رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟
ديفيد غروسمان
هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

في مقابلة نشرتها، صحيفة (لاريبوبليكا) الإيطالية، وصف الكاتب الإسرائيلي (ديفيد غروسمان)، الحرب التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة بأنها حرب (الإبادة الجماعية).

وقال: (رفضت لسنوات استخدام هذا المصطلح… لكن الآن لم أعد أستطيع منع نفسي من استخدامه، بعد ما قرأته في الصحف والصور التي رأيتها، فضلاً عن حديثي مع أشخاص كانوا هناك).

 (غروسمان) الكاتب المعروف والذي تُرجمت أعماله إلى لغات عدة منها الفرنسية والإنجليزية والإيطالية:، قال (بألم بالغ وقلب محطم، أضطر الآن للاعتراف بما يحدث أمام عيني في غزة هو حرب (الإبادة الجماعية)، مؤكداً تمسّكه (بشدة) بحل الدولتين.

وذلك لأنه بالدرجة الأولى (لا يرى بديلاً عنه)، مشيداً في هذا السياق بعزم الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر.

حديث (غروسمان)، يضاف لقائمة طويلة من قوائم الإعلاميين والكتاب والمفكرين الإسرائيليين والغربيين على حد سواء في توصيف حقيقة الوضع القائم في قطاع غزة، ليس ذلك فحسب، بل وفي وقت تزداد فيه وطأة الضغوط على إسرائيل والدول الداعمة لها.

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟
أفراد الجيش يتحدثون بصراحة أكثر من الوزراء عن جرائم حرب إسرائيل في القطاع

أبشع من جرائم النازية

قبل أيام فضح موقع (ديكلاسيفايد) البريطانى، السلوك الإجرامى الإسرائيلي في حرب (الإبادة الجماعية) على قطاع غزة، من خلال ما نقله عن تقرير للجيش البريطاني أن إسرائيل تقصف مستشفيات قطاع غزة بطرق لم تفعلها ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وأن هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي على هذه المستشفيات تشبه هجمات روسيا في أوكرانيا.

كاشفاً عن أن قلق الجيش البريطاني من سلوك إسرائيل يتناقض مع دفاع الحكومة عن تصدير أسلحة إليها واعتبارها لا ترتكب جرائم في غزة، مدعيا أن قواتها تنتهك معاهدات اتفاقية جنيف التي تحدد حماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب والنزاعات المسلحة.

كما ذكر موقع (ديكلاسيفايد) أنه تم السماح بمواصلة صادرات الذخيرة لمقاتلات (إف – 35) الأكثر تقدما في إسرائيل عبر دول وسيطة، كما قامت القوات الجوية الملكية البريطانية بالمئات من رحلات المراقبة الجوب فوق قطاع غزة منذ 2023.

لافتاً إلى أن أفراد الجيش يتحدثون بصراحة أكثر من الوزراء عن جرائم حرب إسرائيل في القطاع، وأنه بات من الشائع أن تجد قلقا عميقا بين القوات البريطانية بشأن سلوك إسرائيل في غزة.

وحسب موقع (ديكلاسيفايد)، وصف المقدم (ديريك تيدير) القوات العسكرية الروسية والإسرائيلية بأنهما أقل احتراما لأجزاء من اتفاقية جنيف مقارنة بالجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية.

وقال (تيدير): (في الحرب العالمية الثانية حتى الألمان احترموا هذا الجزء من اتفاقية جنيف)، وعبّر عن مخاوفه من مصير قوات الجيش البريطاني في حال مشاركته للقتال في صراع مشابه، متسائلا: (ماذا سيحدث لجنودنا المصابين بجروح بالغة على أرض المعركة؟).

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟
88% من التحقيقات العسكرية الإسرائيلية المتعلقة باتهامات بارتكاب جرائم حرب (الإبادة الجماعية)، أُغلقت!

التستر على الجرائم

الأكثر من هذا ما جرى الكشف عنه في سياق تقرير صادر عن (مجموعة مراقبة النزاعات) البريطانية، ومفاده أن نحو 88% من التحقيقات العسكرية الإسرائيلية المتعلقة باتهامات بارتكاب جرائم حرب (الإبادة الجماعية)، وانتهاكات ضد الفلسطينيين منذ بداية الحرب في غزة أُغلقت، دون توجيه تهم لأحد أو دون نتائج حاسمة.

هذه القضايا وبحسب التقرير، تشمل تحقيقات في حوادث قُتل فيها مئات الفلسطينيين في نقاط توزيع الغذاء، وفي قصف جوي على مخيمات اللاجئين، حيث ظلت معظم التحقيقات دون حسم أو معلقة لفترات طويلة.

كما لم يُحل بعد تحقيق في مقتل 31 فلسطينيا كانوا يتجهون لتسلم مساعدات غذائية في نقطة توزيع في رفح في الأول من يونيو الماضي، حيث قُتلوا بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية النار عليهم، وفقا لشهود عيان.

ونقل التقرير في هذا السياق عن (إيان أوفرتون) و(لوكاس تسانتزوريس)، وهما من فريق مجموعة المراقبة، قولهما: (إن الإحصاءات توحي أن إسرائيل تسعى إلى خلق نمط من الإفلات من العقاب) عبر عدم استكمال التحقيقات أو عدم العثور على خطأ في الغالبية العظمى من القضايا التي تتعلق بـ (أشد أو أشهر الاتهامات بسوء السلوك من قبل قواتها..

ورغم بعض الإجراءات القانونية التي أدت إلى سجن جندي واحد وفصل عدد من الضباط، فإن الغالبية العظمى من القضايا انتهت بعدم إثبات خطأ من قبل الجيش الإسرائيلي).

ويؤكد التقرير أهمية استمرار الضغط الدولي لضمان المحاسبة على أي مخالفات، وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب التي تهدد فرص تحقيق العدالة والسلام في المنطقة.

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟
إيريكا منديل

مراقبة محتوى منصة (تيك توك)

المثير للسخرية والغضب، هو إنه ومع توالى التصريحات والتقارير الإعلامية الإسرائيلية والغربية التي تفضح إسرائيل وجرائمها المتواصلة منذ نحو عامين بلا هوادة، هناك تقارير أخرى تكشف عن استجابة بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي العالمية للضغوط الإسرائيلية للتستر على تلك الجرائم من حرب (الإبادة الجماعية).

من ضمنها ما جرى الكشف عنه مؤخراً، في صحيفة (جويش إنسايدر) الأمريكية، التي نقلت بدورها عن مسؤولين كبار في إدارة منصة التواصل الاجتماعي (تيك توك): (إنه تم توظيف سيدة تدعى (إيريكا ميندل) للإشراف على سياسات مراجعة المحتوى لمكافحة خطاب الكراهية في الولايات المتحدة في التطبيق).

الموظفة الجديدة (إيريكا ميندل) التي وظفتها شركة (تيك توك) تربطها علاقات طويلة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي متعاقدة سابقة مع وزارة الخارجية الأمريكية عملت مع السفيرة (ديبورا ليبستادت)، المبعوثة الخاصة لإدارة بايدن لمراقبة ومكافحة معاداة السامية.

ووفقاً للوصف الوظيفي الرسمي الذي نشرته (تيك توك)، ستعمل (ميندل) على (تطوير ودفع مواقف الشركة بشأن خطاب الكراهية)، بهدف (التأثير على الأطر التشريعية والتنظيمية، وتحليل اتجاهات خطاب الكراهية) مع التركيز بشكل خاص على المحتوى المعادي للسامية.

وذكرت (ميندل) في صفحتها على (تيك توك) أن دورها الجديد في الشركة هو (مديرة السياسة العامة، خطاب الكراهية، في (تيك توك).

قبل عملها في وزارة الخارجية الأمريكية، كانت (ميندل) مدربة في سلاح المدرعات في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وفقاً للمعلومات التي قدّمتها عندما ظهرت في بودكاست مع اللجنة اليهودية الأمريكية، وقالت حينها (إنها تطوعت والتحقت بالجيش الإسرائيلي وخدمت لمدة عامين).

هذا المنصب أُنشئ بعد اجتماع رفيع المستوى ساعدت في تنسيقه رابطة مكافحة التشهير الصهيونية العام الماضي، وفقاً للمدير الوطني لسياسة مكافحة معاداة السامية في الرابطة (دان غرانوت)، وفي بيان نشرته صحيفة (جويش إنسايدر)، قال (غرانوت) إن هذا المنصب ظهر بوصفه (توصية رئيسية لجميع منصات التواصل الاجتماعي) خلال ذلك الاجتماع.

يشار في هذا الصدد إلى إنه في العام الماضي، صوّت محرّرو  موقع (ويكيبيديا) على إعلان الرابطة (غير موثوقة بشكل عام) في ما يتعلق بالمعلومات حول إسرائيل وفلسطين وكذلك قضية معاداة السامية، مضيفين المنظمة إلى قائمة المصادر المحظورة.

هل تتستر منصة (تيك توك) على جرائم (الإبادة الجماعية) في غزة؟
المنصة استجابت لمطالب الرقابة هذه في محاولة لتجنب الحظر في الولايات المتحدة

الترحيب بالقرار

لدى الرابطة تاريخ طويل في مهاجمة حركات حقوق الفلسطينيين بوصفها معادية للسامية، وعملت سابقاً مع الشرطة الأمريكية للتجسس على المنظمات العربية الأمريكية، كما سهلت ومولت رحلات تدريب للشرطة الأمريكية إلى إسرائيل.

وبينما نشرت الرابطة تغريدة احتفالية على منصة (إكس)، تشير إلى أنها ترحب بقرار (تيك توك)، انتقده الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي، متهمين المنصة بالسعي نحو إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين، والاستسلام للضغوط، ملمحين إلى احتمال أن المنصة استجابت لمطالب الرقابة هذه في محاولة لتجنب الحظر في الولايات المتحدة.

أخيراً: يشار إلى إنه وفي 2024 أقر الكونجرس الأمريكي بأغلبية ساحقة مشروع قانون يهدف إلى حظر التطبيق أو بيعه لشركة أمريكية، وقد ربطت أدلة عدة حينها بين قرار الحظر وسماح التطبيق الصيني للمحتوى المتضامن مع فلسطين بالانتشار، عكس تطبيقات شركة (ميتا) التي ضيقت على كل تضامن. فهل تنضم (تيك توك) الآن إلى قائمة المضيّقين؟، وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.