رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(محمد رمضان).. إلا الحماقة أعيت من يداويها!

(محمد رمضان).. إلا الحماقة أعيت من يداويها!
يتغذى على وهم صنعه لنفسه ويسكن خياله المريض
(محمد رمضان).. إلا الحماقة أعيت من يداويها!
محمد حبوشة

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

يثبت (محمد رمضان) يوما تلو الآخر أن (لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها)، وهو في هذا الصدد للأسف ما زال يتغذى على وهم صنعه لنفسه ويسكن خياله المريض.. ولأنه اعتاد الاستفزار يخرج علينا بحديث ممجوج ليؤكد أنه (نمبر وان).. هذا اللقب الذي اخترعه من بنلت أفكاره الفاسدة من أجل ركوب الترند فور تواري الأضواء  عنه قليلا.

فمند أيام قليلة خرج علينا (محمد رمضان) بعد فشله في إثبات حقيقة دعوته من جانب (لارا ترامب) في الحفل الخيري الذي حضره كأي فرد عادي، وحتى يسلط أضواء زائفة على نفسه، خرج علينا ليردد في حوار فج يؤكد من خلاله أنه أصبح بطلا سينمائيا في سن صغيرة، ثم يقارن نفسه بعادل إمام.

وكأن المقارنة هنا وحدها كفيلة بأن تمنحه التفوق على تاريخ نجم نجوم مصر والعرب، كما أنه تناسى في الوقت ذاته نجومية عظماء الفن المصري أمثال (عمر الشريف، شكري سرحان، رشدي أباظة) وغيرهم ممن ملئوا الدنيا شهرة ونجومية وكانوا أبطلا مرموقين في العشرينيات من أعمارهم.

يتباهى (محمد رمضان) بأنه في السابعة والثلاثين الآن، بينما لم يحصل الزعيم على بطولته المطلقة إلا في السادسة والثلاثين، ولست أدري أي حماقة تلك التي رواد خيال (محمد رمضان) نجم العشوائية والعنف وضرب القيم المصرية في السينما والدراما التلفزيونية ليرصد مسيرة زعيم الكوميديا المصرية العربية بكل هذه البجاحة.

الموتور (محمد رمضان) الذي أعمته الشهرة والفلوس، وذهب في غيه نحو تقديم أنواع من الغناء الرديئ، يتصور أن السبق في السن قيمة في حد ذاتها، ولو كان يدرك أبجديات الفن، لعرف أن كثيرين من قبله من نجوم هذه الأيام مثل (أحمد عز، كريم عبد العزيز) وغيرهم، نالوا بطولة مطلقة قبل سن (عادل إمام) الذي يتجرأ ويشير إليه، فهل صاروا مثله؟

(محمد رمضان).. إلا الحماقة أعيت من يداويها!
الزعيم عادل إمام

مكانة الزعيم عادل إمام

والسؤال الذي لابد أن يطرأ على ذهن أي مراقب لحركة الفن المصري الحديث والقديم، هل يمكن أن يمنح التاريخ له ولأمثاله من الشباب الحالي مكانة الزعيم، كرائد من رواد صناعة السينما والتلفزيون ومن فوق هذا وذاك صنع بهجة سكنت الروح المصرية والعربية على جناح الكوميديا.

ثم يأتي سؤال أهم آخر، وهو: هل يمكن أن يصمد (محمد رمضان) 50 سنة ويكون نجم النجوم الأول على مر الأجيال؟.. أشك!.. فالفن الرديء الذي يقدمه لن يبقى طويلا ولن يكتب في سجل الفن المصري الحقيقي، لأنه ببساطة لايعبر عن قضايا المجتمع، بقدر ما يجنح نحو تزييف الواقع الذي يعمد إليه من فيلم إلى آخر، ومن مسلسل لمسلسل يرسخ للعنف والعشوائية.

وبنظرة فاحصة على مسيرة (محمد رمضان) سوف نلحظ أنه لم يتمكن أن يكون (نمبر وان) في السينما بين جيله، في ظل أفلام تجنح نحو البطل الأوحد الذي يحارب طواحين الهواء بالسنج والمسدسات، وأساليب العنف التي جعله منهجا لأفلام التي لا تعالج قضايا، بل تقدم عنفا للعنف.

وأقول له: انتبه إلى نفسك فالحقائق أقسى من أوهامك يا رمضان، أنت صاحب أفلام باهتة لا يتذكرها أحد، ومسلسلات مؤقتة ارتبطت بموسم رمضان، ربما تكون قد حققت لحظات تريند على الشاشات في حينها، لكنها سرعان ما اختفت.. فكل ما حققته انطفأ وكأنه لم يكن، لكن المال، كعادته، خطير على المجانين والمهاويس أمثالك من فاقدي العقل والمنطق والقيمة.

وحتى إذا أراد (محمد رمضان) أن يطلق على نفسه (نمبر وان) في أغنيات تتسم بالنرجسية والشفونية فإن هذا يسكن في خياله وحده، لأنه ببساطة يؤدي خليطا من المهرجانات والراب المسف في كلماته تافهة، معتمدا على مسرح البهرجة التي تثير الاسمئزاز لدى العقلاء من الجمهور.

الحقيقة المرة التي لا يدركها (محمد رمضان) أنه أضاع بفعل وهج الملايين التي هطلت عليه سريعا قطاع كبير من الشباب، عندما تعمدوا إلى تقليده بفرط من جهل، لقد ظن أن الثراء الذي حققه مرادف لموهبة جبارة أو ذكاء لا مثيل له، وهو في واقع الأمر ليس سوى غثاء سيل يضر أكثر مما يفيد.

(محمد رمضان) يحاول عنوة أن يقدم نفسه على أنه مطرب وراقص ومؤثر وقائد جمهور، والحقيقة -التي أقتبسها من أحد العقلاء – واضحة كالشمس: (لقد ركب (زحليقة)، وظنها صاروخا، والهوة تقترب وهو لا يراها، فكم مرة قدم أغنية جديدة يروج لها بفعل رجيم على السوشيال ميديا وسرعان ماتزول أثارها بعد أيام قليلة من إصدارها، وكم من مسلسلات تشهد على الضعف دون أن يقوم نفسه، فمن عمل لآخر لايجد سوى العنف منهجا).

(محمد رمضان).. إلا الحماقة أعيت من يداويها!
الثراء لا يشتري احتراما يارمضان، والزمن لا يتذكر إلا الفنان الحقيقي المهموم بقضايا شعبه وأمته

يركبه الغرور والتعالي

و(لأنه يركبه الغرور والتعالي، يظن نفسه ما زال شابا صغيرا لا يرى أن الثلاثينيات تنفرط من بين أصابعه، وأن الجيل الأصغر من المطربين الحقيقيين يزاحمونه بكلمات وألحان تعبر عن جيل ضائع، وأن الجمهور يشيح بوجهه عنه شيئا فشيئا، وعندما يستيقظ من الوهم، لن يجد أمامه إلا الحقيقة الفاضحة وهى أن المال لا يصنع تاريخا يبقى في ذاكرة الجمهور الذي يسقط معه في براثن التردي).

(الثراء لا يشتري احتراما يارمضان، والزمن لا يتذكر إلا الفنان الحقيقي المهموم بقضايا شعبه وأمته، وذلك من خلال شريط سينمائي جاد ودراما تلفزيونية حقيقية تسقط على الواقع بقضايا حياتية تشبهنا بعيد عن توابل الحارقة التي تذروها الرياح بمجرد انتهاء موسم رمضان).

ألا يدرك (محمد رمضان) أنه توارى كثيرا خلال المواسم الثلاثة الماضية في رمضان عندما فشل في إيجاد موضوع جاد يمكن من خلاله أن يقدم نفسه كبطل أو (هيرو) عبر قضايا حياتية حقيقية من رحم الترجيديا الإنسانية التي تبقى في الذاكرة؟

ظني أن المال أعماه عن حقيقية: (أن الفن هو تعبير إنساني إبداعي يستخدم المهارة والخيال لنقل الأفكار والمشاعر، وغالبًا ما يكون في شكل مرئي، سمعي، أو أدائي، لتقدير الجمال أو القوة العاطفية).

وأعتقد أنه لايعي أن (الفن هو القدرة على توليد أفكار جديدة ومختلفة، وتقديمها باستخدام مهارة فنية واضحة، كما أنه يمثل وسيلة قوية للتعبير عن مشاعر الفنان وأفكاره، ونقلها للجمهور). 

يهدف الفن الذي يخاصمه (محمد رمضان) إلى إثارة المشاعر أو تقديم قيمة جمالية تجعل المتلقي يقدّر قوته أو جماله، ومن ثم يتم اكتساب الفن وتنميته من خلال الدراسة والتمرين والممارسة، وليس مجرد موهبة فطرية، وهى فضيلة لا يعرفها طالما يسير على درب الاستسهال.

(محمد رمضان).. إلا الحماقة أعيت من يداويها!
رقص ومجون وأفعال لا يقبلها العقل والمنطق

لايعرف رسالة الفن

قديما: ارتبط الفن بالإبداع والإتقان والمهارة، وكان يطلق على أي عمل يظهر فيه الإتقان اسم (فن)، لكن أين (محمد رمضان) من هذا الفن؟

حديثًا: أصبح الفن أكثر ارتباطًا بالتعبير الفردي والرؤى الجديدة، مع الاعتراف بالنزاعات التصنيفية حول ما يُعد فنًا أم لا.. تعددت المفاهيم ولا يوجد تعريف واحد متفق عليه عالميًا للفن، لكنه يظل مفهومًا دائمًا في التطور ويشمل كل ما له علاقة بالمهارة والإبداع والتعببير. 

وكل ماسبق حول مفاهيم الفن لايقترب منها (محمد رمضان)، ببساطة لأنه جاهل لايعرف أنه جاهل لايعرف أن رسالة الفن إنسانية بطبيعتها، تحاكي تفاعل الإنسان مع آثار الجمال في الوجود، وتروي معاناته وأشجانه وفرحه وحزنه وتطلعه للتحرر من أسر المادة وقيد الاستعباد، بقوالب الجمال في فنون الغناء والموسيقي والرسم والتمثيل وغير ذلك.

الفنان يأاخ (محمد رمضان) يمتح من معين مجتمعه وينبض فنه بدقات نبضه، والفن دائما كان مع العدل والحرية والخير، مادحا وطالبا أو واصفا بشاعة فقْدِ ذلك في مجتمعات الظلم والاستبداد أو في أخلاق الكراهية والعنف.

وأخيرا أسأل الأراجوز (محمد رمضان): هل تعرف أن الفن ابن الحرية، منها روحه وهو صورة جمالها، ‏ومتى تغنى لغيرها عقَّها، وأضحى مسخاً لقيطاً مشوها، ‏والفنانون أصوات الشعوب؛ فإذا تنكروا لآمال شعوبهم ومعاناتهم؛ خانوا الأمانة ومسخوا فنهم.

لم يعهد في عصور التاريخ فن يجمل الاستبداد أو يقبح العدل أو يذم الحرية ويمدح الظلم.. إلا في المجتمعات العشوائية التي استعملت الفن والفنانين أدوات ووسائط للدعاية وأبواقا لمدح الحاكم وتأليهه، وتدجين الشعوب بدين الانقياد ودين الخنوع والاستعباد.. وتسمى أعمالهم زورا بالأعمال الوطنية لأن الحاكم هو الوطن في أوطان الاستبداد.

الفنان الحق هو ضمير أمته الحي الذي يغني حريتها وينشد عزتها.. هو من يربط مجده الفني بمجد أمته وعزتها.. هو يسخر جمال موهبته في نشدان الخير والحق للإنسانية، لا القبح وترسيخ العنف وغيرها من موبقات تسميها أنت فنا.. أفق قبل فوات الأوان، فليس في رصيدك عمل واحد يطلق عليه فن!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.