
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
من جديد اشتعلت الأجواء بين المصورين الصحفيين والفنانين، على خلفية إساءة الممثلة (آية سماحة) وزوجها المخرج والمنتج محمد السباعي لعدد من المصورين خلال تأدية عملهم في تغطية جنازة الفنان الراحل سليمان عيد.
اعرف مبدئيا أن ما سأقوله لن يرضي الكثير من زملاء المهنة، لكنني لم أعتد أن أكتب الا ما يرضي ضميري، وفي قصة تغطية جنازات الفنانين والمشاهير، كتبت في (شهريار النجوم) تحديدا قبل شهور طويلة منتقدا مصوري (الباباراتزي)، المعروفين في الأوساط الإعلامية والفنية بمصوري الفضائح.
وتساءلت في المقال السابق وأعيد تكرار نفس السؤال، ما هي الفائدة التي يمكن للقارئ أو المشاهد أن يجنيها من التقاط صور تكشف أن الممثلة فلانة بدت عليها ملامح الحزن، او أن الممثل الفلاني وصل الجنازة متأخرا؟!!
ثانيا أين (حرمة الموت) مما يفعله المصورون ومن يكلفونهم بمثل هذه المهام البغيضة لمجرد كسب عدة آلاف أو حتى ملايين إضافية من (الريتش) لمواقعهم التعيسة، دون اعتبار لأحزان الناس، أو خصوصية مثل تلك اللحظات لأهل الميت وأصدقائه ومعارفه؟!
ما عرفته أن المخرج محمد السباعي) وزوجته آية سماحة) كانا في طريقهما لدخول المسجد الذي يقام فيه عزاء الفنان الراحل، ووجدا في مدخله عشرات المصورين الصحفيين وغير الصحفيين، فما كان من (السباعي) إلا أن بدأ تصويرهم بهاتفه المحمول، ونشر الصور على فيسبوك مصحوبة بأوصاف غير لائقة.

ما الذي فعله المصورون
ورغم رفضي الكامل لأي خروج عن الأدب من جانب الممثلة (آية سماحة) وزوجها، إلا أنني أتساءل في نفس الوقت، ما الذي فعله المصورون حتى يخرج هذان عن شعورها ويوجها لهما إهانات وألفاظ نابية؟!
ويؤسفني أن أصدم بعض الزملاء بتذكيرهم أن من يريد أن يعامله الآخرين باحترام، فعليه أولا أن يحترم نفسه ومهنته.
وحسنا فعل نقيب الصحفيين (خالد البلشي) عندما تعامل مع الازمة بحكمة ولم ينجرف إلى نداءات الحرب التي أطلقها البعض ضد الممثلة (آية سماحة) وزوجها، وأشار الى ما طالبت به ومعي الكثيرين من الحريصين على بقاء الصحافة مهنة محترمة، بضرورة تنظيم مسألة تصوير الجنازات إذا كانت ضرورية لهذه الدرجة.
ومع التسليم الكامل برفض إهانة أي صحفي سواء كان مصورا أو محررا، فأن ما حدث يجب أن يكون حافزا لجموع الصحفيين خصوصا أعضاء الجمعية العمومية للنقابة للدعوة الى نقاش حقيقي وجاد، من أجل تهذيب هوس البعض بالترند والريتش الذي يدفعهم لانتهاك حرمات الحياة الخاصة للمشاهير، وبالذات لحظات توديع أشخاص أعزاء لقوا وجه ربهم.

شعبة المصورين الصحفيين
وكنت أتمنى أن تتبنى شعبة المصورين الصحفيين برئاسة الزميل (مجدي إبراهيم)، الدعوة إلى هكذا نقاش، بدلا من البيان العنتري الذي نشرته، وكان بمثابة إعلان حرب بين نقابة الصحفيين من جهة، ونقابتي المهن التمثيلية، والمهن السينمائية، واستخدام الفاظ ضخمة من عينة (كرامة المصورين خط أحمر)
وقبل أن يغضب مني الزملاء المصورين أحيلهم إلى واحدة من التغطيات السفيهة ليس فقط للجنازة، ولكن حتى للأزمة في واحد من المواقع التي تجبر المصورين العاملين لديها على انتهاك الحرمات والأداء والخصوصيات من أجل حفنة زوار.
فبعد أن نشرت (آية سماحة) اعتذارا علنيا للمصورين والصحفيين، ونشر (السباعي اعتذارا) مماثلا، كان المنطقي وفقا لأخلاق المهنة التي تعلمناها في زمن الأساتذة، أن نكتفي بهذا القدر، أو في أقصى الحالات نرتب للقاء بين الفنانين والمصورين حتى يكون الاعتذار حضوريا.
لكن أحد المواقع رأى في الاعتذار فرصة جديدة للريتش، وتصرف كعادته هو والمواقع التي أصبحت سبة في جبين الصحافة، بحثا عن الإثارة التي ترفع أعداد الزوار، ونشر خبرا عنوانه: بعد تراجعها.. هل توترت علاقة (آية سماحة) بزوجها؟.. فهل هذا عنوان لا يحمل ذرة من احترام الحياة الشخصية للممثلة؟
وهل فيه شيئا من المهنية أو حتى رائحتها؟! والأدهى من العنوان غير المحترم أن المضمون لم يناقش أو يتضمن أي معلومة لها علاقة بالعنوان، سوى ملاحظة المحرر العبقري أن (آية سماحة) اعتذرت (لم يكن السباعي قد نشر اعتذاره ربما)، بينما كان يجب عليها أن تقف بجوار زوجها ضد المصورين لا أن تعتذر لهم!!!
بالله عليكم: هل هذه نوعية الصحافة التي يجب علينا كصحفيين تربينا على احترام القواعد والأصول المهنية، ليس فقط أن نقبلها ونقبل القائمين عليها في بيتنا النقابي، ولكن أن ندافع عنها أيضا ونخوض الحروب العبثية التي تفتعلها من أجل حريتها في تلويث العقل العام؟!