رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بهاء الدين يوسف يكتب: الحقيقة والأوهام في إصلاح أحوال (الصحافة) و الإعلام

بهاء الدين يوسف يكتب: الحقيقة والأوهام في إصلاح أحوال (الصحافة) و الإعلام
اختيار الشخصيات المنوط بها تطوير المهنة، في وقت يتم فيه تجاهل دعوة ممثل من نقابة الصحفيين

بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف

لم أتفاءل مثلما فعل الكثيرين عندما أصدر الرئيس السيسي توجيهاته خلال اجتماع للمسؤولين في الهيئات الوطنية للإعلام و(الصحافة)، قبل أسابيع بتطوير وتحسين المناخ الإعلامي في مصر، ورفع سقف الحريات المتاح له.

فقد لاحظت بداية غياب نقيب الصحفيين وممثلهم الشرعي عن الاجتماع لأسباب لا أعرفها، ثم تأكدت شكوكي بعد الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الهيئة الوطنية للصحافة قبل أيام، عددا من شيوخ المهنة كما قيل، لبحث كيفية تطوير (الصحافة)، وتنفيذ تعليمات الرئيس.

الملاحظات على ذلك الاجتماع عديدة، أولها أن معظم من تم توجيه الدعوة إليهم من الأساتذة الذين ودعوا المهنة فعليا قبل سنوات طويلة، ولم يعد يربط معظمهم بها سوى مقالات يكتبها بعضهم عن جدارة واستحقاق، وأغلبهم من باب التكريم لمشوارهم الصحفي الطويل.

وربما من هذا المنطلق يستحق الاجتماع أن يوصف بـ (التاريخي) ليس لأهميته، لأن توصياته غالبا لن ترى النور، وسوف تكون بعيدة عن واقع المهنة الحالي وتحدياتها المستقبلية، وإنما هو تاريخي فقط كونه استدعى أساتذة وخبراء من كتب التاريخ لحضور الاجتماع!

كما كان غريبا دعوة قامتين من رجال الأدب والشعر، هما الأساتذة (أحمد عبد المعطي حجازي، ويوسف القعيد)، لحضور اجتماع يبحث كيفية تطوير مهنة لم يكن الاثنان يوما من المتخصصين فيها أو العاملين المحترفين بها.

لا افهم وجهة نظر أصحاب الدعوة الى هذا الاجتماع الغريب، ولا طريقتهم في اختيار الشخصيات المنوط بها تطوير المهنة، في وقت يتم فيه تجاهل دعوة ممثل من نقابة الصحفيين، لكنه أمر بات مألوفا في الفترة الماضية. 

بهاء الدين يوسف يكتب: الحقيقة والأوهام في إصلاح أحوال (الصحافة) و الإعلام
يظن البعض أن تطوير (الصحافة) يشبه (كتب الكتاب)

تطوير (الصحافة) يشبه (كتب الكتاب)

فقد تم اختيار رئيس للهيئة الوطنية لـ (الصحافة) – وهو رجل محترم بحسب شهادة كل من تعامل معه – لكن كل ما يربطه بالمهنة أنه كان مهندسا مسؤولا عن مطابع مؤسسة روزاليوسف، دون أن يعمل يوما في المهنة أن يعايش مشاكلها وهمومها.

قد يكون (عبد الصادق الشوربجي) إداريا محنكا ومحترفا، وأعرف انه سعى ونجح في حل عديد المشاكل عندما كان رئيسا لمجلس إدارة روزاليوسف، كما يشهد له تدخلاته الحاسمة من خلال منصبه الحالي، لكنه يظل مفتقدا لجانب أساسي هو الحس والرؤية الصحفية التي لا تكتسب بالممارسة.

فهل يظن البعض أن تطوير (الصحافة) يشبه (كتب الكتاب) حين تقوم العروس بتوكيل والدها أو شخص من من كبار أفراد عائلتها الذكور، ليكون مندوبا عنها، يجلس في مواجهة العريس ويتحدث نيابة عنها، ويسعى لحماية مصالحها؟!

وحتى  إذا افترضنا إمكانية ورود تلك الفرضية في أذهان البعض، فكيف يمكن تركيبها على حالة الاجتماع المشار إليه، باعتبار أن الداعي له هو نفسه ابو العروس، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة الذي يمثل المهنة.

وهنا يكون من الغريب فعلا أن يدعو أبو العروس ضيوفا من الأقارب والجيران و(أهل الحتة) لاجتماع يناقش فيه مستقبل ابنته العروس، ويستمع الى وجهات نظرهم وارائهم حول علاقة العروس بعريسها وبالناس، بينما هي غائبة تماما؟!

ثانيا، ألم يجد الداعون للاجتماع صحفيين محترفين ممن لا يزالوا يمارسون المهنة لحضور الاجتماع والمشاركة في النقاش، ربما يكون لدى بعضهم ما يضيفونه، خصوصا ممن خاضوا تجارب ناجحة في العمل بالصحف العربية والصحف العابرة للحدود؟!

أليس من المهم ونحن نعقد اجتماعا موسعا لبحث كيفية تحسين أحوال مهنة (الصحافة) في مصر، أن نطلع على تجارب الصحف في البلدان الاخرى، خصوصا الصحف التي تتخذ من لندن مثلا مقرا لها، كونها تخاطب كل الشعوب العربية وليس فقط شعبا واحدا محددا؟!

بهاء الدين يوسف يكتب: الحقيقة والأوهام في إصلاح أحوال (الصحافة) و الإعلام
نحن نتحدث عن تطوير المهنة، الذي يقتضي في جانب رئيسي منه مواكبة الرقمنة والتواجد

مواكبة الرقمنة

وهل يعقل ونحن نتحدث عن تطوير المهنة، الذي يقتضي في جانب رئيسي منه مواكبة الرقمنة والتواجد على وسائل التواصل الاجتماعي، أن نستعين على ذلك، باستشارة شيوخ المهنة، الذين لا يعرف بعضهم كيفية ارسال ايميل، ومعظمهم ليس لديه تواجد من الأصل على أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي؟!

في زمن قديم اختار المخرج المبدع (كمال الشيخ) اسما لفيلمه هو (على من نطلق الرصاص)، وهو اسم يحمل من التشكيك في بعض المسلمات المجتمعية أكثر بكثير مما يحمل من التساؤل أو الاندهاش، ومن المصادفات أن بطل الفيلم (محمود يس) كان يعمل صحفيا أيضا.

وبعد 50 عاما من عرض الفيلم، تبدو الحاجة ملحة لطرح سؤال يحمل الكثير من التشكيك في مضمون الاجتماع، وهو (على من نحاول التحايل؟!، وهل مثل هذه الاجتماعات يمكن أن تقود فعليا لتحويل تعليمات الرئيس الى واقع ملموس على بلاط صاحبة الجلالة؟!

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.