بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضون
أثناء حديث الدكتور (حمدى بلاط) لى عن القطط كنت أتذكر عندما وصلت معتقل طرة السياسي بعد أن استقر بي المقام هناك وجدت في ساحاته وفي الممرات بين الزنازين مئات القطط السيامي الجميلة.. كانوا يمنعون أي زائر من الحصول علي قطة عن طريق الذين يزورونه.
وفي معتقل طره السياسي.. قبل انطلاق الصفارات التي تأمرنا بالعودة في كل مرة للعنابر المخصصة لنا فورا وبلا مناقشه باستثناء الزنازين الفردية التي خارج العنابر الكثيرة.. كنت كل يوم أشاهد منظرا إنسانيا لا أنساه..
كان بالمعتقل السياسي أكثر من عنبر لليهود.. الحقيقة أنهم كانوا في غاية الأدب والهدوء.. كان كل ما يشغلهم هو مشاهدة الطائرات الإسرائيلية المعادية وهى تحوم حول معتقل طره السياسي لتثبت للجميع أن سماء مصر مفتوحة بشكل غير عادي بعد النكسة..
كانوا يخرجون لتحيتها ويؤكدون لنا إنها لن تؤذينا طالما أنهم معنا في نفس المعتقل.. قبل انطلاق صفارات الإنذار.. تصطف جميع القطط صفا واحدا في مشهد كنت أتمنى أن أقوم بتصويره.. القطط كانت في انتظار شيء ما..
فجاه يخرج لها هذا اليهودي الهادئ ليقف الطابور.. بيده جردل كبير مليء بالبيض (المفقوش) والحليب وبعض اللحوم التي توزع علينا من المعتقل والتي تشبه الحجارة مع كمية من الخبز.. يجلس الرجل على الأرض.. يأخذ لقمة فيها قطعه صغيرة من اللحم فيغمسها في الجردل ويقدم اللقمة لأول قط يبتلع اللقمة ثم يعود لآخر الصف لعله يفوز بلقمة أخري بعد أن يأتي عليه الدور مرة ثانيه..
بعض القطط لا تعجبها الوجبة
تتكرر هذه العملية حتى تنتهي اللحوم.. يضطر اليهودي أن يطعمهم من الخبز بعد أن يغمسه لهم في البيض الباقي في الجردل ويقدمه لهم.. بعض القطط لا تعجبها هذه الوجبة التي هى بدون لحوم فتنسحب في هدوء بعد أن تهز ذيلها كعلامة شكر.. والبعض الآخر يكملون طعامهم من هذه الوجبة الخالية من اللحوم بحسب درجة جوع كل منها ..
كنا في بعض الأوقات نذهب إليه باللحوم التي توزع علينا والتي تشبه الكاوتش الرخيص.. والبعض الآخر ممن يأخذون من الإدارة الوجبات الطبية، حيث يأخذون له البيض والحليب لإطعام القطط.. كانت كل القطط تحبه جدا..
والغريب في الأمر والذي كان يضحكني كثيرا ويخرجني من أزمتي النفسية.. هى أنني كنت أرى بعض القطط تهرب بسرعة، وهي ترتعش بمجرد أن تشاهد (مكفراتي) بذقنه الطويلة وتجري بعيدا عنه حتى لا يؤذيها..
هذا الرجل اليهودي قالوا لي انه مخترع طائرات.. قال لي البعض الآخر انه خبير في إصلاحها.. لماذا تم اعتقاله؟.. هل هو جاسوس؟.. قالوا لي أن (جمال عبد الناصر) قد اعتقل معظم اليهود الموجودين في مصر بدون أي سبب واضح.. وأنا أصدقهم عندما يقولون لي نحن تربينا هنا ونحب مصر اكثر منكم فلماذا يتم اعتقالنا ؟..
نجيب عليهم بأن معظمنا أيضا هنا بين الأسوار بدون سبب سوى أن صارح برأيه في (عبد الناصر).. كانت عنابر اليهود هادئة.. لا يشغلهم إلا سماع بعض الأغنيات اليهودية.. ومشاهدة مئات المجلات الجنسية.. وانتظار الزيارات التي تأتي لهم خصوصا، والتي تكون فيها (نجوي سالم) التي تطول زيارتها لشقيقها بإذن خاص من (اللواء عبد العال)..والتهمه الموجهة لهم دائما أنهم خطر على الأمن..
أحببت هذا الرجل لإنسانيته.. كنت أحييه دائما وأمد يدي له مصافحا وشاكرا له كل ما يفعله، فيقول لي: رغم ما أفعله اشعر بالذنب تجاه هذه القطط التي اعتقلوها أو حكم الله عليها بالمعتقل بحكم الولادة وهى غير مذنبه وليس لها أي تهمه..
اليهود لايختلطون بالإخوان المسلمين.. توجد كراهية من الإخوان المسلمين والمكفراتيه لهم.. واليهود يبادلونهم نفس الكراهية.. لكننا نحن سكان العنابر التي يطلقون عليها (نون ميم) أي نشاط معادي، كنا نحييهم ونقف معهم لأنهم كانوا يحضرون لنا التلفزيون الخاص بهم من عنبرهم ليضعوه لنا بجانب دورات المياه حتى نستمتع بالبرامج التلفزيونية..
فارس وحارس في القيم
يا حمدي وتقول للبشر..
أهلا و سهلا بالصحاب.. والأصدقاء..
مليون نعم
في الجيب (نعم) لتقضي كل المحتاجين.. والعطشانين
تصبح قمر جوه الليالي..تفوت سنين
وأنت ولا بتقبل تكون..
غير اللي كنتي من زمن
فارس وحارس في الوطن
صارف بكل رغيف معاك
زي الملاك..
كافي نيران كل المحن
ومقدم الفجر العفيف إللي ما زال تايه.. وحيد..
في كل أرجاء الحياة
وهبك إله الكون عواطف ربانية مؤمنة
بنقول لأي صديق بتحبك يا أنا
الناس يا (حمدي بلاط) يا رمز الحب..زراعه الشوك
ولكن حضرتك
زارع في نفسك لينا..
أحلي قصيده وغنوه
زارع بين ضلوعنا سوسنة.
أين هذا الرجل كي أكرمه
حكيت هذا الموقف للدكتور (حمدي بلاط) فدمعت عيناه وقال لي: أين هذا الرجل حتي أكرمه؟.. قلت له (مضت عشرات السنوات على فراقنا ولا أدرى عنه شيئا.. كل ما أعرفه من المجموعة التي غادرت مصر بعدها (جمال عبد الناصر) أصدر أمرا بان يتم ترحيل أي يهودي من المعتقل الى باريس فورا بمجرد موافقته على التنازل عن الجنسية المصرية..
والتنازل أيضا عن كل ممتلكاته للحكومة الناصرية.. بعدها تأخذه السيارة إلى مطار القاهرة ليغادر المعتقل السياسي فورا بحقيبة ملابسه متجها باريس.. بعض اليهود رفضوا هذه الفكرة وكانوا يبكون بدموع ساخنه لأنهم لا يستطيعون مغادره مصر التي ولدوا بها..
الغريب في الأمر أن بعض من خرجوا من معتقل طرة إلى باريس.. ثم ذهب بعضهم الى إسرائيل قد تم أسره في الدبابات والطيارات التي كانت تهاجم مصر ردا على ما ذاقوه من الذل في المعتقلات والسجون ..
و
عرفتك زهرة بريه
ترش العطر ع الصفين
تجفف في دموع العين
تبوس خد الليالي الضلمة.. فتنور
تزهر كل يوم الفجر المحتاج
يا تاج الفرحه للمحروم
وروح بترد في اللي يعزز
سيادتك كل يوم بتفوز..
ببحر كبير من الحسنات
ولا ترضي لحد يبان جعان أبدا
قلوب الكل عاشقه عنيك
وبتحبك كتير جدا
لأنك في الجموع معطاء
محيط من نور عطاء دائم
وهايم جوه نور الله
وبتردد حديث الهادي لاجل تنول
كلامك عمره ما سمعناه كلام معسول
لأنك طاهر النية
رسمت ف نور مصلية عشان تسجد
لخالق قلبك الطاهر
وعطفك عمره رباني
بدون حتي مظاهر للي شايفينك
قلوب يا صاحبي عاشقينك
وحاضنينك في أرض الشوق
نجومك فوق بأعمالك وأفعالك يا سيد الناس
يا رنة حب جوه القلب فوق أحلام وتر حساس
يا تل الماس وعقد الطيب
حبيب القلب.. أغلي حبيب
طبيب للسائل المحروم علي السكه
في قلبك مكة
جواك المدينة الطاهرة
جوه عنيك قمر صافي
وسكة طاهرة صفصافي
وشط أمان
يا ساجد ليل نهار يا حبيبي للرحمن
بندعي المولي يجعل بابك المفتوح لكل الناس هنا
مفتوح
حبيب القلب ويا الروح
وشايل جوه جيبك دائما المفتاح
ولا بترتاح.. دقيقه واحده..
ساعي بين الناس
وبتدور علي اللي جاع
وبتحاول.. تغير كل أوضاع السنين المرة بحروفك
بينزل ليك قمر يا حبيبي لو شافك
من كتاب (مدد.. مدد..)
سيرة ذاتية لبلد