رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود عطية يكتب: (باسم يوسف).. الفاتح المغوار

محمود عطية يكتب: (باسم يوسف).. الفاتح المغوار
كأنه منقذ أو ملهم أو يمتلك عصا سحرية لحل أزمات الدولة

بقلم المستشار: محمود عطية *

في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من أزمات اقتصادية حادة ويُطلب من المواطنين التحمل والتقشف وتُفرض عليهم ضرائب جديدة ويتم تخفيض الدعم وترديد عبارات مثل نحن دولة فقيرة أوي نفاجأ فجأة بأخبار تتعلق بالاستعانة بـ (باسم يوسف) وبمبالغ خيالية وكأنه منقذ أو ملهم أو يمتلك عصا سحرية لحل أزمات الدولة.

وهو الذي لم يكن له أي دور في دعم الدولة يوما بل كان أحد رموز خطاب الهدم والسخرية والتشكيك، فما الذي تغير ولماذا الآن يفتح له الباب على مصراعيه وتمنح له هذه المكانة.. هل لأن الدولة تريد أن تبيض وجهها باستخدام شخص له شهرة خارجية؟.. أم لأننا أصبحنا في مرحلة لا تفرق فيها الدولة بين العدو والصديق بين من وقف معها وقت المحن وبين من استغل الأحداث ليبني مجده على حسابها

إن كانت الدولة ترى في (باسم يوسف) شخصا يمكن الاستفادة منه إعلاميا أو جماهيريا، فهل هذا يبرر أن يتجاهل الجميع أن هذا الشخص كان من أول من ساهموا في صناعة حالة التشكيك في مؤسسات الدولة والجيش.

وهو نفسه من لم يقدم أي دعم حقيقي للدولة طوال السنوات الماضية بل كان حريصا على البقاء في مسافة آمنة في الخارج يراقب ويعلق ويسخر، ويقدم نفسه على أنه نموذج للمعارضة العاقلة، بينما في الحقيقة لم يقدم شيئا سوى الهدم تحت ستار السخرية وحرية التعبير، فأين ذهب صوت الدولة الذي كان يقول إننا لا ننسى من وقف ضدنا في وقت الأزمات؟

والغريب أن الدولة لا تكتفي بتجاهل من دعموها، بل تسعى بنوع من التلهف إلى استقطاب أسماء فنية أو شخصيات رمزية ظنا منها أن ذلك يعكس حالة انفتاح أو مرونة أو يحتوي المعارضة.

بينما في الواقع هذا التوجه يثير الغضب في نفوس من وقفوا بالفعل مع الدولة وتحملوا في سبيل ذلك الكثير من الهجوم والضغوط والتشويه، فهؤلاء لم يعد لهم أي تقدير أو وزن بل أصبحوا خارج حسابات التكريم أو التقدير أو حتى الاستماع، وكأن المطلوب هو أن تكون ضد الدولة لتلتفت إليك وعندما تكون معها وتدافع عنها تكون منسيا ومهمشا.

محمود عطية يكتب: (باسم يوسف).. الفاتح المغوار
ياسر جلال
محمود عطية يكتب: (باسم يوسف).. الفاتح المغوار
أشرف زكي

ياسر جلال وأشرف زكي

وهنا نتوقف أمام أسماء مثل الممثل (ياسر جلال) الذي نحترمه والمخرج والنقيب الدكتور (أشرف زكي) الذي نكن له كل التقدير، ولكن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه ما هى المواقف التي أهلت هؤلاء لتولي مواقع في مجلس الشورى؟، هل لأنهم فنيون معروفون أم لأن لهم رصيدا في دعم الدولة ومواقف مشهودة منذ 2013 إلى الآن؟

وهل بالفعل أصبح مجلس الشورى بحاجة إلى رموز فنية فقط دون النظر إلى الكفاءات في باقي المجالات من الطب والهندسة والاقتصاد والتعليم والبحث العلمي والنقابات المهنية المختلفة؟، وهل لا يوجد في مصر من حملة الفكر والعلم والخبرة من يمكنهم أن يمثلوا المجتمع بشكل حقيقي ومتوازن ويضيفوا إلى العمل البرلماني؟

ولماذا دائما يتم تجاهل من وقف مع الدولة في أحلك الظروف وتحديدا في عام 2013 عندما كان الإعلام العالمي يصور ما حدث على أنه انقلاب، وكانت هناك شخصيات مصرية وطنية تخرج للدفاع عن الدولة وشرح حقيقة ما جرى وتقديم صورة موضوعية ترد على الأكاذيب.

وكان هؤلاء يقفون في وجه حملات شرسة ويتعرضون لحملات تشويه واتهام بالخيانة، ومع ذلك استمروا في دعم الدولة دون انتظار مكافأة أو منصب، فلماذا تم تهميشهم الآن وكأنهم لم يكونوا جزءا من المشهد، بل يتم استبدالهم بأسماء لم يعرف عنها موقف سياسي واضح أو وطني مؤيد للدولة في وقت الأزمات؟

هذه التصرفات تجعلنا نطرح سؤالا مؤلما هل الدولة تتعمد إغضاب مؤيديها أم أنها غير مدركة لحجم الغضب والاحتقان الذي يتراكم بسبب تجاهلها المتكرر لمن وقفوا معها بصدق وإخلاص طوال سنوات كانت فيها الكلمة ثمنها غال جدا وكان الانحياز للدولة جريمة يعاقب عليها الإعلام الأجنبي والمنصات الدولية.

لماذا تتعامل الدولة مع من دعموها كأنهم عبء أو فائض بشري غير مرغوب فيه، بينما تفتح أحضانها لمن تهكموا وسخروا وشككوا وتتعامل معهم باعتبارهم أبطالا أو رموزا مستنيرة.

إن ما يجري في المشهد العام يؤكد أن الدولة باتت تفتقر إلى البوصلة الواضحة التي تميز بين أصحاب المواقف وبين أصحاب الشهرة الفارغة، وأنها أصبحت تستسهل اختيار الأسماء الرنانة من الوسط الفني والإعلامي مثل (باسم يوسف)، حتى لو لم تكن لها أي إضافة حقيقية أو فكرية أو تشريعية.

محمود عطية يكتب: (باسم يوسف).. الفاتح المغوار
نحن لا نعترض على تكريم أحد أو منحه فرصة للعمل أو المشاركة

أكاديمية للرقص الشرقي

وتغفل تماما أن هناك آلافا من الكفاءات في النقابات المهنية والجامعات والمراكز البحثية والاقتصادية والقانونية هؤلاء جميعا تم تهميشهم لصالح بعض من يطلق عليهم المشخصاتية وهم لا يملكون سوى الظهور على الشاشات أو أداء أدوار تمثيلية لا علاقة لها بالواقع السياسي أو الاجتماعي أو البرلماني.

والأخطر من ذلك هو حالة الترويج لخطاب عبثي مثل إنشاء أكاديمية للرقص الشرقي، وتعيين راقصة عميدة لها تحت مسمى أكاديمي في وقت لا يجد فيه الباحثون والعلماء والمهندسون دعما ولا تمويلا لمشاريعهم.

وكأننا نعيش في مشهد ساخر لا يعبر عن أولويات دولة تعاني من أزمات اقتصادية خانقة ولا تعبر عن رؤية استراتيجية تبني دولة حقيقية، بل تعكس حالة انفصال تام عن الواقع وتكريس لثقافة التسلية والترفيه على حساب الجد والعمل والإنجاز.

فإذا كانت هذه هى اختيارات المرحلة فإننا نخشى بالفعل أن يكون عنوانها النذالة وقلة الأصل، لأن ما يجري هو خيانة معنوية لمن وقفوا بجانب الدولة وخذلان مستمر لأصحاب الكلمة الوطنية الصادقة والنقد المهذب البناء، الذين لم يطلبوا مقابلا لمواقفهم ولكنهم أيضا لا يقبلون أن يتم تجاهلهم بهذه الطريقة الفجة لصالح من كانوا يوما ضد الوطن وتوجهاته

نحن لا نعترض على تكريم أحد أو منحه فرصة للعمل أو المشاركة، ولكننا نعترض على المعايير المختلة والاختيارات العشوائية التي لا تقوم على الكفاءة أو الوطنية أو المواقف الثابتة بل على الشهرة والتطبيل والظهور الإعلامي وأحيانا على النفاق وبيع المواقف بحسب المصلحة.

الدولة إن كانت جادة في بناء وطن قوي فعليها أن تعيد النظر في هذه السياسات وأن تتذكر من وقفوا معها وقت المحن، وتكرمهم وتستمع إليهم وتمنحهم مساحة للمشاركة بدلا من هذا التجاهل المؤلم الذي لا يخلق إلا الغصة في القلوب، والاحتقان في الصدور ويزيد من حالة الفجوة بين الدولة وبين طيف واسع من جمهورها الحقيقي ممن صدقوها وآمنوا بها ودافعوا عنها في وقت كان الجميع يتخلى أو يهرب أو يساوم.

التكريم ليس بالظهور على الشاشات ولا باعتلاء المقاعد الفخمة، بل بالاعتراف الحقيقي بالمواقف الوطنية والتاريخية التي لا تقدر بثمن، وإذا استمرت الدولة في هذا النهج فإنها تخسر بالتدريج حاضنتها الوطنية التي كانت يوما درعها الأول وسندها الحقيقي.

فاذا تجاوزت الدوله عن كم الإساءات لها وبنظامها والقائمين عليها فمن العقل ان تفرج عن جميع اصحاب الرأي  ومنهم الصغار الذين هتفوا فرادي من أجل فلسطين 

* المحامي بالنقض  – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.