رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال زغلول يكتب: مسرح (المحبظين).. (2)

كمال زغلول يكتب: مسرح (المحبظين).. (2)
أصبح الممثل في هذا المسرح متخصصاً لأداء الشخصية المسرحية فقط

بقلم الباحث المسرحي الدكتور: كمال زغلول

يطلق على مسرح (المحبظين) مسرح شعبي، والمسارح الشعبية لها أشكال في المسرح الشعبي المصري، منها السيرة الهلالية، والصييت، ويختلف مسرح (المحبظين) عن شكل مسرح السيرة الهلالية، وشكل مسرح الصييت.

وهذا المسرح يتكون من عدد من الممثلين يؤدون العرض المسرحي الشعبي كاملا، وبذا لا يعتمد هذا  المسرح على الممثل الفرد في تمثيل العمل المسرحي كاملا، وكذلك لا يعتمد على حس وذهن الجمهور في تخيل أحداث العرض، أو العناصر المكونة للعرض المسرحي الشعبي..

مثل: المنظر المسرحي، أو الأزياء، أو حركة الشخصيات.. إلخ، بل لقد أصبح التخصص موجوداً في العمل المسرحي، حيث يوجد من يعد تلك العناصر، وأصبح الممثل في هذا المسرح متخصصاً لأداء الشخصية المسرحية فقط، وبهذا يكون العرض الخاص بالمحبظين مختلف كل الاختلاف عن شكلَي السيرة الهلالية والصييت، وقد تم تقديمه بطريقة مغايرة، وفق العناصر الآتية:

النص الأدبي التمثيلي لـ (المحبظين)

النص الأدبي التمثيلي لـ (المحبظين) يقارب شكل المسرحية الحديثة، وهذا النص قد أعد لكي يمثله مجموعة من الممثلين، وهو بذلك يختلف عن النص الأدبي التمثيلي الشعبي  الذي يتم إعداده للصييت أو شاعر السيرة الهلالية، إذ تلك النصوص تم إعدادها ليمثلها ممثل فرد. 

وهذا النص لم يعد يشتمل على دمج العناصر المسرحية بداخله، مثل: المنظر المسرحي، أو الإكسسوارات إلخ، والتي كان الممثل الفرد يعتمد على ذهن المتلقي في تخيلها، بل أهمل هذا النص تلك العناصر، وتم الاهتمام بالحوار المسرحي لكل شخصية من شخصيات المسرحية الشعبية والتي سوف يمثلها ممثل من أفراد فرق المحبظين.

والحبكة المسرحية لهذا النص اعتمدت على بناء الأحداث المترابطة وفق موضوع العرض، وهي من الحبكات البسيطة التي ليس بها تعقيد أو تأزم، بل هذه الحبكة من الحبكات الفكاهية وموضوعاتها تنصب على التهكم بهدف إضحاك الجمهور. 

وشخصيات الحبكة جميعها شخصيات من المجتمع الشعبي المصري، واللغة الحوارية المستخدمة تعبر عن فكر هذه الشخصيات وفق الطريقة التي تظهر بها تلك الشخصيات في الحياة العامة.

كمال زغلول يكتب: مسرح (المحبظين).. (2)
المحبظين عرفوا تقسيم منطقة التمثيل إلى أجزاء يستطيعون من خلالها تبديل ملابسهم

المكان المسرحي

من العرض الذي قدم أمام (نيبر) نلاحظ أن (المحبظين) كانوا يستخدمون مساحة معدة من قبل الجمهور لتقديم العرض عليها، ونجد أن المحبظين قاموا بتقسيم تلك المساحة إلى قسمين: قسم خاص بالمُشاهِدين، وقسم خاص بمنطقة التمثيل، وهذا القسم أُعِد بطريقة تشابه الكواليس  المسرحية في المسرح الإيطالى، وذلك نلاحظه من استخدام ستارة لتبديل ملابسهم خلفها.

كما يمكن أيضا أن يكون خلف هذه الستارة بعض الأدوات التي سوف يتم استخدامها أثناء العرض المسرحي، وهذا دليل على أن المحبظين قد عرفوا تقسيم منطقة التمثيل إلى أجزاء يستطيعون من خلالها تبديل ملابسهم أو تغيير المنظر المسرحي.

المنظر المسرحي

من الوصف الذي ساقه لنا (نيبر) نلاحظ أن المحبظين استخدموا بعض الأدوات كمنظر مسرحي، كالخيمة والتي تعد سكناً للمرأة التي تجذب الغرباء إليها، وبالطبع تلك الخيمة كانت تحوي العديد من الأثاث الخاص بالمعيشة ، كذلك تم استخدام الإكسسوارات الخاصة بالشخصيات كحوافظ النقود التي تسرقها المرأة من الغرباء، والعصي التي استعملتها المرأة في ضرب هؤلاء الغرباء، وبذلك يكون المحبظون قدموا المنظر المسرحي داخل أعمالهم.

الأزياء وإكسسوارات الشخصية

قام المحبظون بصنع أزياء خاصه بكل شخصية في العرض المسرحي الشعبي، كذلك قاموا بتصنيع الإكسسوارات الخاصة بكل شخصية، وهذا ما لاحظناه في العرض الذي شاهده (نيبر)، فقد قام الممثلون بارتداء الملابس الخاصة بكل شخصية من شخصيات العرض، وخاصة الرجل الذي مثل دور المرأة فقد ارتدى زي شخصية المرأة ومثَّل به الشخصية، وبذلك تم تقديم الشخصيات في أزيائها وإكسسوارتها أمام المُشاهِد.

المكياج

استخدم (المحبظين) أدوات المكياج الخاصة بالممثلين خاصة في الأدوار النسائية، كما قاموا باستخدام المكياج الخاص بكل شخصية من شخصيات العرض.

الإضاءة

يعتمد (المحبظين) في عروضهم على الإضاءة المتوفرة في مكان العرض، فعروضهم لا تحتاج إلى مؤثرات الإضاءة .

الممثل

وأصبح الممثل في هذا المسرح متخصصاً في أداء الشخصية التي يمثلها فقط، فهو ليس معني بعناصر العرض المسرحي الأخرى، مثلما يفعل الممثل الفرد، وفي هذا المسرح نجد الممثل شخصية منفرده يمثل شخصية بعينها، فهو هنا لا يمثل السيرة بأكملها أو قصة بأكملها، ولكن يمثل شخصية محددة، كما أن العرض يحتوي على العديد من الممثلين.

الرقص والموسيقى والغناء

عرض (المحبظين) يجمع بين الرقص والموسيقى والغناء، فهم يجدون هذه الفنون لتخدم الفكرة التمثيلية للعرض.

كمال زغلول يكتب: مسرح (المحبظين).. (2)
يوجد مخرج مسرحي وراء هذه العروض، يقود حركة الممثلين ويدربهم على أدوارهم

الإخراج المسرحي

بالتأكيد يوجد مخرج مسرحي وراء هذه العروض، يقود حركة الممثلين ويدربهم على أدوارهم، ويصنع لهم حركة المُشاهِد، ويهتم بالإيقاع والرؤيا العامة للعرض.

ومما سبق نلاحظ أن عروض (المحبظين) كانت عروضاً متقدمة، وتتشابه مع بعض العروض في المسرح الحديث، وهذا الشكل المسرحي الشعبي يعد النواة التي انطلقت منها فنون الملهاة المصرية.

وهذا الشكل من الفنون المتقدمة في فن المسرح، ووصف (لين) عرض من هذه العروض، سوف نقوم بتقديمة في مقالة قادمة إن شاء الله ، لنتعرف على الكيفية التي كانت قدم بها هذه العروض، وأنها كانت عروض متقدمة ، تشابه العروض الحديثة ، ولها مضمون ناقد للحكومة التي كانت تسير البلد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.