
بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
يواصل الصحفى عادل حمودة في كتابه (عادل إمام الذى لا تعرفه.. سنوات الصداقة وأسرار القطيعة) تفكيكه لشخصية الفنان (عادل إمام) بجوانبها الإنسانية والفنية.. ليصل إلى مرحلة جديدة بعد انتهاء فترة تعرض (عادل إمام) للتهديد بالاغتيال من قبل الجماعات الإسلامية.
والتي قامت عام 1981 باغتيال السادات وما تبع ذلك من تنفيذهم لمجزرة أسيوط ضد رجال الشرطة وما تلاها من عرض المصالحة مع النظام و التي وافق عليها حسنى مبارك ليصبح عادل الإمام في مأمن من تفكير هذه الجماعة في اغتياله..
عرض (عادل إمام) مسرحية (الزعيم).. قلد فيها شخص الرئيس الليبى معمر القذافي (لماذا قمت بالثورة؟ .. أنا لا أعرف لماذا قمنا بالثورة.. أنا كنت في الحمام ساعتها.. إلخ)..
حذر الصحفى عادل حمودة الفنان (عادل إمام) من ميول القذافي الدموية.. وانه بذلك يعرض نفسه للتصفية الجسدية.. مستشهدا بمحاولة سابقة للقذافي بتصفية الكاتب (إحسان عبد القدوس) بعد أن هاجمه في مقالات له بأخبار اليوم..
وصل القاتل المحترف إلى القاهرة.. وبعد احتسائه للخمر في إحدى البارات في الإسكندرية أخذ متباهيا يروى بمخططه في تصفية الكاتب الشهير ليتم القبض عليه من فوره..
روى الماكيير (محمد عشوب) على قناة (الحياة) بهذا الخصوص أنه بعد عرض مسرحية (الزعيم) قررت المخابرات الليبية اغتيال (عادل إمام).. تبدأ الخطة بإغراء مالى ضخم لسمير خفاجى صاحب فرقة المتحدين لعرض المسرحية في ليبيا..

بطولة بأثر رجعى
أثناء العرض سيتم افتعال مشاجرة يتم خلالها قتل (عادل إمام) لتبدو كحادث عابر دون الوقوع في مأزق سياسى.. يكمل (عشوب)، أنه اتصل بصديقه وزير الإعلام الليبى وحذره من العواقب الدبلوماسية لهذا المخطط فألغى الوزير العرض..
غضب (القذافي) بشدة وأمر باعتقال الوزير.. يشكك الصحفى (عادل حمودة) في صحة جوانب كثيرة من قصة الماكيير (عشوب).. لم يعلق (عادل إمام) هذه الفترة على هذه المحاولة..
فيما بعد نشرت جريدة (العين) أن القذافى طلب مشاهدة مسرحية الزعيم فنظم مبارك عرضا خاصا في إحدى القصور الرئاسية بعد أن ألزم (عادل إمام) بحذف مشهد تقليد القذافى.. وتم الطلب من (عادل إمام) وبقية أبطال المسرحية أن يظل أمر هذا العرض سرا..
لم ينبس (عادل إمام) بكلمة.. لكن بعد خروج القذافى من السلطة عام 2011 وأثناء مطاردته طلبا لقتله انبرى (عادل إمام) في شجاعة مفاجئة متحدثا إلى صحيفة الأخبار، معقبا أن أمنيته أن يشاركه القذافي بطولة إحدى مسرحياته.. وبسقوط القذافى سنخسر كوميديانا رائعا لأنه مجنون..
واستمر (عادل إمام) متباهيا: أنه هناك مشاكل بينه وبين القذافى بسبب تناوله لشخصه بالنقد في مسرحية (الزعيم)، و أنه كان من المفترض عرض (الزعيم) في ليبيا لكنه رفض..
وأن القذافى مجرم حرب غير متزن نفسيا، وأنه قد اعتاد مشاهدة القنوات الليبية قبل النوم لأن خطب القذافى تجعله يغرق في الضحك فينام بعمق، ويؤكد الصحفى عادل حمودة، أن (عادل إمام) لم يتجرأ على انتقاد القذافى أثناء وجوده في االسلطة، لكنه خرج ببطولة وهمية يهاجمه بعد أن فقد سلطته ثم حياته.. وأنها في رأيه مواجهة متأخرة.. وبطولة بأثر رجعي.

هالة تطلبه للزواج
البداية الفنية المتواضعة ككومبارس.. والحالة المادية المتدنية كابن لأسرة فقيرة.. جعلت (عادل إمام) يتردد كثيرا في خطوة الزواج..
أما (هالة الشلقاني)، وهي خريجة كلية الحقوق فهى سليلة أسرة شهيرة كونت ثروتها الطائلة في العهد الملكى.. لهم ممتلكات شاسعة من بيوت وأراضى زراعية تقع معظمها في مركز قليوب..
اعترف (عادل إمام) بأن هالة في بداية زواجهما باعت من ميراثها أرضا لتنفق على البيت غير أنه عوضها بأكثر منها بعد أن أصبح ثريا..
كان بيت (سمير خفاجة) إلى جوار بيت جدة (هالة) التي كانت تذهب هناك لرؤية النجوم عنده.. وكانت هى الفترة التي يتم فيها الإعداد لمدرسة المشاغبين.. عند حضورها كانت تلفت نظر الجميع بجمالها غير أن (عادل إمام) كان يتجاهلها فأصرت على الزواج به لحدسها بأنه سيكون نجما في المستقبل..
طلبت (هالة من عادل) التقدم لطلب يدها لكن عائلتها رفضته لفقره وأهانته حيث لم ترى فيه سوى كومبارس صغير لا يناسب فتاة تخرجت من المدارس الفرنسية وتجيد العديد من اللغات الأجنبية وتعلمت قوانين الاتيكيت..
لم ينسى عادل لهذه الأسرة إهانتها له حينما تحدث عنهم فيما بعد معلقا: (أن عبد الناصر ضربهم بالجزمة).. أصرت (هالة) على الزواج بعادل رغم معارضة أهلها.. بدأت معه في شقة متواضعة في الدقى بدون عفش تقريبا.
بدأت في التخطيط لحياته.. أبعدته عن أصحابه القدامى من حرافيش الحلمية.. أقنعته بمد الجسور مع الكبار ذوى الثروة والسلطة.. تجاوزت عن الإشاعات حول علاقات بينه والسلطة.. متيقنة أن المشاهد الساخنة لا تخرج عن كادر الكاميرا..
تدخلت فنيا.. مثلا كانت نهاية فيلم (حتى لا يطير الدخان) إصابة البطل بالبلهارسيا وموته أثناء حفل زفافه.. اتصلت (هالة الشلقاني) بالمخرج غاضبة تطلب تغيير النهاية لأن (عادل إمام) لا يموت في أفلامه غير أن المخرج أصر..

كان الدرس قاسيا لعادل إمام
تدخلت هالة الشلقانى عام أيضا 1996 لإنقاذ عادل من مشكلة كبيرة أوقع نفسه فيها حينما تحدث أمام رواد معرض الكتاب عن وجهة نظره ضد مقاطعة إسرائيل.. وأن التبادل الدبلوماسي قائم رغم الجميع.. وانه لابد من التخلي عن العقد النفسية المسبقة.. ولابد من التعامل مع الحاضر حتى لا نصاب بانفصام في الشخصية..
قبل مغادرة (عادل إمام) معرض الكتاب تم فتح نيران النقد عليه من كل الجهات.. بدأ المخرجون أيضا في إعادة النظر في قيامه ببطولة أفلامهم خوفا من المقاطعة العربية والخليجية لأفلامه..
أحس (عادل إمام) بالحصار.. اتصلت (هالة الشلقاني) بالصحفى عادل حمودة لإيجاد مخرج.. فوضع عنوانا بالخط العريض على صدر المجلة تصريحا لعادل إمام: (عليا الطلاق لن أسافر إلى إسرائيل) كما طلب عادل حمودة من الكاتب أسامة أنور عكاشة بشعبيته أن يحاور عادل الإمام على صفحات روز ليوسف فأكد له في الحوار أنه لن يسافر الى إسرائيل، حتى لو ذهب كل الشعب المصرى الى هناك.. واجهه عكاشة بأن البعض يظن أن دعوته للتطبيع كانت طمعا في حصوله على جائزة الأوسكار فنفى (عادل إمام) ذلك مؤكدا أن لديه من الجمهور ما يكفي..
كان الدرس قاسيا لعادل إمام بعد تصوره أن شعبيته تمنحه شهادة في الاستراتيجية وأن نجوميته تمنحه حق الفتوى في الأمور السياسية.. عبر الكاتب فاروق عبد القادر عن ذلك في مجلة روز ليوسف بأن (عادل الإمام ليس مفكرا ولا منظرا ولا صاحب رسالة ولا زعيم.. هو مؤد على لسانه بكلمات يكتبها سواه..
وأنه يستثمر حضوره ويعطى لكل جهة وجه.. لمتفرج السينما صاحب الجنيهات القليلة قولا يقال.. ولمتفرج المسرح الذى يدفع مئات الجنيهات قولا آخر.. وهو يلوذ بالنهايات المفتوحة هربا من التعبير عن موقف محدد.