رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!
ليلاخ سيغان: الجبهة الإعلامية الدعائية مهمة للأمن القومي الاسرائيلي مثل الجبهة العسكرية
(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

فى وقت تزداد فيه وطأة حرب إبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، مع إستمرار جريمة التجويع المتعمدة وغير المسبوقة، كان لافتاً بروز حدة الإنتقادات للجرائم اليومية، ليس من الخارج فحسب ولكن من داخل (إسرائيل) ذاتها، وسط تعالى تحذيرات مفادها أن تل أبيب تخسر يومياً حربها الإعلامية ولم تعد قادرة على مواجهة العالم.

العديد من خبراء الإعلام في (إسرائيل)، ومنهم (ليلاخ سيغان) الخبيرة الإعلامية أكدت في أن (دولة إسرائيل) مُنِيت في الآونة الأخيرة بسلسلة من الانتكاسات السياسية والدبلوماسية.

وآخرها الدعوات القادمة من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وأستراليا وكندا واليابان والدنمارك و21 دولة أخرى، المطالبة بإنهاء الحرب في غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية، واحتجاز جنديين إسرائيليين كانا في إجازة في بلجيكا للتحقيق معهما عقب تقديم مؤسسة مؤيدة للفلسطينيين شكوى ضدهما بارتكاب جرائم حرب.

(سيغان)، أكدت كذلك أن (صاحب مطعم إسرائيلي) معروف في لندن تم دعوته لبرنامج طبخ على قناة (بي بي سي)، التي طلبت منه ألا يتحدث عن (إسرائيل)، وفي ألمانيا، هاجم أربعة رجال ملثمين مطعما يملكه مسلم، لكنه يقدم أطباقا إسرائيلية، وفي اليونان لم تتمكن سفينة شحن (مانو) من الرسو بسبب احتجاج مؤيد للفلسطينيين.

وزادت على ذلك بحديثها عن أن (وكالة الأنباء الفرنسية) أكدت من جانبها أن صحافييها في غزة معرضون للموت جوعاً، فيما اضطر (بنيامين نتنياهو) رئيس الحكومة للاعتذار علانية للبابا لأن الجيش قصف كنيسة في غزة، وكل هذه التطورات وغيرها تؤثر سلبًا على التقييمات أو مشاعر الأوروبيين تجاه الاسرائيليين.

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!
أكبر دليل على فشل الجهود الدعائية الاسرائيلية هو أن أعداد المؤثرين في الدول الغربية

فشل جهاز الإعلام الإسرائيلي

موضحة أنه (ٍمن الصعب فصل ما يحدث في عواصم العالم ضد (إسرائيل) عما تشهده غزة، لأن العناوين الرئيسية اليومية في وسائل الإعلام العالمية تتحدث يوميا عن الجيش عمداً بقتل الفلسطينيين الذين يسعون للحصول على المساعدة والغذاء، دون أن تأتي على ذكر (حماس) إطلاقا في أغلب تقاريرها، مما يسلط الضوء على الإخفاق المريع الذي وقع فيه جهاز الإعلام الحكومي الاسرائيلي).

وقالت (هناك حفنة من الموظفين الإسرائيليين المهرة، لكن لا يوجد مدير، ولا أصحاب وظائف أساسية، ولا ميزانية، وماذا عن الميزانية الضخمة التي حصلت عليها وزارة الخارجية  الإسرائيلية مؤخرا، وما حقيقة إرسال وفود عديدة من الشخصيات المؤثرة حول العالم إلى دولة (إسرائيل) لتغيير الصورة النمطية السلبية عنها.

لكن الغريب أن هذه الديناميكية مستمرة لمدة عامين تقريبًا، خلال الحرب الأكثر تعقيدًا التي شهدناها على الإطلاق، دون أن تحدث تغييرا في النظرة العالمية لنا.

ومن ثم ترى أن أكبر دليل على فشل الجهود الدعائية الاسرائيلية هو أن أعداد المؤثرين في الدول الغربية الذين يعتقدون أن (إسرائيل) ترتكب إبادة جماعية في غزة يتزايدون مع مرور الوقت، حتى الإسرائيليين باتوا يشاركون صورًا لفلسطينيين جائعين، ولا يوجد أحد يقاتل ضد هذا (التسونامي) المعادي لإسرائيل لدحضه، أو لتقديم الحقائق في الوقت الحقيقي، أو لصنع الدعاية.

مع تأكيدها مجدداً على أن الجبهة الإعلامية الدعائية مهمة للأمن القومي الاسرائيلي مثل الجبهة العسكرية، لكن الدولة لا تملك جيشًا فيها، ولذلك فهي تتعرض للهزيمة كل يوم، ولا يستيقظ أحد، ويفعل شيئا، وبدلا من ذلك ينشغل الإسرائيليون بألعاب إلقاء اللوم والضجيج ضد بعضهم البعض، رغم أنها استنزفتهم منذ زمن طويل.

خالصة إلى أن المرض الحقيقي للأداء الإعلامي الاسرائيلي يكمن في عدم القدرة على التعامل باحترافية على معظم الجبهات، وأصبح سلوك النظام السياسي مرهقاً للغاية، ويقوم بتوظيف كثير من الأشخاص غير الجديرين، حتى أن العمليات الإعلامية الحقيقية التي تجري منذ فترة طويلة تقترب من الخطابات الشعبوية.

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!
نجمان شاي: تراجع مكانة إسرائيل الدولية بشكل غير مسبوق

دولة منبوذة تتجاهل العالم

(نحمان شاي) وزير شؤون الشتات الإسرائيلي السابق يتفق مع تحذيرات الخبيرة الإعلامية (ليلاخ سيغان)، بتأكيده هو الآخر على تراجع مكانة إسرائيل الدولية بشكل غير مسبوق، موضحاً إنها تجد نفسها مرفوضة ومنبوذة في العديد من الساحات السياسية والشعبية، في وقت لا تزال فيه الحكومة الإسرائيلية تواصل تجاهل العالم.

بل وترسم أحلاما استعمارية حول مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، كما لو أن شيئا لم يتغير، محذرًا من أن إسرائيل تتجه نحو (منبوذية عالمية) بسبب المجاعة والمعاناة التي تفرضها على قطاع غزة.

مستعرضاً في هذا السياق، حادثة وقعت مؤخرا لركاب سفينة الرحلات البحرية الإسرائيلية (كراون آيرس)، التي رست قبالة السواحل اليونانية قبل بضعة أيام، حيث منعت السلطات ركابها من النزول إلى الشاطئ بسبب مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين أغلق خلالها المتظاهرون الميناء.

ويصف (شاي) هذا المشهد بأنه (لحظة مضحكة ومؤلمة)، تذكّر بسفن اللاجئين اليهود التي طردتها سلطات الاستعمار البريطاني قبل أكثر من 80 عاما، ويضيف بمرارة: (نحن اليوم لا نُرغب، لا نريد إسرائيليين).

لكن حادثة هذه السفينة بحسب رأيه، ليست سوى واحدة من سلسلة أحداث تعكس تحولًا عالميًّا في النظرة لإسرائيل، بالتوازي مع تصاعد الصور المروعة من قطاع غزة، حيث يُظهر الإعلام الدولي – وأخيرًا الإعلام الإسرائيلي – مئات الآلاف من الفلسطينيين وهم يتدافعون للحصول على لقمة العيش من مراكز الإغاثة.

معتبرا أنه لم يعد بالإمكان إنكار أن ما يجري هو (كارثة إنسانية واسعة النطاق)، وأن العالم بدأ بالفعل في التحرك أو التهديد بالتحرك ضد إسرائيل.

وفي المقابل، يسخر من اجتماع انعقد في الكنيست لأعضاء حزب (الصهيونية الدينية)، تحدثوا فيه بحماسة عن (غزة الجديدة)، حيث يحلمون بإقامة مدينة سياحية على طراز (الريفييرا) مزوّدة بمراسي يخوت ومراكز أكاديمية، وكأن قطاع غزة منطقة خالية من السكان الفلسطينيين.

ويشير (شاي) إلى أن وزيرة الاستخبارات وعضوة الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود (غيلا غمليئيل) قدمت خطة متضمنة فيلما من إنتاج الذكاء الاصطناعي يروّج لغزة المستقبل كجنة على الأرض، بشرط أن تكون دون فلسطينيين، ويعلق على ذلك بالقول “هذه ليست رؤية، بل كارثة”.

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!
هذا تراجع حقيقي في مكانتنا الدولية، لا علاقة له بكراهية اليهود، بل بواقع سياستنا على الأرض)

فكرة (المدينة الإنسانية)

ويقول (شاي): إن الإسرائيليين على متن السفينة في اليونان بدؤوا يفهمون للمرة الأولى ما معنى أن تكون محاصَرًا ومرفوضًا، بينما يستمر السياسيون المتدينون القوميون في نسج خيالاتهم الاستعمارية.

وزاد على ذلك بقوله : (في اليوم نفسه، وصلت صفعة دبلوماسية قوية من المجتمع الدولي، إذ وجّهت 25 دولة -من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا وسويسرا- رسالة مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية، تطالب بوقف القتال وترفض صراحة فكرة (المدينة الإنسانية) في رفح، التي روجت لها الحكومة الإسرائيلية.

كما حمّلت تلك الدول تل أبيب المسؤولية عن معاناة المدنيين في غزة، رغم تأكيدها على ضرورة إطلاق سراح الأسرى.

كما يشير إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية سارعت إلى رفض هذه المواقف، رغم أنها صادرة عن (أفضل أصدقائنا)، ويقول إن (هذه هي الدول التي لطالما أردنا أن ننتمي إليها، لكنها الآن تدير ظهرها لنا، ويرى أن إسرائيل تتذرع بمعاداة السامية لتبرير الانتقادات.

لكنه يرد بوضوح: (هذا تراجع حقيقي في مكانتنا الدولية، لا علاقة له بكراهية اليهود، بل بواقع سياستنا على الأرض).

محذراً من أن هذا التدهور في السمعة الدولية يترافق مع أزمة أعمق بكثير، وهى فقدان التأييد الأمريكي، الحليف الأهم لإسرائيل تاريخيا.

ومشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) نفسه، المعروف بعلاقته الخاصة مع (إسرائيل)، بدأ يُظهر علامات فتور، ويقول إن البيت الأبيض وصف (نتنياهو) مؤخرًا بـ (المجنون)، واعتبر أنه يعطل السياسات الأمريكية في سوريا.

بل ونُسب إليه أيضا مسؤولية قصف كنيسة كاثوليكية في غزة، رغم زعم الجيش الإسرائيلي أن القصف “كان عن طريق الخطأ، ويلفت إلى أن ترامب (فهم التلميح)، وبدأ يعيد تموضعه بناءً على المزاج الشعبي الأمريكي.

ويستند (شاي) إلى استطلاع نشرته شبكة (CNN)، يُظهر أن 23% فقط من الأمريكيين يعتبرون أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة مبررة، بانخفاض 27 نقطة مئوية عن استطلاع مماثل أجري بعد هجوم 7 أكتوبر.

ومضيفاً أن التراجع طال المعسكرين السياسيين، لكنه كان أشد حدة في صفوف الديمقراطيين، حيث تراجعت نسبة الدعم من 38% إلى 7% فقط، أما الجمهوريون، الذين ظنّت الحكومة الإسرائيلية أنهم (في جيبها)، فتراجع الدعم بينهم من 68% إلى 52%.

الأخطر من كل ذلك، حسب (شاي)، هو تراجع الدعم بين الأجيال الشابة: (واحد فقط من كل 10 أمريكيين تحت سن 35 يبررون الحرب، كما أن معظمهم يعارضون استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل).

هذه المعطيات، برأي (شاي)، كفيلة بأن تثير الذعر في أي نظام سياسي مسؤول، لأنها تنذر بمستقبل لا تستطيع فيه إسرائيل أن تخوض الحروب، أو أن تبقى اقتصاديا، أو أن تتجنب العقوبات الدولية.

ويختتم الوزير السابق حديثه بالقول: (دون شرعية دولية، لا تستطيع إسرائيل شنّ الحروب، ودون علاقات تجارية مع أوروبا وأمريكا، لن تبقى واقفة، ومن دون إعادة التفكير بسياساتنا، سنُدفع إلى الزاوية أكثر فأكثر.

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!

(إسرائيل) تخسر حربها الإعلامية في غزة!
(إسرائيل)ٍ تعمل بشكل متعمد ومنهجي لتدمير المجتمع والشعب الفلسطيني في قطاع غزة

إبادة جماعية في قطاع غزة

الأكثر من هذا، كان تسليط الإعلام الإسرائيلي والدولي الضوء على التقرير الصادر عن منظمة ( btselem)، الحقوقية الإسرائيلية، تحت عنوان (إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة)، وأكدت فيه على أن (إسرائيل) تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة، مشيرة إلى أن أوروبا والولايات المتحدة لم تتحركا لوقف الإبادة بغزة بل ساهمتا في امتدادها.

مشددة في تقريرها على أن (إسرائيل)ٍ تعمل بشكل متعمد ومنهجي لتدمير المجتمع والشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولافتة إلى أن التصريحات الصريحة الصادرة عن مسئولين إسرائيليين كبار، إلى جانب السياسة المتسقة المتمثلة في الهجمات المدمرة والممارسات الإبادية، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل تعتبر سكان قطاع غزة بأكملهم هم الهدف”.

مؤكدة أن محو مدن بأكملها، التدمير المنهجي للبنى التحتية الصحية والتعليمية والمؤسسات الدينية والثقافية، التهجير القسري لمليونيْ شخص من سكان قطاع غزة بهدف طردهم من القطاع.

إضافة إلى التجويع والقتل الجماعي بالطبع – كل هذه وغيرها هي محاولة سافرة ومُعلنة لتدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة وخلق ظروف معيشية كارثية لا تسمح له باستمرار البقاء.

مع تأكيدها على أن هذا هو بالضبط تعريف الإبادة الجماعية، محذرة من أن الأيديولوجية التي توجه النظام الإسرائيلي لا تقتصر على قطاع غزة فقط، وزادت على ذلك بقولها: (هذا النظام نفسه، الجيش نفسه، القادة والضباط أنفسهم يطبّقون ممارسات العنف المتطرّف في الضفة الغربية، في شرقيّ القدس وفي داخل إسرائيل أيضا).

خالصة فى تقريرها بالقول: (نحن نشهد بالفعل الآن انتقال الأساليب التي تستخدمها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة إلى مناطق أخرى على نطاق مختلف، لكن بالمنطق ذاته، مبينة أنه في الضفة الغربية، يتجلّى ذلك في القصف الجوي، تدمير مخيمات اللاجئين، التهجير الجماعي والتدمير المتعمّد للاقتصاد والمجتمع. لا حماية لأي فلسطيني يعيش تحت نظام الإبادة الجماعية الإسرائيلي.

مع تأكيدها على أن قادة العالم الغربي، وتحديدًا الولايات المتحدة وأوروبا، شركاء في المسئولية الفعلية عن أعمال إسرائيل، إذ يواصلون منحها الدعم الذي يتيح لها القيام بأعمال الإبادة.

مشددة على أنه من واجب المجتمع الدولي أن يوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، لافتة إلى أنه من واجبنا ومسئوليتنا، كمنظمة لحقوق الإنسان، أن نقول الحقيقة: الإبادة الجماعية تحدث هنا، الآن.. هذه هي الإبادة الجماعية خاصّتنا، ويجب وقفها.. وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.