


بقلم الكاتبة الصحفية: منى عشماوي
كانت الصدفة الجميلة أن يتم عرض فيلمين شهيرين من أشهر أفلام هوليوود وأحبها الى قلبي وهما (صمت الحملان) للعبقري (أنتوني هوبكنز) والرائعة (جودي فوستر)، أما الفيلم الثاني الأكثر روعة بالنسبة لي هو فيلم (سيفن) للوسيم (براد بيت) والأيقونه (مورغان فريمان)في إطار كشف الغطاء عن (التابوه السري).
الحقيقة عندما تشاهد كل فيلم منهما بعين المراقب بعد مشاهدة لعشرات المرات ستعرف أن المثلي الجنس كان في هذه الفترة يتم معاملته معاملة المختل الغير متزن الذي هو بحاجة لعلاج نفسي أو قصاص رادع في نهاية الفيلم .
الأمر الذي يجعلك تفكر ماذا حدث في نظرة هوليوود للمثلية ذلك (التابوه السري) المخزي ليتحول اليوم الى المفتاح السحري للموافقة على إنتاج فيلم لكثير من المنصات على رأسها نتفليكس.
لتجد اقحاما غير مبررا في كثير من الأحيان لشابين يتبادلا القبلات والعلاقة أو فتاتين تقبل كل منهما الأخرى دون أن تجد مبررا حقيقيا لدخول هؤلاء المثليين في أحداث الفيلم مهما كانت قصته ليصل اليك الأمر أو ليدخلك ذلك في تقبل المثلية مع الوقت فالرسالة أنها باتت أمرا عاديا للغاية بل بات من غير الطبيعي في عالم المثليه (أتحدث ساخرة) تلك العلاقات الطبيعية بين رجل وامرأة !
الحقيقة تجد نفسك في كثير من الأحيان لو كنت شخصا مازال يميل الى الحب الطبيعي العادي بين جنسين مختلفين عند مشاهدة أي فيلم اليوم تسأل ماذا حدث لشركات انتاج عالمية تقحم المثلية (التابوه السري) في كل فيلم بشكل مباشر أو حتى غير مباشر الأمر الذي وصل الى أفلام الأنميشن في تجسيد شخوص مثلية في عوالم مغايرة!
لو عدنا بالتاريخ الى هوليوود السبعينيات سنجدها متحفظه في طرح المثلية أو الشذوذ الجنسي (التابوه السري)، بل يكون دائما هذا المثلي هو أشبه بالتافه أو الأراجوز في أدوار ثانوية صغيرة في أغلب الوقت.

فيلم (موريس)
مع بداية الثمانينات وانتشارمرض الإيدز الذي بدأ في حصد الأرواح والموت السريع
لتأتي أهم أسباب انتقال المرض هي المثلية لذا سرعان ما ارتبطت المثلية بالمرض والمأساة في كثير من الأفلام إلا أن ذلك لم يمنع ان تجد فيلم بريطاني مثلا يجسد المثلية بشكل رومانسي كبير وهو فيلم (موريس) الذي تم انتاجه سنة 1987 وفاز بجوائز في مهرجان فينيسيا السينمائي.
وهو يحكي عن علاقة عاطفية بين رجلين رغم قرار أحدهما بالزواج من امرأة وهو موريس حتى يهرب من ضغوط ونظرات المجتمع إلا أنه في النهاية ينفصل عنها ليدخل في علاقة حب أخرى مع رجل ليس رفيع المستوى مثل موريس الا أنه يبادله ذات الحب !
موريس من بطولة جايمس ويلبي وهيو جرانت.. ستجد أيضا فيلم ألباتشينو(كروزينغ)، الذي كشف (التابوه السري) للمثليين في البارات الليليه في نيويورك والفيلم خلق صدمة كبيرة وجدال في ذلك الوقت خاصة من قبل المجتمع المثلي الذي وجده يصور حياتهم بصورة سلبية !
مع بداية التسعينيات حدث انفتاح كبير لدخول المثليين عوالم الحياة السينمائية ورغم أني ذكرت في أول المقال ان كثير من هذه القصص كانت تعتبرمثليتهم نوع من الجموح النفسي نتيجة الثراء الفاحش أو حتى مشاكل نفسية نتيجة خلل كبير سلوكي حدث في الطفولة
الا أننا سنجد فيلم مثل (فيلاديلفيا) من بطولة توم هانكس و دنزل واشنطن يظهر التمييز المجتمعي ضد المثليين بسبب اصابتهم بمرض الإيدز!، ويحصد جوائز في تعاطف هوليودي هذه المرة لما يتعرض له مرضى الايدز من المثليين !
بينما يحقق فيلم (غريزة أساسية) لشارون ستون سنة 1992 والذي قدمت فيه (شارون) علاقة مثلية واضحة مع امرأة بالاضافة لعلاقة طبيعية مع رجل، والحقيقة كانت المثلية في الفيلم مرتبطة مرة أخرى بالجريمة والقتل كما كان منتشرا في أفلام التسعينيات حتى وان تم اعطاء المثلية مساحة أكبر وأكثر تعقيدا في الحبكة ذاتها !
مع دخول العالم الألفية بدأت صناعة السينما في أمريكا وأوروبا تتجه بقوة لدخول المثليين (التابوه السري) في قصص كثيرة لتقدمهم بجرأة أكبر.
لعلنا سنجد فيلم (مييلك ) لشون بين في سنة 2008والذي نال معه الأوسكار أفضل ممثل كما فاز الفيلم عن أفضل سيناريو أصلي

فيلم (جبل بروباك)
كما سنجد فيلم (جبل بروباك) في سنة 2005 والذي ناقش علاقة حب بين اثنين من رعاة البقر في الستينيات وقت كان من المحظورات على الاطلاق للغاية علاقات المثلية، الفيلم حصد أيضا عدة جوائز هامة والحقيقة سنجد أنه مع فيلم (مييلك) قد فتحا الأفق أمام دخول الافلام المثلية الى أضواء أهم من خلال الجوائز الهووليودية كالأوسكار
اليوم نجد المنصات المختلفة تتنافس فيما بينها لحشد أكبر تنوع من الجمهور الى شاشتها في الوقت الذي بات مقبولا عالميا في المجتمعات وجود المثليين بين الفنانين والنجوم والرياضييين والساسة حتى الامر الذي بدأ فيه تقنين المثلية (التابوه السري) في أمريكا وعدد كبير من الدول الأوربية بل تم السماح بالزواج بين المثليين في عدد من الدول الأوربية الكبيرة!
لذا سنجد مع كثرة المنصات السينمائية والفنية زاد عدد النجوم الذين يعلنون مثليتهم بأريحية وتوافق وتقبل يصاحب كل ذلك تماهي مع شركات الانتاج والمؤلفين والمخرجين وصولا الى جمهور بات من الطبيعي لديه أن يشاهد علاقات عاطفية وجنسية مثلية بنوع من التقبل الذي بات شرطا لتجديد اشتراكه في منصات تحضر له أفلام الدنيا بمبلغ زهيد مقارنة بسعر تذكرة السينما في دور السينما لفيلم واحد!