رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رضا العربي يكتب: (فضل شاكر) جاء بالقاضية ف الدقيقة 90

رضا العربي يكتب: (فضل شاكر) جاء بالقاضية ف الدقيقة 90
أغنية (صحّاك الشوق)، أسطورة فنية، رجعتلنا الأمل بالفن بعد ما كنا فاقدينه
رضا العربي يكتب: (فضل شاكر) جاء بالقاضية ف الدقيقة 90
رضا العربي

بقلم الناقد الموسيقي: رضا العربي

يجلس (فضل شاكر) على كرسي في غرفة، ينشر حوله عدداً من أشرطة الكاسيت، أعقاب سجائر، فنجان قهوة، بضع كلمات فقط مع لحن هارب من تسعينيات القرن الماضي، قليل من التمتمة والتنهيدات.

يتمايل (فضل شاكر) ثم يسأل: (صحاك الشوق؟).. لا يحتاج إلى أكثر من ذلك لينقلنا نحن أبناء ذاك الجيل المرهق إلى عصر ما قبل التعب، ما قبل الإنهاك، إلى مراهقة أو شباب ما زلنا نتساءل كل يوم لماذا وكيف مضت بلمح البصر، بدهر من كوارث، شعرنا بها ولم نشعر. ‏يغني من داخل مخيم.

وبأدوات بسيطة جداً، مايك وكاميرا وغرفة مغلقة، لا نساء فاتنات، لا سيارات فارهة، لاشركة إنتاج مشـهورة، لا أدوات تجميل، لا أزياء استعراضية، ولا تعديل في الصوت الحقيقي.

بكل هذه البساطة يغني (فضل شاكر) بألبومه الأخير ليبهر الجمهور العربي بإحساس ينسيك كل شيء حتى نفسك، يعيد للفن الحديث ما فُقد، بسبب كثرة فقاعات الصابون ممن ظنواً أنفسهم نجوماً.. كل السوء الفني الحاصل مؤخراً يكّفـر عنه (فضل شاكر) بإصداره الغنائي الجديد.

أغنية (صحّاك الشوق)، أسطورة فنية، رجعتلنا الأمل بالفن بعد ما كنا فاقدينه.. يُعد (فضل شاكر) واحدًا من أبرز الأصوات الرومانسية في العالم العربي، حيث استطاع بصوته الدافئ وأسلوبه الصادق أن يترك بصمة مميزة في وجدان الجمهور.

رضا العربي يكتب: (فضل شاكر) جاء بالقاضية ف الدقيقة 90
أغنية (صحاك الشوق)، تأتي كإحدى المحطات الغنائية التي جسّد فيها حالة العشق والشوق بأرقى صورة

حالة العشق والشوق

أغنية (صحاك الشوق)، تأتي كإحدى المحطات الغنائية التي جسّد فيها حالة العشق والشوق بأرقى صورة، فجمعت بين قوة الإحساس وعذوبة اللحن لتصبح من الأعمال التي لامست القلب مباشرة.

(صحاك الشوق) من نومك

وبقلبي تعا كفي نومك

لا يومي يخلص ولا يومك

إلا بلقاك يا حبيبي

تعى عيش الحب وأياموا

ونوعي كل اللي نامو

دخيلو الحب وكلاموا

ودخيلو قلبك يا حبيبي

على شي سهره فيها غمره

وشاهد علينا القمر

وانتَ حدي مابقى

بدي الوقت يعدي يا قمر

صحاك الشوق من نومك

وبقلبي تعا كفي نومك

لا يومي يخلص ولا يومك

إلا بلقاك يا حبيبي

تعى عيش الحب وأياموا

ونوعي كل اللي نامو

دخيلو الحب وكلاموا

ودخيلو قلبك يا حبيبي

الدنيا بنعيشا مره نخليها حلوة

ليه مرة رح ضلني حبك كل مرة

مثل الأول يا حبيبي

يا رب يخلي ضحكاته

وما يشوف الهم بحياته

وتضل الفرحة جواته

ترسم لياليك يا حبيبي

على شي سهره فيها غمرة

وشاهد علينا القمر وانتَ حدي

مابقى بدي الوقت يعدي

يا قمر صحاك الشوق

من نومك وبقلبي

تعا كفي نومك لا يومي يخلص

ولا يومك إلا بلقاك

تعى عيش الحب وأياموا

ونوعي كل اللي نامو

دخيلو الحب وكلاموا

ودخيلو قلبك يا حبيبي.

رضا العربي يكتب: (فضل شاكر) جاء بالقاضية ف الدقيقة 90
النص الغنائي يقوم على ثنائية الغياب والحضور

ثنائية الغياب والحضور

النص الغنائي يقوم على ثنائية الغياب والحضور؛ إذ يتحدث الشاعر عن لحظة يستيقظ فيها الشوق في قلب المحب، فيُحيي داخله مشاعر دفينة..

الكلمات تنقل المستمع من حالة هدوء وسكون إلى حالة اشتعال عاطفي مفاجئ، وكأن الشوق كائن حي يطرق باب القلب متى شاء. يلاحظ أن النص اعتمد على لغة بسيطة، لكنها عميقة الإيحاء، مما جعلها قريبة من المستمع العادي.

وفي الوقت نفسه ذات قدرة على التعبير عن التجربة الإنسانية المشتركة: الانتظار والحنين.. اللحن حمل طابعًا شرقيًا كلاسيكيًا، بُني على مقامات عاطفية مثل البياتي والكرد، وهى مقامات غالبًا ما تُستخدم في الأغاني التي تحمل طابع الشجن والتحنين التوزيع الموسيقي جاء متوازنًا بين الآلات الوترية (الكمان والعود).. التي عززت حالة الحنين، والإيقاع الهادئ الذي منح الأغنية دفئًا وهدوءًا يناسب طبيعة النص.

(فضل شاكر) وظّف صوته بذكاء كبير؛ فقد بدأ الأغنية بنبرة هادئة أقرب إلى الهمس، وكأنه يستدعي ذكرى قديمة أو يتحدث مع نفسه.. ثم ارتفع بالأداء تدريجيًا ليصل إلى ذروة عاطفية تتماشى مع انفجار الشوق في النص. هذه الديناميكية في الأداء جعلت المستمع يعيش رحلة وجدانية كاملة من بداية الأغنية حتى نهايتها.

ما يميز الأغنية أنها لا تكتفي بتصوير مشاعر المحب، بل تدفع المستمع إلى استحضار تجاربه الخاصة مع الحنين والانتظار.. فحين يغني فضل شاكر: (صحاك الشوق)، يشعر السامع أن الكلمات تخاطبه شخصيًا، وأنها صدى لمشاعره الداخلية.

هذه القدرة على تحويل النص الغنائي إلى تجربة جماعية هى سر خلود الأغنية.. بل سر خلود الفن ذاته أغنية (صحاك الشوق) ليست مجرد عمل غنائي عاطفي تقليدي، بل هي لوحة وجدانية متكاملة اجتمع فيها الشعر البسيط العميق، واللحن الشرقي الأصيل، والأداء الصادق لفضل شاكر.

ولعل سر نجاحها المستمر يكمن في صدق الإحساس الذي يطغى على كل تفاصيلها، حتى أصبحت مثالًا على أنه يمكن للفن أن يترجم لغة الشوق والحنين بلغة يفهمها كل قلب عاشق.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.