رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بهاء الدين يوسف يكتب: (محمد رمضان).. انتبهوا أيها السادة

بهاء الدين يوسف يكتب: (محمد رمضان).. انتبهوا أيها السادة
ما فعله (محمد رمضان) حلقة في مسلسل جديد لتدمير ما تبقى من قيم أخلاقية

بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف

كثير من الحبر أريق انتقادا أو دفاعا عن المظهر النسائي الذي ظهر به (محمد رمضان) في أمريكا، وبالتالي لا اظن ان لدي جديد يمكن إضافته سواء في هذا الاتجاه أو ذاك، لكنني أستاذنكم في التوقف عند الصورة الأشمل.
فما فعله (محمد رمضان) في اعتقادي ليس سوى حلقة في مسلسل جديد لتدمير ما تبقى من قيم أخلاقية ودينية لدى الشباب من جيل الألفية وجيل Z كما يطلقون عليهم، فقد رأى البعض أن هناك بعض الأمل في نسبة غير قليلة من هؤلاء الشباب، وبالتالي بات الواجب احياء الخطة القديمة خوفا من يكبر هؤلاء ولديهم بقايا من قيم.
تأمل معي في الصورة الكبيرة من وراء ارتداء (محمد رمضان) – برا – حريمي من الترتر مثل الذي ترتديه الراقصات الاباحيات، وتراقصه مثلهن في الحفل الذي اقيم في أمريكا، ثم رفعه لعلم مصر.
ألا ترى فيها محاولة مفضوحة ورخيصة لربط مصر وعلمها بالسلوك الرقيع الذي مارسه هذا المهووس، وهو ما يتجاوز كونه مجرد تصرفات شاذة تعكس خيلاء شخص انتقل من اسفل المجتمع إلى قمته؟!
فكرت فيما قلته؟! هل اقتنعت؟! إذا كنت لا زلت مترددا دعني اذكرك بانتفاضة السينما المصرية في منتصف سبعينات القرن الماضي حين قدمت عددا من الأفلام الرائعة التي تناولت التغير القيمي والأخلاقي الذي شهده المجتمع بالتزامن مع الانفتاح الاقتصادي الذي أطلقه الرئيس الراحل أنور السادات، والذي أطلق عليه الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين (انفتاح السداح مداح)
بهاء الدين يوسف يكتب: (محمد رمضان).. انتبهوا أيها السادة
تأمل معي في الصورة الكبيرة من وراء ارتداء (محمد رمضان) – برا – حريمي

مسلسل جديد لتدمير الأخلاق

كان من أهم الأفلام التي قدمت، فيلم (أهل القمة) للنجم نور الشريف والنجمة سعاد حسني عن قصة قصيرة لأديب نوبل نجيب محفوظ، والفيلم الثاني “انتبهوا ايها السادة” للنجمين محمود يس وحسين فهمي، والمخرج محمد عبد العزيز، وفيه جسد يس شخصية زبال ارتقى بفعل التغيرات المجتمعية الفاسدة وقتها ليكون رجل ثري وصاحب مال.

يعرض الفيلم بحرفية شديدة التباين المفزع بين المكانة التي حصل عليها الزبال لمجرد انه بات يملك المال الوفير، والتدهور الذي شهده استاد الجامعة (حسين فهمي) لان وظيفته لم تعد توفر له المال الكافي.
ولان الزبال كان يحتفظ بمرارة من أستاذ الجامعة الذي رفض في السابق تزويجه من شقيقته وسخر من فكرة أن زبال يتجرأ على التقدم للزواج من ابنة اسرة من الطبقة المتوسطة، يقرر الانتقام منه بالزواج من خطيبته “ناهد شريف” التي فشل أستاذ الجامعة في توفير المال اللازم للزواج منها، وبدورها لم تمانع الزواج من الزبال الذي سيحقق لها طموحاتها المادية.
كان الفيلم بمثابة صرخة سينمائية للتحذير من التدمير الممنهج لقيم المجتمع المصري وتعريته أخلاقيا وهزيمته نفسيا أمام قيم المال الغربية الفاسدة، التي غزت مجتمعنا في ذلك الوقت ضمن خطة لتدمير أخلاق المصريين، وتشكيكهم في كل القيم التي تربوا عليها.
الخطة بدأت في تصوري عقب توقيع اتفاقية فك الاشتباك التي اشتهرت في التاريخ المصري باتفاقية الكيلو 101 كما اشتهرت وقتها، والتي فرغت الانتصار العسكري المصري المجيد في حرب أكتوبر من مضمونه الإنساني، ثم تواصلت بتطبيق سياسة الانفتاح وصولا الى معاهدة كامب ديفيد، لتكتمل أركان تدمير تماسك المجتمع سياسيا وعسكريا واقتصاديا وبالتأكيد اجتماعيا واخلاقيا.
بهاء الدين يوسف يكتب: (محمد رمضان).. انتبهوا أيها السادة
محاولة مفضوحة ورخيصة من جانب (محمد رمضان) لربط مصر وعلمها بالسلوك الرقيع

محاولة مفضوحة ورخيصة

نعود الآن الى (محمد رمضان)، جرب أن تربط أفعاله الشاذة بما فعله قبله المطرب (أحمد سعد) سواء بارتداء حلق في اذنه، او ارتداء جاكيت باكمام من الساتان مثل فساتين السهرة النسائية، وهو الذي تربى وعاش في حي عين شمس الشعبي، حيث الرجل رجل والمرأة امرأة.

قد يقول قائل أن تصرفات (محمد رمضان) و(سعد) متشابهة بحكم قدومهما من قاع المجتمع، وبالتالي يمكن ببساطة إسناد تصرفاتهما الشاذة إلى التحول غير المتوقع الذي حدث لهما، ليصبحا نجمين في المجتمع بعدما كانا نكرات بلا شهرة ولا مال.
ربما يكون هذا صحيحا، لو لم تحدث التغيرات السلوكية على آخرين أولهم (عمرو دياب) الناجح منذ زمن، والذي أصبح مسنا تجاوز الستين بعدة سنوات، لكنه بدلا من أن تكتسب تصرفاته وقارا إضافيا، قرر أن يرتدي حلقا في أذنه هو الآخر، ويرتدي ازياء غريبة آخرها وضع ذيل في سرواله. 
هؤلاء مجرد نماذج قد تكون الأكثر شهرة أو اكثرها شذوذا، لكنهم بالتأكيد لن يكونوا الوحيدين وإنما مجرد بداية لسلسلة أتوقع أن تجتاح المشهد الفني، وربما تمتد إلى الإعلام المصري ايضا في الفترة القادمة، هدفها الأساسي إغراق الأجيال الجديدة في نمط شاذ من السلوكيات، بدرجة تكفي لتوسيع الفجوة مع الأجيال الأكبر سنا، وضمان تدمير ما تبقى من قيم أخلاقية تمنع المجتمع من الانهيار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.