غيرة (أحلام)، وأغنية (فايزة أحمد) وراء طلاقها من (محمد الموجي).. (2/2)
كتب: أحمد السماحي
كانت المرأة بالنسبة للملحن الكبير (محمد الموجي) هى الوحي والإلهام والإلهاب، وكل شيئ، والذي قال قديما: (ليت للنساء ثغرا واحدا لقبلته واسترحت) كان يعبر عن مشاعر (محمد الموجي).
وإذا كان (محمد الموجي) قد سقط فترة في فخ النساء، وهو فخ عميق، لكنه هب فجأة وخرج منه قبل أن يغرق تحت الماء، ورغم خروجه من الفخ لكنه انكوى بنار المرأة كثيرا، وتركت فيه جرحا غائرا.
الأسبوع الماضي تحدثنا معكم من خلال باب (غرام النجوم) عن قصة مقابلته وحبه لزوجته الثانية المطربة (أحلام)، كيف بدأت، وهذا الأسبوع نستكمل قصة حب محمد الموجي وأحلام.
يستكمل (محمد الموجي) كلامه عن قصة حبه وتعارفه بالمطربة (أحلام) كما جمعتها من صحف ومجلات عام 1957 فيقول : منذ رأيتها بالفستان الذي كان بلون (الكريز) أحسست إنها تتسلل في عناد إلى قلبي.

هنيني بالدنيا
مضت الأيام دون أن أراها، فأحسست حنينا إليها، وشعرت أني أريد أن أراها، ولكن كيف؟! فوجدت أن خير وسيلة أرى بها (أحلام) أن أضع لها ألحانا، فنلتقي في البروفات والتسجيل، واتصلت بها وقلت لها عندي لحن لا أحد يستطيع تأديته مثلك!، وسعدت جدا بالكلام وطلبت مني إنجازه في أسرع وقت، وكان أول لحن وضعته لها يقول مطلعه:
إيه أحلى من الدنيا، إيه أغلى من الدنيا
هيه صحيح فانية، لكن ما دام فانية هنيني بالدنيا.
واستمعت إلى اللحن، ولكن قلت أنه أقل من صوتها، ودون ما أريده لها، وإلتقيت بها في الإذاعة فسألتني عن اللحن، فقلت لها : والله لسه، مافيش حاجة في دماغي؟! وبدا عليها الغضب، ولكنها أخفت ومضت دون أن تقول شيئا!.
وعرفت أنها غضبت، وفي اليوم نفسه سهرت حتى مطلع الفجر، ونمت وأنا أدندن لحنا جديدا جميلا يناسب صوتها، وإستيقظت لأتصل بها بالتليفون واقول لها إنني إنتهيت من اللحن.
ولم تشكرني (أحلام) وإن سرى الشكر في نبراتها، وسألتني البروفة إمتى؟! فحددت لها الموعد، وسجلنا الأغنية وأحسست إنها تقول لي أنا (هنيني بالدنيا)، وكنت أعلم أن عاصفة تكتنف حياتها بعد أن حصلت على الطلاق من زوجها الأول.
ومرت الأيام والشهور، وأقتربنا أكثر من بعض، وبدا قلبي يهتف بإسمها عاليا في صحوه، ومنامه، وقررت أن أفاتحها في الزواج، لكنها ترددت كثيرا، بسبب عدم حبها للإقتران بفنان، ولأن لديها طفلا صغيرا اسمه (مدحت) من زوجها السابق.

الغيرة والأستحواذ وأنا قلبي إليك ميال
بعد فترة، يقول (محمد الموجي): وافقت على طلبي، لكنها قالت لي : (لابد أن تجلس مع العائلة، وتطلبني بشكل رسمي)، وبالفعل جلست مع عائلتها، وتم زواجنا، وبعد مرور أيام شهر العسل، أكتشفت أن (أحلام) شخصية مسيطرة تريد الإستحواذ علي كرجل فلا خروج ولا سهر، وتريدني كملحن، أن ألحن لها كثيرا.
وأعتبرت هذا الإستحواذ نوعا من الحب الشديد، وأثناء ذلك أرسل لي صديقي الشاعر (مرسي جميل عزيز) كلمات أغنية (أنا قلبي إليك ميال) وبدأت ألحنها، ونالت الأغنية إعجاب (أحلام) جدا، وطلبت أن تغنيها، وسعدت جدا بهذا الطلب، فهي نجمة كبيرة في عالم الغناء، وستضيف الكثير للأغنية.
وأثناء ذلك طلبت مني الإذاعة لحنا للمطربة الجديدة (فايزة أحمد) التى أحدث صوتها دويا كبيرا في الساحة الغنائية، وكنت قد إستمعت إلى صوت (فايزة) وبهرتني إمكانياته، وقررت بالإتفاق مع (مرسي جميل عزيز) أن نعطيها لحن (أنا قلبي إليك ميال).
وعلمت (أحلام) بهذا وجن جنونها! وثارت، وبدأت تفتعل المشاكل، بسبب سهري خارج المنزل، أو ذهابي عند زوجتي الأولى (أم أمين)، وبدأ عش الزوجية الهادئ يتحول إلى ساحة للخلافات والمعارك.
وهنا تدخل صديقنا المشترك الشاعر الغنائي (مرسي جميل عزيز) وقام بدور حمامة السلام بيننا، واحتفلنا سوياً بفرحة العودة، وأذيع لحن (أنا قلبي إليك ميال) وماهي إلا أيام، وحقق انتشارا واسعا، أثار غيرة (أحلام)!.

تستولى على ملابس الموجي
انتهى كلام الملحن (محمد الموجي) ونستكمل باقي القصة من موضوعات مجلة (الكواكب) التى واكبت الزواج والطلاق، بعد نجاح لحن (أنا قلبي إليك ميال)، بدأت نهاية قصة (أحلام، ومحمد الموجي) التى لم تعش إلا شهورا قصيرة.
ففي يوم السبت 4 يناير 1958، عند الثانية والنصف ظهراً، اتصل الموسيقار (محمد الموجي) بزوجته (أحلام) ليخبرها أنه سيتأخر حتى الرابعة عصراً بسبب انشغاله، فسمعت ولم ترد.
وفي الرابعة عاد (محمد الموجي) إلى شقته ليجد الباب مغلقاً، والمفتاح لا يفتح، وطرق الباب طويلاً حتى خرج خادم من الشقة المقابلة وأدخله شقتهم، ليصل إلى باب خلفي للخدم لشقة (الموجي وأحلام) وقد وجده أيضاً مغلقاً.
وفي اليوم التالي ذهب (محمد الموجي) إلى (محمد الملاح) شقيق (أحلام) ليسأله عنها، فأخبره أنها في الإسكندرية، وفي الظهيرة اصطحبا نجاراً إلى الشقة وقام بفتح الباب.
وبعد دخولهما وجدا كل أبواب الحجرات مغلقة، فانصرفا على أن يذهب (محمد الملاح) لإحضار شقيقته (أحلام) من الإسكندرية، وقد أعطاه الموجي ثلاثة جنيهات تكاليف السفروالعودة.

في قسم الشرطة
في يوم الاثنين 6 يناير، ذهب (محمد الموجي) إلى الشقة وسأل البواب عن (أحلام)، ولكنها لم تكن قد عادت، فاتجه (محمد الموجي) إلى قسم شرطة (قصر النيل) ليحرر مذكرة يطالب فيها (أحلام) بأن ترد له ملابسه التي تغلق عليها الشقة!.
وحدد له رجال البوليس يوم الأربعاء ليقابل زوجته في القسم ويتسلم ملابسه، ونبه رجال البوليس على (محمد الملاح) شقيق (أحلام) ضرورة حضورها ومعها ملابس (الموجي) في الموعد المحدد.
وفي يوم الأربعاء، عادت (أحلام) إلى شقتها، وسارعت بطلب شرطة النجدة للإبلاغ عن سرقة ملابس زوجها (محمد الموجي)، وأخطرت شرطة النجدة قسم (قصر النيل) بالحدث، وما أن حضر (الموجي) في الموعد المحدد لاستلام ملابسه حتى طلب منه رجال البوليس الذهاب إلى الشقة للتحقيق معه لأن (أحلام) تتهمه بأنه اقتحم الشقة وأخذ ملابسه.

بلاغ كاذب
في حضور (أحلام والموجي) وشقيقها، باشر اليوزباشي (مصطفى الهمشري) التحقيق، فأجاب شقيقها بأن الباب كُسر وفُتح القفل الذي وضعه هو والموجي، وسأل الهمشري : (كيف كُسر الباب وأغُلق من جديد؟).
فأجابت أحلام: (الباب انفتح واتقفل بالمفتاح)، ثم سألها الضابط عن المفتاح فأجابت أنه في غرفة السفرة، وانتقل الضابط معها إلى غرفة الطعام، ليجد كل المفاتيح ما عدا مفتاح غرفة النوم التي تحوي ملابس الموجي وملابسها!.
وأجابت (أحلام) بأنها كانت تخفي مفتاح غرفة النوم في الثلاجة، ولاحظ الضابط تضارب أقوال (أحلام وشقيقها)، فاستدعى فريقًا من رجال المباحث وضباط قسم (قصر النيل) الذين استمعوا لرواية الموسيقار (محمد الموجي) وأكد لهم مكان وجوده في الأيام السابقة واتهم (أحلام) بإخفاء ملابسه واتهامه كذباً باقتحام الشقة.
انتهى التحقيق إلى أن الموسيقار (محمد الموجي) مجني عليه وسُرقت وملابسه، واتهام (أحلام وشقيقها) بالبلاغ الكاذب ضده، وحاول المقربون منهما التوسط لتسوية النزاع وأن يتنازل (محمد الموجي).
لكنه أكد أن (أحلام) هى التي أبلغت الشرطة، ولن يتنازل إلا إذا حصل على ملابسه كاملة وكل ما يخصه في الشقة، وفي العاشرة من مساء اليوم التالي، ذهبت والدة (الموجي وشقيقته وابنها) إلى الشقة وحصلوا على كل ملابسه وما يخصه بها، تحت إشراف رجال الشرطة الذين هموا بأن يصحبوا (أحلام) إلى القسم بتهمة البلاغ الكاذب!
على الفور، طلبت والدة الموسيقار (محمد الموجي) بأن يتنازل عن حقه حتى لا تذهب (أحلام) إلى القسم فتنازل، لتنتهي قصة زواجهما ويعود (محمد الموجي) إلى زوجته السيدة (أم أمين) وأولاده في بيته القديم في العباسية، حيث غمرت الفرحة البيت برجوع الزوج والوالد إليه.

أحلام تتكلم
بعد عدة شهور من طلاق (أحلام والموجي) أجرت مجلة (الكواكب) في 12 سبتمبر عام 1958 هذا الحوار مع (أحلام) تحت عنوان (أحلام تتكلم بعد زواج الموجي).
وفيه سألها المحرر عن اللقاء الأول مع الموسيقار(محمد الموجي)، وكان بين يديها طفلها الصغير (مدحت) يغالبه النوم، فهدهدته حتى نام، ثم قالت: إن أول لقاء حدث عندما كان (محمد الموجي) يعد البرنامج الغنائي (هاتور) وعرض عليها أن تشارك فيه بالغناء، وأعجبها أحد ألحانه فغنته.
واستطردت قائلة: بعد تسجيل البرنامج اعتبرت (محمد الموجي) زميلا فقط، ولاحظت أنه يلاحقني بألحانه، ويعرض على العشرات من الألحان لأنتقي منها ما يروق لي وما يتناسب مع صوتي، ثم صارحني بحبه وهيامه وأطال في عبارات الغزل.
وأكدت (أحلام) أن الموجي ألح في طلبها للزواج ولكنها أصرت على الرفض لأنها أيقنت أن زواجهما سيفشل، وبعد أيام التقت به وكان في يده جرح، وأكد لها أن الجرح من أثر محاولته الانتحار من أجلها!.
وقالت أنها خدعت بهذه الظواهر، وكانت تجهل أن (محمد الموجي) يجيد تمثيل المواقف فقبلت الزواج منه، ومرت الأيام واشتهر (محمد الموجي) ولحن أغنيات رائعة، ولم تحاول استغلاله كملحن، ولم تغن إلا القليل من ألحانه، ومع ازدياد شهرته بدأ يتجه بفنه إلى نساء أخريات فقررت الانفصال عنه.
وأثناء الحديث تقلب الابن الصغير (مدحت) في فراشه فقامت (أحلام) تربت عليه في حنو حتى نام وعادت لتقول: (لن أتزوج مرة أخرى من أجل مدحت، فقد جربت حظي مرتين.
وبعد الطلاق عاد (محمد الموجي) يلح علي في العودة إليه، وحضر إلى بيتي ودخل المطبخ وأحضر رغيفا ووضعه على عينيه، وأقسم أنه وفي لها، لكن الحقائق كانت أقوى من تصرفاته!).
ومرة أخرى جاء يلح في العودة إليه لكنها رفضت لأنها تعرف أنه ضعيف أمام النساء، فنزل إلى الشارع والدموع في عينيه ولم يتمالك نفسه من البكاء فاستأجر تاكسيا ليبكي فيه.
أما عن الحب الحقيقي في حياتها فقد أكدت (أحلام) أن قبلها خفق بالحب مرة واحدة فقط عندما اقترنت بزوجها الأول والد (مدحت) وكان أحد رجال السلك السياسي، وكان سبب طلاقها منه أنه رفض عملها بالفن، وخيرها بين الحياة الزوجية والغناء.
فاختارت أن تظل مطربة، وقد اعتذرت عن أفلام كثيرة عرضت عليها لأنها كانت تتعارض مع حياتها الزوجية، وهى تكرس كل حبها الآن لطفلها.