(عصام حجاوي) يرد على (رواق الثقافة) ويشرح سر تراجع دور الدراما الأردنية.

كتب: أحمد السماحي
منذ يومين عرض التليفزيون الأردني الرسمي حلقة مثيرة للجدل والأهتمام في برنامج (رواق الثقافة) الذي يقدمه الأديب والأعلامي الكبير (هزاع البراري)، عن (الدراما الأردنية، كيف كانت؟، وكيف أصبحت؟).
واستضاف برنامج (رواق الثقافة) الأديب الكبير (د. حسين العموش)، والمخرج التلفزيوني، ونقيب الفنانين الأردنيين (محمد يوسف العبادي) فقط!، وفي بداية الحلقة طرح مقدم البرنامج عدة أسئلة مؤلمة تثير الحزن عن هذه الصناعة الأردنية العريقة.
فسأل (البراري): كيف كانت الدراما الأردنية في الماضي متطورة، ولها حضورها الكبير على الساحة المحلية والعربية؟، ولماذا أصبحت الأردن في هذه المرحلة محط أنظار العرب؟
ولماذا خفت نجم الدراما الأردنية، وتراجعت أيضا محليا وعربيا؟، ولماذا النجم الأردني يقدم الكثير على الساحة العربية، لكن محليا لا يكون ذاك الزخم الفني؟
وماذا عن القطاع الخاص ودعمه للدراما الأردنية؟ ولماذا تخصصنا في الدراما البدوية، ولم نوسع التخصصات الأخرى؟
رغم أهمية حلقة برنامج (رواق الثقافة) التى نقاشت جرح غائر في أذهان وعقول معظم النجوم الأردنيين والمتخصصين، لكن لفت نظرنا غياب المتخصصين من أهل المهنة مثل الفنان الذي كان يجب أن يكون حاضرا ليحكي تفاصيل معاناته الحالية.
والصعوبات التى يعيشها ويمر بها، وأيضا غياب المنتج الذي يضخ أمواله ليرفع راية الأردن عالية في التجمعات والمهرجانات العربية والعالمية، خاصة وأن الدراما الأردنية أعمدتها الأساسية الحالية من منتجين القطاع الخاص.

عصام حجاوي يرد ويتحدث
هذه الملاحظات التى دارت في أذهاننا بعد مشاهدة الحلقة، دارت في ذهن المنتج الأردني الكبير (عصام حجاوي) أحد أعمدة الدراما الأردنية، وهو ما لفت انتباهنا إلى هذه الحلقة المهمة التى ناقشت بكل حب الدراما الأردنية، وأرسل لنا هذا الرد على ما جاء في هذه الحلقة.
حيث قال (حجاوي) صاحب أشهر الأعمال الدرامية الأردنية : بدايةً، أود أن أؤكد احترامي وتقديري العميقين للأديب (هزاع البراري)، مقدم حلقة برنامج (رواق الثقافة).
والتي بثها التلفزيون الأردني مؤخرًا حول الدراما الأردنية، وكذلك لضيفها الأديب الكبير د. حسين العموش، وللمخرج التلفزيوني، ولزميلنا نقيب الفنانين الأردنيين الأستاذ محمد يوسف العبادي، الذي نعرف خبرته الواسعة وإلمامه الكامل بواقع الفن والفنان الأردني.
إلا أن ما أثار استغرابي، هو غياب صوت أحد أهم أركان صناعة الدراما عن هذه الحلقة، وهو المنتج الأردني، رغم أن حضوره أساسي لفهم المشهد الدرامي بشموله، والوقوف على جذور التحديات والحلول الواقعية.
لقد طُرحت في حلقة برمامج (رواق الثقافة) آراء عامة عن المشكلات والحلول، لكن دون الغوص في التفاصيل الجوهرية أو الإشارة إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تراجع الدراما الأردنية وتوقفها شبه الكامل اليوم.
ودون التطرق إلى الدور الإيجابي المحوري الذي لعبه المنتج الخاص في إبقاء الدراما الأردنية، والفنان الأردني حاضرين على الشاشات العربية.


القطاع الخاص هو الحامي الحقيقي
فمنذ أكثر من خمسة وثلاثين عامًا، كان القطاع الخاص هو الحامي الحقيقي لاستمرار الدراما الأردنية، بينما بقي دور القطاع العام محدودًا ومتقطعًا، إذ لا ينتج إلا على فترات متباعدة وبعد مطالبات حثيثة.
وغالبًا ما تبقى أعماله حبيسة الشاشة المحلية، في المقابل، قدّم القطاع الخاص أعمالًا أردنية وصلت إلى أهم القنوات العربية مثل mbc وأبوظبي ودبي وروتانا، بل وإلى منصات عالمية.
تاريخيًا، كانت تكلفة المسلسل قبل أزمة الخليج لا تتجاوز خمسين ألف دولار، ورغم غياب الفضائيات والمنصات حينها، كان الأردن نشطًا ومبدعًا، والفنانون الأردنيون محل تقدير عربي.
لكن مع أزمة الخليج، تعرض الأردن، بما فيه الفن الأردني، لمقاطعة قاسية، وصلت إلى حد رفض أي عمل عربي يحتوي على اسم فنان أردني.
ورغم ذلك، صمد القطاع الخاص وابتكر حلولًا للحفاظ على الفنان الأردني، فيما بقي القطاع العام متفرجًا، ومع انتهاء المقاطعة، واجهنا منافسة شديدة من الدراما السورية والخليجية المدعومة بقوة.
ومع دخول الفضائيات والمنصات، تضاعفت كلفة الإنتاج إلى ملايين الدولارات، ولأن إعادة بناء الدراما العصرية الأردنية تتطلب ضخ استثمارات كبيرة لسنوات، فإن هذا العبء لا يمكن أن يتحمله القطاع الخاص وحده!.
بل يحتاج إلى تدخل حكومي جاد، وللأسف لم تتعامل الحكومات الأردنية المتعاقبة مع الفن كضرورة وطنية، بل كترف، ما حال دون طرح حلول جذرية.
ولتجنب غياب الدراما الأردنية، لجأنا إلى المسلسل البدوي الذي تميزنا به عربيًا، وحققنا من خلاله حضورًا وجوائز، لكنه اليوم يواجه تراجعًا في التسويق، خاصة مع فتور اهتمام الجيل الجديد بالمسلسلات التاريخية.
إن الحل الذي طرحناه مرارًا، قبل الوصول إلى مرحلة التوقف الحالية، هو تشكيل مجلس أعلى للدراما، يضم خبراء وفنيين مختصين.
يتولى إنتاج دراما أردنية عصرية، تزود المحطات العربية بأعمال ذات مستوى نوعي وكمّي لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، لاستعادة ثقة الجمهور والمستثمرين على حد سواء، وجعل الدراما الأردنية سلعة فنية وتجارية مجدية.
إن مستقبل الدراما الأردنية مرهون بإرادة جادة وتخطيط مدروس، قبل أن نفقد حضورنا الفني العربي، ومعه وجود الفنان الأردني على الشاشات.