

بقلم الكاتب والسيناريست: وائل شفيق
أيها الفتى (منتصر) في فيلم (الهروب) الذي كان حلمًا كبيرًا يرفرف في سماء الحياة، ضائعًا في دروبها الملتوية، محاطًا بالأوهام والأحلام الزائفة التي لا تلبث أن تتبدد كالسراب في صحراء الحياة.
أرسل إليك رسالة عتاب، تحمل بين سطورها لومًا وحزنًا، ولعلها تصل إلى روحك المعذبة في العالم الآخر، حيث تتلاشى الحدود بين الزمان والمكان، وتبقى الذكريات هي الشاهد الوحيد على ما كان.. في لحظة من الصفاء والوداع، أتمنى أن تلامس كلماتي ذكراك، وتجد في عتابي راحة لروحك التي عانت من وطأة الحياة وآلامها.
في فيلم (الهروب) رأيتك تخوض معركة خاسرة، وتدفع ثمنًا باهظًا لخطأ فادح، حيث التهمتك دوامة من السذاجة والتفكير السطحي، مثل طائر يحلق في سماء الأحلام، دون أن يرى الفخاخ الخفية التي تنتظره في الأرض، فتقع في شباكها، وتجد نفسها أسيرة لآلامها وندمها.
أيها الفتى، لقد أضعت فرصتك في أن تكون منتصرًا حقًا في (الهروب)؛ كنت تملك القدرة على التغيير، ولكنك اخترت طريقًا آخر.. لم تستغل مواهبك وقدراتك لتحقيق أهدافك، بل تركت نفسك فريسة للظروف والأعداء.. والأكثر من ذلك، لقد سمحت للسلطة أن تستخدمك كوسيلة لتحقيق أهدافها؛ كنت أداة في أيديهم، ولم تدرك أنك تضيع وقتك وجهودك في معركة غير حقيقية.
قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) – (الكهف: 103-104).. هذه الآية الكريمة تكشف لنا عن مأساة عميقة، حيث يمضي البعض حياتهم في معارك خاطئة، ويضيعون جهودهم في متاهات الضلال، وهم مقتنعون بأنهم يسيرون على طريق الحق.


كيف نخرج منتصرين
للأسف، أيها الفتى (منصر) في (الهروب)، لقد اخترت طريقًا محفوفًا بالفشل، وتركت نفسك تغرق في بحر من التصرفات السلبية، حيث التهمتك دوامة من الأوهام والآمال الزائفة. لم تستطع أن تخرج منها، وظلت روحك أسيرة لآلامها وندمها.
ومع ذلك، فإن تجربتك المريرة أصبحت درسًا لنا في الحياة الدنيا، درسًا يعلمنا كيف نتجنب الأخطاء، وكيف نصمد أمام التحديات، وكيف نخرج منتصرين من معاركنا الداخلية.
أيها الفتى (منتصر) في فيلم (الهروب)، لقد فات الأوان الآن، ولكن أتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت إلى روحك؛ لعلها تكون درسًا لمن يقرأ، ولعلها تساعده على تحقيق أهدافه بعد انتهاءه من القراءة.. فيفكر في حياته وتصرفاته، ويصبح شخصًا أفضل في المرة القادمة.
وإذا أتاحت الحياة فرصة أخرى لمن وقع في مثل تجربتك، فليغتنمها بكل ما أوتي من قوة، وليستثمرها في بناء نفسه وتحقيق أحلامه، قبل أن يفوت الأوان ويجد نفسه يراجع حساباته في لحظة يأس وندم.
في النهاية، فيلم (الهروب) يُعد إعادة لفيلم (اللص والكلاب)، حيث يتشابه الفيلمان في العديد من العناصر، مثل البحث عن العدالة والرغبة في الانتقام.. في كلا الفيلمين، نجد أن البطل يتحرك في رحلة محفوفة بالمخاطر، وقد نفهم دوافعه ونتفهم الظروف التي دفعته إلى هذا الطريق، لكن قلوبنا تظل بعيدة عنه، لا تستطيع أن تتعاطف مع فعله أو تستحسن قراراته؛ فالانتقام لا يمكن أن يكون الحل الأمثل أبدًا.
مع اختلاف السياق التاريخي والاجتماعي لكلا العملين، يتراجع الأمل في الإصلاح ويكاد يضمحل، مما يدفع الأفراد إلى البحث عن طرق أخرى لتحقيق العدالة.
في هذا السياق، تظهر (المومس الفاضلة) كملاذ أخير لبطلي الفيلمين، مما يؤكد فكرة الاقتباس بين الفيلمين.. إنها قصة الانتقام التي تتجاوز الزمن، وتظل دائمًا محركًا للإنسان في رحلته نحو حتفه، ورغم ذلك، تظل هذه القصة تحمل في طياتها درسًا بليغًا عن الإنسان والعدالة والحياة، وتجعلنا نتأمل في دوافعنا وتصرفاتنا، ونتساءل عن معنى العدالة والخلاص في حياتنا.
من خلال تجربة البطل في الفيلمين، نتعلم درسًا مهمًا عن أهمية التعلم من الأخطاء. فعندما نخطئ، يجب أن نتعلم من أخطائنا ونستفيد منها، حتى لا نكررها في المستقبل.
يمكننا أن ننظر إلى أخطائنا كفرص للتعلم والنمو، بدلاً من اعتبارها فشلًا مطلقًا.. بهذه الطريقة، يمكننا أن نتطور كأفراد ونحقق أهدافنا بشكل أفضل.

سيطرة الرغبة في الانتقام
التفكير الإيجابي والثقة بالنفس يلعبان دورًا هامًا في تحقيق الأهداف والتغلب على التحديات.. عندما نؤمن بقدراتنا ونفكر بإيجابية، نصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات وتحقيق أهدافنا.
في الفيلمين، نرى كيف سيطرت الرغبة في الانتقام على البطل، مما أدى به إلى اتخاذ قرارات خاطئة.. لذلك، من المهم أن نتعلم كيفية التفكير بإيجابية والثقة بقدراتنا، حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا.
التخطيط والتنظيم ضروريان لتحقيق الأهداف والتغلب على التحديات.. عندما نخطط جيدًا وننظم أفعالنا، نصبح أكثر قدرة على تحقيق أهدافنا. في الفيلمين، نرى كيف أن البطل كان يفتقر إلى التخطيط والتنظيم، مما أدى به إلى الفشل.
لذلك، من المهم أن نتعلم كيفية التخطيط والتنظيم، حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا بشكل أفضل. بهذه الطريقة، يمكننا أن نضمن لأنفسنا النجاح والتوفيق في حياتنا.
في الختام، علينا أن نتعلم من تجربة (منتصر) في (الهروب)، وأن نكون أكثر وعيًا بقدراتنا وحدودنا، وألا نسمح للكراهية بالتحكم في قراراتنا، وأن نكون أكثر ذكاءً في مواجهة التحديات، وألا نسمح لشهوة الانتقام أن تحركنا.. فلنتأمل في حياتنا، ولنبحث عن الطريق الصحيح، ولنستفد من تجارب الآخرين.
ولنكن صادقين مع أنفسنا، ولنعترف بأخطائنا، ولنعمل على تصحيحها.. ولنكن شجعان في مواجهة التحديات، ولنثق بقدراتنا على التغلب عليها. ولنستمر في التعلم والتحسين، ولنكن دائمًا على استعداد للتغيير والتكيف.