول، وبغض النظر عما يرى معارضوا العودة أنها إما خطوة (لتلميع صورة) إعلامية أو سياسية لا تتفق مع تاريخ (باسم يوسف)، أو أنها عودة (ضعيفة) لا تلبي التوقعات الضخمة لجمهوره الذي كان ينتظر عودة صوته النقدي داخل مصر.

وبعد، ياسادة: لاينبغي الحكم على (باسم يوسف) قبل ظهوره في عدة حلقات تكشف عن نواياه سواء كانت خبيثة أو يمكن أن يقدم تجربة من شأنها أن تعدل مسار الإعلام المصري الراكد، والذي أصابه الترهل، فربما يقدم الرجل تجربة مغايرة تصب في عضد الإعلام المصري بعد كبوته الحالية.. نحن بحاجة لتغير الوجوه التي يمكن أن تحدث صدمة تغير من شكل وملامح إعلامنا الحالي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.