رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا لا توجد (دراما) تنتقد الرئيس؟!

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا لا توجد (دراما) تنتقد الرئيس؟!
لماذا انتظرنا حتى رحل (عبد الناصر) لتظهر فجأة أفلام مثل الكرنك وأحنا بتوع الاتوبيس

بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف

في الثامن والعشرين من سبتمبر تحل ذكرى وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، صاحب الشخصية الكاريزمية والانجازات الكبيرة والاخفاقات المتعددة، التي لا يمكن أن تنتقص الـ (دراما) من قيمة ما حققه، لكن يبقى السؤال الدرامي الذي لا يبحث له أحد عن إجابة.

لماذا لم نرى أعمال (دراما) سواء تليفزيون أو سينما تنتقد أداء الرئيس أو نظامه السياسي في أي موقف، لماذا لم يفكر أحد من المنتجين في تقديم عمل يكشف خفايا التقصير الذي قاد الى نكسة 67، أو أسباب فشل الوحدة مع سوريا، او حرب اليمن، أو غيرها؟!

لماذا انتظرنا حتى رحل (عبد الناصر) لتظهر فجأة أفلام مثل الكرنك وأحنا بتوع الاتوبيس، التي تفضح – ربما بكثير من المبالغة – سطوة مخابرات صلاح نصر، وتنمرها على كل من لا يعجبها سلوكه أو ارائه أو حتى سكناته؟!

ولماذا لم نأخذ العظة من سوابق التاريخ ليعرف أي رئيس أن مبالغة أهل الـ (دراما) في تبجيله وتفخيم فضائله وهو على رأس السلطة، سيتبعها بالتأكيد -بحكم دروس التاريخ- مبالغة ونفخ في مثالبه بعد رحيله عن المنصب، وربما يلصقوا به سيئات لم يرتكبها حتى؟!

والمدهش أن هذا السلوك لا يحدث بتعليمات من الرئيس مثلا، وإنما يكون غالب تجويد من قارعي الطبول الذين يعتقدون أن مهمتهم المقدسة هى منع انتقاد الرئيس خوفا من ان يؤدي هذا إلى تآكل شعبيته، ويبدو أنهم في غمرة انشغالهم بتعلم نغمات جديدة يوميا في قرع الطبول لم يطلعوا على الدراسات المتخصصة في هذا الشأن.

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا لا توجد (دراما) تنتقد الرئيس؟!
قرر موظف ما منع عرض فيلم (شيء من الخوف)

شيء من الخوف

تفيد الدراسات أن الأعمال التي تنتقد اي رئيس او ملك او حاكم يمكن أن تصب في مصلحته وترفع شعبيته، إذا تعامل معها بذكاء وكشف عن تقبله لها، مثلما اعتاد باراك أوباما مثلا أن يفعل، بل أن أقل مستويات الاستفادة من هذه الأعمال هي تفريغ شحنات الغضب أو النقد الشعبي، بما يضمن تجنب وصول المواطنين الى حالة الاحتقان التي تنذر بالخطر.

أتذكر في هذا السياق وبمناسبة ذكرى الزعيم الراحل، موقفين كاشفين عن تفكير الجوقة المحيطة به، الأول حين قرر موظف ما منع عرض فيلم (شيء من الخوف) بحجة أن شخصية عتريس التي جسدها الراحل محمود مرسي هى إسقاط على عبد الناصر نفسه، وعندما وصل الخبر للرئيس طلب مشاهدة العمل بنفسه، ثم أباح عرضه وقال فيما نقل عنه أنه لو كان مثل عتريس لاستحق النقد.

الموقف الثاني حين بادر أحد قارعي الطبول ممن يعرفون مصلحة الرئيس أكثر منه، بفرض حصار على اسم وأعمال نزار قباني، وقيل أنهم أصدروا قرارا بمنع دخوله مصر، بعدما علموا أن عبد الناصر ضايقه ديوان (هوامش على دفتر النكسة)، لكن رسالة من الشاعر الى الرئيس مباشرة كشفت أن ما فعله هؤلاء كان مزايدة لم يكن رئيس بقيمة وكاريزما عبد الناصر يحتاج لها.

بهاء الدين يوسف يكتب: لماذا لا توجد (دراما) تنتقد الرئيس؟!
(جلالتها) يتناول جانبا افتراضيا من حياة الأسرة الملكية

(جلالتها).. مسلسل أسباني

أقول هذا بعد أن تابعت قبل فترة قصيرة مسلسل أسباني قصير عنوانه (جلالتها) يتناول جانبا افتراضيا من حياة الأسرة الملكية، وينزع عنها عباءة القداسة الاجتماعية، ليناقش فساد ونفاق بعض أفرادها، مقابل استهتار وعدم اهلية البعض الآخر، بشيء من الجدية الساخرة.

يعرض المسلسل قصة خيالية لا تخلو من تلميحات حول (بيلار) الأميرة الشابة المستهترة، تكره الرسميات والواجبات الملكية، تجد نفسها فجأة مطالبة بتولي العرش بشكل مؤقت بعد اتهام والدها الملك الفونسو بالفساد السياسي والمالي، واضطراره للخروج من إسبانيا بناء على نصائح مستشاريه تفاديا لمحاكمته وسجنه.

وبحسب الكثير من الكتابات النقدية للعمل في الصحف الإسبانية، لم يؤد المسلسل إلى زعزعة شعبية الاسرة المالكة، كما قد يظن البعض من (قارعي الطبول) في العالم العربي، وانما اكسها تعاطفا شعبيا بعدما صور حقيقة أن التاج ليس امتيازات ومزايا فقط للأميرة الشابة، كما كشف عمق وعنف الصراع الإنساني الذي يعانيه أفراد تلك العائلة بين الامتياز الموروث والتحول المسؤول.

هناك أيضا مسلسلا كوريا بعنوان (قاضي الشيطان) يقدم رئيس الجمهورية الكورية في قالب ساخر، انطلاقا من خلفيته التاريخية حين كان فنانا مغمورا، ترقى حتى فاز بترشيح حزبه لمنصب الرئاسة، وبدلا من أن يرعى مصالح الشعب، يجتمع مع جوقة من أصحاب المصالح وفي مقدمتهم اثنين من مالكي أشهر المحطات التليفزيونية، لديهم استعداد لدهس شعب كوريا بالكامل من أجل تحقيق مصالحهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.