محمد شمروخ يكتب: حكاية (مستر إيجيبت).. لماذا كانت فضيحة قومية؟!

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ
في البداية لم أصدق ما تناقلته صفحات موقع فيسبوك من سخرية بفوز شاب يلقب (مستر إيجيبت)، أو (ملك جمال مصر) في مسابقة علنية أقيمت وأعلنت نتائجها عياناً بياناً وعلى رؤوس الأشهاد وتحت وسمع وبصر الجميع!.
وقد تيقنت من صدق ما يقال بعد نشره على مواقع إخبارية معتمدة وتعزز اليقين باستضافة الفائز بلقب (مستر إيجيبت) في أحد البرامج على إحدى القنوات الفضائية.
إذن فالأمر حقيقي ليس فيه أى دعابة أو مبالغة أو سخرية!.
إذن فإن لمصر الحق أن تسعد بأنها حققت لأبنائها درجة من الترف والرفاهية يؤهلها لأن تتيه على الزمان وعلى الأمم جمعاء.. جمعاء!.
ولماذا لا؟!
ألا يحق لشباب مصر أن يجني ثمار طريق كفاح سابقيه منذ عهد الملل بيبي الثانى؟!
فكم ضربوا العشرات من الأمثلة الرائعة على تحملهم وصبرهم لتحقيق أحلامهم بالوصول إلى ذروة النشوة، ليعيشوا معاً هذه اللحظة الفارقة في نحو المستقبل المصري الواعد!.
يحق لك يا (مستر إيجيبت) أن تفخر بهذا الإنجاز الفارق.
أين الذين يصورون واقع مصر في أسوأ صورة بزعم استسلام الشباب للإحباط وشكواهم من العطالة؟!.
أين الذين يتهمون الشباب بالبلطجة والتخلف؟!
تعالوا لتروا ماذا فعل هذا الشاب الجميل الذي تحدى اليأس والإحباط وقرر أن ينفي عن شباب مصر أى مظهر من مظاهر العنف والخشونة، ليرتقى إلى عرش الجمال في مصر، وليكون نموذجاً أمثل لكل حالم، وليفتح الطريق الذي سبق أن أغلقه زعيم مصرى سابق ووقف كعقبة كؤود في طريق الرفاهية والتقدم والنعومة.

الرجولة لا تعمى الجبن او التخاذل
فإذا به يقتل حلم شاب سبق أن تقدم لينافس خيرة شباب الجيل في مسابقة تحمل عنواناً جميلاً يؤكد أن الرجولة لا تعمى الجبن او التخاذل، بل تعنى الشجاعة والإقدام، فقد كان عنوان المسابقة (أبو عيون جريئة).
وقرر الزعيم الطاغية وقتها أن يدفع بذلك الشاب المنسون إلى التجنيد ليتعلم أصول الرجولة!.
أى رجولة؟!
فمتى كانت الرجولة ضد النعومة والجمال والأناقة؟!
ثم ما المانع من ذلك ومتى رأينا للوطن أعداءً؟!
ومتى تربص بنا المتربصون؟!
بالتأكيد أنه لو وجدنا يوماً أعداءً أو متربصين بمصرنا الحبيبة، فحتماً سيكون هناك بينهم أمثال هذا النموذج الراقي، وحينئذ سبتحول العداء إلى وئام، والكراهية إلى حب، لنرفع معا لافتات (مارسوا الحب لا الحرب).
ثم إنه هناك من الرجال مهمتهم في الدفاع عن الوطن وحراسته، وهم بلا حصر ولكن النقص الحقيقي هو في هذه النوعية! فلينعم مثل هذا الشاب بالحياة، فإن (أبو عيون جريئة) لا حاجة به إلى الرجولة، ولكن إذا جد الجد، فمن المستحيل أن يتخلى أو يستغني عن الرجال!
إن التاريخ يدور دورات نحو تحقيق هذا النموذج، فكيف نختار نحن الخشونة والعنف، بينما يتقدم العالم الآن نحو الخنوثة والميوعة؟!
إن الناس لا يعلمون أن هذا هو أهم مظاهر الرفاهية.. لا والله.. يل هو غاية الرفاهية وهدفها الأساسي الذي لا تجيد عنه وهو ونتيجتها المرجوة بعد صبر عشرات القرون!
ثم إنه ما الذي يغيظ البعض من تنظيم مسابقة لملك جمال مصر أو (مستر إيجيبت) في الخمسينات أو الستينيات وحتى نهاية القرن العشرين؟!
نحن الآن في القرن الواحد والعشرين ولكننا مازلنا نفكر بأسلوب القرون الوسطى؟!
ألا يشعر البعض بالخجل من أن عقلية الخمسينيات في القرن العشرين كانت أرقى من عقلية العشرينيات غي القرن الواحد والعشرين؟!
ونحن الآن بالكاد انتبهنا إلى ضرورة هذا المشروع وتنفيذه في منتصف العشرية الثالثة من هذا القرن، فقد مضت العشرية الأولى دون أى تقدم نحو مشروع الأمل في تقديم نموذج يليق بهذا القرن.
ثم تلتها العشرية الثانية ولم نحرك ساكناً.
فماذا فعلنا للشباب بعد كل هذه العشرات المتوالية؟!
وماذا ستقدم لنا القرون لتحقيق الرفاهية من أجل ألا نجد أي فرق بين (مس إيجيبت) و(مستر إيجيبت)؟!
فلنجعل هذا هو مشروع المستقبل من ولنفخر باختيار أجمل شاب بين شبابنا، ذلك الذي تحققت فيه كل شروط (سيد الحسن والجمال) بدون أى تمييز فيما بين الأنوثة والرجولة!.
فقد انتهى زمن التمييز ولا تمييز بعد اليوم!
فإلى الأمام إلى الأمام إلى الأمام.