رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود عطية يكتب: مكالمة الرئيس لـ (عبد الرحمن أبو زهرة)

محمود عطية يكتب: مكالمة الرئيس لـ (عبد الرحمن أبو زهرة)
جرح اسمه كرامة المواطن المصري وتحديدًا كرامة كبار السن ياسيادة الرئيس

بقلم المستشار: محمود عطية *

خطاب مفتوح إلى السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بعد أن نثمن ونثني علي اللفته الجميله بالإتصال بالقدير (عبد الرحمن أبو زهرة).

السيد الرئيس:

تحية مصرية من قلوب أنهكها التعب، لكنها ما زالت تحمل أملاً في إصلاح ما يجب إصلاحه.. نكتب إليكم اليوم، لا لنشكو، بل لنلفت نظر سيادتكم إلى جرح يتسع كل يوم في جسد هذا الوطن.

جرح اسمه كرامة المواطن المصري وتحديدًا كرامة كبار السن، أصحاب المعاشات، وأبناء المهن الحرة الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن، ثم فوجئوا عند شاطئ العمر بأنهم ليسوا على قوائم الاهتمام، بل على قوائم الإثبات الدوري للحياة.

السيد الرئيس:

تابعنا جميعًا مكالمتكم الإنسانية للفنان القدير (عبد الرحمن أبو زهرة)، بعدما أوقفت هيئة التأمينات صرف معاشه بدعوى التحقق من بقائه على قيد الحياة المكالمة في ظاهرها بادرة طيبة من رأس الدولة لرجل أفنى عمره في الإبداع.

لكنها في جوهرها كشفت واقعًا أكثر مرارة يعيشه الآلاف، بل مئات الآلاف من أصحاب المعاشات، الذين يُطلب منهم سنويًا، وبكل جفاف ووقاحة إدارية، أن يثبتوا أنهم أحياء وإلا قُطع عنهم المعاش، وكأن الموت وحده لا يكفي لإيقاف الصرف بل الحياة أيضًا تحتاج إلى شهادة.

نعم، يا سيادة الرئيس، هذا هو الواقع الذي يعيشه مواطنونا من كبار السن، موظف مُتبلد يطلب من رجل سبعيني أو ثمانيني أن يتوجه إلى مكتب التأمينات، وربما يزحف على عكاز، ليوقّع ورقة تثبت أنه ما زال على قيد الحياة، مشهد لا يمت للإنسانية بصلة، ولا للكرامة، ولا حتى لذكاء الإدارة.

محمود عطية يكتب: مكالمة الرئيس لـ (عبد الرحمن أبو زهرة)
بعد مكالمة الرئيس للقدير (عبد الرحمن أبو زهرة) أرسلت بوكيه ورد جميل له

مكالمة (عبد الرحمن أبو زهرة)

لماذا لم تفكر هيئة التأمينات حتى الآن في ربط بياناتها مع السجل المدني؟، أليست هناك أجهزة حكومية تُبلَّغ تلقائيًا بحالات الوفاة؟، لماذا لا يُطبق هذا في المعاشات؟

لماذا نعجز عن إقرار نظام يحفظ للناس كرامتهم، ويمنع عنهم إذلالًا سنويًا يُشبه امتحان حياة ليس له أي مبرر سوى العجز الإداري والجمود العقلي؟، والغريب أن التأمينات بعد مكالمة الرئيس للقدير (عبد الرحمن أبو زهرة) أرسلت بوكيه ورد جميل له.

فهل أرسلت لكل من تهينهم كل سنة بوكيه أو حتي مكالمة اعتذار؟، والخطير أنهم كالعادة (سلو بلدنا) يكذبون ويقولون أنه خطأ من السيستم برغم أن موضوع إثبات الحياة معروف للجميع.

السيد الرئيس:

المعاش ليس منحة المعاش ليس هبة.. المعاش هو مال المواطن المقتطع من عرقه وشقائه طوال سنوات الخدمة.. هو مستحقاته الشرعية التي لا يملك أحد في الدولة أن يمنّ عليه بها أو يساومه عليها، ولذلك فإن المساس بها بهذا الشكل المتكرر والمهين هو اعتداء صريح على كرامة هذا المواطن.

نطلب من سيادتكم أن تمتد مكالمتكم الإنسانية من فنان واحد إلى شعب كامل أن تكون هذه المكالمة شرارة إصلاح حقيقي لا مجرد لفتة رمزية لأن من حق كل أب مصري، وكل أم مصرية، أن يُجبر خاطرهم كما جُبر خاطر الفنان (عبد الرحمن أبو زهرة)، ومن الظلم أن يشعر ملايين من البسطاء أن الكرامة لا تأتي إلا إذا كان اسمهم معروفًا وصورتهم متداولة.

ونفتح معكم، يا سيادة الرئيس، ملفًا آخر لا يقل قسوةً وظلمًا، هو ملف أصحاب المهن الحرة، الذين يعاملهم قانون المعاشات كأنهم من طينة أخرى، فوفقًا لقانون الخدمة المدنية، لا يحق لصاحب المهنة الحرة أن يصرف معاشه قبل سن الخامسة والستين، مهما كانت الظروف، ومهما بلغ من مشقة، ومهما أُغلق مشروعه، أو خسر عمله، أو داهمه المرض.

تصوروا، يا سيادة الرئيس، رجلًا بلغ الستين من عمره، وأُجبر على إغلاق مصدر رزقه أو متجره أو عيادته، لأي سبب كان: (مرض، إفلاس، ظروف قهرية)، ما مصيره؟، من أين يأكل؟، كيف يعالج نفسه؟، كيف يُنفق على أبنائه؟ أيتحول من منتج شريف إلى متسوّل مكسور الخاطر؟

أي قانون هذا الذي يساوي بين القادر على العمل حتى الخامسة والستين، وبين من أنهكه المرض أو الظروف القهرية؟، بل لماذا لا يكون هناك معاش لصاحب العمل عند بلوغه الستين، أو من أنهي عمله لأي سبب من الأسباب المذكورة أعلاه ليتساوي مع العامل أو الموظف، وخاصه للحالات العاجلة كما يحدث في الدول المتحضرة؟، لماذا لا يوجد حد أدنى من المرونة يُراعي الواقع ويستجيب لحاجات الناس؟

محمود عطية يكتب: مكالمة الرئيس لـ (عبد الرحمن أبو زهرة)
المعاش له حد أدني من السنين ليصرف له معاش

المعاش له حد أدني

أعلم سيادة الرئيس أنه قانون ولكن من شرع هذا القانون ووضع هذه الماده بالذات تجاهل حق صاحب العمل في ماله الذي هو مبلغ التأمينات الذي يدفعه شهريا، وبرغم أن المعاش له حد أدني من السنين ليصرف له معاش؟

السيد الرئيس:

القضية ليست مجرد تنظيم إداري بل تتعلق بثقافة كاملة يجب أن تتغير.. ثقافة تعتبر المواطن عبئًا، والمسن مشكلة، والمعاش تفضّلًا.. ثقافة لا ترى في الإنسان إلا ملفًا ورقيًا في درج، أو رقما على شاشة، ونحن نعلم أنكم لا تقبلون هذه الرؤية، ولا ترضون بهذا الهوان لشعبكم.

إننا سيادة الرئيس  في حاجة ملحة إلى إصدار تعليمات مباشرة لإلغاء هذا الإجراء المهين الخاص بـإثبات الحياة واستبداله بنظام إلكتروني آلي يحترم إنسانية المسنين.

كما أننا في حاجة إلى إعادة النظر في قانون صرف المعاشات لأصحاب المهن الحرة، ليشمل حالات الإفلاس والمرض والتوقف القسري، ويضمن حياة كريمة لكل من خدم وطنه دون أن يكون موظفًا في دولة.

سيادتكم تؤكدون دومًا أن الإنسان المصري هو الأولوية، وهذه لحظة مناسبة لترجمة هذه المقولة إلى تشريعات، وإلى تعليمات صارمة تُصلح ما أفسدته عقود من التجاهل الإداري.. نريد سياسة معاشات عادلة إنسانية، تحفظ الكرامة، وتجبر الخاطر، وتمنع الإذلال.. نريد أن نرى كبار السن يُعاملون بالتقدير لا بالشك، وبالعرفان لا بالإهانة.

السيد الرئيس:

نُقدّر مكالمتكم للفنان (عبد الرحمن أبو زهرة)، لكننا نطمح لما هو أكبر: لقرار يُصلح المسار، لقانون يُعيد الاعتبار لمنظومة تضع المواطن فوق الروتين، وتمنع عنه الإذلال وتجعله يشيخ في وطنه بكرامة، لا بمذلة سنوية اسمها إثبات حياة ولعلي أشكر الظروف التي جعلت فنان قدير من الزمن الجميل يواجه مثل هذه المشكله لكي نعيد النظر لمئات الآلاف مثل حالة الفنان.

ونؤكد لسيادتكم إن ما صرحت به التأمينات بإنها أثناء مراجعة بيانات (سن بذاته) وقع خطأ فهذا كلام غير دقيق بالمرة، بل هو إجراء طبيعي يكرر كل عام لمستحق أو مستحقة للمعاش، وخاصه كبار السن الاولي والأقدر بالتقدير والرعايه والإحترام.

سيادة الرئيس:

نحن لا نطلب صدقة، ولا وساطة، نحن نطلب عدالة، ونطالب بها من رئيسٍ أقسم يومًا أن يرفع رأس هذا الشعب، لا أن يُترك مكسورًا في طوابير المعاش أو أسفل مكاتب التأمينات.

ولكم منا كل الاحترام والتقدير،،،

عن كل أب مسن، وكل أم تنتظر المعاش، وكل حرفي فقد عمله، وكل مواطن لا يملك إلا كرامته.

يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوفر كبيرنا) صدق رسول الله.

* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.