بقلم الكاتب الصحفي: مجدي صادق
ماذا لو اعاد المخرج البريطانى كاري فوكوناجا انتاج شخصية (جيمس بوند) فى فيلمة (لا وقت للموت) فى جزءه الاخير هذه الايام وزمن (رقمنة الموت) والفرق مجرد سنوات قليلة لكن ماحدث خلالها اصبح الموت ترفا!؟
وعالم الاستخبارات كله غموض وإثارة واللامعقول فى صناعة الموت وقد وجد اليوم ضالته فى ظل الـ (دارك ويب)، أو (الانترنت المظلم) حيث (رقمنة الموت)، فهو وسيلة لاصطياد العملاء والجواسيس مثلما فعلت مؤخرا المخابرات البريطانية (إم آى 6) الذى تعاقب على رئاسته 17 رئيسًا.
حيث دشنت منصة إلكترونية جديدة تُسمى (سايلنت كورير)، تهدف إلى استخدام الدارك ويب) لتجنيد الجواسيس لإرسال أسرار إليه عبر متصفح الإنترنت (تور)، فماذا اليوم لو اعيد كتابة القصة والسيناريو لفيلم (لا وقت للموت) فى ظل (الدارك ويب) وتوابعه !؟
(لا وقت للموت)، فيلم تجسس بريطانى وهو الخامس والعشرين فى سلسلة افلام جيمس بوند التي تنتجها شركة ايون للإنتاج صدر عام 2021 اذ يعرض الفيلم (دانيال كريج) في نزهته الخامسة والأخيرة كعميل لجهاز الاستخبارات البريطاني (إم آى 6) يؤدى شخصية (جيمس بوند) ذلك الجاسوس البريطاني العتيد الذي ظهر على الشاشة أول مرة منذ اكثرمن
خمسين عاما فى فيلمه (دكتور نو) مقتبسا من روايات ألفها إيان فيلمنج وقدم بعد ذلك 25 فيلما فى شخصية جيمس بوند الخيالية أو 007، فهو أشهر جاسوس بريطانى تخيلى وقد أداه بشكل رائع كريج الذى يمتع بحضورٍ كاريزميٍّ شامخ من اللقطة الافتتاحية إلى اللقطة الختامية رغم انه صرح انه لن يعود مرة اخرى لافلام جيمس بوند !
فى الوقت الذى يقدم كلا من (ليا سيدو، بن ويشا، ناعومي هاريس، جيفري رايت، كريستوف فالتز، رالف فاينس) أداء أدوارهم السابقة.
النجم (رامي مالك)
وجاء اختيار المصرى ابن صعيد مصر الحاصل على الجنسية الأمريكية النجم (رامي مالك) مؤديا دور الشرير (ليوتسيفررسافن)، الذي هو في حقيقة الأمر عبارة عن توليفة من الصفات التي تتمتع بالشخصيات الشريرة في كتب جيمس بوند
و(رامى مالك) يمتلك مهارات وموهبة أهلته لمزاحمة نجوم هوليوود، وقد حصل على الأوسكارعام 2019 عن دوره فى فيلم (افتتان البوهيمية)، وهو واحد من أدوات نجاح الفيلم باعتراف النقاد رغم اختلاف البعض عليه ورغم أن كلٍ من (رامي مالك، وكريستوفر والتز) لم يتم منحهما الفرصة الكافية لإثبات نفسهما في الفيلم وشاركه فى البطولة لاشانا لينش وآنا دي أرماس إلى الممثلين الرئيسيين
فيلم (لا وقت للموت) أشاد به الكثير من النقاد وحقق أكثر من 774 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، مما يجعله رابع أعلى فيلم في عام 2021
وقد حصل فيلم (لا وقت للموت) على العديد من الجوائز والترشيحات، بما في ذلك خمسة ترشيحات في حفل توزيع جوائز الأوسكار البريطاني الخامس والسبعين وثلاثة ترشيحات في حفل توزيع جوائز الأوسكار رقم 94.
وصف (بيتر برادشو) من صحيفة الجارديان الفيلم بأنه (فيلم ملحميّ مذهل) يجمع بين (الإثارة والتشويق والدراما والكوميديا اللاذعة او الترجيكوميدى والرعب المروع، بالإضافة إلى مشاهد أكشن كلاسيكية لاذعة للغاية).
تبدأ احداث فيلم (لا وقت للموت) بالشابة (مادلين سوان) التى تشهد مقتل والدتها على يد ليوتسيفر سافين في محاولة فاشلة لقتل والدها السيد وايت حيث تقوم مادلين باطلاق النار على سفين الذى ينجو هربا الى بحيرة قريبة إلا أن مادلين والتى تطارده تسقط عبر الجليد ليقوم القاتل سافين بانقاذها!
ويرصد الفيلم (جيمس بوند) الذى يرغب فى التقاعد ويقيم فى جزيرة مع حبيبته مادلين، لكن أعضاء عصابة سبيكتر يطاردونه (فى امتداد لأحداث الفيلم السابق لجيمس بوند الذى يحمل اسم العصابة وأنتج عام 2015)، ويحاولون اغتياله مما يدفعه للشك فى مادلين ومن ثم التخلى عنها دون ان يعرف انها فى شهور حملها الأولى
هيراكليس الفيروس القاتل!
بعد 5 سنوات يتم اختطاف كيميائى يدعى (فالدو اوبرتشيف) من معمل تابع للمخابرات البريطانية، ومعه فيروس قاتل يطلق عليه هيراكليس، ويظهر الفيلم أن بعض قادة المخابرات البريطانية كانوا متورطين فى تطوير هذا الفيروس رغم صدور قرار سابق بتدميره وهنا يجرى استدعاء جيمس بوند من التقاعد لاستعادة الكيميائى والفيروس.
ينجح (بوند) فى مهمته التى ساعده فيها صديق قديم له يعمل مع المخابرات الأمريكية هو (فليكس ليتر) الذى يقنعه بإنهاء تقاعده والعودة الى الخدمة، وكذلك عميل آخر يدعى لوجان آش يتضح لاحقا انه عميل لسافين، حيث يقتل ليتر ويحاول قتل بوند قبل أن يخطف الكيميائي (الذى يظهر لاحقا إنه متواطئ مع الأشرار) ويسلمه لسافين.
ويفتتح عرض الفيلم بالتعريف بماضي وطفولة شخصية مادلين سوان (ليا سيدو)، وهو الجزء الذي سيربطها فيما بعد بشرير الفيلم (رامي مالك).
وهذه البداية بمفردها تم تنفيذها باحترافية عالية وهى مزيج من الرعب والعاطفة فى تجسيد واداء رائع ونجحت في إظهار كيف أن مادلين وحتى في طفولتها كانت تعرف كيف تدافع عن نفسها.
تنطلق أحداث فيلم (للوقت للموت) حيث توقف فيلم سابق وهو ( طيف ) حيث يستمتع بوند ومادلين بعلاقتهما العاطفية في إجازة رومانسية في مدينة ماتيرا الإيطالية قبل أن تنقطع هذه اللحظة الرومانسية بخيانة بوند ومعرفة موقعه الحالي تليها مطاردة محتدم.
ومع مرور أحداث الفيلم، يظهر جانبًا مختلفًا من بوند الذي نراه عادة جاسوسًا محنكًا محكم السيطرة على من حوله وفي هذا الفيلم نرى الشك والإحباط والجانب الهش من شخصيته يكمله صوت المغنية بيلي أيليش الحزين.
ويمر الزمن لنرى بوند وحيدًا بمفرده في جامايكا بعد أن اعتزل او قل مل وزهد إلا أن زيارة من صديقه القديم فليكس (جيفري رايت) الذى يعمل بالاستخبارات الامريكية ( سى آى ايه ) يطلب فيها مساعدته في إيجاد عالم مجنون متهور يمتلك سلاحا فتاكا غامضا وإنقاذ العالم من شروره وقد عاد او يعود ربما تكون اشارة لما تقدم عليه دولة مثل ايران !
اليوم بعد أن أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال الاستخبارات وقد اشار التقرير إلى أنه بحلول عام 2030 يجب أن تكون وكالات التجسس الأميركية قد شيد بنية استخباراتية قوية قائمة على الذكاء الاصطناعي، من أجل مواكبة التهديدات التي تلوح في الأفق للتصبح صناعة الموت عبر الرقمنة والريبوتات وتصبح كلاسيكيات الجاسوسية من الماضى مع قرار اعتزال جيمس بوند فى فيلمه الاخير لاوقت للموت!