
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
إذا كنت من مجانين الترند وتنوي متابعة قراءة المقال التالي بحثا عن أسرار أو فضائح إضافية في قصة الخطاب الذي أرسلته (السندريلا) الراحلة سعاد حسني إلى العندليب الراحل أيضا عبد الحليم حافظ فدعني أصارحك بانك لن تجد الاثارة المنشودة هنا.
ذلك لأن رأيي المتواضع في قصة خطاب (السندريلا) المزعوم، سواء كان صحيحا أم مفبركا، أنه محاولة غير أمينة من صاحب فكرة نشره وتسريبه للإعلام لركوب الترند، الذي أصبح أكثر متعة وجاذبية لملايين المصريين من ركوب الأمواج، أو حتى ركوب الهواء كما كان يفعل الراحل إسماعيل يس في أفلامه الهزلية.
الخطاب كما قرأت مقتطفات منه لا يحمل توقيعا ولا إشارة واضحة عن مرسلته، ربما تكون (سعاد حسني) هى من أرسلت رغم معرفتي معلومة موثقة أنها لم تكن من هواة الكتابة والقراءة، وكانت معظم ثقافتها الحياتية والسينمائية سماعية بحكم أنها كانت مستمعة جيدة ومتلقية مطيعة لجيل من العظماء أمثال مصطفى أمين وصلاح جاهين وغيرهما.
وربما تكون صاحبة خطاب (السندريلا) فتاة أو سيدة أخرى معلومة أو مجهولة الهوية من ملايين الفتيات اللاتي غرقن في حب (حليم) من جانب واحد، ولعل الجيل القديم يتذكر كم فتاة حاولت الانتحار يوم الإعلان عن وفاة العندليب في الثلاثين من مارس عام 1977.
وربما نتذكر أيضا كم فتاة وكم سيدة عاشت قصة حب عنيفة وتعذبت ليالي طويلة وهى تناجي (حليم) باعتباره حبيبها المزعوم، وكل ذلك لأن العندليب كان معبود الفتيات في فترات الخمسينات وحتى السبعينات من القرن الماضي، وبالتالي من المنطقي الاعتقاد بأنه كان يتلقى المئات إن لم يكن الآلاف من رسائل الحب واللوعة يوميا من هؤلاء المعجبات.

خطاب (السندريلا) المزعوم
وأتذكر أنني نشرت سلسلة من ثلاث حلقات في تسعينات القرن الماضي أيضا، في ذكرى وفاة العندليب، كانت الحلقة الثالثة فيها بعنوان: (تقولها السيدات عندما يصدمن في الزواج.. منك لله يا عبد الحليم)، وقصدت منه أن لوعة الحب والسهر والحيرة التي قدمها حليم في أفلامه تختلف تماما عن الحقيقة.
نعود إلى خطاب (السندريلا) المزعوم ونسأل أسرة العندليب أو الحفيد الذي تبرع بتسريبه للصحافة، ما هو الهدف مما فعلته؟!، هل تريد إثبات أن (سعاد حسني) كانت تحب (حليم) من طرف واحد مثلها مثل ملايين الفتيات في جيلها وأنه لم يكن يبادلها الحب؟!
بداية فإن تلك الفرضية ليست منطقية، كون (السندريلا) كانت بدورها فتاة أحلام الشباب العربي كله في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وكانت تحتاج مئات المساعدين لدفع المهووسين بها بعيدا، ما يعني أنها لم تكن تملك الوقت ولا القلب الخالي والذهن الصافي لكي تقع في حب وهمي من طرف واحد.
وحتى إذا افترضنا أنها فعلت فما الذي تكسبه أسرة (حليم) من فضح سرها بخلاف كسب المزيد من المتابعين التافهين على مواقع التواصل؟!، بل إنني أتعجب حتى عما يمكن أن تضيفه تسريبات رخيصة مثل هذه لسيرة العندليب؟!
ظني أن (العندليب) الذي كان حريصا طوال حياته على إبقاء الجانب الشخصي منها بعيدا عن الإعلام والصحافة، لو عاد الى الحياة ورأى ما فعلته به عائلته لربما اختار أن يموت مجددا حتى لا يرى إرثه الفني العظيم يتلاشى أمام بضعة هلاوس شخصية غير موثقة.

نصيب من ميراث العندليب
هل الهدف من التسريب إثبات أن (حليم) لم يتزوج (سعاد حسني)، مثلما قال بعض المقربين منهما في أوقات سابقة، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تستميت الأسرة في نفي الزواج؟!، هل طالبت (السندريلا) مثلا أو أسرتها بنصيب من ميراث العندليب؟!
ولماذا الانتظار كل هذه السنوات بعد رحيل الاثنين لنشر مثل هذه التفاهات التي لا تسيء فقط لشخص (حليم وسعاد)، ولكنها تقدم ذريعة مثالية لمن يحاولون تجريد مصر من قوتها الناعمة التي مكنتها من أن تسود بثقافتها وفنانيها وأعمالها الدرامية والسينمائية واعلامها الوطن العربي طوال عقود؟!
وأخيرا أين دور الدولة والهيئات المتخصصة في الإعلام والغناء والفن من سيرك الباحثين عن الترند؟!.. أليس الحفاظ على سمعة رموز مصر الفنية أهم بكثير من مطاردة مطرب أو راقصة يعملان دون ترخيص؟!
هل هانت علينا مصر لدرجة أن كل من هب ودب يشوه تراثها وتاريخها ورموزها من أجل بيعه مقابل حفنة أموال؟!.. وإذا كنا ندين ذلك السلوك الرخيص عندما يقوم به العامة والدهماء من المصريين ونتهمه بالبحث عن المال والشهرة، فماذا يمكن أن نقول عندما يقدم على ذلك الفعل السيء أبناء وأحفاد المشاهير بدلا من أن يكونوا أمناء على نقاء سيرتهم؟!