
بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
بطيبته الشديدة وحبه لابنها (محمد) وشهامته في تصرفاته وروحه المرحة التي يضفيها على البيت تسلل (سراج منير) إلى قلب (ميمي شكيب) مستقرا بداخله..
بعد سنوات كبر محمد و كبر معه حلمه بالالتحاق بالكلية البحرية.. تحول حلمه إلى كابوس عند ظهور نتيجة التوجيهية برسوبه وإلحاقه ملحقا بمادة.. أحاط الحزن بالبيت حتى رن التليفون بين جنباته فجأة حاملا إلى (ميمي شكيب) رسالة أمل وردية..
كان على الطرف الآخر صوت (الملك فاروق) وقد استبد به الشوق بعد انقطاعه عنها منذ سنوات عقب زواجها.. كان صوته ظل القشة تطفو فوقها متماوجة تلمحها من تحت الأمواج..
رجته أن ينقذ مستقبل ونفسية ابنها (محمد).. أخبرها أنه سيرسل السيارة الملكية صباح الغد لاصطحاب (محمد) إلى مدير الكلية البحرية (مستر كرايتون).. جزعت (ميمي شكيب) و أخبرته أنه بذلك سينقذ ابنها لكنه سيخرب بيتها لو رأى (سراج) السيارة الملكية تحضر لخاطرها..
اقترحت أن يذهب (محمد) بنفسه إلى القصر ليستقل السيارة من هناك.. وافق (فاروق) ملمحا إلى اشتياقه لرؤيتها لكنها تهربت متعللة بصعوبة الظروف..
في اليوم التالى كان (محمد) يستقل السيارة الملكية الحمراء يفتح الطريق أمامها موتوسيكلان رسميان.. كان (مستر كرايتون) بنفسه في استقبال الموكب الملكى مصطحبا (محمد) إلى مكتبه..
طلب منه أن ينجح في الملحق مع وعد بإلحاقه فورا بالأكاديمة.. كان (سراج منير) في ذهول وهو يرى (محمد) في زى طالب البحرية الأبيض المنشى متسائلا: كيف حدثت هذه المعجزة؟

ماري منيب توشى بالسر
في مسرح الريحاني كانت (ميمي شكيب) وشقيقتها (زوزو) تستقلان نفس الغرفة و شاركتهما فيها (مارى منيب) التي مالت ذات ليلة على أذن (ميمي شكيب) تحذرها من أخبار عن علاقة بدأت بين زوجها (سراج منير) الذى يعمل في المسرح القومى و زميلته في الفرقة..
بل وأن هذه الفنانة – التي لم تبح باسمها (ميمي شكيب) في مذكراتها – قد أصبحت تقدم سراج لزملائهما على أنه زوجها .. انفجرت (ميمي) بالغضب في وجه (سراج) الذى أنكر تماما.. إلا أن (حسين رياض) كرر لميمى الخبر، مؤكدا صحته..
تيقنت (ميمي شكيب) وقررت إثارة الغيرة في قلب (سراج).. انتهزت فرصة دعوة من أصدقاء لهما في ملهى (حلمية بالاس)، حيث فوجئت هناك بوجود الملك فاروق جالسا على مائدته يستمع الى المطربة رينيه لباه التي انتهت من فقرتها وغادرت المسرح..
صاحت (ميمي شكيب) متعمدة أن يصل صوتها إلى أذنى الملك برغبتها في إعادة البرنامج من أوله.. ورغم إجابة إدارة الملهى بأن مثل هذا الطلب غير مسموح بالاستجابة له طبقا لسياسة الملهى، إلا انه بعد دقائق تم إعادة البرنامج كاملا لتومئ (ميمي) برأسها إلى الملك امتنانا.. بينما (سراج) يتابع ذاهلا دون أن يجد تفسيرا لما يحدث.. غير أن الشك بدأ يخمش قلبه..
حينما عزفت الفرقة موسيقى شرقية راقصة جذبت (ميمي شكيب) إحدى صديقاتها وصعدت تشاركها الرقص الشرقى على المسرح مما أثار غضب (سراج منير)، بل وغضب الملك فاروق نفسه، حتى إنه اتصل بها في اليوم التالى معاتبا.. معتبرا أن رقصها حق أصيل له وحده فاعتذرت..

الريحانى يصيح (نزلوا الستارة)
كانت صدمة خيانة (سراج منير) لها بعد عزوفها عن الزواج لسنوات وتمكنه من قلبها و زواجه بها – في سن متقدمة بعد أن ضاع شبابه في دراسة الطب بألمانيا ثم تحوله فجأة الى دراسة المونتاج – قد أوقعها في هوة سحيقة من الضغوط النفسية و التي ظهرت آثارها عليها أثناء أدائها لدورها في مسرحية (استنى بختك).
حيث فاجأتها آلام الزائدة حتى كادت تسقط على خشبة المسرح لولا أن (الريحاني) أسرع بسندها صائحا بإسدال الستار.. وحينما أفاقت من تخدير العملية الجراحية في المستشفى قال الطبيب مداعبا: (يا ميمي.. انتى كنتى تعتبرى ميتة . بس الظاهر الجنه زحمة فرجعتى لينا تانى!، ليرد (الريحاني) وهو مازال على جزعه (تقصد جهنم.. لأنها عذبتنا كلنا)..
حاولت (ميمي شكيب) الضحك لكنها لم تجد (سراج) بين المحيطين بها على الفراش فأحست بأنه غارق مع صديقته في الغرام.. وقد واجه الريحانى (سراج منير) بشكوك (ميمي) فاعترف له ولميمى بخيانته مبررا السبب كثرة انشغالها عنه بعملها وسفرياتها و إهمالها لاحتياجاته كرجل.. مع وعد بان ينهى هذه العلاقة في الحال..

ميمى شكيب تنضم لفرقة يوسف وهبى
كان الدوار ما زال يلف رأس (ميمي شكيب) بصدمتها في (سراج) لتتوالى المصاعب.. فبعد شهور أصاب (الريحاني) التهاب شديد في الأحبال الصوتية فتوقفت الفرقة عن العمل لفترة ليجرى خلالها الريحانى عملية جراحية تتبعها فترة نقاهة ليقوم يوسف وهبى باستئجار مسرح الريحانى عارضا على ميمى أن تشارك فرقته عروضها الحالية..
عانت (ميمي شكيب) في مسرح يوسف وهبى ما لم تعانيه من قبل مع فرقة الريحاني، الذى كانت تقدم معه أدوارا كوميدية خفيفة على عكس يوسف وهبى الذى يعرض دراما عميقة، حتى أنها اضطرت أن تقدم دور عجوز محطمة..
وقد أدت مع يوسف وهبى ست مسرحيات، حتى أنه رشحها لبطولة مسرحيته القادمة (راسبوتين).. غير أن الريحاني كان قدأعاد تشغيل مسرحه وطلب منها العودة لفرقته..

(اتفو عليكى يا دنيا)
وحينما كان (الريحاني) يؤدى دوره في مسرحية (الدنيا على كف كفريت) التي انهى دوره فيها ببصقة صائحا في ألم و عتاب: (اتفو عليكى يا دنيا) ممزوجة بحسرة هزت قلوب المتفرجين وجزع لها الممثلون معه.
ليستسلم بعد العرض مباشرة لإغماءة أعلن الأطباء أن علاج المرض المسبب غير متوفر سوى في لندن ليأمر (أحمد حسنين باشا) بإقلاع طائرة خاصة لاستيراد الدواء.. قبل عودة الطائرة بساعات فجع المصريين بالبنط الأسود العريض يعلو كل الصحف والمجلات ينعى وفاة (شارلى شابلن الشرق)..
هرعت (ميمي شكيب) إلى المستشفى مخترقة السياج المحكم الذى ضربه الأطباء حول جثة (الريحاني) مهددة بالانتحار إن لم يسمحوا لها بالدخول إليه ليرضخوا في النهاية لطلبها، فتقبل جبينه تودعه بروحها وهي تبكيه مر البكاء.