
بقلم المستشار: محمود عطية *
سرقة (الإسورة) الفرعونية في مصر ليست حادثًا عرضيًا ولا مجرد واقعة فساد إداري أو خلل فردي، بل هي جريمة مكتملة الأركان في حق حضارة عمرها آلاف السنين، واستهانة فجّة بثقافة أمة وتاريخ شعب وتضحيات أجيال حين تُسرق قطعة بهذا الثقل التاريخي، وتُباع كما يدّعون بالوزن، وكأنها سبيكة ذهبية مجهولة المصدر، مقابل 180 ألف جنيه.
فسرقة (الإسورة) الفرعونية لست فقط كارثة وطنية، بل صفعة مدوية على وجه المنطق والعقل والضمير الجمعي من يصدق هذه الرواية البائسة؟ من يقتنع أن صائغًا أو مشتري ذهب يمكن أن تخدعه قطعة بهذه الدقة والزخرفة والنقوش التي تميز الفن الفرعوني والتي يعرفها القاصي والداني؟ من يجرؤ على تمرير هذه المهزلة دون أن يُسائل نفسه: من المستفيد؟ وأين كانت الرقابة؟ ولماذا الصمت؟
إن كل من عمل في صناعة الذهب، وكل من تعامل مع الحُلي يدرك أن هذه (الإسورة) لا يمكن أن تُخطئها عين، وأن تمييزها كقطعة أثرية ليس مسألة علم، بل بداهة واضحة لكل من له خبرة في المهنة وبالتالي فإن من روّج هذه القصة، أو قبِل بتسويقها، لا يستخف فقط بعقول المواطنين، بل يتواطأ علنًا مع الفساد أو يشارك في تغطيته وربما في تنفيذه أيضًا.
الكارثة ليست في سرقة (الإسورة) ذاتها، بل في مستوى الرداءة والسذاجة التي يتم بها التعامل مع الأمر، وكأن وعي الناس لا يزال في سبات، وكأننا في زمن لم يعرف بعد كيف تُنهب البلاد تحت غطاء الروايات الرسمية والتصريحات الجوفاء
ثم تأتي الطامة الكبرى: مهرجانات التهريج والتعري واللا أخلاق التي تُقام بكل صخب في مصر، وكأننا في كوكب آخر، وكأن شاشات التلفزيون لا تبث على مدار الساعة صورًا لأطفال غزة المذبوحين، ونساء يُنتشَلن من تحت الأنقاض، ودماء تسيل كل يوم، وصراخ لا يتوقف من شعب يُباد ببطء أمام أعين العالم بينما غزة تُذبح.

مجرد فيلم لا يخصنا
وفيها يُقتل أكثر من عشرين ألف طفل، وخمسة آلاف امرأة، وآلاف من الشيوخ والشباب، يخرج علينا منظموا مهرجان الجونة وغيره من مهرجانات اللامعنى واللامسؤولية بكل وقاحة ليُبشّرونا بعودة (الفرح، والحياة، والسجادة الحمراء) وكأن ما يحدث خلف شاشات هو مجرد فيلم لا يخصنا بأي حال من الأحوال أي خزي هذا؟
وأي سقوط هذا في مستنقع الانفصال الأخلاقي والإنساني؟ هل انعدمت الرحمة؟ هل مات الضمير؟ هل جفّ الحياء من عروق هؤلاء الذين يسوّقون التفاهة والعُري والبذخ في وقت يموت فيه البشر من الجوع والعطش تحت الحصار؟ هل تحوّلت المهرجانات إلى طقوس احتفالية تُقام على جثث الأبرياء دون أن يرفّ لأحد جفن؟
إن ما يحدث ليس فقط انفصالًا عن الواقع، بل سقوط حر في قاع انعدام الإنسانية، هؤلاء لا يملكون دينًا يردعهم، ولا خجلًا يوقفهم، ولا وطنية حقيقية تحفّزهم على اتخاذ موقف أخلاقي واحد مجرد موقف، صمت، حداد، إلغاء، أي شيء يعبّر عن أن ما يحدث في غزة يعنيهم من قريب أو بعيد.
لكنهم أبعد ما يكونون عن ذلك، لأنهم ببساطة لا يرون في الفن إلا وسيلة للشهرة والمال والظهور، لا رسالة ولا موقف ولا مبادئ
في الوقت الذي يُدفن فيه الأطفال تحت الركام في غزة، تُستعرض الأجساد على منصات الأزياء في مصر في الوقت الذي تبحث فيه أم فلسطينية عن جثة ابنها، تُزف فيه (النجمات) إلى السجادة الحمراء وسط التصفيق والابتسامات وكأن شيئًا لم يكن أي انفصام هذا؟ وأي مهزلة؟
هل أصبحت القيم مجرد شعارات تردد في الخطب والبرامج؟ هل أصبح التضامن العربي مجرد تغريدة جوفاء أو منشور متأخر على مواقع التواصل؟ والأدهى أن الإعلام يروّج لهذا العبث بكل فخر، ويعتبره “حدثًا عالميًا”، و”نقطة مضيئة”، في وقتٍ تُغرق فيه غزة بالدماء والدموع
أي (نخبة) هذه التي تتعامى عن الدماء؟ أي (فن) هذا الذي يُمارَس في عزّ المجازر؟ أي (ثقافة) تلك التي لا ترى في المذابح ما يستحق حتى التوقف لحظة، أو إعلان حداد، أو حتى خجل؟ نحن لا نتحدث عن مهرجان في دولة معزولة عن الصراع.
بل في دولة تدّعي أنها تقود المنطقة، وأنها حاضنة القضايا العربية، وأولها فلسطين فأين هذا من الواقع؟ إن الأمة التي تحتفل بينما أشقاؤها يُذبحون، ليست أمة حيّة، وإن الشعب الذي يسكت على هذا العبث، قد فقد بوصلته الأخلاقية والإنسانية

صرخات أطفال غزة
لم نعد بحاجة إلى مهرجانات، بل إلى محاسبة حقيقية لمن يعبث بتاريخنا، ولمن يهين حاضرنا، ولمن يصمّ آذانه عن صرخات أطفال غزة لا نحتاج إلى أضواء، بل إلى شموع تضاء على أرواح الشهداء لا نحتاج إلى سجاد أحمر، بل إلى قلوب حمراء تنبض بالحياة والكرامة والعدالة فلسطين ليست حدثًا عابرًا.
وغزة ليست نشرة أخبار تنتهي بعد دقائق، إنها مرآة ضمير الأمة، وامتحانها الحقيقي، وقد سقط فيه الكثيرون سقوطًا مدويًا
فهل من صحوة؟
أم أن السقوط أصبح أسلوب حياة؟
غزه تضيع أو تكاد تكون ضاعت والتحرش والسفاله الصهيونيه بمصر في منتهي الانحطاط (جر شكل)، ولكن هؤلاء هم ارباب مهنة التشخيص في مصر انظروا كيف يفعل نظراىهم في الغرب انظروا الي عضوة النواب الهولنديه التي جاءت الي البرلمان الهولندي بزي يمثل العلم الفلسطيني.
وفي مصر قال إيه حفل دير جيست هؤلاء هم القوه الناعمه المصريه بل اقول القوه التي هبطت بمصر الي القاع ويوما بعد يوم يثبت صدق رؤيتي لهؤلاء انهم مستنقع ولا اراده من الدوله بنظافته.
* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع