
بقلم الكاتب الصحفي: الأمير أباظة *
حركت رسالة الرئيس السيسي المياه الراكدة في بحيرة (الدراما) التليفزيونية، وسارعت الهيئات والأحزاب الي تشكيل اللجان لبحث أزمة الدراما، بعضها لجأ لممثلين والبعض بحث في الدفاتر القديمة عن فكرة أو مشروع مسلسل، ليعلن أن هذا العمل يمكن أن يخرج (الدراما) من أزمة طالتها لسنوات.
ورغم أن غياب جيل كامل من صناع (الدراما) خطيئة كبري، خاصة وأن اختفاء هذا الجيل بفعل فاعل في وقت لم يتم تقديم البديل، الذي يستطيع أن يملأ الفراغ الذي خلفه جيل من المبدعين الكبار سواء المنتجين أو الكتاب أو المخرجين وهم عمد الدراما المصرية التي تسيدت الساحة الفنية العربية لسنوات وسنوات.
فقد كان المسلسل المصري هو فاكهة (الدراما) العربية خلال مايقرب من نصف قرن، بل إن المسلسلات المصرية كانت تباع في دول الخليج والدول العربية الأخرى، وهى مازالت خبر علي ورق.
فقد كانت وفود المحطات التليفزيونية العربية لاتنقطع عن جهات الإنتاج الدرامي في القاهرة بتنوعها في مدينة الإنتاج الإعلامي، وقطاع الإنتاج في التليفزيون المصري وشركة صوت القاهرة
كانت هذه القطاعات هى الحضن الدافئ لا للمبدع المصري فقط، ولكن لكل المحطات العربية علي تنوعها واختلاف سياساتها.
بل كانت الوفود المصرية من القطاع الاقتصادي أو قطاعات الإنتاج لا تتوقف عن زيارة المحطات العربية، خاصة قبل الاستعداد لموسم شهر رمضان المبارك.
وقتها كان التنوع في الأعمال الدرامية بين المسلسلات التاريخية مثل (محمد رسول الله، والفرسان، والقضاء في الاسلام)، ومسلسلات تقدم تاريخ أئمة الإسلام (أبو حنيفة النعمان، والإمام الشافعي)، أو الشخصيات التاريخية مثل الخلفية الراشد (عمر بن عبد العزيز).

القوة الناعمة لمصر
والأعمال التاريخية المدنية مثل (بوابة الحلواني)، أو بين المسلسلات الاجتماعية بأجزائها المتعددة، من (الشهد والدموع، وليالي الحلمية، وزيزينيا، وأرابيسك، والمال والبنون، أو حلقات ألف ليلة وليلة)، والدراما الكوميدية أيضا كانت صاحبة نصيب كبير من العرض علي الشاشات العربية.
كان هذا التنوع ثروة حقيقية تمثل بحق القوة الناعمة لمصر بتاريخها الفيلمي والدرامي، بل كانت (أحاديث الشيخ محمد متولي الشعراوي)، هى أيضا رسول مصر إلي الدول العربية والإسلامية.
ومنذ توقف إنتاج المسلسلات التاريخية وبغياب جيل كامل من المبدعين منهم من غاب بالرحيل، مثل (أسامة أنور عكاشة، ومحفوظ عبد الرحمن، ويسري الجندي، محمد صفاء عام، ومصطفي محرم) الذي رحل وترك ما لايقل عن عشرة مسلسلات تنتظر من ينتجها، ومنهم من غاب بسبب التجاهل، بحثا عن جيل جديد لم يتم إعداده كما يجب لشغل الساحة الخالية.
غاب أيضا عشرات المخرجين منهم (إسماعيل عبد الحافظ وعصام الشماع ووفيق وجدي، وأحمد طنطاوي)، ومنتج مثل (ممدوح الليثي).
ومنهم من تواري في بيته في انتظار عمل يعود به الشاشة سواء مخرحين مثل (محمد فاضل، إنعام محمد علي، محمد ياسين)، أو مؤلفين مثل (محمد جلال عبد القوي، ومحمد السيد عيد)، ومنتجين كبار قدموا للشاشة عشرات الأعمال.
اختفي من اختفي بالمغادرة الي عالم البقاء ومن اختفي بعد أن أعيته الحيل بحثا عن منتج لعمل درامي يعود به، حتي جاءت رسالة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي التي كانت حجرا يحرك المياه الراكدة، وتحرك معها أحزاب وهيئات حكومية ووزارات لتشكل تلك اللجان التي يعتقدون أنها قد تأتي بما لم يأت به الأوائل.
ولا يتطلب الأمر إلا فتح نافذة مغلقة وباب اوصد في وجه صناع الدراما.. إن الحل العملي الحقيقي لمشكلة الدراما يتمثل في فتح الباب لعودة المنافسة للإنتاج الدرامي وهو مابدأه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام عندما بدأ في الاستعداد لإنتاج مسلسل (طلعت حرب) تأليف الكاتب الكبير (محمد السيد عيد).

البداية لعودة كتاب كبار
وربما يكون البداية لعودة كتاب كبار مثل (محمد جلال عبد القوي وأحمد الإبياري)، أو ظهور أجيال جديدة تساهم في تقديم رؤية مختلفة وفكر جديد.
لماذا لا يعود مخرجين مثل (محمد عبد العزيز، ومحمد فاضل، وعمر عبد العزيز، ومجدي أبو عميرة وأحمد صقر، وغيرهم).
شكرا سيادة الرئيس، فقد جاءت صيحتكم لتعيد الأمل في عودة ريادة الأعمال الدرامية المصرية إلى شاشات قنوات التليفزيون المصري، وشاشات قنوات الشركة المتحدة والشاشات العربية الشقيقة.
انتظر وقبل أن تجتمع اللجنة، أو أن تخرج بتوصياتها أن تعود عجلة الإنتاج إلى شركات الإنتاج الخاصة، وقطاعات الإنتاج في مدينة الإنتاج الإعلامي، وقطاع الإنتاج بالهيئة الوطنية للإعلام، وشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات.
إن غياب المنافسة سببا رئيسيا لما وصل إليه حال الدراما المصرية التي تراجعت كثيرا، ومازالت الفرصة سانحة لعودتها لتقوم هذه الشركات والمؤسسات والقطاعات بدورها مع (الشركة المتحدة)، لتستعيد الدراما المصرية عرشها المفقود بكتابنا ومخريجنا ومنتجينا الكبار.
ومعهم أجيال جديدة يتم إعدادها وإعطاء الفرصة لمن يستحق من أجل تقديم الفن المصري الحقيقي الذي كان رسولا يحمل اللهجة المصرية إلى كل ربوع العالم العربي والإسلامي.
* رئيس مهرجان الأسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط