
بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
ظلت (قوانا الناعمة) ذات تأثير إيجابي طوال فترات الستينات وحتي العقد الاول من هذه الألفيه،عبر مجالات التعليم والدعوة والسينما والمسرح والصحافة والكتاب والإذاعة والتليفزيون إضافة لكوادر مصر المهاجره في دول منطقتنا العربية والأفريقية والإسلامية، ورموز مصر في كافة المجالات.
وقد أفرزت (قوانا الناعمة) حبا لمصر وأهلها ولهجتها وفنها ومعلميها وشيوخها وأساقفها ورموزها، وساهم ذلك في زيادة أعداد السائحين لمصر لرؤية معالمها التي شاهدوها في أعمال مصر الفنية ولرؤية أهلها والتعامل معهم بلهجتهم المحبوبة لديهم،وزادت السياحه التعليميه والطبية والعقارية والإستثمارية.
وأصبحت أجيال كثيرة محبة لمصر حولنا وأصبح كثير من قادة ورموز هذه الدول محبين لأم الدنيا، وأصبحت مصر حلم الكثيرين منهم، وحصدت مصر ثمار هذا النهج من تأثير (قوانا الناعمة).
ثم جاءت فترة خفت فيها ضوء قوي مصر الناعمة، نظرا لقلة إنتاج وتصدير أعمالها السينمائية والدرامية والغنائية والمسرحية والإعلامية، وظل دور الأزهر والكنيسة وقليل من بعثات التعليم والري يدافع عن إستمرارية قوي مصر الناعمة، ثم ظهرت حولنا كيانات إعلامية وإنتاجية سوقت لدولها ونافست علي بساط (قوانا الناعمة).
ولم نعر ذلك الإهتمام الذي يستوجبه، ثم تطور الأمر لإشتداد المنافسة وضخامة المؤسسات الإنتاجية مع تنامي نفوذ إقليمي ودخول لاعبين جدد في مضمار (قوانا الناعمة) وتأثيرها، وتراجع التأثير المصري ولهجته ورموزه وسياحاته مما أثر علي دور مصر الإقليمي لحساب دول شقيقة وصديقة حولنا.
وأيضا لم نعر هذه المرحلة الإهتمام المطلوب، وتركنا البساط تارة لأننا الريادة وتارة لأننا موطن الكوادر، وأخرى لأننا لا يمكن منافستنا، وكان هذا خطأ بين.
ثم جاءت فترة هى من أخطر فترات سحب بساط (قوانا الناعمة) المصريه، ألا وهى مرحلة احتكار أصوات مصر الغنائيه تحت وطأة الأموال والهدايا والسيارات، وتم ركنهم بحجة أن الإنتاج قادم وأنهم لايمكنهم الغناء أو الإنتاج تحت وطأة عقود الاحتكار.

امتصاص غضب تشويه الدراما
وضاع نجوم الطرب المصري ليظهر نجوم من لبنان والشام والمغرب العربي والخليج، وأيضا لم نفطن لهذا الفعل، ثم تم شراء أصول أفلام السينما المصرية وقامت الدنيا من برلمان وصحافة ورموز ولكن لا فائدة، ثم شراء تاريخنا الفني إلي جوار احتكار وتعطيل أصواتها الغنائية، وتعطل إنتاج المسرح بدون مبرر.
وانسحبت الدولة ومؤسساتها من مجال الفن والإنتاج، وتاهت مؤسسات الدولة الإنتاجية، وترهلت مؤسساتها الإعلامية، وسيطر البعض علي عوالم الأخبار والبعض علي عوالم المنوعات والبعض علي عالم الوثائقيات والبعض علي عالم الدراما وسلاسلها، والبعض علي شبكات الإعلام.
وأصبحنا نسمع ونشاهد قنواتهم، ونتفرج علي دراماهم وحفلاتهم، حتى جاءت الطامة الكبرى بنفس خطوات سابقيها من احتكار الأصوات وشراء أصول السينما، ألا وهى احتكار نجوم التمثيل وتوقيع عقود معهم لم ولن تنفذ، ويتكرر المشهد لثالث مرة، وسيتم ركنهم تحت ذريعة الإنتاج المستقبلي.
وبدأ نجوم التمثيل يقيمون خارج مصر ويعتذرون عن الأعمال المصريه تارة لارتباطهم بعقود خليجية وأخرى لتواجدهم خارج مصر وثالثة لانخفاض الأجر المعروض عليهم من منتجي مصر، وبدأوا يهرولون نحو المواسم الفنيه والأحداث والحفلات، ونحن في إنتظار جيل جديد من النجوم في دول منطقتنا.
وعليه تم القضاء علي أصوات مصر وأرشيف مصر ونجوم مصر ومؤسساتها الإنتاجيه وإنتاجها، ومن ثم تأثيرها الإيجابي، ومع تدني محتوي البرامج والدراما وقلة تأثيرها، ومع دعوات لجان ومؤتمرات الدراما المتعددة، والتي لم تشرك أهل الصناعة والتوزيع، وبدت وكأنها فقاعة لإمتصاص غضب تشويه الدراما لمجتمعنا واستجابة لدعوة السيد الرئيس.

حفاظا على دور مصر
أرجو أن يعاد النظر في دعوة من يشارك حسب دوره في عملية الإنتاج والبث والتوزيع، كما أرجو أن يعاد النظر في أولويات أجندة هذه اللجان والمؤتمرات لتصبح متضمنة مايلي:
- مراجعة تراجع حجم الانتاج الدرامي وأسبابه.
- مراجعة عدم تنوع محتوي هذا الإنتاج.
- مراجعة حجم الإنفاق علي هذا الإنتاج.
- مراجعة تنوع جهات الإنتاج وتنافسيتها.
- مراجعة مكونات لجان القراءة والمشاهدة والبث.
- مراجعة خطط الإنتاج مستقبلا.
- مراجعة إشراك الكوادر في مراحل العمل دون إحتكار.
- مراجعة الفوائد علي المجتمع وتسويق مصر.
- مراجعة عمليات احتكار نجوم الطرب والتمثيل والأصول المباعة.
- مراجعة المنافسين وأدواتهم.
- النظر في تراجع دور قوي مصر الناعمة وكيفية استرداده.
- وضع آليات ذلك ومتابعتها بدقه حتى تعود لمصر ريادتها وسمعتها وجودة إنتاجها وتميز نجومها وتأثير قواها الناعمة.
- تحديد التحديات والفرص أمام هذا الملف في ظل المشهد الإعلامي والفني المعاصر.
انتبهوا إنه مخطط يتم تنفيذه بخبث، وإن الأمر جد خطير يتطلب العمل المهني المخلص حفاظا على دور مصر وأمنها القومي وفكرها وعقولها اليوم وغدا، وتحيا دوما مصر.. آمين.