رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد عبد الواحد يكتب: دراما ما بعد إلغاء قانون (الإيجار القديم)!

محمد عبد الواحد يكتب: دراما ما بعد إلغاء قانون (الإيجار القديم)!
سيفاجئهم حدة التغير بين ارتفاع في النبض إلى درجة تهدد بانفجار في المخ

بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد

بعد موقعة غير متكافئة في مجلس النواب، بين أقلية معارضة و أغلبيه تحمل أختام (موافق)، تم أخيرا تمرير الموافقة على إلغاء قانون (الإيجار القديم).. وكتاب الدراما اللذين لا يتوقفون عن الجس بأطراف أصابعهم عروق المجتمع المصرى، يتحسسون نبضه.

سيفاجئهم حدة التغير بين ارتفاع في النبض إلى درجة تهدد بانفجار في المخ.. و هبوط إلى درجة توشك على إعلان الموت المفاجئ على أثر هبوط حاد في الدورة الدموية ..

اضطراب هائل سيعترى الجميع – ملاكا و مستأجرين – انعطافه اجتماعية مفاجئة شديدة القسوة قد تودى بالعربة المزدحمة إلى الارتطام المدوى بالحائط الضخم.. أو الانحراف عن الطريق في حيود مفاجئ يتجاوز قدرة عجلة القيادة على الاتزان، لتسقط  بالجميع نحو أعماق بحر في باطنه كروش جائعة تحوم في الانتظار..

في الدراما – سواء التليفزيونية أو السينمائية – ستختفى تلك البيوت المتوسطة دافئة الأركان بما تمثله من سكينة وتقاليد وترابط أسرى .. باختصارها لمعنى كلمة وطن.. و لن تصبح – على تواضعها – في الأحداث الدرامية ملتجئا لأفراد الأسرة بعد العودة من المعارك الطاحنة بالخارج حول لقمة العيش ..

لن تعد حوائط البيت تمثل رمزا للحماية بقدر ما ستمثل رمزا للصراع حول التمسك بها، لتحديد حدود جغرافية و معنوية لكيان الأسرة المصرية، وسيصبح المكان المعتاد للأسرة المصرية في الدراما القادمة – الملتزمة بالواقع – ما بين خيام في الشارع ،أو عشوائيات غير آدمية، بموجب قانون (الإيجار القديم).

بما تفرزه من مسوخ مشحونة برغبة الانتقام من بقية المجتمع.. عشوائيات متناثرة على أطراف المدن وحتى القرى التي ستدخل عماراتها و بيوتها المستأجرة بؤرة الصراع القادم.. خاصة وأن القرى ما زالت الانتماءات العائلية تحكمها لتلقى في أتون الصراع بين عائلة المالك والمستاجر ما يزيد من تأججها..

محمد عبد الواحد يكتب: دراما ما بعد إلغاء قانون (الإيجار القديم)!
يتنقل الملاك إلى الطبقة الأعلى ماديا واجتماعيا،  بينما يستمر تدحرج الطبقة المتوسطة – المستأجرة

الطبقة الأعلى ماديا واجتماعيا

مع اختفاء البيوت التى تعمرها أسر (الإيجار القديم) – والتي تبلغ تبعا للمراكز الإحصائية ما يفوق الثلاثة ملايين وحدة – يختفى مسرح وجود ما تبقى من طبقة متوسطة، ليختفى معها ما تبقى أيضا من موازين القيم و التقاليد التي تحاول باستماتة الحفاظ على توازن المجتمع مع ما يعتريه من اغتراب ..

يتنقل الملاك إلى الطبقة الأعلى ماديا واجتماعيا،  بينما يستمر تدحرج الطبقة المتوسطة – المستأجرة – في عنف على المنحدر الحاد، بالغ الخشونة، لترتطم في الوادى البعيد بزحام الطبقة المعدومة، وتمتزج بها متبنية ثقافتها المتدنية، وصراعاتها مع البقاء ،بما تخلفه  من شحنات غضب ورغبات انتقامية..

سيظهر في الدراما القادمة  توحش المالك تحت سطوة إلغاء المظلة القانونية القديمة التي كان يحتمى بها المستأجر، في ظل ثانو (الإيجار القديم)، فيلجا إلى كل سبل الطرد خارج الجدران الحافظة لما تبقى من تقاليد و قيم .. ستظهر شخصية المالك البلطجى.. والمالك الماكر.. وغيرهما..

وكل سيلجأ إلى كل أنواع الضغوط القانونية وغير القانونية لطرد المستأجر القديم.. ستظهر شخصية المستثمر الذى سيشترى الشارع كاملا بكل بيوته وعماراته القديمة ليبنى أبراجا مليونية.. ويفرض هيمنته المادية و الثقافية..  

ستصبح الجريمة هى السلوك الطبيعى للمطرودين خارج الجدران القديمة المتشققة، متحملا الجوع والمرض، في محاولة للهروب من العيش في الشارع، والتستر بجدران أخرى تقتطع له من الوجود حيزا للبقاء و التستر..

ستظهر الجماعات التي ستجر خلفها أعدادا هائلة من اللاجئين الجدد في الشوارع تحت ضغط الحاجة، والمبللين بالبنزين لا بالعرق، ليلقى عليهم أعواد الثقاب، ولتنتقل عدوى الحريق إلى كل مكان يهرعون إليه بصراخ و ألم ..

ستظهر شخصية الفتاة الجامعية التي ستضطر للجوء إلى الدعارة تحت عين أبيها الدامعة، والذى لا بديل أمامه سوى أن يرضى باغتصابها في الشارع مجانا.. ستظهر شخصيات أصحاب الملاجئ و دور المسنين التي ستتاجر بمن تم التخلي عنهم من قبل أولادهم وأحفادهم.. فيتاجرون بأعضائهم..

أو يزجون بهم إلى حتى تصوير أفلام إباحية لعرضها بالمقابل على الدارك ويب مع دفع قيمة أكبر مقابل ذبح قيمهم و دينهم و مثلهم تحت ضغط التشبث بجدران الملجأ..

محمد عبد الواحد يكتب: دراما ما بعد إلغاء قانون (الإيجار القديم)!
الشخصية المصرية المعاصرة حتى بما خالطها من سلبيات ستصبح ذكرى من ماضى جميل

ذكرى من ماضى جميل

الشخصية المصرية المعاصرة حتى بما خالطها من سلبيات ستصبح ذكرى من ماضى جميل بالنسبة لما هو قادم بعد تشظى هذه الشخصية تحت ضغوط الغاء قانون (الإيجار القديم).. وطلب أموال طائلة للعودة الى ستر الجدران من بسطاء يجدون بالكاد ما يسد رمق البطون..

هذا الزلزال الاجتماعى الرهيب وتبعاته، والذى ستميد به الأرض تحت كل الأرجل، لن تتوقف رجفته المرعبة لعقود قادمة، وستمتد هذه الرجفات إلى الدراما الحقيقية  – وليست الزائفة – لتكشف عن انفلات هذا الوحش من مكمنه ليثير الذعر في البيوت، ويطرد الناس أمامه تجرى فزعة في الشوارع.. يتساقط اللعاب لزجا من أنيابه البارزة، بينما يحاول البسطاء الفرار من أمامه دون جدوى!

سيظهر المحامى الذى يقبل قضايا المخدرات والدعارة و القتلة الماجورين، والطبيب الذى يقوم بعمل عمليات الإجهاض وينتمى الى عصابة نقل الأعضاء علانية ودون مواربة!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.