(عادل إمام).. زعيم الإيفيهات المسرحية والسينمائية الحاضرة في كل مكان وزمان


بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
مع أول عمل فني طلع به (عادل امام) ـ الذي نحتفل هذه الأيام بعيد ميلاده الـ 85 ـ علي الناس قال عبارته الشهيرة في مسرحية (أنا وهو وهي) والتى تعتبر أول إيفيه له: (ناس بتاعة شهادات صحيح).
ليصبح بعدها (عادل إمام) واحداً من الجيل التالي لجهابذة نجوم الإيفيهات الكوميدية، وكي يستمر قرابة ستين عاما يقدم الإيفيهات الكوميدية في المسرحيات والأفلام.
والحقيقية أن الشهرة الكبيرة التي حققها (عادل إمام) أتت متفجرة من (الإيفيهات) التي سمعناها منه في المسرح تحديدا، لعدة أسباب أن المسرح المصري هو في الأساس حالة من (الايفيهات) التي تهدف الي إضحاك الناس والتسرية عنهم.

طب، دانا علبان
وقد اشتهرت إيفيهات (عادل إمام) المسرحية لدرجة انه استخدمها في بعض أفلامه مثل عبارة (طب، دانا علبان) من مسرحية (شاهد مشافش حاجة) التي استخدمها في أفلام أخري منها (رجب فوق صفيح ساخن).
وطوال مسيرة (عادل إمام) فإن عدد مسرحياته قليل للغاية، ولكنها كانت تلقي القبول، وتعرض لسنوات طويلة، ويمكن اعتبار مسرحياته كلها بمثابة إيفيهات.
في البداية كان (عادل إمام) يشارك آخرين البطولة مثل مسرحية (مدرسة المشاغبين)، ثم انفرد بالبطولة في مسرحيات تحتل اسم الشخص الذي يمثله، ومنها (شاهد مشافش حاجة)، و(الواد سيد الشغال)، ثم (الزعيم)
وفي مسرحية (مدرسة المشاغبين) لم يتوقف (بهجت الأباصيري) في إطلاق الإيفيهات حول (أبلة عصمت) وهو ينادي (لغاليغو أنت جبت اللغالييغ دي منين).
وثم يسترسل في اطلاق مجموعة من (الإيفيهات) حول (اللغاليغ)، ويسألها : (انت واخده دكتوراه في اللغاليغ؟)، كي يعلن انه سيشتري اللغلوغ من المدبح، ويقول : (دول جايبين لنا اساتذة من المدبح يا جدعان) ما يفجر الصالة من الضحك!.
ويجدد نفسه وهو يفعل الشئ نفسه حول المقررات الدراسية السهلة في بيروت، ويسخر من التعليم وهو يردد: (العلم لا يكيل بالباذنجان)، وهو يردد : (المدارس باظت يا جدعان بعد 17 سنة في ثانوي بتقولي أقف).
وفي مشهد آخر يسخر من نفسه ومن مكانته كزعيم للتلامذة المشاغبين، ويتساءل: (زعيم أونطة أنا؟).

شاهد ماشافش حاجة
وفي مسرحية (شاهد ماشافش حاجة) فإنه ينفرد بالإيفيهات في كافة المشاهد مع حبيبته في حديقة الحيوان، وعندما يأتيه المحقق في البيت مرتين، ثم في مشهد المحكمة المليء بالسخرية القائم علي سذاجة المواطن وهو يتساءل: (هو انا اسمي مكتوب؟!، طيب)، ويردد طول الوقت ( دانا، أنا غلبان).
والإيفيه الأكثر جاذبية يكرره أكثر من مرة مع حركات متجددة، وبكل تلقائية ودون أن يعرف معني الكلمة، فإنه يسأل الشخصية ذات حيثية (طب والبيه خرونج برضه).
وباعتبار أن (عادل إمام) ممثل سينمائي فقد كتب له المؤلفون الكثير من الإيفيهات ليرددها من فيلم لآخر، وكانت الشخصيات الأكثر جاذبية هي المواطن البسيط الذي يتم النصب عليه.
مثل شخصية (عنتر شايل سيفه) الذي يذهب الي إيطاليا طمعاً في أموالها، ونسوانها، وهو يردد بعد أن انكشف أمره : (الساعة بخمسة جنيه والحسابة بتحسب)، أو حين يقوم بتدليل الرشوة الي عبارة (شاي بالياسمين)، وقد تميز (عادل إمام) أنه يقول الإيفيه في أشد الأوقات حرجاً.
ومثلما يقول المحقق في فيلم (النوم في العسل) وهو يخبر العروس الأرملة: (لا حياء في الدين ولا حياء في العلم ولا حياء مع رجل المباحث المالي.. تشرب شاي بالياسمين، دلالة أن الرجل إذا وافق بالياسمين).
كما أنه يعبر عن صنعته في حديث للناس وللوطن في فيلم (عمارة يعقوبيان) وهو يسير في شارع (طلعت حرب) الفجر ويردد (إحنا في زمن المسخ!).

عادل إمام وأكثر من مرحلة
يمكن تقسيم الأفلام التى قام ببطولتها (عادل إمام)، من خلال أدواره في هذه الأفلام إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول يبدأ من عام 1964، وحتى عام 1973، وفيه اشترك عادل إمام في أداء العديد من الأدوار الثانوية المتباينة التى لا أهمية لها بالمرة.
والتى لم تكن تنبئ أن الممثل الذي يقوم بهذه الأدوار يمكن أن يزيح النجوم من حوله ليتبوأ عرش النجومية وحده لأكثر من خمسة وعشرين عاما.
أما القسم الثاني من هذه الأفلام في عام 1973، حين اشترك في بطولة فيلم (البحث عن فضيحة)، أمام سمير صبري، وقد كانت هذه فرصة غريبة ونادرة أن تمنح البطولة لأثنين من الشباب اللذين كانا فيما قبل مجرد ممثلين للأدوار الثانوية.
ويؤديان أدورا قصيرة ونمطية في السينما، هما (سمير صبري)، و(عادل إمام)، وفي فيلم (البحث عن فضيحة) راح نيازي مصطفى يعطي لبعض نجوم السينما الكبار آنذاك أدوارا ثانية.
وأغلبهم لم يقم بعد ذلك ببطولة مطلقة في أفلام، وكان هذا علامة لإرتفاع نجومية ومكانة اثنين، وأفول آخرين مثل أحمد رمزي، ويوسف وهبي، وزيزي البدراوي، وآخرين.

أصبح الحصان الرابح
وفي الفترة بين عامي 1973 و1979 راح (عادل إمام) يقوم ببطولة بعض الأفلام، ويشارك آخرين في بطولة أفلام كثيرة، وظلت حالات التأرجح هذه إلى أن حصل على البطولة المطلقة في (المحفظة معايا) في آواخر عام 1978، ثم (رجب فوق صفيح ساخن) عام 1979.
أما المرحلة الثالثة فهي التى أصبح فيها نجما حقيقيا، يحمل وحده لواء فيلم، وقادرا أن يكون سببا لنجاحه، بل أصبح الحصان الرابح لكل فيلم يقوم ببطولته أيا كانت أهميته.
وهذه المرحلة بدأت عام 1979 ومستمرة حتى الآن وعلى مدى 46 عاما من النجاح والتألق والأفلام، وأخيرا المسلسلات التى قدمها.