


بقلم الناقدة: علا السنجري
عندما أتابع عمل درامي بغرض الكتابة عنه، اضع بجانبي كراسة صغيرة وقلم من أجل تسجيل ملاحظات عن كل حلقة، ولا أكتب مقالي كاملا إلا بعد أخر حلقة حتى يكون نقدي من مقعد المشاهد منصف مثل حالة مسلسل (كتالوج).
لكن هذه المرة بعد صدمة الحلقة الأولى من (كتالوج) وضعت علبة مناديل لكثرة بكائي الفكرة الرئيسية التي يناقشها المسلسل فكرة الفقد وكيفية التعامل معه، مما يثير بداخلك الحزن والبكاء على احباب رحلوا تاركين وراءهم شواهد قبور ،حنين دائم لهم .
الصدمة التي سببتها الحلقة الأولى من مسلسل (كتالوج) لي، هو عدم التوقع بموضوع الحلقة، فالبطل (يوسف) أخذ زوجته (أمينة) لشراء مدفن، والمفارقة هنا انها خايفة يكون مريض، لنجد لقطة ينزل (يوسف( ليشاهد القبر من الداخل، ليخرج في اللقطة التالية دون زوجته، لتبدأ معه رحلة التعامل مع فكرة فقدانها، وتعامله مع أولاده الذي اكتشف أنه لا يعرف شيئا عن روتين حياتهم وعاداتهم اليومية.
(كتالوج) ليس مجرد إسم للعمل ولكنه (كتالوج) إرشادات للعلاقات الأسرية والاجتماعية للمشاهد قبل الأبطال بطريقة غير مباشرة، وإن كانت في بعض الأحيان تبدو مباشرة ، يعرض في ثماني حلقات مشاكل الزوج مدمن عمل، يهتم بعمله فقط، تاركا المسئولية كاملة لزوجته.
ليكتشف بعد وفاتها أنه لا يعرف شيئا عن أولاده ولا إدارة بيته، مشاكل فقد الزوجة أو الأم أو الأب، مشاكل كيفية التعامل مع مرض السرطان سواء من قبل المريض او من حوله، قد مررت بتجربة فقد والدتي واخي بعد صراع مع هذا المرض، فترات تمر بين اليأس والحزن، الأمل والدعاء، حتى تواجه قدر يعتبر امتحان كبير لإيمانك.
مسلسل (كتالوج) يغلب عليه الطابع الكوميدي، على الرغم من التعامل معه كدراما تقدم إرشاد للعلاقات، لكن تساؤلاتي هنا، لماذا نجعل الأب يدرك حقيقة التوازن بين العمل وعلاقته الاأسرية بعد فقد الأم، ربما كان ذلك من قبل المخرج في لفتة وفاء لوالده الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (الله يرحمه ).

تجارب مشاعر الفقد
لماذا هذا الكم من تجارب مشاعر الفقد في مجموعات نفسية ربما ليست منتشرة في مجتمعنا العربي بشكل كبير، أشعر أنها فكرة مأخوذة من أعمال السينما الامريكية، وكذلك فكرة برطمان الأولويات والاهتمامات.
اعتقد من وجهة نظري كمشاهد أن المخرج (وليد الحلفاوي) قام بإخراج هذه المواقف بطابع يتماشى مع مجتمعنا، ربما ليعبر عن فقده الشخصي لوالده، على عكس المواقف الكوميدية التي تشعر أنها مفتعلة أحيانا، كشراء (لانش بوكس) بـ 2000 جنيه، وجروب الماميز.
المواقف المؤثرة لضيوف الشرف في كل حلقة، تجعلك تتعاطف وتدمع معها في كل حلقة، موضوعة بشكل جيد فقط لتؤثر على تعاطف المشاهدين، والحصول على أعلى نسبة مشاهدة من خلال اختيار نجوم مشاهير كضيوف شرف لهذه المواقف، التي تدور حول كيفية التعامل مع شعور الفقد.

كنت أنتظر الكثير
الكتابة في (كتالوج) كنت أنتظر الكثير منها، خاصة إن (أيمن وتار) عمل في الكتابة الكوميدية من قبل، لكنه لجأ إلى الحلول السهلة لكل مشكلة تواجه الأبطال، كما حدث مع شخصية (القبطان)، الذي يعاني من خوف الخروج من البيت، وهو مرض نفسي يعاني منه البعض.
لنجده في آخر حلقة يخرج بلا أي مقدمات أو خضوعه للعلاج، فكرة ظهور حب في حياة (يوسف) في فترة التأقلم مع أولاده بعد وفاة زوجته تقليدية جدا، كذلك مشكلة المراهقة التي تمر بظروف خاصة وهى بلا أم تم حلها أنها عارفة كيفية التصرف، وغيره من المواقف التي جعلت الأبطال تبدو مثل قطع الحلوى ملفوفة في ورق ستان.. مشاكل حقيقية وحلول تقليدية و كارتونية جدا.
تستطيع أن تعتبر العمل لايت مؤثر عاطفيا، تخلص علبة مناديل وأنت تشاهد، (محمد فراج) أداء المعتاد من الانفعالات، لم يقدم جديد على الرغم إنه يمتلك الكثير.
ريهام عبد الغفور (الحربايه) التي تتلون في كل دور وتقدم الأفضل،جريئة في الشكل بالتخلي عن المكياج، لتجعل شخصية أمنية صادقة جدا، ونجاح في نقل مشاعر الشخصية الداخلية والخارجية، وحالات الصراع مع المرض.
(خالد كمال) موهبة حقيقة في دور (حنفي)، تعايش كامل الدور من حركات الجسد وتعبيرات الوجه، دراسة واضحة لتشنجات المرض والإغماء، حنان مطاوع (حنة بت القبايل) قادرة على أن تبكيك وتنفعل معها حتى لو في مشهد واحد، انفعالاتها صادقة.

تلقائية في الأداء
(أحمد عصام) موهبة قادمة، لديه تلقائية في الأداء، وأنتظر الكثير من (ريتال عبد العزيز)، فهي طبيعية وأتمنى أن تجد أدوار تظهر موهبتها، بيومي فؤاد أداء رائع جدا بعيد عن الاستظراف و افتعال الافيهات .
(سماح أنور) حولت أم شوقي لتريند المسلسل، استطاعت تقديمها بشكل لايت كوميدي، جعلت المشاهد ينتظر مشاهدها، على الرغم من استظراف الإفيهات اللي كاتبها (أيمن وتار).
دنيا سامي الأكثر خفة وإتقان، تارا عماد أداء معتاد أيضا لها، الطفل (علي البيلي) أيضا نفس الأداء والتعبيرات في (لام شمسية).
جميع ضيوف الشرف ظهروا بمشاركة جيدة مثل (صدقي صخر، وفيدرا)، القديرة (عزة لبيب، وطه دسوقي، ومحمد شاهين، وأمينة، حمزة العيلي)، الذي يثبت أن الموهبة تثبت نفسها حتى لو كان المشهد دقيقة واحدة، (جيلان علاء وداليا الجندي) كانوا لايت كأمهات من جروب الماميز.
محمد محمود عبد العزيز ولفتة الوفاء لوالده الفنان الساحر، ظهور الخطيب في العمل رائع جدا.
إذا قررت متابعة (كتالوج) أو مشاهدته مرة أخرى، نصيحة اشتري لكل حلقة علبة مناديل لإنه عمل قادر على إخراج نزيف الحزن الداخلي لديك.