رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم

في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
علي عبدالظاهر يقرأ عذاب القبر
في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
علي عبدالظاهر يتجسس على نساء الجيران من خلف الشباك

كتب: أحمد السماحي

شهدت حقبة الثمانينات ذروة نجومية النجم (عادل إمام) السينمائية حيث قدم حلالها 35 فيلما بداية من (أذكياء لكن أغبياء) إخراج نيازي مصطفى، والذي عرض في شهر إبريل عام 1980، حتى فيلم (المولد) سيناريو وحوار محمد جلال عبدالقوي، إخراج سمير سيف، والذي عرض في 10 يوليو عام 1989.

في هذه الحقبة كانت أفلام (عادل إمام) تحقق نجاحات جماهيرية ضخمة، لكن لا يواكبها حركة نقدية جادة، فكان كثير من النقاد يتناول هذه الأفلام بنوع من التعالي باعتبار أنها لا ترقى إلى مستوى النقد السينمائي والتحليل!

لكن مع دخول حقبة التسعينات، ودخول (عادل إمام) مرحلة فنية جديدة يمكن أن نطلق عليها مرحلة الأفلام الإجتماعية السياسية، تغير موقف النقد تماما من (عادل إمام) وأفلامه، خاصة مع فيلمه (الإرهابي) وقبله (اللعب مع الكبار)، و(الإرهاب والكباب) و(المنسي)، وبعدهم فيلم (طيور الظلام).

حيث بدأ الكثير من النقاد يشيد بأفلام (عادل إمام) ومواقفه الجريئة من بعض القضايا الشائكة مثل الإرهاب التى جسدها بقوة في أكثر من فيلم منهم فيلمنا هذا الأسبوع (الإرهابي).

ورغم أهمية فيلم (الإرهابي) لكن البعض انتقد (عادل إمام) بقوة، وذكر أنه انتقل من صف الجمهور العادي في أفلامه، إلى (صف الحكومة) التى طلبت منه مناقشة قضية التطرف والإرهاب في أعماله!.

وبعيدا عن مدى صحة ما تردد، المهم أننا لدينا واحدا من الأفلام المهمة التى ناقشت قضية خطيرة كانت يمكن أن تغير ملامح الوطن لولا اصطفاف الحكومة والشعب إيد واحدة، للقضاء على الإرهاب.

في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
مشهد من الإرهابي

أيام الحب والعنف

تبنى (عادل إمام) فيلم (الإرهابي) منذ بدايته، ولم يتردد لحظة عندما عرض عليه سيناريو الفيلم، كان بمقدوره أن يرفض، لكنه قرر أن يواصل مهمته.

ورسالته الفنية ضاربا عرض الحائط بتحذيرات المقربين إليه ممن نصحوه أن يتريث ويهدي اللعب شوية، لكن (عادل إمام) لم يمتثل للنصيحة، لأنه لم يرها كذلك.

ولأنه يرى فقط أن المبادئ لا تتجزأ، ومن فوره أعطى الموافقة، ودخل (ستديو نحاس)، وكان من المقرر أن يخرج الفيلم المخرج (سمير سيف) لكن نظرا لديانته القبطية وحساسية موضوع الفيلم اعتذر، وجاء بدلا منه المخرج نادر جلال.

وعلى مدى ثمانية أسابيع ظل (عادل إمام) وفريق فيلم (الإرهابي) في (ستود نحاس) حيت أنشأ مهندس الديكور العبقري (نهاد بهجت) منزل الأسرة، ولم يخرج منه أحد سوى لتصوير عدد من المشاهد الخارجية حتى اكتمل العمل نهائيا.

وطوال تلك الفترة فرض صناع (الإرهابي) حول أنفسهم سياجا حديدا، وأعُلن (ستوديو نحاس) منطقة محظورة على الصحافيين وارتفعت لافتة عالية مكتوب عليها ممنوع الاقتراب والتصوير.

وتجاوز الأمر ذلك إلى التنبيه المشدد على أسرة الفيلم بعدم الخوض في تفاصيل الفيلم الذي اختير له على سبيل التمويه والتضليل إسم (أيام الحب والعنف).

 لكن منتج الفيلم الفنان (مصطفى متولي) رفض هذا الاسم المهادن الهادئ، وقرر إطلاق إسم (الإرهابي) رغم أن كاتب السيناريو (لينين الرملي) كان أطلق عليه إسم (في بيتنا إرهابي)، واقترح عادل إمام إسم (إرهابي يدخل الجنة)!.

في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
علي عبدالظاهر بعد أن دخل بيت الأسرة
في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
مع أستاذه في الجماعة الإرهابية

علي أبوشادي ووجهة نظر

كتب الناقد (علي أبوشادي) رؤية نقدية مهمة جدا عن فيلم (الإرهابي) في مقال له بمجلة (الكواكب) وترجع أهميتها أن ما كتبه حدث بالفعل ورأيناه بأعيننا عندم تولى حكم مصر جماعة الأخوان الإرهابية.

 قال على أبوشادي في جزء منه: أثمن ما في فيلم (الإرهابي) هو شجاعة المواجهة، وجرأة التصدي، والأقتراب الواعي من منطقة شائكة حاذر الكثيرون الاقتراب منها، والاقتحام القوي لذلك العالم المغلق الغريب، والمريب للجماعات التى تتخذ من العنف وسيلة لإسقاط النظام، وتعبد بدماء الأبرياء، طريقها للحكم والتحكم، كما يلمس الفيلم في سرعة وربما دون عمق كاف بعض أسباب استشراء تلك الظاهرة.

ويعزوها إلى الفقر والجهل والكبت والبطالة، ويلمح إلى تورط بعض الجهات الأجنبية في التمويل، والإنفاق على تلك العمليات المشينة ضد الحكومة، والسياحة والأهالي، قبل العناوين وفي تكثيف وإيجاز ومن خلال عدد قليل من المشاهد السريعة البليغة في دلالاتها، يقدم لنا بطله (علي عبدالظاهر/ عادل إمام) وهو يقود عمليتين، أولاهما للسطو على إحدى محلات الذهب، ولأخرى لحرق أحد نوادي الفيديو.

وكلاهما يردان المشاهد إلى أرض الواقع، كما يوثق من خلال عناوين الصحف لتلك العمليات المتكررة ليضع المشاهد في قلب الحدث المعاصر، ويشير إلى أنه بصدد التعبير عن إحدى المشكلات الكبرى التى تؤرق المجتمع.

ويضفي أداء (عادل إمام) الفائق، وحضوره الطاغي على المشاهد قوة تعبيرية هائلة بعينيه الوحشيتين اللتين تنفثان الإصرار والقسوة والحسم، وقسمات وجهه الحادة الصارمة، ويده ترفع السلاح في تحد وثقة.

كما يأتي الإيقاع المتدفق اللاهث والمنفذ ببراعة ملحوظة ليصدم وعي المتفرج، ويمهد لرحلة (الإرهابي) عبر تجربة خصبة، وثرية من اللاوعي إلى الوعي، ومن الجهل إلى المعرفة، ومن التعصب والتشدد إلى الفهم والتفهم.

ومن انتهاج العنف الدموي إلى ابتغاء الحوار الأخوي، تجربة تدفع به إلى أتون الحياة، يصهره ويطهره، ويعيد تشكيل وعيه، ليشعر بأن الحياة أحق أن نحياها، وأغلى من أن نهدرها.

وهنا لا يسقط الفيلم في شرك النهاية السعيدة التى تخدع المشاهد، بأن تجعل البطل يعود إلى صوابه ويثوب إلى رشده، وهو مالم يحدث في الواقع ذلك أن صناع الفيلم يدركون أنهم بإزاء مشكلة بالغة التعقيد.

وأقصى ما يطمحون إليه أن يراجع بطلهم أفكاره، ويعيد النظر لا في معتقداته بل في علاقاته بالمجتمع الذي درج على نفيه، وتكفيره ويصلون به إلى القناعة بنبذ العنف كوسيلة للحوار، ومن ثم فإن عليه أن يدفع حياته ثمنا لانفلاته، وتمرده، واجترائه على المناقشة في تجمع يقوم على الأمتثال والإذعان.

في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
عادل إمام وأحمد راتب في بداية الفيلم

أحمد يوسف يكشف السيناريو

الناقد السينمائي (أحمد يوسف) في مقاله في جريدة (اليسار) في شهر يونيو عام 1994 بعض كواليس فيلم (الإرهابي) إذ يقول : إذا كان فيلم (الإرهابي) قد قدم المتطرفين في صورة عصابات ليس لديها إلا الرغبة في الإيغال في المزيد من الجرائم الدموية.

فليس سرا أن الحبكة الأصلية لسيناريو الكاتب (لينين الرملي) كانت بالفعل حول عصابة من اللصوص، يختفي أحد أفرادها عند عائلة لا تعرف حقيقته، لكنها تنجح يوما وراء يوم في أن تكشف عن الجانب الطيب فيه.

فيتخلى عن نزعته الإجرامية مما يعتبره زملاؤه خيانة لهم، فيعاقبونه بالقتل، لكن الرغبة الملحة في تقديم فيلم عن الإرهاب والإرهابيين، كانت وراء الإسراع بتلفيق هذه الحبكة لتصبح على علاقة ما بقضية التطرف.

ولم يكلف ذلك الأمر كاتب السيناريو إلا إضافة بعض سطور الحوار هنا وهناك، وبعض الملامح المتعجلة التى رسمها فوق بعض الشخصيات، لكن جميع الشخصيات دون استثناء ظلت مسطحة شاحبة، وكأنها تخلو من الحياة الحقيقية.

وذلك لأنها ما تزال مجرد دمى تدور في الحبكة الأصلية التى تكاد تصبح نسخة باهتة لمسرحيات سوء التفاهم التقليدية، التى تعتمد على تلفيق المواقف لكي تطيل من إقامة الإرهابي بين أفراد الأسرة.

والذين لن تدرك أبدا لماذا هم على هذا القدر من الطيبة والترحيب بالوافد الغريب، وأرجو ألا تصدق من يشير إلى علاقة الفيلم برواية (في بيتنا رجل) لأن المقارنة سوف تفضح وقوع الفيلم في المفاهيم الساذجة.

وتسطيح كل القضايا، بقدر ما يضع أصحاب المقارنة في ورطة حقيقية، لأن الرواية تتحدث عن مناضل وفدائي وطني لجأ إلى الإرهاب كوسيلة للعنف الثوري.

وهو وجه آخر للإرهاب قد نختلف نظريا حول مشروعيته إلا أنه يثير التعاطف كما حدث للأسرة في الرواية التى بدأت مسالمة بعيدة عن السياسة وأشواكها، وانتهت إلى حماية الإرهابي!

لقد انتهى فيلم (الإرهابي) إلى النهاية ذاتها، فأصبحت الحدوتة كلها أشبه بميلودراما الصراع بين الأسود والأبيض، الخير والشر، وعلى (الإرهابي) أن يختار طريق العبور بين العالمين، بين الظلام والنور.

ليموت تائبا بين أحضان أفراد السرة برصاص الإرهابيين والشرطة، وهو ينادي على سيدة الأسرة كأنها أمه، لكن الفيلم لم يترك لنا فرصة واحدة لكي نفهم كيف تم هذا التحول الدرامي والفكري والسياسي.

أو بالأحرى كيف تخلى فجأة عن دوافعه الأصلية للبحث عن بيت وزوجة، وهو الأمر الذي أشار إليه السيناريو على نحو متعجل، إلا إذا كان الفيلم دعوة لكي تتبنى كل أسرة غنية واحدا من الإرهابيين حتى يخلع عن نفسه ثوب التطرف.

ناهيك عما أشار إليه بحق بعض النقاد، والعديد من المشاهدين العاديين بأن حياة العائلة، كما صورها الفيلم لا تمثل أبدا إلا مظهرا من استفزاز الأثرياء المترفين الذين يدفع سلوكهم في مجتمع يقف فيه الملايين على حافة الفقر إلى مزيد من التطرف.

في عيد ميلاد (عادل إمام) سر اعتذار سمير سيف عن (الإرهابي)، وكواليس ونقد الفيلم
علي عبدالظاهر في بداية الفيلم يقوم بأكثر من عملية إرهابية

بطاقة فيلم الإرهابي

إنتاج: بوب آرت للإنتاج الفني لأصحابها مصطفى متولي، سمير فرج، وسمير سيف.

قصة وسيناريو وحوار: لينين الرملي.

مدير التصوير: سمير فرج.

مساعد المصور: عمرو الشافعي.

إسكريبت: نشأت عبداللطيف.

مسجل الحوار: زكي عيسى، مهندس الديكور: نهاد بهجت.

موسيقى تصويرية: عمر خيرت.

ماكياج: عبدالوهاب قطب.

ميكساج: جميل عزيز,

مونتاج: صلاح عبدالرازق.

نيجاتيف: وداد راغب.

مركب الفيلم: صلاح خليل.

مساعد المخرج: محمد ياسين.

بطولة: (عادل إمام، مديحة يسري، صلاح ذوالفقار، محمد الدفراوي، مصطفى متولي، ماجدة زكي، أحمد راتب، شيرين، حنان شوقي، إبراهيم يسري، محمد أبودادو، سعيد طرابيك).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.