نهال كمال: (عبد الرحمن الأبنودي) كان يحرص على الظهور دوما بكامل حيويته

كتبت: سدرة محمد
كشفت الإعلامية (نهال كمال) خلال حلولها ضيفة على الإعلامية (منى الشاذلي)، عن إن الشاعر الكبير الراحل (عبد الرحمن الأبنودي) كان يحرص على الظهور دوما بكامل حيويته وقوته حتى في أشد لحظات مرضه، وقد يحدث أن يجري لقاءً تلفزيونيًا أو يشارك في أمسية شعرية وهو في قمة الإرهاق، ليُنقل بعدها مباشرة إلى المستشفى دون أن يعلم أحد.
وقالت (نهال كمال)، زوجة الشاعر الراحل (عبد الرحمن الأبنودي)، أن هناك تفاصيل دقيقة وغير معلنة من قبل عن رحلة علاجه الطويلة التي امتدت لسنوات، عانى خلالها بصمت ورفض أن يظهر في صورة المريض، رغم التدهور المتواصل في حالته الصحية.
أوضحت (كمال) أنه ورغم أن الأطباء في الولايات المتحدة وصفوا له بخاخات للتنفس، إلا أن حالته كانت تسوء معها، وقد استمر هذا الوضع لعشر سنوات تقريبًا، منذ آواخر التسعينيات وحتى عام 2008، وكان خلالها يتحرك بصعوبة شديدة ويواجه مشاكل متقدمة في الرئة، لكنه أصر على إخفاء ذلك، وقال لزوجته: (مش عايز أعيش دور المريض… عايز أعيش حياتي).
وأوضحت أرملة الشاعر الراحل (عبد الرحمن الأبنودي)، أنه في عام 2008، وبعد تدهور كبير في حالته، جاءه اتصال من صديق في فرنسا دعاه لتجربة العلاج هناك، حيث يختلف النهج الطبي عن الولايات المتحدة، ويتميز بالصبر والاحتواء.

الأمير (عبد الرحمن بن مساعد)
وبينما كان يتردد في قبول الفكرة، جاءه تدخل مفاجئ من صديق مقرّب لم يكن يودّ أن يُذكر اسمه أو ما فعله مع الراحل، وهو الأمير الشاعر (عبد الرحمن بن مساعد)، الذي رتّب له سفرًا بطائرة خاصة إلى فرنسا، وتكفّل بكامل ترتيبات الرحلة والعلاج في المستشفى الأميركي هناك.
وأكدت (نهال كمال) أن هذا التدخل النبيل لم يكشف من قبل، احترامًا لرغبة الأمير الذي رفض أن يُشكر أو يظهر في الصورة، لكنها بعد مرور 17 عامًا قررت إعلان الأمر، تقديرًا لإنسانيته وتأثير هذه الرحلة الحاسمة في حياة الأبنودي، قائلة: (لولاه، ما كان عبد الرحمن ليعيش هذه السنوات الإضافية).
أوضحت (نهال كمال) أنه عقب علاجه في فرنسا، نصحه الأطباء بالابتعاد عن القاهرة الملوثة، فاختار الإقامة في منطقة الضبعية القريبة من الإسماعيلية، حيث الهواء النقي والطبيعة الهادئة، وهناك عاش السنوات الأخيرة من حياته.
أشارت إلى أن (عبد الرحمن الأبنودي) كان يرفض فكرة أن يرى الناس ضعفه، وندم بشدة على سنوات التدخين التي قال عنها لاحقًا: (كنت فاكر إن الإبداع مرتبط بالسجارة… طلعت غلطان)، مضيفة أنه كان يعيش بربع رئة، ورئته كانت شبه متليّفة، لكنه ظل يكتب ويضحك، ويرفض أن يتعامل مع مرضه كهوية أو وسيلة لاستدرار العطف.
كانت الإعلامية (نهال كمال) قد كشفت لمنى الشاذلي، خلال حلقة خاصة من برنامجها (معكم منى الشاذلي)، إحياء لذكرى مرور 10 سنوات على رحيل الشاعر الكبير (عبد الرحمن الأبنودي)، عن تفاصيل وصية الراحل، والتي كتبها بخط يده قبل وفاته بنحو 7 أشهر، وتضمنت توجيهات دقيقة بشأن وفاته وجنازته والعزاء، بالإضافة إلى تفاصيل تتعلق بأسرته وشكل التعامل مع الإرث الإنساني والإعلامي له.
وأشارت (نهال كمال) خلال حلولها ضيفة برفقة ابنتها (آية الأبنودي) على البرنامج، إلى أن (عبد الرحمن الأبنودي) كتب الوصية بنفسه، بعد أن ناقشها معها شفهيًا، موضحة أنه كان يخطط لكل شيء، بما في ذلك سيناريو رحيله، وقالت: (كان دايمًا بيخطط وبيقول هيحصل إيه بعدي.. حتى الموت عمل له سيناريو).
وأضافت أن الوصية تضمنت تحديد مكان دفنه في قرية الضبعية بالإسماعيلية، مع تشييع الجثمان من مسجد القرية، كما أوصى بعدم الإعلان الفوري عن موعد الدفن حتى يتمكن محبوه من توديعه، قائلاً: (لا أؤمن بأن إكرام الميت دفنه عمال على بطال).

المكتبة لاستقبال الزوار
تابعت (نهال كمال) أن عبد الرحمن الأبنودي طلب استقبال العزاء إلى الديوان الذي بناه خصيصًا لهذا الغرض في الإسماعيلية، لكنه لم ينفذ بعض تفاصيل الوصية بسبب الظروف، موضحة أن جنازته الكبيرة جاءت بتدخل من الدولة: (بعد وفاته مباشرة، الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصل بي، وقال إن القوات المسلحة ستتكفل بالعزاء).
أما ابنته آية الأبنودي، فأكدت أنها لم تطلع على الوصية إلا لاحقًا، لكن والدها أوصاها مباشرةً بقوله: (اسمعي كلام والدتك فوق كل شيء).
كما تضمنت الوصية أيضًا تفاصيل دقيقة، مثل تخصيص غرفة المكتبة لاستقبال الزوار بعد العزاء، ومنع غلق الأبواب أمام الإعلاميين، حيث كتب الأبنودي: (أنا لست ملكية خاصة)، وأوصى كذلك بعدم إقامة عزاء في القاهرة، ورفض ما وصفه بـ (كارنفالاتها)، حيث قال: (لا أريد تشييعًا رسميًا قاهريًا مهما كانت الضغوط).
كما تطرقت الوصية إلى رغبته في إخفاء خبر وفاته عن شقيقته (فاطمة)، حفاظًا على مشاعرها، لكن القدر سبق وصيته، حيث توفيت شقيقته قبل وفاته بأربعة أشهر، وقالت أرملته نهال كمال إن (عبد الرحمن الأبنودي) حزن بشدة على فراقها.
واختتم (عبد الرحمن الأبنودي) وصيته بنداء إنساني، قال فيه: (وأخيراً شكراً لكل من سوف ينفذ وصيتي كما وردت دون اجتهاد، ولكم الحب.. ووقعها: (عبد الرحمن الأبنودي) – آخر سبتمبر 2014.