رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(الملك والفاتح).. كل شيء يهون من أجل الحكم!

(الملك والفاتح).. كل شيء يهون من أجل الحكم!

(الملك والفاتح).. كل شيء يهون من أجل الحكم!
يتناول مسلسل (الملك والفاتح) واحدة من أشهر قصص الصراع في تاريخ التاج البريطاني

بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف

إذا كانت هناك خلاصة يمكن للمشاهد أن يصل إليها بعد مشاهدة المسلسل البريطاني التاريخي (الملك والفاتح) أو King & Conqueror، فهي أن النفس البشرية منذ قديم الأزل ترفع شعار أن كل شيء وكل تضحية تهون في سبيل الوصول إلى الجلوس على كرسي الحكم.

يتناول مسلسل (الملك والفاتح) واحدة من أشهر قصص الصراع في تاريخ التاج البريطاني، حدثت في القرن الحادي عشر، وهو صراع على الملك بين هارولد إيرل ويسيكس، وويليام الفاتح حاكم نورماندي وهي دوقية أقرب في انتمائها إلى فرنسا منها إلى انجلترا.

وانتهى الصراع بهزيمة (هارولد) في معركة هاستينغز الشهيرة عام 1066، وأفول عصر الحكم الانجلو ساكسوني لانجلترا ودخولها في مرحلة ما يطلق عليه (العصر النورماندي)، بعدما تمكن ويليام من الانتصار على هارولد وقتله لينفرد بحكم انجلترا.

أهم ما يمكن أن تخرج به من مسلسل (الملك والفاتح)، هو ذلك الشبق للسلطة لدى الجميع، المتحرر من أي قيود أخلاقية، رغم حرص الجميع ايضا على تغليفه باطار من الدين والمبادئ، لكنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن هذا الإطار ليس سوى لاقناع المغفلين بنبل مطالبهم.

وفي سبيل إشباع هذا الشبق لا يتورع أحدهم عن ارتكاب ما يتطلبه الأمر لتمهيد طريقه نحو الحكم، سواء قتل اقرب المقربين له، أو خيانة زوجته والانقلاب على اصدقائه، وصولا الى التضحية بآلاف أرواح الجنود والشعب في سبيل الوصول إلى كرسي الحكم.

(الملك والفاتح).. كل شيء يهون من أجل الحكم!
قتل (هارولد) شقيقيه من أجل أن ينفرد هو بحكم ويسيكس

اعتراف كاذب من الملك إدوارد

فقد قتل (هارولد) شقيقيه من أجل أن ينفرد هو بحكم ويسيكس، كما تزوج على زوجته في وقت كانت تقوم فيه بمهمة كلفها بها لتثبيت حكمه، وذلك من أجل أن يضمن مبايعة حاكم مورسيا له ملكا لإنجلترا، بعدما حصل على اعتراف كاذب من الملك إدوارد المعترف، وهو على فراش الموت.

كما يقرر (هارولد) خوض حربين متتاليتين في ظرف أسابيع قليلة لتثبيت حكمه، دون مراعاة لمقتل آلاف الجنود في الحربين، وتشريد عشرات آلاف الأسر، وإدخال البلاد في أزمات معيشية واقتصادية بسبب تكاليف الحروب، فما يهمه فقط هو أن يستقر على كرسي الملك.

في المقابل نرى ويليام الفاتح وهو يتعرض لمؤامرات من صديقه ملك فرنسا، قبل أن ينجح (ويليام) في قتله، كما يتبادل المؤامرات مع والد زوجته الذي لا يتورع عن التآمر مع أي حاكم ضد أي حاكم حتى لو كان زوج ابنته، طالما أن ذلك يحقق له مصلحته، ويثبت بقائه على رأس السلطة.

كذلك كان ملفتا أن مسلسل (الملك والفاتح) قدم صورة واضحة عن علاقة انسانية طيبة ربطت بين (ويليام وهارولد)، حين التقيا في المنفى بعد أن تم نفي عائلة جودوين التي ينتمي لها هارولد من قبل ملك إنجلترا.

وفي نفس الوقت كان (ويليام) هاربا من مطاردة ملك فرنسا الذي استولى على نورماندي وحاول قتله، إلا أن تلك الصداقة التي تكونت في فترة عصيبة من حياة الرجلين، لم تشفع لوقف الحرب ونزيف الدماء المتعطش للسلطة.

مسلسل (الملك والفاتح) مكون من 6 حلقات، وأنتجته CBC بالتعاون مع  BBC، وشارك في بطولته نجمين معروفين، هما (نيكولاي كوستر- فالداو) في دور (ويليام الفاتح)، وهو الذي اشتهر بعد مشاركته في مسلسل (صراع العروش  – Game of Thrones بينما جسد (جيمس نورتون) دور (هارولد إيرل ويسيكس).

(الملك والفاتح).. كل شيء يهون من أجل الحكم!
إشادة الكثير من النقاد الانجليز بالمسلسل وضخامة إنتاجه قياسا على الإنتاجات الدرامية البريطانية

الإنتاجات الدرامية البريطانية

ورغم إشادة الكثير من النقاد الانجليز بالمسلسل وضخامة إنتاجه قياسا على الإنتاجات الدرامية البريطانية بشكل عام، لم يخل الأمر من انتقادات بلغ بعضها حد العنف في الهجوم على العمل الذي كتبه (مايكل روبرت جونسون).

فقد أعرب غير قليل من المؤرخين الإنجليز عن خيبة أملهم من (التغيير الجذري) في الأحداث والشخصيات التاريخية الرئيسية لدعم الحبكة الدرامية، ووصفه أحدهم بأنه (فرصة ضائعة) لمعالجة موضوع الغزو النورماندي بشكل صحيح.

كما انتقد آخرون استخدام لغة حديثة في عمل تاريخي، وتوقفوا تحديدا عند استخدام كلمة (الأنا) أو الـ  (Ego) على ألسنة شخصيات يفترض أنها تعيش في القرن الحادي عشر حيث لم يثبت أن الكلمة كانت مستخدمة في ذلك الوقت.

وذهب آخرون إلى انتقاد ملابس الأبطال التي أظهرتهم في مظهر رث وغير نظيف وهو ما لا يتناسب مع ملابس النبلاء في ذلك العصر، فضلا عن سوء الإضاءة التي اخرجت اغلب المشاهد في صورة قاتمة.

لكن تبقى الخلاصة التي يمكن للمشاهد أن يخرج بها من متابعة مسلسل مسلسل (الملك والفاتح) أنه مهما اختلفت الأزمنة والاماكن والتفاصيل، تظل فكرة الشبق للسلطة والتهافت عليها، والقتل والخيانة من أجلها سلوك متوارث في النفوس البشرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.