
بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
سؤال لم أجد له إجابة بعد أن أدمنت سماع (أم كلثوم) يوميا.. واستمتع ولا أجد اي إجابة أين هذا الجمهور الشيك الوقور المستمع بكل جوارحه ويدرك أين ومتى يصفق والاهم حين يستمع لقصيدة مثل (سلوا قلبي) للجهبذ العملاق احمدشوقي اين تلك الهوانم وكيف كان الاستماع حالة من سلطنة لجمهور يدرك قيمة الكلمات وعظمة الست وكيفية الإحساس بما يخرج من معاني تلتحف بتعبير صادق عجيب.
والسؤال: لو كانت (أم كلثوم) اليوم بيننا وهي فعلاً بيننا بما تركته من درر غنائية، فهل يمكن ان تغني في حفلات اليوم في الساحل ويستطيع جمهور كائنات الحموإستيعاب كلمات قصيدة مثل (سلوا قلبي) مثلاً وأكرر مثلا!
هل لتلك النوعية من الإبداع جمهور الآن أم من هم من جيل (أم كلثوم) فقط يستمع وقد يندهش من بعض ما يقدم الآن، لقد تعايشت مع أغاني الست منذ طفولتي، فقد كنا نجتمع حول الراديو ثم امام التليفزيون لمتابعة الست ونستمع لأغاني ثومة ويشرح لنا الوالد معاني مالا نعرفة لبعض الكلمات.
وأتذكر حين كنا نجلس ونستمع لقصيدة سلوا قلبي لأحمد شوقي وألحان المبدع رياض السنباطي وليلة العصف الذهني وتفسير أشقائي للكلمات الرائعة
سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابا
ويسألني الحوادث ذو صواب فهل ترك الجمال له صوابا
وكنت إذا سألت القلب يوماً تولى الدمع عن قلبي الجوابا
ولي بين الضلوع دم ولحم هما الواهي الذي ثكل الشبابا


ماذا حدث للمصريين
تلك بعض أبيات من قصيدة تغنت بها سيدة الغناء العربي منذ 1948 وحتى الآن نستمع إليها تلك الكلمات كان يستمع لها كل الشعب المصري في المدن والقرى، من كلمات أحمد رامي غنت الست (ياليلة العيد، حيّرت قلبي معاك، يا مسهرني، رباعيات الخيام)، وللدكتور إبراهيم ناجي غنت قصيدة (الأطلال)، ومزيد من أشعار ومعان قدمتها العظيمة (أم كلثوم).
أعتقد أصبح من الواجب علينا دراسة ماذا حدث للمصريين وللفن المصري، وهل يجوز أن نتخيل كلمات أغاني الترند التي تلهب مشاعر شباب هذا الزمن علينا دراسة تلك الحالة مع أساتذة علم الاجتماع ومعرفة أسباب تدني ذوق واختيارات بعض الفنانين.
فقد أصبحت الفنون تحركها عوامل دخيلة على الإبداع ومحركه له مثل الترند والتك توك وشبكات التباعد، فقد ظهرت فنون ونجوم بعد امتهان كلمة نجم في كل المجالات، أراها تشكل خطورة وتجريف للذوق العام.
فتواجدهم لم يعد من خلال الإعلام المصري رغم وجود قنوات خاصة أراها تنجرف وتنافس الترند ومنتجاته، ولكن يجب اليقظه فقد اصبحت وسائل عرض السيئ أكثر من المحطات.. والقنوات المحترفه والتي اراها تجتهد في تقديم محتوى يسترجع تاريخ فني مشرف ولكن لنراجع ماذا على سطح المشهد وماذا يصل لجمهور الأقاليم وما هى نوعية اغاني المصايف والساحل الشمالي.
نعم يا سيدي هناك أعمال اتابعها وأغاني تستحق وأكتب عنها ، ولكن ليست كافيه فقد توغلت وانتشرت أغاني وفنون الطفيليات وانسلت من شبكات التك توك والترند، وانساق خلفها بعض هواة جمع المال ونجوم كوميديا السبوبة واسكتشات المسرح رغم وجود اعمال اتابعها في مركز الابداع بالأوبرا وبعض مسارح الدولة، ولكنها تعرض لفترات قصيرة ودون دعاية.. ولاتستمر.
فمعظمها لايكمل الشهر وأشعر في بعضها بضعف الإنتاج وأجد دائماً شكوى من إنه لا توجد ميزانيات لا للدعاية ولا للصرف على الديكور والملابس وقلة الميزانيات للظروف الاقتصادية عامة.
وهنا أطالب بأن يكون الاهتمام بزيادة الاهتمام بميزانية الثقافة والإعلام رغم ظروف اقتصادية يدركها كل عاقل وتظهر جلية في مصر فالعالم حولنا مشتعل، ولكن وبكل موضوعية ووعي بأهمية وخطورة تنمية العقل الجمعي في مصر ولا نتركه لبعض محطات خارجية تعبث به ووسائل يدرك من قام بتقديمها لنا وهو من قام بتصنيعها ومعرفة تفاصيل كيفية استغلالها.

هل لنا ببعض اليقظة
وهل أذكركم بكيفية تدمير وسائل الاتصالات في حزب الله بجنوب لبنان طالما لم تنتج انت ما تحتاجه فقد يكون قادم لك بما يحتاجه الاعداء، ويدرك متى وكيف يتابعك ويعرف ما يشغلك وما يتلاسن به البعض ويكون صاحب قرار.. فهل لنا ببعض اليقظة والحذر فالعالم أصبح مكشوف والأطماع أظهرتها حرب غزه وأدركنا
أهمية الوعي واليقظة لقدأصبح حتمياً وشديد الأهمية الحاجة لفنون لا تكون فقط للتسلية، بل لتنمية الوعي بقيمة الوطن والأرض ولدينا فنون الستينيات والسبعينيات نجد أعمال كثيرة قدمت قيم الولاء والانتماء، وعملت على تنمية وعي المواطن، فقد شاهدت كيف كان الفلاح المصري يتابع بالراديوالصغيركل أخبار الوطن علينا بالأقاليم لتنميه الولاء وإلا كما شاهدنا ظهرت السنج والبلطجه والخطف والسرقه.
الفنون والثقافة والمسرح خير ما يقدم قيم الأخلاق وعقاب المنحرف ونجاح المجتهد ولدينا قصص من التاريخ القديم والحديث بها كثير من امثله للنجاح فلا تبحثون عن ام كلثوم، بل لنبحث عمن سوف يستمعون الان لأمثال سيدة الغناء العربي (أم كلثوم)، فموجة الإرسال يلزمها موجة استقبال تناسبها وmatching
مصر تنطلق وتستحق..!