رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رضا العربي يكتب: (أنا الذي) لمنير.. (أنا ابن كل اللي صانك)

رضا العربي يكتب: (أنا الذي) لمنير.. (أنا ابن كل اللي صانك)
هكذا تتحول الأغنية إلى بورتريه شعري، يرسم ملامح الإنسان الذي لا ينفصل عن الفنان
رضا العربي يكتب: (أنا الذي) لمنير.. (أنا ابن كل اللي صانك)
رضا العربي

بقلم الناقد الموسيقى: رضا العربي

منذ اللحظة الأولى التي يصدح فيها (محمد منير) بأغنيته الجديدة (أنا الذي).. يدرك المستمع أنه أمام عمل يتجاوز حدود الطرب التقليدي، ليغدو سيرة ذاتية مغناة، واعترافًا شعريًا عميقًا يختصر رحلة إنسان حمل صوته هموم الناس، وواجه عبر الفن قسوة الحياة.

النص الغنائي ينفتح على صورة ذاتية متوهجة: (أنا الذي) غني وطبل بحر قبل، ليس مجرد افتتاحية موسيقية، بل إعلان هوية؛ هو الفنان الذي رقص وغنى، وواجه الحياة كما يواجه الموج البحر.

(وقلبي ياما اتبهدل)، هنا الاعتراف الصريح بجروح الطريق، فالمنير لا يقدم صورة مثالية عن ذاته، بل يعرّي القلب أمام المستمع، ليقول إن خلف الهالة نبع من الألم الإنساني.

هكذا تتحول الأغنية إلى بورتريه شعري، يرسم ملامح الإنسان الذي لا ينفصل عن الفنان.

رضا العربي يكتب: (أنا الذي) لمنير.. (أنا ابن كل اللي صانك)
الأغنية بهذا المعنى توازن بين الإرهاق الوجودي الذي يثقله

بين الفخر والتعب: ثنائية الهوية

(أنا ولد أصول) عبارة تحمل مفارقة لافتة: فالفنان، رغم الاعتراف بالهزائم والانكسارات، يتمسك بجذوره الأصيلة وبقيم النوبة، حيث نشأ وانطلق.

الأغنية بهذا المعنى توازن بين الإرهاق الوجودي الذي يثقله، وبين الكرامة الشخصية التي تمنحه القدرة على النهوض كل مرة.

ألحان عصام كاريكا جاءت بسيطة من حيث البناء، لكنها عميقة في التعبير، لتترك المجال لصوت منير ليكون الأداة الأساسية في نقل الشعور.

التوزيع الموسيقي لأنور عمرو اعتمد على إيقاعات عصرية قريبة من روح البوب، لكنها محمولة على خلفية شرقية، لتظل الأغنية في قلب مشروع منير الفني: التجريب دون خيانة الجذور.

ما يميز (أنا الذي) أنها ليست فقط أغنية جديدة في مسيرة فنان مخضرم، بل هي مواجهة بين الفنان والزمن:

بصوته الذي يحمل بحة العمر، يبدو (منير) وكأنه يقول: (أنا ما زلت هنا), متحديًا التآكل الطبيعي للأصوات مع التقدم في السن.

أغنية (أنا الذي) تتحول إلى بيان مقاومة، حيث يضع منير تجربته الشخصية كمرآة لتجارب كل إنسان يكافح للحفاظ على ذاته وسط صعوبات الحياة.

الجدل: بين الإبداع وحقوق الذاكرة.. إثارة الجدل حول استعارة منير مطلعًا من قصيدة (فؤاد حداد) أعادت النقاش حول الملكية الفكرية وحدود الاقتباس.

لكن بعيدًا عن هذا الخلاف، يظل المدهش أن النص – حتى وإن استند إلى إرث شعري – قد انصهر تمامًا في هوية منير، ليبدو وكأنه مكتوب خصيصًا له.

رضا العربي يكتب: (أنا الذي) لمنير.. (أنا ابن كل اللي صانك)
هذه الأغنية ليست مجرد عمل موسيقي عابر، بل يمكن قراءتها كـ مانيفستو شخصي للفنان محمد منير

(أنا الذي) كمانيفستو فني

هذه الأغنية ليست مجرد عمل موسيقي عابر، بل يمكن قراءتها كـ مانيفستو شخصي للفنان محمد منير:

اعتراف بالهشاشة.

احتفاء بالأصالة.

مواجهة للزمن.

واحتضان للجمهور الذي رافقه نصف قرن.

(أنا الذي) تعكس فلسفة منير في الفن والحياة: أن الغناء ليس للتسلية فحسب، بل هو وثيقة وجودية تُكتب بالنغمة، وتُوقَّع بالبحة التي تحمل آثار العمر، لكنها في الوقت ذاته تُشع نورًا جديدًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.