رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: شخصيات خالده في حياتي(2).. (حمدي بلاط)

إبراهيم رضوان يكتب: شخصيات خالده في حياتي(2).. (حمدي بلاط)
انتهت الندوة كما بدأت.. خطبة طويله من الدكتور (حمدي بلاط) عن أعمالي التي اكتشفت أنه يتابعها

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

لأنني كنت أحب (حمدي بلاط) قبل أن أراه.. رحبت بزيارتي لحزب المستقلين الجدد لعمل ندوات غير مشروطه بالإمضمام للحزب، كنا لم نلتق قبل ذلك.. كنت أسمع عنه.. وعن إنسانيته غير المسبوقة.. وعن حبه لعمل الخير.. وعن حبه لنبروه التي ينتمي اليها..

والذي كان قد فاز بعضويتها مع طلخا في مجلس النواب بجدارة.. لولا الترتيبات السياسيه التي كانت منتشره في هذا الوقت.. عندما حضر ودخل بملامحه الملائكيه.. جلسنا جميعاعلى المنصة.. أصر الرجل على جلوسي في وسطها.. لأنني صاحب الليله.. وصاحب الفرح كما قال..

حاولت أن أقنعه بأننا ضيوف عنده فقال لي: نحن جميعا ضيوفا عندك  الليلة.. و.. انتهت الندوة كما بدأت.. خطبة طويله من الدكتور (حمدي بلاط) عن أعمالي التي اكتشفت أنه يتابعها.. وعن حبه لي.. لقد اكتشفت أن الرجل يحبني جدا حتى قبل أن أراه أو يراني..

والغريب في الأمر.. أنني أيضا كنت أحبه جدا دون أن أراه .. كنت قد عرفت أنه أشهر شخصيه في قريه نبروه قبل أن تتحول إلى مدينة.. وأنه متفرغ لخدمه الجميع.. ولا يتأخر أبدا عن أي شخص يحتاج إليه.. أو عن عروسه تريد الحصول علي أجهزه كهربائيه من خلال جمعيه  البر الذي يرأسها..

والغريب أنه بعكس كل الجمعيات الخيرية على مستوى مصر والعالم العربي الذي كان يرفض تماما التبرع لها بمبالغ مالية.. أو عينية.. أو أي أخرى تساعده في الإستمرار في إعداد آلاف الحقائب التي يوزعها على الفقراء في الجمعية الموجوده بجانب نادي الزراعيين، حيث أنه كان نقيبا  للزراعيين قبل أن يتفرغ للجمعية..

إبراهيم رضوان يكتب: شخصيات خالده في حياتي(2).. (حمدي بلاط)
الشيخ الجليل (محمد متولي  الشعراوي) يقول في خطبة من خطبه أن الموظف أولى بالزكاة وبالصدق ويستحقها

الشيخ متولي  الشعراوي

الغريب في الأمر أنه الوحيد الذي كان يذهب إلى أي رئيس مجلس مدينه في نبروه.. وإلى كل المجالس المحلية الموجوده حولها.. ليطلب كشفا به كل أسماء الموظفين والعمال حتي يصرف لهم حقيبة شهرية بها كل ما يحتاجونه من مواد غذائيه تكفيهم الشهر كله مع مبلغا من المال بعد أن سمع من الشيخ الجليل (محمد متولي  الشعراوي) وهو يقول في خطبة من خطبه أن الموظف أولى بالزكاة وبالصدق ويستحقها.

(حمدي بلاط) من صغره كان..

إنسان عطوف..

على كل حاجه في الطريق

قلبه رقيق..

بيدق من أجل الجميع

عمره ما فكر يوم يبيع..

صاحب.. ولا حتي حبيب..

ولا عمره باع

في مركبة كل اللي عاز..

هو الشراع

يوهب سنين عمره الشريفة..

للي جاع جوه الزحام

فارد دراعه بالسلام..

علي كل خلق الله..

وحاضن قلبهم

واقف لروحه و كل ماله

 جنبهم.. بيحبهم

ويحب كل.. المخلوقات..

فارس علي مهرة ثبات

حارس بنوره في الصفات

ماشي علي ضي الصراط

عمره في يوم ما قفل في باب

دا لأنه حتي في الغياب..

قمر العطاء.. (حمدي بلاط) .

اثناء وجودي معه في بالجمعيه الخيريه  بنبروه سمعنا صرخات مدوية من كلب لا نعرف مصدره.. ولا في اين مكان هو.. انزعج الدكتور (حمدي بلاط) جدا وأرسل من يسأل عن سر هذا الصراخ.. ذهب البعض.. ثم عاد ليخبروا الدكتور (حمدي بلاط) أن سيارة من السيارات المنطلقه أصابت كلبا من كلاب الشوارع إصابة بالغه ومباشره.. وأنه يحتضر..

إبراهيم رضوان يكتب: شخصيات خالده في حياتي(2).. (حمدي بلاط)
وقفت بعيدا حيث أن أعصابي لن تتحمل رؤية الدماء ولا رؤية هذا الكلب

الكلب يتمدد على الأرض

أخذني واتجهنا  فورا مع مجموعة من رجاله ناحية الكلب المصاب.. وقفت بعيدا حيث أن أعصابي لن تتحمل رؤية الدماء ولا رؤية هذا الكلب الذي نام وتمدد على الأرض في انتظار الموت رغم أنه ما زال في حالة صراخ دائم..

كان المشهد قريبا مني.. الكلب ملقى علي جنبه فوق التراب الذي اختلط بدمه.. وكل الأمعاء تخرج من فمه ومن بعض الفتحات الأخرى ..أي أن الحاله متأخره جدا.. وأن الكلب يعتبر في عداد الأموات

اتصل الدكتور (حمدي بلاط) بالمحافظ و بعض الجهات الأخري بعد أن ظل يتأمله.. ويتأمل في كل الجراح التي أصيب بها وبقاياه الملقاه على الأرض في حالة انحدار  كاملة.. و.. كانت المفاجأه.. أصدر امرا لأحد الذين يعملون عنده في الجمعيه لإحضار سياره ربع نقل خاصه بالجمعية.. وقطعة قماش أبيض كبيره لوضع الكلب بها.

 تعجبت لأنني ظننت أن القماش خاص بتكفينه.. وكانت هذه هى المرة الأولى التي أسمع فيها أن الحيوانات يتم تكفينها.. ظننت أيضا أن السياره التابعه للجمعيه ستأخذه إلى أي ارض فضاء لترميه هناك كما هي العادة ليموت هناك في هدوء، إن لم يكن قد مات..

و بالفعل كانت المفاجأه الأخرى التي وجدتها..الدكتور( حمدي بلاط) يتصل بعدة جهات كثيره حتى وصل أخيرا للحل الذي يريده.. ما هو الحل الذي يريده الدكتور حمدي بلاط؟

 لحل الذي وصل إليه هو نقل الكلب الجريح فورا لأكبر مستشفى بيطريه بالمنصورة خاصة بإجراء العمليات الجراحيه للحيوانات والرعايه الطبية للكلاب التي يربيها البعض في بيوتهم وليس للكلاب الضالة..

انطلق الموظف وسلم الكلب للعيادة حيث أعلنت حالة الطوارئ، وقاموا بإجراء اكثر من عمليه جراحية له في محاولة منهم  حتى يعود لحالته الطبيعيه.. كان قد عرف من خلال اتصاله بالمبلغ الذي سيدفعه للمستشفى كتأمين حتي يضمنوا أن صاحب المشكلة سيترك الكلب الضال لهم دون أن يكتمل العلاج..

ارسل المبلغ مع الموظف الذي أخذ الكلب وهو في حاله قرف شديد ورفض داخلي للمهمة التي سيقوم بها.. المستشفى قالت أنها المرة الأولى التي تعالج فيها كلبا من كلاب الشوارع الضاله.. وكانوا في غاية العجب من هذا التصرف الذي قام به الدكتور (حمدي بلاط)..

إبراهيم رضوان يكتب: شخصيات خالده في حياتي(2).. (حمدي بلاط)
اتصل بي ليبلغني أن الكلب تحسنت حالته الصحيه بعض الشيء

الكلب تحسنت حالته

في اليوم الثاني اتصل بي ليبلغني انه من الممكن أن أذهب معه لزيارة الكلب فاعتذرت آه.. بعدها اتصل بي ليبلغني أن الكلب تحسنت حالته الصحيه بعض الشيء.. وذلك بعد إجراء أكثر من عمليه جراحية له.. وأنه شخصيا كان يقوم بزيارته يوميا في المستشفي لدفع الرسوم الماديه المطلوبة منه و معرفته حالته الصحيه و مدي التقدم في حالته..

في المستشفى البيطرية كان كل العاملون به والأطباء والممرضات وكل من يعمل بالمستشفى يتعجب لأن الكلب من الكلاب الضالة، وليس من الكلاب التي تربى في المنازل وتجد التدليل الكافي من أصحابها

يوميا كان الدكتور حمدي بلاط يدفع المبلغ المطلوب ويظل معه فتره طويله يتابع حالته ثم بعدها يعود لمنزل لمتابعة حالته من خلال التليفون.. صرف كثيرا من ماله الخاص.. وأخيرا أبلغوه أن الكلب وصل إلي الحالة التي يمكن معها الاستغناء عن المستشفى بحيث يتم علاجه الباقي في مكان غير العنبر المخصوص و المخصص له بالمستشفى البيطري..

أرسل الدكتور (حمدي بلاط) سيارة مع بعض الذين يعملون بالجمعيه لاستلام الكلب.. بعد وصولهم أمر الدكتور (حمدي بلاط) بإخلاء حجرة من حجرات الجمعية الخيرية التي يرأسها والتي تعتبر من أكبر واعظم الجمعيات الخيرية على مستوى العالم العربي..

أمرهم بتنظيف الغرفة ووضعوا فيها فرشة مريحه للكلب الذي ما زال يعاني رغم العمليات الجراحية التي أجروها له في المستشفى.. كان الدكتور (حمدي بلاط) يحضر له بنفسه يوميا الطعام المستورد وكل الأشياء التي كتبت له كعلاج خارجي.. وكلف دكتورا بيطريا بالإشراف عليه وزيارته يوميا بمرتب ثابت..

سارت الأمور بشكل طبيعي جدا إلي أن جاء له الموظف المسؤول عن الكلب ليبلغه أن الكلب قد مات.. قال له الدكتور (حمدي بلاط): وماذا فعلتم بالجثه؟.. قال له الموظف ببراءة شديدة: رميناها  في الزبالة.. ضحكت جدا.. بينما تغررت عيون الدكتور (حمدي بلاط) بالدموع

 وقتها  تذكرت قول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بما معناه أن امرأة عاهرة دخلت الجنه لأنها أنقذت قطة من الموت عطشا.. وأن امرأة أخرى قد دخلت النار لأنها حبست قطة فلا هى أطعمتها أو تركتها ترحل لتأكل من خشاش الأرض..

هذا هو الدكتور (حمدي بلاط) الإنسان الذي أعرفه جيدا.. بعد أن جلست معه نتبادل الحديث:

و..

ربك بيبعت قلب حنون..

قادر يساعد في المحتاج

يزرع ورود الجود في الكون

يلبس بجبر الخاطر تاج

وصديقي (حمدي بلاط) واهب..

كل اللي جوه الجيب لله

يتحول الإنسان راهب..

لو يوم يساعد واحد تاه

الكل للنسيان ذاهب..

إلا اللي ساب للدنيا ضياه

(حمدي بلاط) دائما في العون..

لفقير ما زال محتاج لعلاج.

وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.